أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 26

الموضوع: سلمى

  1. #1
    الصورة الرمزية أحمد عيسى قاص وشاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : هـنــــاكــــ ....
    المشاركات : 1,961
    المواضيع : 177
    الردود : 1961
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي سلمى


    تستر نفسها بقميص رجالي ناوله لها أحدهم ، الأحياء مدمرة ، والبيوت قصفت فوق ساكنيها ، الشمس غابت عن (سهل الروج ) غابت مرة ولم تعد بعدها ، تقول النساء أن غضباً حل على القرية ، وأن الشمس ذهبت ولن تعود ، يحكي من تبقى من الأولاد عن جحافل المغول التي سقطت من رحم التاريخ ، لتبيد القرية وتعود مرة أخرى ، وتحكي الجدات عن جبالٍ سقطت من السماء فوق سهل الروج ،
    أما الرجال .. لن يمكنك الحصول على أحدهم لتسألهم ، فقد ابتلعتهم الأرض قرباناً لتكفر عن ذنوب البلاد كلها ، بينما سلمى ،شاحبة الوجه ، هزيلة يخيل لك أنها لن تستمر واقفة أكثر من دقائق ، تجلس على عتبة ما تبقى من بيتها ، ترى اقتراب بعثة ما ، تتفقد الأوضاع بعد المذبحة ، تقول لهم وهي تعتدل واقفة :
    - اسمي سلمى
    صوتها كالحشرجة ، ودموعها تتساقط جامدة كأنها قطع من الحجارة ، تنظر لمحدثها مستنكرة :
    ماذا فعلوا بي ؟
    دموعها كالنحيب ، صوتها كالحشرجة ، إصبعها باردٌ يشير إلى بطنها ، وبصوت خرج كالصرخة تقول :
    - في أرحامنا أبناء زنى ، نحملهم في أحشائنا
    يرتد محدثها كالمصعوق ، حوله نساءٌ أخريات على عتبات البيوت ، وبعضهن خلف سلمى ، يشبهنها في كل شيء ، هزالها وشحوبها ودموعها ، وذات الإصبع يشير إلى مكان الجريمة ، والصرخة في العتمة باردةً بلا ضوضاء ..
    ***

    الجسد يقطر وجعاً ..
    عارية من كل شيء ، بعض ملابسها الممزقة لا تستر شيئا ، ملقاة فوق المائدة الوحيدة التي تبقت سليمة في المنزل ، الدماء تسيل من جرح في جبهتها ، أحدهم من الخلف يمسك بيديها ، والأربعة الآخرون يلتفون حولها ، ينهشون لحمها ، صدرها ينز دماً وهم يلتهمونه بعنف ، والآهات تخفت شيئاً فشيئاً ، الصوت لا يسمعه غيرها والدموع جفت ، تنظر لمغتصبها ، لم يعد في قلبها رجاء منه أو رحمة ، يقول لها وهو يضرب بيديه على فخذها :
    - من ربكم الآن .. هه .. أخبريني .؟
    تتهاوى المائدة تحت ثقلهم ، فتسقط أرضاً فوق قطع الأثاث المحطم ، وفوقها مغتصبوها لا يبارحون الجسد النازف
    مترٌ واحد يفصلها عن جثة زوجها ، مترٌ يبدو كألف ميل ، وهي تمد ذراعها يميناً ، تتمنى أن تلمسه ولو مرة واحدة أخيرة .

    ***

    الفجر إلا قليلا ..
    صوت القذائف يدوي في سماء البلدة ، وصوت التسبيح يتوقف فجأة ، ليستبدل بهتاف أحد الشباب ، يطلب من الناس اللجوء إلى الأقبية والملاجئ والسراديب ، الناس كلهم يهرعون مع النداء ، إلا سلمى ..
    تقول جارتها لزوجها :
    - يجب أن ندعو سلمى وزوجها ، منزلهم لا يوجد به أي مخبأ أو سرداب ، والقصف يشتد ..
    يحاولون الوصول إلى منزل جيرانهم ، فيفشلون ، الدبابات الروسية الصنع على بعد قذيفة ، والصراخ صار في كل مكان ، سلمى شامخة قوية واثقة ، تطلب من زوجها ألا يغادر ، تطمئن على أطفالها وتهرع إلى قائد الدبابة بالخارج ، الرصاص لا يعطيها سبيلاً للوصول ، تهرع إلى منزل الجيران ، تختبئ في السرداب قليلاً ، يخترق مسمعها صوت ابنها وصراخه ، لحظة تنسى فيها كل شيء ، لتصير أمام باب بيتها ، الجنود في كل مكان ، الرشاش مصوبٌ إلى زوجها وابنها ، يرمون زوجها أرضاً ، يتقافزون فوق جسده المسجى ، تصرخ :
    - خذوا ما تشاءون واتركونا
    فيصرخون :
    - جئنا لنأخذ أرواحكم
    - اتركونا في حالنا
    يقول القائد :
    - إذا فعلنا ما نريد بك أمام عين زوجك وابنك ، ربما ننصرف بهدوء
    يصرخ الزوج ، يحاول النهوض ، تقول هي بصوت كالبكاء :
    - لكننا أخواتكم
    فيضحكون ، تقتل ضحكاتهم زوجها ، وتصيب ابنها ، نحن أخواتكم ، كذا تصرخ ، يستل أحدهم سكيناً ،
    يضعه على عنق الصغير ، يتساقط الجسد ، وخلفه تهوي الصرخات ، تكتم إلى الأبد .
    ***
    في سوريا كانت سيدة حرة ، وكان اسمها : سلمى .

    ***






    .
    .
    .


    الى سلمى ابنة سوريا الحرة ..
    حقيقية للأسف
    أموتُ أقاومْ

  2. #2
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2011
    الدولة : سورية
    العمر : 60
    المشاركات : 6,280
    المواضيع : 88
    الردود : 6280
    المعدل اليومي : 1.39

    افتراضي

    مؤلمة يا أستاذي المبدع ... صارخة الوجع .. اختلطت لدي الأمور
    أأكبر فيك إبداعك ومشاعرك النبيلة بهذا النص الرائع أسلوبًا ولغةً وتصويرا ؟؟؟ أم أحزن وبشدة ؟؟؟
    بوركت أستاذ أحمد الحبيب ودمت راقيًا مبدعا ... ومودتي

  3. #3
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.80

    افتراضي

    لا حول ولا قوة الا بالله
    هذا رعب تعيشه كل الحرائر اخي
    والقصة حقيقية وهذا أسوأ

    شكرا لاهتمامك بأخواتك في سوريا
    وبأخوتك


    شكرا لك أخي

    بوركت

  4. #4
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Dec 2009
    المشاركات : 3,601
    المواضيع : 26
    الردود : 3601
    المعدل اليومي : 0.69

    افتراضي

    الاستاذ الكبير احمد عيسى

    تستر نفسها بقميص رجالي ناوله لها أحدهم ، الأحياء مدمرة ، والبيوت قصفت فوق ساكنيها ، الشمس غابت عن (سهل الروج ) غابت مرة ولم تعد بعدها ، تقول النساء أن غضباً حل على القرية ، وأن الشمس ذهبت ولن تعود ، يحكي من تبقى من الأولاد عن جحافل المغول التي سقطت من رحم التاريخ ، لتبيد القرية وتعود مرة أخرى ، وتحكي الجدات عن جبالٍ سقطت من السماء فوق سهل الروج ،
    أما الرجال .. لن يمكنك الحصول على أحدهم لتسألهم ، فقد ابتلعتهم الأرض قرباناً لتكفر عن ذنوب البلاد كلها

    مقدمة شيقة تضع القارئ عند الحد الفاصل ما بين الفضول والرهبة
    فالفضول ليعرف والرهبة لهول ما سيعرف
    بينما سلمى ،شاحبة الوجه ، هزيلة يخيل لك أنها لن تستمر واقفة أكثر من دقائق ، تجلس على عتبة ما تبقى من بيتها ، ترى اقتراب بعثة ما ، تتفقد الأوضاع بعد المذبحة ، تقول لهم وهي تعتدل واقفة :
    مشهد جاء على قدر الوصف قساوة وتأثيرا

    - اسمي سلمى
    صوتها كالحشرجة ، ودموعها تتساقط جامدة كأنها قطع من الحجارة ، تنظر لمحدثها مستنكرة :
    ماذا فعلوا بي ؟
    دموعها كالنحيب ، صوتها كالحشرجة ، إصبعها باردٌ يشير إلى بطنها ، وبصوت خرج كالصرخة تقول :
    - في أرحامنا أبناء زنى ، نحملهم في أحشائنا
    بعض الاعترافات نستنفذ للادلاء بها كل طاقتنا فنصبح بعدها انقاض ارواح لا نشبه الاموات


    - من ربكم الآن .. هه .. أخبريني .؟
    تتهاوى المائدة تحت ثقلهم ، فتسقط أرضاً فوق قطع الأثاث المحطم ، وفوقها مغتصبوها لا يبارحون الجسد النازف
    مترٌ واحد يفصلها عن جثة زوجها ، مترٌ يبدو كألف ميل ، وهي تمد ذراعها يميناً ، تتمنى أن تلمسه ولو مرة واحدة أخيرة .

    ***

    الفجر إلا قليلا ..
    صوت القذائف يدوي في سماء البلدة ، وصوت التسبيح يتوقف فجأة ، ليستبدل بهتاف أحد الشباب ، يطلب من الناس اللجوء إلى الأقبية والملاجئ والسراديب ، الناس كلهم يهرعون مع النداء ، إلا سلمى ..
    تقول جارتها لزوجها :
    - يجب أن ندعو سلمى وزوجها ، منزلهم لا يوجد به أي مخبأ أو سرداب ، والقصف يشتد ..
    يحاولون الوصول إلى منزل جيرانهم ، فيفشلون ، الدبابات الروسية الصنع على بعد قذيفة ، والصراخ صار في كل مكان ، سلمى شامخة قوية واثقة ، تطلب من زوجها ألا يغادر ، تطمئن على أطفالها وتهرع إلى قائد الدبابة بالخارج ، الرصاص لا يعطيها سبيلاً للوصول ، تهرع إلى منزل الجيران ، تختبئ في السرداب قليلاً ، يخترق مسمعها صوت ابنها وصراخه ، لحظة تنسى فيها كل شيء ، لتصير أمام باب بيتها ، الجنود في كل مكان ، الرشاش مصوبٌ إلى زوجها وابنها ، يرمون زوجها أرضاً ، يتقافزون فوق جسده المسجى ، تصرخ :
    - خذوا ما تشاءون واتركونا
    فيصرخون :
    - جئنا لنأخذ أرواحكم
    - اتركونا في حالنا
    يقول القائد :
    - إذا فعلنا ما نريد بك أمام عين زوجك وابنك ، ربما ننصرف بهدوء
    يصرخ الزوج ، يحاول النهوض ، تقول هي بصوت كالبكاء :
    - لكننا أخواتكم
    فيضحكون ، تقتل ضحكاتهم زوجها ، وتصيب ابنها ، نحن أخواتكم ، كذا تصرخ ، يستل أحدهم سكيناً ،
    يضعه على عنق الصغير ، يتساقط الجسد ، وخلفه تهوي الصرخات ، تكتم إلى الأبد .

    يبدأ الكاتب هنا بسرد الاحداث وجعا تلو وجع ونزفا تلو نزف كأنما يعلم ان بعد كل هذا النزف لن يقوى على مواصلة خاتمة الاحداث فبدأ بها اولا ربما ليتركنا
    عند هاوية الحدث العظيم صرعى تأثيره , وهنا اجد ذكاء السرد في المكوث عند اعلى قيمة شعورية تعتري القارئ
    لن اقول قصة رائعة لانها تثير في فينا عميق القهر والشعور بالعجز

    سلمت وسلم مدادك
    التعديل الأخير تم بواسطة أماني عواد ; 08-03-2012 الساعة 01:47 PM

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 19,255
    المواضيع : 522
    الردود : 19255
    المعدل اليومي : 3.70

    افتراضي

    نص ملئ بالوجع والخوف بل الرعب
    والجبن وعدم الرحمة
    صورت ما لا يطاق .. فاين نحن ؟؟؟

    شكرا للوجع

    عله يدخل اعماقنا فنحس

  6. #6
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    سلمى... الجريح المشرف على الهلاك
    أشرفت القيم والمشاعر الإنسانيّة على الموت هنا... لا مزيد!
    تقديري وتحيّتي

  7. #7
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    الدولة : خارج التغطية
    العمر : 44
    المشاركات : 5,087
    المواضيع : 206
    الردود : 5087
    المعدل اليومي : 1.09

    افتراضي

    الله المستعان ، وحسبنا الله ونعم الوكيل
    أخ أحمد لا تعليق سوى البكاء المرّ بداخلي
    أشكرك

  8. #8
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    جميلة
    وجارحة
    وصارخة
    مزقتنا أيها الأديب بقصتها ، كما مزقتْها براثنهم

    أزعم أني لم أر القاص أحمد عيسى الذي أعرف هنا
    وتهت في النقلات الزمانية المفاجئة والتي لم يساعدني تجزيء القصة في استيعابها في كل مرة حتى أنتهي من بعض الجزء الجديد

    أهلا بك أديبنا الرائع

    بوركت
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  9. #9
    الصورة الرمزية أحمد عيسى قاص وشاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : هـنــــاكــــ ....
    المشاركات : 1,961
    المواضيع : 177
    الردود : 1961
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وليد عارف الرشيد مشاهدة المشاركة
    مؤلمة يا أستاذي المبدع ... صارخة الوجع .. اختلطت لدي الأمور
    أأكبر فيك إبداعك ومشاعرك النبيلة بهذا النص الرائع أسلوبًا ولغةً وتصويرا ؟؟؟ أم أحزن وبشدة ؟؟؟
    بوركت أستاذ أحمد الحبيب ودمت راقيًا مبدعا ... ومودتي
    أستاذي الفاضل :
    وليد عارف الرشيد

    لم يعد للحزن معنى
    لأن الحزن أقل كثيراً مما ينبغي فعله وأعراض المسلمات تنتهك على أيدي ولاة المسلمين
    كيف يمكننا الحياة وقد استغاثت بنا سلمى وأخواتها
    فلم نحرك ساكناً

    أشعر بالضعف والعجز
    فليتنا ما رأينا هذا اليوم
    لم نعد نمتلك اليوم الا سلاح الدعاء
    اللهم انصر سوريا وانتقم ممن هتك عرض بناتها وقتل رجالها
    آمين يا رب العالمين

  10. #10
    الصورة الرمزية أحمد عيسى قاص وشاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : هـنــــاكــــ ....
    المشاركات : 1,961
    المواضيع : 177
    الردود : 1961
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نداء غريب صبري مشاهدة المشاركة
    لا حول ولا قوة الا بالله
    هذا رعب تعيشه كل الحرائر اخي
    والقصة حقيقية وهذا أسوأ

    شكرا لاهتمامك بأخواتك في سوريا
    وبأخوتك


    شكرا لك أخي

    بوركت

    الأخت الكريمة : نداء غريب صبري

    تتوالى القصص وكل يوم حكاية جديدة
    اليوم فقط أسمع عن العثور على عشرات الجثث لأطفال بدون رؤوس
    ولنا أن نتخيل
    حجم الهول الذي تعرضوا له
    على يد كاليجولا القرن الواحد والعشرين

    كان الله في عونهم

    تقديري لمرورك الكريم

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. من أجل .... سلمى
    بواسطة ابن حيزان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 27-03-2009, 08:24 PM
  2. إلى بُنيتي سلمى .. هذا أبوك !!
    بواسطة سلطان السبهان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 08-03-2006, 11:05 PM
  3. سلمى وغياث
    بواسطة نبيل شبيب في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-09-2003, 01:58 AM
  4. سلمى.. !
    بواسطة الأندلسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 29-04-2003, 10:42 PM
  5. عشاق سلمى
    بواسطة علي قسورة الإبراهيمي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 14-04-2003, 06:38 PM