تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)
الكتاب : الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا
المؤلف : ابن أبي الدنيا
مصدر الكتاب : موقع جامع الحديث
http://www.alsunnah.com
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا
(1/1)
--------------------------------------------------------------------------------
1 - حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان قال : قال ابن شهاب : أخبرني عطاء بن يزيد الجندعي ، أن أبا سعيد الخدري ، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يصبر يصبره الله ، ولم يعطوا عطاء خيرا وأوسع من الصبر »
(1/2)
--------------------------------------------------------------------------------
2 - حدثنا أحمد بن جميل المروزي ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا عتبة بن أبي حكيم ، حدثني عمرو بن جارية اللخمي ، حدثني أبو أمية الشعباني ، عن أبي ثعلبة الخشني ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن من ورائكم أيام الصبر ، صبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين يعملون مثل عمله » وزادني غيره : قالوا : يا رسول الله ، أجر خمسين منهم ؟ قال : « أجر خمسين منكم »
(1/3)
--------------------------------------------------------------------------------
3 - حدثنا ابن جميل ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا يونس ، عن الزهري ، أخبرني أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار : « إنكم ستجدون أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض » قالوا : سنصبر
(1/4)
--------------------------------------------------------------------------------
4 - حدثني محمد بن إدريس الحنظلي ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال : سمعت عثمان بن زائدة يحدث عن الزبير بن عدي قال : دخلنا على أنس بن مالك ، فشكونا إليه الحجاج فقال : « اتقوا الله واصبروا ، فإنه ليس من عام إلا والذي بعده أشد منه ، حتى تقوم الساعة » . قال عثمان : فسمعت مسعرا يحدث عن الزبير بن عدي ، عن أنس قال : سمعت ذلك من نبيكم صلى الله عليه وسلم
(1/5)
--------------------------------------------------------------------------------
5 - حدثنا خلف بن هشام ، حدثنا أبو المطرف مغيرة الشامي ، عن العرزمي ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا جمع الله الخلائق نادى مناد : أين أهل الصبر ؟ » قال : « فيقوم ناس وهم يسير فينطلقون سراعا إلى الجنة ، فيلقاهم الملائكة فيقولون : إنا نراكم سراعا إلى الجنة فمن أنتم ؟ فيقولون : نحن أهل الصبر ، فيقولون : وما كان صبركم ؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة الله ، وكنا نصبر عن معاصي الله ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين »
(1/6)
--------------------------------------------------------------------------------
6 - وحدثت عن محمد بن معاوية الأنماطي ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن ليث ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « إن أفضل عيش أدركناه بالصبر ، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريما »
(1/7)
--------------------------------------------------------------------------------
7 - حدثني أبي ، حدثنا الأصمعي ، عن عبد الله بن عمر قال : قال عمر بن الخطاب : « لو كان الصبر والشكر بعيرين ، ما باليت (1) أيهما ركبت »
__________
(1) باليت : اهتممت
(1/8)
--------------------------------------------------------------------------------
8 - حدثنا أبو بشر عاصم بن عمر بن علي ، حدثنا أبي ، عن السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا قطع الرأس باد الجسد ، ثم رفع صوته فقال : ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له »
(1/9)
--------------------------------------------------------------------------------
9 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سليمان بن الحكم بن عوانة ، حدثنا عتبة بن حميد ، عمن حدثه ، عن قبيصة بن جابر قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « الصبر على أربع شعب : على الشوق ، والشفق ، والزهادة ، والترقب . فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات . ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات . ومن ارتقب الموت تسارع إلى الخيرات »
(1/10)
--------------------------------------------------------------------------------
10 - حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن سليمان الشيباني قال : سمعت يسير بن عمرو ، أن أبا مسعود الأنصاري ، لما قتل عثمان رضي الله عنه احتجب في بيته ، فدخلت عليه ، فسألته ، أو قال : فسأل عن أمر الناس ، فقال : « عليك بالجماعة ، فإن الله لن يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة ، واصبر حتى يستريح بر ، ويستراح من فاجر »
(1/11)
--------------------------------------------------------------------------------
11 - حدثني بشر بن معاذ العقدي ، حدثنا محمد بن عاصم العبدي ، حدثنا حوشب قال : كان الحسن يقول : « ابن آدم لا تؤذ وإن أوذيت فاصبر »
(1/12)
--------------------------------------------------------------------------------
12 - حدثنا أحمد بن عمر الوكيعي ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن ضرار بن مرة أبي سنان قال : كان يقال : يا دنيا أمري على المؤمن يصبر عليك ، لا تحولي له فتفتنيه
(1/13)
--------------------------------------------------------------------------------
13 - حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن الفرج بن مزيد قال : مكتوب في بعض الحكمة : « طوبى لمن غلب بتقواه هواه ، وبصبره الشهوات »
(1/14)
--------------------------------------------------------------------------------
14 - حدثنا محمد بن عبد الله ، أخبرنا يونس بن محمد ، حدثنا أبو ليلى ، عن عدي بن ثابت قال : « إن الكرام الكاتبين ربما شكوا إلى الله من صاحبهم الذي يكونون معه أن من أمره إن إن ، فيؤمرون بالصبر »
(1/15)
--------------------------------------------------------------------------------
15 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي قال : « لو كان الصبر من الرجال لكان كريما »
(1/16)
--------------------------------------------------------------------------------
16 - حدثني علي بن الحسن ، عن زيد بن الحباب ، حدثني مرجى بن وداع ، عن غالب القطان قال : سمعت الحسن ، يقول : « الصبر كنز من كنوز الخير ، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عليه »
(1/17)
--------------------------------------------------------------------------------
17 - حدثني علي بن الحسن ، عن موسى بن داود ، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، عن سالم أبي سعيد ، سمع إبراهيم التيمي ، يقول : « ما من عبد وهب الله له صبرا على الأذى ، وصبرا على البلاء ، وصبرا على المصائب ، إلا وقد أوتي أفضل ما أوتيه أحد ، بعد الإيمان بالله »
(1/18)
--------------------------------------------------------------------------------
18 - حدثنا يحيى بن يوسف الزمي ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران قال : « الصبر صبران ، الصبر على المصيبة حسن ، وأفضل من ذلك الصبر عن المعاصي »
(1/19)
--------------------------------------------------------------------------------
19 - قال يحيى : وحدثنا أبو المليح ، عن ميمون قال : سمعته يقول : « ما نال أحد شيئا من جسيم الخير ، نبي فمن دونه ، إلا بالصبر »
(1/20)
--------------------------------------------------------------------------------
20 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا محمد بن روح المصري ، حدثنا القاسم بن كثير قال : سمعت سليمان بن القاسم ، يقول : « كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر . قال الله عز وجل : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (1) قال : كالماء المنهمر »
__________
(1) سورة : الزمر آية رقم : 10
(1/21)
--------------------------------------------------------------------------------
21 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد قال : سمعت محمد بن ميمون ، يقول : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (1) قال : فقال بيديه هكذا - وبسطهما - : غرفا غرفا
__________
(1) سورة : الزمر آية رقم : 10
(1/22)
--------------------------------------------------------------------------------
22 - حدثني محمد بن الحسن ، حدثنا سعيد بن عامر ، حدثنا محمد بن عمرو قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يقول على المنبر : « ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه ، فعاضه مكان ما انتزع منه الصبر ، إلا كان ما عوضه خيرا مما انتزع منه ، ثم قرأ : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (1) »
__________
(1) سورة : الزمر آية رقم : 10
(1/23)
--------------------------------------------------------------------------------
23 - حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا زيد بن الحباب ، أخبرني جعفر بن سليمان ، حدثنا أبو عمران الجوني ، في قول الله عز وجل : سلام عليكم بما صبرتم (1) قال : « على دينكم ، فنعم ما أعقبتكم من الدنيا الجنة »
__________
(1) سورة : الرعد آية رقم : 24
(1/24)
--------------------------------------------------------------------------------
24 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي ، حدثني عمر بن يونس ، عمن حدثه عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الصبر ثلاث : فصبر على المصيبة ، وصبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية ، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض ، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم (1) الأرض إلى منتهى العرش ، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش مرتين »
__________
(1) التخوم : المعالم والحدود والأنحاء
(1/25)
--------------------------------------------------------------------------------
25 - حدثني زياد بن أيوب ، حدثنا سعيد بن عامر قال : كان صالح المري يدعو : « اللهم ارزقنا صبرا على طاعتك ، وارزقنا صبرا عن معصيتك ، وارزقنا صبرا على ما تحب ، وارزقنا صبرا على ما نكره ، وارزقنا صبرا عند عزائم الأمور »
(1/26)
--------------------------------------------------------------------------------
26 - حدثنا عيسى بن عبد الله التميمي ، حدثنا قبيصة بن عقبة ، حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن مسلم البطين قال : قلت لسعيد بن جبير : الشكر أفضل أم الصبر ؟ قال : « الصبر ، والعافية أحب إلي »
(1/27)
--------------------------------------------------------------------------------
27 - حدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا أبو اليمان ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب قال : « الحلم زين ، والتقى كرم ، والصبر خير مراكب الصعب »
(1/28)
--------------------------------------------------------------------------------
28 - حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا سعد بن عبد الحميد ، أخبرنا محمد بن مروان ، عن أبي حمزة ، عن محمد بن علي ، في قوله تعالى : أولئك يجزون الغرفة بما صبروا (1) قال : « الغرفة : الجنة ، بما صبروا : على الفقر »
__________
(1) سورة : الفرقان آية رقم : 75
(1/29)
--------------------------------------------------------------------------------
29 - حدثنا الحسن بن محبوب ، حدثنا أبو يزيد الرقي الفيض بن إسحاق قال : سألت الفضيل عن قوله : سلام عليكم بما صبرتم (1) فقال : « صبروا أنفسهم على ما أمرهم به من طاعته ، وصبروا أنفسهم عما نهاهم عنه من معصيته ، فقالت لهم الملائكة حين أكرمهم الله : سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار »
__________
(1) سورة : الرعد آية رقم : 24
(1/30)
--------------------------------------------------------------------------------
30 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن ، حدثنا إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت الفضيل ، في هذه الآية : الذين صبروا وعملوا الصالحات (1) قال : « صبروا في البأساء والضراء والزلازل ، و وعملوا الصالحات في الرخاء والسراء »
__________
(1) سورة : هود آية رقم : 11
(1/31)
--------------------------------------------------------------------------------
31 - حدثني إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا حجاج بن محمد ، عن عثمان بن عطاء ، عن أبيه قال : « إن الجنة حظرت بالصبر والمكاره ، فلا تؤتى إلا من باب صبر أو مكروه ، وإن جهنم شعبت بالشهوات واللذات ، فلا تؤتى إلا من باب شهوة أو لذة »
(1/32)
--------------------------------------------------------------------------------
32 - حدثني محمد بن هارون ، حدثنا أبو عمير ، حدثنا هاشم بن مليح ، عن البطال الخثعمي قال : سمعت الأوزاعي ، يسأل خصيلة بنت واثلة بن الأسقع : ما سمعت أباك ، يقول لما حضرته الوفاة ؟ قالت : دعاني ، فأخذ بيدي فقال : « يا بنية » اصبري « ، حتى عد أصابعي الخمس ، ثم أخذ بيساري فقال : » يا بنية اصبري « ، حتى عد أصابعي الخمس
(1/33)
--------------------------------------------------------------------------------
33 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثني علي بن بحر ، حدثني محمد بن المعلى الكوفي ، عن زياد بن خيثمة ، عن أبي داود ، عن عبد الله بن سخبرة ، عن سخبرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من ابتلي فصبر ، وأعطي فشكر وظلم فغفر ، وظلم فاستغفر » ثم سكت قالوا : ما له يا رسول الله ؟ قال : « أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (1) »
__________
(1) سورة : الأنعام آية رقم : 82
(1/34)
--------------------------------------------------------------------------------
34 - حدثنا محمود بن غيلان المروزي ، والحسن بن الصباح قالا : حدثنا المؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا حميد الطويل ، عن طلق بن حبيب ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة : قلب شاكر ، ولسان ذاكر ، وبدن على البلاء صابر ، وزوجة لا تبغيه خونا في نفسه ولا ماله »
(1/35)
--------------------------------------------------------------------------------
35 - حدثني محمد بن إدريس الحنظلي ، حدثنا عبد الرحمن بن عبيد الله بن حكيم الأسدي الحلبي ، حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال : « الصبر والسماح »
(1/36)
--------------------------------------------------------------------------------
36 - حدثني أبي ، حدثنا الأصمعي ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن قال : قيل له : ما الصبر ؟ وما السماح ؟ قال : « السماح بفرائض الله ، والصبر عن محارم الله »
(1/37)
--------------------------------------------------------------------------------
37 - حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، حدثنا سفيان ، عن بعض المحدثين ، عن مجاهد : واستعينوا بالصبر والصلاة (1) قال : « الصبر : الصيام »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 45
(1/38)
--------------------------------------------------------------------------------
38 - حدثنا محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا مسلمة بن جعفر ، عن عمرو بن عامر البجلي ، عن وهب بن منبه قال : « ثلاث من كن فيه أصاب البر : سخاوة النفس ، والصبر على الأذى ، وطيب الكلام »
(1/39)
--------------------------------------------------------------------------------
39 - حدثني محمد بن عبد الله أبو الحسن البصري ، حدثنا إسحاق بن إدريس ، حدثنا محمد بن عيسى أبو مالك ، حدثني محمد بن عبد الله ، عن عوف بن محمد ، عن أبيه ، عن أم هانئ قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « أبشري فإن الله عز وجل قد أنزل لأمتي الخير كله ، وقد أنزل : إن الحسنات يذهبن السيئات (1) » فقالت : بأبي أنت وأمي ، ما تلك الحسنات ؟ قال : « الصلوات الخمس » ثم دخل علي فقال : « أبشري فإنه قد نزل خير لا شر بعده » قلت : ما هو بأبي أنت وأمي ؟ قال : « أنزل الله جل ذكره : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها (2) » فقلت : يا رب زد أمتي ، فأنزل الله تبارك اسمه : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة (3) فقلت : يا رب زد أمتي ، فأنزل الله تعالى : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (4)
__________
(1) سورة : هود آية رقم : 114
(2) سورة : الأنعام آية رقم : 160
(3) سورة : البقرة آية رقم : 261
(4) سورة : الزمر آية رقم : 10
(1/40)
--------------------------------------------------------------------------------
40 - حدثني عون بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن المصفى ، أخبرنا بقية ، عن إسماعيل بن عياش ، عن عاصم بن رجاء بن حيوة ، عن أبي عمران ، عن أبي سلام الحبشي ، عن ابن غنم الأشعري ، عن أبي موسى الأشعري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الصبر رضا »
(1/41)
--------------------------------------------------------------------------------
41 - حدثني علي بن الحسن ، عن عصمة بن المتوكل ، عن زافر بن سليمان قال : « قال لقمان الحكيم : حقيقة اليقين الصبر ، وحقيقة العمل النية »
(1/42)
--------------------------------------------------------------------------------
42 - حدثني علي بن مسلم ، حدثنا سيار ، حدثنا جعفر ، حدثنا مالك بن دينار قال : قال عيسى ابن مريم عليه السلام : « خشية الله ، وحب الفردوس يباعدان من زهرة الدنيا ، ويورثان الصبر على المشقة »
(1/43)
--------------------------------------------------------------------------------
43 - حدثني علي بن مسلم ، حدثنا سيار ، حدثنا رياح بن عمرو القيسي قال : سمعت مالك بن دينار ، يقول : « ما من أعمال البر عمل إلا ودونه عقيبة ، فإن صبر صاحبها أفضت به إلى روح وإن جزع (1) رجع »
__________
(1) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن
(1/44)
--------------------------------------------------------------------------------
44 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، عن صفوان بن عمرو ، أن أبا الدرداء قال : « إن الدنيا خوانة لا يدوم نعيمها ، ولا يؤمن فجائعها ، ومن يعش يبتل ، ومن يتفقد يفقد ، ومن لا يعد صبرا لفجائع الأمور يعجز »
(1/45)
--------------------------------------------------------------------------------
45 - حدثني علي بن الحسن ، عن زهير بن عباد ، عن أبي سليمان النصيبي قال : قال الحواريون لعيسى عليه السلام : يا روح الله ، كيف لنا أن ندرك جماع الصبر ومعرفته ؟ قال : « اجعلوا عزمكم في الأمور كلها بين يدي هواكم ، ثم اتخذوا كتاب الله إماما لكم في دينكم »
(1/46)
--------------------------------------------------------------------------------
46 - حدثني الفضل بن جعفر ، حدثنا محمد بن عزيز الأيلي ، حدثني سلامة بن روح ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : قال إسماعيل بن عبد الله يعني ابن جعفر ، عن أبيه قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بياسر ، وبعمار بن ياسر ، وأم عمار وهم يؤذون في الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صبرا يا أبا ياسر وآل ياسر ، فإن موعدكم الجنة »
(1/47)
--------------------------------------------------------------------------------
47 - حدثنا أبو العباس العتكي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عمر بن عبد الرحمن الأبار ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي قال : « لو كان الصبر من الرجال كان كريما »
(1/48)
--------------------------------------------------------------------------------
48 - وقال عمر : « وهل وجدنا عيشنا إلا في الصبر »
(1/49)
--------------------------------------------------------------------------------
49 - وحدثنا أبو العباس ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، حدثنا عقبة بن عمار ، عن المغيرة بن حذف ، عن ربعي بن حراش ، أن عمر قال لأشياخ من بني عبس : بم قابلتم الناس ؟ قالوا : بالصبر ، لم نلق قوما إلا صبرنا لهم ما صبروا لنا
(1/50)
--------------------------------------------------------------------------------
50 - وحدثنا أبو العباس ، حدثنا موسى بن إسماعيل قال : أخبرني عمر بن علي بن مقدم قال : قال زياد بن عمرو : « كلنا نكره الموت وألم الجراح ، ولكنا نتفاضل بالصبر »
(1/51)
--------------------------------------------------------------------------------
51 - حدثنا علي بن الحسن ، عن أبي بحر السكوني ، عن أبي بكر بن عياش قال : قيل للبطال : ما الشجاعة ؟ قال : « صبر ساعة »
(1/52)
--------------------------------------------------------------------------------
52 - أنشدني الحسين بن عبد الرحمن : إذا لم تسامح في الأمور تعقدت عليك فسامح واخرج العسر باليسر فلم أر أوفى للبلاء من التقي ولم أر للمكروه أشفى من الصبر
(1/53)
--------------------------------------------------------------------------------
53 - حدثني أبو خيثمة ، حدثنا أبو عامر ، عن شعبة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي تبكي على قبر ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « اتقي الله واصبري » فقالت : إليك عني وما تبالي بمصيبتي ؟ فقيل لها : إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها مثل الموت فأتته فقالت : إني لم أعرفك قال : « الصبر عند أول صدمة »
(1/54)
--------------------------------------------------------------------------------
54 - حدثني أبو خيثمة ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن عمر بن سعد ، عن أبيه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « عجبت للمؤمن ، إن أصابه خير حمد الله وشكره ، وإن أصابته مصيبة احتسب وصبر . المؤمن يؤجر في كل شيء ، حتى اللقمة يرفعها إلى فيه »
(1/55)
--------------------------------------------------------------------------------
55 - حدثني أبو الحسن الرقي ، حدثنا عبد الله بن صالح أبو صالح ، عن يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : جلس إلي يوما زياد مولى ابن عياش ، فقال لي : يا عبد الله قلت : « ما تشاء ؟ » فقال : ما هي إلا الجنة والنار ؟ قلت : « لا والله ما هي إلا الجنة والنار » . قال : ما بينهما منزل ينزله العباد ؟ فقلت : ما بينهما منزل ينزله العباد قال : « فوالله لنفسي نفس أضن بها عن النار ، وللصبر اليوم عن معاصي الله خير من الصبر على الأغلال في نار جهنم »
(1/56)
--------------------------------------------------------------------------------
56 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد - إن شاء الله - قال : سمع عمر ، رجلا يقول : اللهم استنفق مالي وولدي في سبيلك ، فقال عمر : « ألا يسكت أحدكم ؟ فإن أعطي شكر وإن ابتلي (1) صبر »
__________
(1) الابتلاء : الاختبار والامتخان بالخير أو الشر
(1/57)
--------------------------------------------------------------------------------
57 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا المحاربي ، عن شعيب بن سليمان ، عن محرز بن عمرو ، عن الحسن قال : « إن الله ، وله الحمد لا شريك له ، رفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، وما لا يطيقون ، وأحل لهم في حال الضرورة كثيرا مما حرم عليهم وأعطاهم خمسا : أعطاهم الدنيا قرضا ، وسألهم إياها قرضا ، فما أعطوه عن طيب نفس منهم فلهم به الأضعاف الكثيرة ، من العشرة إلى سبعمائة ضعف ، إلى ما لا يعلم علمه إلا الله تبارك وتعالى ، وذلك قوله عز وجل : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة (1) وما أخذ منهم كرها فصبروا واحتسبوا فلهم به الصلاة والرحمة وتحقيق الهدى ، وذلك لقوله جل وعز : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (2) والثالثة : إن شكروا أن يزيدهم ، وذلك لقوله جل ثناؤه : لئن شكرتم لأزيدنكم (3) والرابعة : أن أحدهم لو عمل من الخطايا والذنوب حتى يبلغ الكفر ، ثم تاب ، أن يتوب عليه ويوجب له محبته ، وذلك لقوله جل وعز : إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (4) والخامسة : لو أعطيها جبريل وميكائيل عليهما السلام وجميع النبيين ، لكان قد أجزل لهم العطاء ، حيث يقول : ادعوني أستجب لكم (5) »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 245
(2) سورة : البقرة آية رقم : 156
(3) سورة : إبراهيم آية رقم : 7
(4) سورة : البقرة آية رقم : 222
(5) سورة : غافر آية رقم : 60
(1/58)
--------------------------------------------------------------------------------
58 - حدثنا داود بن عمرو الضبي ، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي ، عن عبيد بن الطفيل ، عن الضحاك بن مزاحم ، في قوله : والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس (1) قال : « أما البأساء : فالفقر ، وأما الضراء (2) : فالمرض ، وأما حين البأس : فهو حين القتال »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 177
(2) سورة : الأعراف آية رقم : 95
(1/59)
--------------------------------------------------------------------------------
59 - حدثنا عبيد الله بن جرير ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا الوليد بن خالد ، عن ابن عون قال : « كل عمل له ثواب يعرف إلا الصبر قال الله : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (1) »
__________
(1) سورة : الزمر آية رقم : 10
(1/60)
--------------------------------------------------------------------------------
60 - حدثنا سوار بن عبد الله ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن عمران أبي بكر قال : حدثني عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى قال : هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع ، وإني أتكشف ، فادع الله لي فقال : « إن صبرت فلك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك » قالت : إني أتكشف ، فادع الله أن لا أنكشف . فدعا لها
(1/61)
--------------------------------------------------------------------------------
61 - حدثنا القاسم بن هاشم قال : قال إبراهيم بن الأشعث ، سمعت سفيان بن عيينة يقول : « لم يعط العباد أفضل من الصبر ، به دخلوا الجنة »
(1/62)
--------------------------------------------------------------------------------
62 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا عبيد الله بن موسى قال : سمعت الحسن بن صالح ، يقول : « لقد دخل التراب من هذا المصر (1) قوم قطعوا عنهم الدنيا بالصبر على طاعة الله ، وبين لهم هذا القرآن غير الدنيا قال : أفرأيت إن متعناهم سنين ، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون (2) » ثم بكى حسن ، ثم قال : « إذا جاء الموت وسكراته لم يغن عن الفتى ما كان فيه من النعيم واللذة ثم مال مغشيا (3) عليه »
__________
(1) المصر : البلد أو القرية
(2) سورة : الشعراء آية رقم : 205
(3) الغشي : فقدان الوعي ، والإغماء
(1/63)
--------------------------------------------------------------------------------
63 - حدثنا علي بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين قال : حدثني خلف بن إسماعيل قال : « سمعت رجلا مبتلى من هؤلاء الزمنى يقول : وعزتك لو أمرت الهوام (1) فتقتسمني مضغا ما ازددت لك - بتوفيقك - إلا صبرا ، وعنك - بمنك ونعمتك - إلا رضا . قال خلف : وكان الجذام (2) قد قطع يديه ورجليه وعامة بدنه »
__________
(1) الهوام : جمع هامَّة وهي كل ذات سم يقتل ، وأيضا هي ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل كالحشرات
(2) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف
(1/64)
--------------------------------------------------------------------------------
64 - قال خلف : « وسمعت رجلا منهم يقول : إن كنت إنما ابتليتني لتعرف صبرى فأفرغ علي صبرا يبلغني رضاك عني ، وإن كنت إنما ابتليتني لتثيبني وتأجرني وتجعل بلاءك لي سببا إلى رحمتك بي ، فمن من عبادك أعظم نعمة ومنة مننت بها علي إذ رأيتني لاختبارك لها أهلا ، فلك الحمد على كل حال ، فأنت أهل كل خير وولي كل نعمة قال : فلما كان بالعشي مات »
(1/65)
--------------------------------------------------------------------------------
65 - قال خلف : وسمعت رجلا مبتلى يقول : « الصبر على منن الرجال أشد من الصبر على ما بي من البلاء »
(1/66)
--------------------------------------------------------------------------------
66 - قال خلف : وسمعت أبا سليمان داود الجواربي يقول يوما ، وأقبل علي ، فقال : يا أبا إسماعيل ، قل لأصحابك أهل البلاء : « اغتنموا الصبر فكأنكم قد بلغتم مدته »
(1/67)
--------------------------------------------------------------------------------
67 - قال خلف : فذكرت ذلك لرجل منهم يكنى أبا ميمون ، وكان عاقلا ، فقال : يا أبا إسماعيل إن للصبر شروطا قلت : ما هي يا أبا ميمون ؟ قال : « إن من شروط الصبر أن تعرف كيف تصبر ؟ ولمن تصبر ؟ وما تريد بصبرك ؟ وتحتسب في ذلك وتحسن النية فيه ، لعلك إن يخلص لك صبرك ، وإلا فإنما أنت بمنزلة البهيمة نزل بها البلاء فاضطربت لذلك ، ثم هدأ فهدأت ، فلا هي عقلت ما نزل بها فاحتسبت وصبرت ولا هي صبرت ، ولا هي عرفت النعمة حين هدأ ما بها فحمدت الله على ذلك وشكرت »
(1/68)
--------------------------------------------------------------------------------
68 - حدثنا علي بن مسلم ، حدثنا سعيد بن عامر ، عن المعتمر ، عن ليث بن أبي سليم قال : « قيل لأيوب : يا أيوب لا تعجبن بصبرك ، فإني قد علمت ما يمتص كل شعرة من لحمك ودمك ، ولولا أني أعطيت موضع كل شعرة منك صبرا ما صبرت »
(1/69)
--------------------------------------------------------------------------------
69 - حدثنا عبد الرحمن بن يونس أبو مسلم ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن وهب بن منبه قال : « لم يكن الذي خرج بأيوب أكلة ، كان الذي يخرج به أمثال ثدي النساء ثم يتفطر »
(1/70)
--------------------------------------------------------------------------------
70 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا علي بن ثابت ، عن الأسواري ، عن هشام ، عن الحسن قال : « مكث أيوب عليه السلام ملقى على زبالة سبع سنين يمر به الرجل فيمسك على أنفه ، حتى مر به رجلان فقالا : لو كان لله في هذا حاجة لما بلغ هذا منه ، فعند ذلك قال : مسني الضر (1) »
__________
(1) سورة : الأنبياء آية رقم : 83
(1/71)
--------------------------------------------------------------------------------
71 - حدثنا سوار بن عبد الله ، حدثنا معتمر بن سليمان ، عن ليث ، عن زبيد قال : « قال إبليس : ما أصبت من أيوب شيئا فرحت به ، إلا أني كنت إذا سمعت أنينه علمت أني قد أبلغت إليه »
(1/72)
--------------------------------------------------------------------------------
72 - حدثني محمد بن قدامة ، حدثنا موسى بن داود ، حدثني رياح القيسي أبو المهاجر ، عن الحسن قال : « إن كانت الدودة لتقع من جسد أيوب فيأخذها فيعيدها إلى مكانها ويقول : كلي من رزق الله »
(1/73)
--------------------------------------------------------------------------------
73 - حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير بن محمد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها قالت : أتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « إن الله عز وجل يأمرك أن تدعو بهؤلاء الكلمات ، فإن الله معطيك إحداهن : اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك ، أو صبرا على بليتك ، أو خروجا من الدنيا إلى رحمتك »
(1/74)
--------------------------------------------------------------------------------
74 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثني يحيى بن صالح ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن عبد الرحمن بن سلمة الجمحي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فلما حفظته محوته : « قد أفلح من أسلم وجعل رزقه كفافا (1) ، فصبر على ذلك »
__________
(1) الكفاف : ما أغنى عن سؤال الناس وحفظ ماء الوجه وسد الحاجة من الرزق
(1/75)
--------------------------------------------------------------------------------
75 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا شريك بن الخطاب العنبري ، عن المغيرة أبي محمد ، عن الحسن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أدخل نفسك في هموم الدنيا ، واخرج منها بالصبر »
(1/76)
--------------------------------------------------------------------------------
76 - حدثني حمزة بن العباس ، حدثنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا ابن المبارك ، حدثنا جرير بن حازم قال : سمعت الحسن ، يقول : « إذا شئت رأيت بصيرا لا صبر له ، فإذا رأيت بصيرا ذا صبر فهناك »
(1/77)
--------------------------------------------------------------------------------
77 - حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا عبيد الله بن محمد التيمي ، حدثنا أبي قال : نظر الحجاج بن يوسف إلى ظفر له قد كان أعور فعولج ، فخرج سليما فقال : « ما أحسن عاقبة الصبر »
(1/78)
--------------------------------------------------------------------------------
78 - أنشدني أحمد بن يحيى قوله : مفتاح باب الفرج الصبر كل عسر معه يسر والدهر لا يبقى على حاله والأمر يأتي بعده الأمر والكره تفنيه الليالي التي يفنى عليها الخير والشر وكيف يبقى حال من حاله يسرع فيها اليوم والشهر
(1/79)
--------------------------------------------------------------------------------
79 - حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله قال : بلغنا أن عيسى ابن مريم ، عليه السلام قال : يوشك أن يفضي بالصابر البلاء إلى الرخاء ، وبالفاجر الرخاء إلىالبلاء
(1/80)
--------------------------------------------------------------------------------
80 - حدثني القاسم بن هاشم ، حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، حدثنا عفير بن معدان ، عن سليم بن عامر ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا رأيتم أمرا لا تستطيعون أن تغيروا ، فاصبروا حتى يكون الله هو الذي يغيره »
(1/81)
--------------------------------------------------------------------------------
81 - حدثنا محمد بن عبد الله الأرزي ، حدثنا علي بن واقد ، حدثنا النهاس بن قهم ، عن عصمة بن أبي حكيمة قال : بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فقيل : يا رسول الله ما أبكاك ؟ قال : « ذكرت آخر أمتي وما يلقون من البلاء ، فالصابر منهم يجيء يوم القيامة وله أجر شهيدين »
(1/82)
--------------------------------------------------------------------------------
؛ § § ؛ ؛
(1/83)
--------------------------------------------------------------------------------
83 - حدثني حمزة بن العباس ، حدثنا عبدان بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا ابن عيينة قال : قال بعض العلماء : « إن الله عز وجل أعطاكم الدنيا قرضا ، وسألكموها قرضا ، فإن أعطيتموها طيبة بها أنفسكم ضاعف لكم ما بين الحسنة إلى العشر ، إلى السبعمائة ، إلى أكثر من ذلك وإن أخذها منكم وأنتم كارهون ، فصبرتم واحتسبتم ، كان لكم الصلاة والرحمة ، وأوجب لكم الهدى »
(1/84)
--------------------------------------------------------------------------------
84 - حدثني علي بن الحسن ، عن عبد الله بن نافع الزبيري قال : كان شيخ بالمدينة يقول : « في الصبر جوامع التقوى وإليه موئل المؤمنين »
(1/85)
--------------------------------------------------------------------------------
85 - حدثني علي بن الحسن ، عن قدامة بن محمد ، عن محمد بن مسلم الطائفي ، عن رجل ، عن مجاهد قال : « الصبر معقل »
(1/86)
--------------------------------------------------------------------------------
86 - حدثني علي ، عن الحميدي ، عن سفيان قال : كان يقال : « يحتاج المؤمن إلى الصبر كما يحتاج إلى الطعام والشراب »
(1/87)
--------------------------------------------------------------------------------
87 - حدثنا محمد بن أبي غالب ، حدثنا هشيم ، عن العوام بن حوشب ، عن إبراهيم التيمي قال : « أريت في النوم كأنه ورد بي على نهر فقيل لي : اشرب واسق بما صبرت وكنت من الكاظمين »
(1/88)
--------------------------------------------------------------------------------
88 - حدثني علي بن الحسن ، عن زكريا بن أبي خالد ، عن يزيد بن تميم قال : لما أدخل إبراهيم التيمي سجن الحجاج ، رأى قوما مقرنين في الأغلال ، يقومون جميعا ويقعدون جميعا ، فقال : « يا أهل بلاء الله في نعمته ، ويا أهل نعمته في بلائه ، إن الله قد رآكم أهلا أن يختبركم ، فأروه أهلا أن تصبروا له » . فقالوا : من أنت رحمك الله ؟ قال : « من ينتظر من البلاء مثل ما نزل بكم » ، قالوا : ما نحب أن نخرج من موضعنا
(1/89)
--------------------------------------------------------------------------------
89 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، عن إسماعيل ، عن قيس ، عن خباب قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد (1) ببرد (2) له في ظل الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟ فجلس محمرا وجهه فقال : « قد كان من كان قبلكم يؤخذ الرجل ، فيحفر له في الأرض ، ثم يجاء بالمنشار فيوضع فوق رأسه ، ما يصرفه عن دينه أو يمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب ، ما يصرفه عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ، ولكنكم تعجلون »
__________
(1) توسد : اتخذ الرداء أو غيره تحت رأسه وسادة ومخدة
(2) البْرُدُ والبُرْدة : الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ
(1/90)
--------------------------------------------------------------------------------
90 - حدثنا عمر بن محمد بن الحسن الأسدي ، حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن سلمة ، عن أبيه ، عن المغيرة بن عبد الله ، عن قيس بن أبي حازم ، عن خباب بن الأرت قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع تحت شجرة ، متوسد رداءه تحت رأسه ، فقلت : ألا تدعو على هؤلاء القوم الذين قد خشينا أن يردونا عن ديننا ؟ فصرف وجهه ، حتى فعل ذلك ثلاثا ، كل ذلك أقول له ، ثم جلس في الثالثة فقال : « أيها الناس ، اتقوا واصبروا ، فوالله إن كان الرجل من المؤمنين قبلكم ليوضع المنشار على رأسه فيشق باثنين ، لا يرتد عن دينه فاتقوا الله واصبروا ، فإن الله فاتح وصانع لكم »
(1/91)
--------------------------------------------------------------------------------
91 - حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا حماد بن زيد عن علي بن زيد قال : تلا عمر بن عبد العزيز هذه الآية : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا (1) فقال عمر : جعل بعضكم لبعض فتنة فاصبروا
__________
(1) سورة : الفرقان آية رقم : 20
(1/92)
--------------------------------------------------------------------------------
92 - حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي ، حدثنا أبو مسهر قال : سمعت سعيد بن عبد العزيز قال : « إذا رأيت أمرا لا تستطيع غيره ، فاصبر وانتظر فرج الله »
(1/93)
--------------------------------------------------------------------------------
93 - حدثنا أبو عمران الخصاصي قال : سمعت صالح بن عبد الكريم يقول : « جعل الله رأس أمور العباد العقل ، ودليلهم العلم ، وسائقهم العمل ، ومقويهم على ذلك الصبر »
(1/94)
--------------------------------------------------------------------------------
94 - حدثني محمد بن إدريس ، حدثنا أصبغ ، أخبرني ابن وهب قال : سمعت مالك بن أنس قال : قال عمرو بن العاص : « إني لأصبر على الكلمة لهي أشد علي من القبض على الجمر ، ما يحملني على الصبر عليها إلا التخوف من أخرى شر منها »
(1/95)
--------------------------------------------------------------------------------
95 - حدثني عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، حدثنا عمر بن معروف المؤدب ، عن ليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن محمد بن عبد السلمي ، عن عمران بن حصين ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ثلاث يدرك بهن العبد رغائب الدنيا والآخرة : الصبر عند البلاء (1) ، والرضا بالقضاء ، والدعاء في الرخاء »
__________
(1) البلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
(1/96)
--------------------------------------------------------------------------------
96 - حدثني عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا عمر بن معروف ، عن ليث بن سعد ، عن معاوية بن صالح ، عن ابن حلبس قال : سمعت أم الدرداء ، تقول : سمعت أبا الدرداء ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شيئا ما سمعته قبلها ولا بعدها قال : « إن الله عز وجل قال : يا عيسى ، إني باعث من بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا ، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ، أعطيهم من حلمي وعلمي »
(1/97)
--------------------------------------------------------------------------------
97 - حدثنا أبو محمد الأزدي البصري قال : رأى رجل الحسن بن حبيب بن ندبة في النوم بعدما مات ، فقال : ما فعل الله بك ؟ قال : « غفر لي بصبري على الفقر في الدنيا »
(1/98)
--------------------------------------------------------------------------------
98 - حدثني عبيد الله بن جرير الأزدي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، حدثنا عقبة بن عمار ، عن المغيرة بن حذف ، عن ربعي بن حراش ، أن عمر ، بعث إلى عزبة من الأرض ، فأتى بأشياخ من بني عبس ، فقال : إنكم قاتلتم الناس في الجاهلية ، « فأي الخيل وجدتم أصبر ؟ » قالوا : الكمت الخمر قال : « فأي الإبل (1) وجدتم أصبر ؟ » قالوا : الحمر الجعاد (2) قال : « فأي النساء وجدتم أصبر ؟ » قالوا : ما صبرت فينا غريبة قط قال : « بم كنتم تغلبون الناس ؟ » قالوا : بالصبر ، لم نلق قوما إلا صبرنا لهم ما صبروا لنا
__________
(1) الإبل : الجمال والنوق ليس له مفرد من لفظه
(2) الجَعْد : في صِفات الرجال يكون مَدْحا وَذَمّا : فالمدْح مَعْناه أن يكون شَدِيد الأسْرِ والخَلْق، أو يكون جَعْدَ الشَّعَر أي خشنه، وأما الذَّم فهو القَصير المُتَردّد الخَلْق. وقد يُطْلق على البخِيل أيضا
(1/99)
--------------------------------------------------------------------------------
99 - حدثني علي بن الحسن بن موسى ، عن موسى بن عيسى ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي قال : حدثني بعض الحكماء قال : خرجت وأنا أريد الرباط ، حتى إذا كنت بعريش مصر ، أو دون عريش مصر ، إذا أنا بمظلة وإذا فيها رجل قد ذهبت يداه ورجلاه وبصره ، وإذا هو يقول : اللهم إني أحمدك حمدا يوافي محامد خلقك ، كفضلك على سائر خلقك ، إذ فضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلا ، فقلت : والله لأسألنه أعلمه أم ألهمه إلهاما ؟ قال : فدنوت منه ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، فقلت : إني سائلك عن شيء أتخبرني به ؟ قال : إن كان عندي منه علم أخبرتك به ، فقلت : على أي نعمة من نعمه تحمده عليها ؟ أم على أي فضيلة من فضائله تشكره عليها ؟ قال : أليس ترى ما قد صنع بي ؟ قال : قلت : بلى قال : فوالله لو أن الله سبحانه صب علي السماء نارا فأحرقتني ، وأمر الجبال فدمرتني ، وأمر البحار فغرقتني ، وأمر الأرض فخسفت بي ، ما ازددت له إلا حبا ، ولا ازددت له إلا شكرا . وإن لي إليك حاجة ، بني لي كان يتعاهدني لوقت صلاتي ، ويطعمني عند إفطاري ، وقد فقدته منذ أمس ، انظر هل تحسه لي ؟ فقلت : إن في قضاء حاجة هذا العبد لقربة إلى الله . قال : فخرجت في طلبه ، حتى إذا كنت بين كثبان من رمال ، إذا أنا بسبع قد افترس الغلام يأكله قال : قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، كيف آتي هذا العبد الصالح من وجه رفيق فأخبره الخبر لا يموت ؟ قال : فأتيته ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، فقلت : إني سائلك عن شيء أتخبرني به ؟ قال : إن كان عندي منه علم أخبرتك به قال : قلت : أنت أكرم على الله منزلة أم أيوب عليه السلام ؟ قال : بل أيوب صلى الله عليه وسلم كان أكرم على الله مني ، وأعظم منزلة عند الله مني . قال : قلت : أليس ابتلاه الله فصبر ، حتى استوحش منه من كان يأنس به وصار غرضا لمرار الطريق ؟ قال : بلى . قلت : فإن ابنك الذي أخبرتني من قصته ما أخبرتني ، خرجت في طلبه ، حتى إذا كنت بين كثبان من رمال ، إذا أنا بسبع قد افترس الغلام يأكله . فقال : الحمد لله الذي لم يجعل في قلبي حسرة من الدنيا ثم شهق شهقة فمات رحمه الله . قال : قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون من يعينني على غسله وكفنه ودفنه ؟ قال : فبينما أنا كذلك ، إذا أنا بركب قد بعثوا رواحلهم يرويدون الرباط . قال : فأشرت إليهم ، فأقبلوا إلي . فقالوا : ما أنت وهذا ؟ فأخبرتهم بالذي كان من أمره قال : فثنوا أرجلهم ، فغسلناه بماء البحر ، وكفناه ، بأثواب كانت معهم ، ووليت الصلاة عليه من بينهم ، ودفناه في مظلته تلك ومضى القوم إلى رباطهم ، وبت في مظلته تلك الليلة أنسا به فلما مضى من الليل مثل ما بقي منه ، إذا أنا بصاحبي في روضة خضراء ، عليه ثياب خضر ، قائما يتلو الوحي ، فقلت : ألست أنت صاحبي ؟ قال : بلى . قلت : فما الذي صيرك إلى ما أرى ؟ قال : وردت من الصابرين على درجة لم ينالوها إلا بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء . قال الأوزاعي : قال لي الحكيم : يا أبا عمرو وما تنكر من هذا الولي ؟ والاه ، ثم ابتلاه فصبر ، وأعطاه فشكر ؟ والله لو أن ما حنت عليه أقطار الجبال ، وضحكت عنه أصداف البحار ، وأتى عليه الليل والنهار ، أعطاه الله أدنى خلق من خلقه ، ما نقص ذلك من ملكه شيئا قال الوليد : قال لي الأوزاعي : ما زلت أحب أهل البلاء منذ حدثني الحكيم بهذا الحديث
(1/100)
يُتبع: