أخي .. جوتيار تمر - الكريم .. لم تـُطِـلْ الـرد ولم تتجاوز الحد ..
فأهلاً بك ، وبسماع كل ما يجيش في صدرك ..
الثقافة العربية تعجُّ بالعروبيات الخارقة - الغير مرئية والغير مُبرهنة والغير مفهومة ..
من شهامة خرافية ؛ ونخوة أسطورية ؛ ومروءة هلالية ، وشجاعة عنترية ؛ وكرم حاتمي .. الخ .. من هذه المواصفات الكبيرة التي تحطمت على صخرة العراق ؛ وفضحها الواقع .. وبرزت بذلك علامات استفهام حول ماضٍ بعيدٍ ، وتاريخ قالوا عنه أنه مجيد ..!
أنا عن نفسي – ومثلي كثير – ليس الطرب أولوية لنا حتى في أوج غبطة العرب –إذا كانت لهم من غبطة ..! فماذا .. والحال ما نرى ..!
فنحن نستشعر ونستحضر - دائماً - أن كل لحظة في الحياة قد تكون هي ما يفصلنا عن ساعة الرحيل ؛..
ولذلك اعتدنا الاستعداد له - بالحياة والعمل في صمت ؛ فلا نجد في نفوسنا ميلاً للطرب ..!
أما ما يُذهلني حقاً ويجعلني أعترف بأني لا أفهم ما كنت أدعي فهمه .. فذلك هو أن نسمع ونرى-عرباً مسلمين- يُتابعون بشغف ومتعة- مسلسلات وأفلام وأغانٍ راقصة ضاحكة صاخبة .. بينما جراحهم نازفة في العراق ولبنان والصومال والسودان ..
فهـذا لعمري ما يُخيفني ويُرعبني ، وهذا ما أدعوه بالجنون الآمن ..!
.. أستثني فلسطين هنا لاختلاف المشهد ..!
فإذا كنا عاجزين عن فعل الكثير – فهل نترك القليل .. ألا نستنكر بقلوبنا وألسنتنا ما يتعرض له أخوتنا .. بعد أن شـُلّتْ أدينا ..!
ألا يجب أن يعلم العالم ما الذي تؤيده وما الذي ترفضه شعوبنا – بأبعاد وقياسات واضحة ..!
بهذا الصمت المميت .. ألا نتساوى مع غير العرب والمسلمين .. في حيادهم ..!
أليس من واجبنا نحن الكتاب نشـر ثقافة المنطق والفطرة – كضرورة استنكار قتل الأبرياء المدنيين- مهما كانت عداوتهم وقوتهم ، ومهما كان حجم ضعفنا ؛
وفضح المغالطات الفكرية –كالتي تصف الانتحاريين بالشهداء .. ونبذ العنف العشوائي الهمجي – حتى لو كان دفاعاً عن بيت الله الحرام ..
وأنا هنا أتساءل .. أليس بعضاً من واجبنا - في واحتنا المباركة - أن نستبدل كتابة النصوص والأشعار الغزلية الغرامية- والردود عليها - والتي تؤذي أرواح الشهداء ، وتـُسئ إلى مشاعر اليتامى والمشردين ، وتمس مصداقية أمانتنا وإيماننا .. في شهر الصيام ..
استبدالها بنصوص وحوارات فكرية تعالج الوضع في العراق ، وتضع الجميع في مشهد الحدث ..! طيلة العشر الأواخـر من شهر رمضان–على أقل تقدير ..
أليس الأولى أن نضع تصورات– وربما بيانات- عن أوضاع إخوتنا العراقيين الذين يحتاجون إلى مساعداتنا - وكيف السبيل للوصول إليهم .. سواء داخل العراق أو خارجه ..
ألا يمـرّ الفرد منا بساعات عصيبة في حياته ..! .. ثم .. ألا يبتهج وتطمئن نفسه بالأمل – خلال تلك الساعات-بمجرد سماعه أصواتً من حوله- تتضامن وتدعو للتضامن معه ونصرته– بدافع الأخـوّة والإنسانية والعدل ..!
ألا نخشى أن يحل بنا غضب الجليل - بسبب هذا الصمت الرهيب– حيال هذه الفظائع ..!
ألم نتجاوز مرحلة أضعف الإيمان-هبوطاً – حيال تغيير المنكـر الذي نراه ..!
طابت أوقاتكم ..