أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: تهافت نهاية التاريخ أسبابه وأبعاده

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Nov 2005
    المشاركات : 301
    المواضيع : 146
    الردود : 301
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي تهافت نهاية التاريخ أسبابه وأبعاده

    (35): تهافت نهاية التاريخ أسبابه وأبعاده
    حسن خليل غريب





    فوكوياما يعلن تهافت «نهاية التاريخ» عند المحافظين الأميركيين الجدد




    كمثل كل الأصوليات في التاريخ، جمَّد فوكوياما، رائد التنظير الفلسفي لجماعة الأميركيين الجدد، أو لأصحاب «القرن الأميركي الجديد»، نظريته وأعلن إفلاسها قائلاً: «خلصت الى أن المحافظين الجدد - رموزاً وافكاراً - يدورون حول شيء لا أستطيع بعد الآن أن أؤيده أو أقبله بتاتاً». وبتعبيره هذا، يكون فوكوياما قد طلَّق بالثلاث نتائج فلسفة المحافظين الجدد، التي وضعته على كرسي الشهرة، طلاقاً بائناً لا رجعة فيه. وتهافت هذه النهاية، والله، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد أفلست فلسفات قبلها في التاريخ وتهافتت، لكن أصحابها لم يعلنوا ذلك، وهم لم يكونوا بالجرأة التي تميَّز بها فوكوياما بإعلانه عن تهافت فلسفته.




    «نهاية التاريخ» فلسفة لكل الأصوليات في العالم




    فلسفة «نهاية التاريخ»، لم تكن مما يميِّز المحافظين الأميركيين الجدد، بل كانت استئنافاً للفلسفات السابقة التي أنهت التاريخ عند حدود إيديولوجياتها. وهو ما نراه في مرحلة الأصوليات الدينية، كما في مرحلة الإمبراطوريات في التاريخ، تلك التي كانت تعتبر أن التاريخ قد انتهى عند حدود فلسفاتها واتجاهاتها ومصالحها. فإذا كان فوكوياما قد عبَّر عن شوفينيته بمصطلح «الإنسان الأخير» الذي يعني الإنسان الذي يؤمن بالإيديولوجيا الرأسمالية المعاصرة، فإن غيره قد عمَّم مصطلحات أخرى تحمل المفهوم ذاته، شكلاً وروحاً، كمثل تفوق «الرجل الأبيض»، أو«خير أمة أخرجت للناس»، أو«شعب الله المختار»، أو«صفاء العرق الآري»، و... و...




    لقد أفلست الإمبراطوريات، والأصوليات، التي سبقت إعلان «نهاية التاريخ» عند المحافظين الأميركيين الجدد، ولكن أتباعها لم يعلنوا إفلاسها، كما فعلها فوكوياما، متلطين تحت أكثر من ذريعة وسبب، لعل أكثرها وضوحاً، تلك الحجج التي تقول: لا يتحمل الفكر الإمبراطوري، أو الأصولي وزر أخطاء الماضي، بل الذي يتحمل وزرها هم أولئك الذين عملوا على تطبيقها.




    ولقد تميَّز فوكوياما بجرأته عندما أعلن إفلاس تلك النهاية وتهافتها، بينما غيره لم يكن بمثل تلك الجرأة.




    فوكوياما، الذي شغل الرأي العام الأميركي، منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، يستقيل الآن ويترك كرسي الشهرة الذي احتله بعد إصدار كتابه «نهاية التاريخ والإنسان الأخير»، ولعلَّه بانسحابه قد أثار زوبعة كثيفة من الدخان عتَّمت سماء بيت المحافظين الجدد في واشنطن.




    وباستقالة فوكوياما، تاركاً كرسي فلسفة التنظير، أقال قبل استقالته أو بعدها معظم أقطاب منظومة الأميركيين الجدد السياسية، وبها انهارت الصورة المشرقة لرجال ملأوا الدنيا ضجيجاً، دمروا فيه ما دمروا في البلقان، وأفغانستان والعراق، مكمِّلين مشوارهم تجاه لبنان وفلسطين والسودان.




    تلك الانهيارات المتتالية لفلسفة المحافظين الجدد، وإن حجبت خطورتها أخبار الحروب وفظائعها وويلاتها التي يستكملها رئيس إدارة تلك الشلة تحت ضجيج «نصر موهوم»، إلاَّ أنه من غير الطبيعي أن تمر مرور الكرام أمام عدسات الناظرين والحاسبين لتداعياتها الاستراتيجية على مجمل النظام الأميركي خاصة وعلى مجمل النظام العالمي عامة.




    بداية، كان جوهر فلسفة «نهاية التاريخ»، بمفهوم المحافظين الأميركيين الجدد، قائماً على عامل الدفاع عن مصالح الشركات الكبرى، شريكة المافيات العالمية وصنوها الدائم، تلك الفلسفة التي عملت، ولا تزال تعمل، على تجميل استغلال كل لحظة من لحظات الفلتان الموضعي أو العالمي من أجل المتاجرة بكل لحظة من لحظاتها، واستنفاذها من أجل تكديس الثروات على الثروات.




    الترويج لتحقيق نصر للمحافظين الجدد فرصة انتقالية لمافيات الحرب




    إن شعار النصر الموهوم، الذي يعممه رئيس تلك الإدارة، ليس أكثر من فرصة يتيحها أمام تلك المافيات لسرقة ما يمكن سرقته من دماء الشعوب قبل إعلان إفلاس المشروع القائم تنفيذه الآن في العراق وأفغانستان. وهي تعمل على تكديس آبار الدماء انتظاراً لمراحل فلتان أخرى يقومون بالتحضير لها، تحت شعارات وفلسفات ومسميات أخرى.




    بداية نرى أن الترويج للنصر، الذي يمارسه جورج بوش هو فرصة أخيرة لاستنزاف مليارات أخرى من خزينة الولايات المتحدة الأميركية، حتى ولو كانت مترافقة مع تقديم قرابين إضافية من أرواح الجيش الأميركي، طالما أن أباطرة الشر لا يدفعون من جيوبهم سنتاً واحداً، ولا من دمهم قطرة واحدة.




    ومن قبيل الحظ أن شعب الولايات المتحدة الأميركية هو الذي يدفع من جيبه ومن دمه، و إلاَّ لكانت كل الجرائم التي يرتكبها أباطرة الشر الأميركيين، مدعومين بأباطرة المافيات عابرة القارات، نسياً منسياً. تلك الصدفة هي التي نقلت معركة المواجهة ضد إدارة الشر من العراق وأفغانستان، وغيرهما إلى عمق الشارع الأميركي. وبنقلها إلى هناك، دفعت إلى إظهار الجرائم والكشف عنها كوسيلة لإسقاط المشروع على أرض الولايات المتحدة الأميركية.




    مواجهة الشعب الأميركي لمفهوم «نهاية التاريخ» إعلان لتهافته




    لكن لحظة الحظ تلك لم يكن مصدرها صحوة ضمير عند معظم الشارع الأميركي، بل كان مصدرها تلك القوة التي منعت المحافظين الجدد من استثمار نفط العراق لتمويل الحرب، كما أثخنت جنوده بالجراح والعوق، كما أردت الآلاف منهم في المقابر. وبهذا تسجل تلك القوة، التي هي المقاومة الوطنية العراقية، فضل حفر البؤرة التي تعمل على دفن فلسفة المحافظين الجدد، وهذا يؤكد على أنه ليس من قبيل الصدف أن يُعلن فوكوياما تهافت «نهاية التاريخ»، فتتهافت معها رؤوس المحافظين الجدد السياسيين والعسكريين.




    مواجهة الشعب الأميركي نتيجة لعوامل مواجهة أخرى




    إذن، كان السقوط العملي، والنظري، للمشروع يدفعنا إلى التفتيش عن أسبابه، لأن سقوطه لم يستند إلى عوامل أميركية داخلية، أو عوامل مراجعة فكرية، أو سياسية، وإنما كان سقوطه مرتبطاً بعوامل أخرى أتت من خارجه.




    كان المشروع النظري مبنياً على رؤى علمية، من أهمها التبشير بديموقراطية النظام الرأسمالي لأنه هو، دون غيره من الأنظمة، الذي قفز قفزات هائلة في الميدان الحضاري، وفَّر فيه كل وسائل الراحة المادية للبشر، كما وفَّر أوهام صناعة الإنسان، على الطريقة البيولوجية، صناعة خاصة يستطيع فيه العلم الأميركي أن يصنِّع إنساناً بمواصفات محددة وخاصة يكون خاضعاً فيها، بشكل مخطط ومبرمج للانصياع إلى فلسفة الصناعيين والتجار.




    ونحن سنعمل على دحض تلك الادعاءات، مستندين إلى العوامل ذاتها التي أوقفت مشروع اجتياح العالم. والعوامل ليست إلاَّ رزمة واحدة تجمعها عامل المقاومة والمواجهة، وعوامل المقاومة مستندة إلى عامل إنساني غريزي عنوانه الحرية والكرامة والاستقلالية الإنسانية.




    فإذا كانت الحضارة المادية، التي أنجزت خطوات نوعية ومتقدمة لخير البشرية، هي المقياس الذي كال به فوكوياما نظريته، وجعلته على مقدار من الانبهار، يسمح له بتعميمها وفرضها على البشرية، فهو قد قصَّر عن بلوغ الحقيقة لأن بناء تلك الحضارة لا يجوز أن يعطي الحق لأصحابها بالسيادة على البشر، فالله لم يأمر بسيادة شعب على شعب آخر تحت أي ذريعة كانت. وإذا كان العكس هو الصحيح فلِمَ خلق مع الإنسان، كل إنسان قيمة الحرية والعدالة؟




    وإذا كانت الحضارة المادية قد استطاعت أن تتحكم بجزئيات من شؤون خلق البشر، من خلال امتلاكها تقنية تطوير الجينات واستنساخ ما تأمر المصانع بصنعه، فإن هذا الأمر قد أصبح بغاية من التعميم والانتشار في مختبرات الدول الأخرى، الأمر الذي يتيح لها أيضاً أن تقوم بتصنيع بشر تزرع فيهم مواصفات مضادة لـ«إنسان فوكوياما الأخير» والمحافظين الجدد، بحيث لن يصبح الأخير على الإطلاق.




    لا تعطي هذه الحضارة، في هذه الجانب حقاً للنظام الرأسمالي باحتكار التحكم في صناعة الإنسان الذي تريد حسب مواصفاتها، لأن الاحتكار فعلياً أصبح بحكم الملغى، من خلال تعميم تلك التقنية أولاً، ولأن المصانع الرأسمالية إذا أرادت أن تصنع بشراً يلبون رغبات مالكيها، فهذا الأمر لن يكون واقعياً لأن عليها أن تصنع نوعين من البشر: «نوع الأسياد»، و«نوع العبيد»، انسجاماً مع مفاهيم النظام الرأسمالي القائم على ثنائية «المنتج السيد والمستهلك العبد». فهل من الممكن أن تفعلها مصانع الرأسمالية لصناعة البشر حسب نظام «التحكم الجيني»؟




    لقد كانت فلسفة فوكوياما مفصَّلة على مقاييس فلسفة الشركات الكبرى، ونجاح فلسفة تلك الشركات كان مبنياً على أسس خطة متكاملة، خططوا من أجل بلوغه كشرط لازم له، أن يجتاحوا المفاصل الاستراتيجية في العالم بنوعيها، الجغرافي والاقتصادي. تلك الخطة التي شرعوا بتنفيذها منذ وصول المحافظين الجدد إلى استلام السلطة في أميركا. وكانت بداياتها الأسرع في بلاد البلقان وأفغانستان، ولم تكن لتحصل بمثل تلك السرعة من دون العون الدولي لمنظومة الدول الرأسمالية. لكنها وقفت عند عقدة العراق لأكثر من سبب لعلَّ أهمه إن لم يكن الأكثر تأثيراً هو عامل الشعور بالسيادة والعدالة عند من خطط لتفجير المقاومة في وجه الاحتلال.




    فلسفة المقاومة، قائمة على مفهوم السيادة، تؤسس لـبداية التاريخ على أسس أخرى





    كونها من أعاق تنفيذ المشروع، إن للمقاومة فلسفة مناهضة للمفاهيم الإمبراطورية والأصولية السياسية، وعماد تلك الفلسفة ومحورها، الشعور بالسيادة كعامل يتعلق بالحرية الإنسانية، السيادة سواءٌ أكانت بمفهومها الاجتماعي والسياسي أم بمفهومها الذاتي الفردي. وهي تمثل حالة تمرد على كل الأصوليات التي تعمل على تعميم ذاتها وتصديرها إلى الآخرين بحجة أوهام صلاحيتها لكل البشر.




    إن هدف فلسفة المقاومة التجدد الذي يستحيل أن يحصل من دون صياغة مفاهيم تصلح لبناء العلاقات الإنسانية القائمة على احترام القيم الإنسانية عند الإنسان، كعامل يسبق كل قيم عرقية أو دينية، وهي تمهد بذلك لصياغة علاقات إنسانية بين الشعوب كافة.




    فقيم المقاومة هي انقلاب على القيم الإمبراطورية والأصولية، واعتبار الإنسان أينما كان أخاً للإنسان.




    ليس مفهوم السيادة مفهوم عام ومطلق، بل للسيادة ترجمة في الواقع، وإن ابتدأت أصلاً من مفهوم الحرية الفردية، أي سيادة الإنسان على نفسه، فإنها تكتسب أعماقها الاجتماعية أيضاً بكون إنسانية الإنسان لا تتحقق إلاَّ داخل جماعة، والجماعة لا تستطيع أن تميز نفسها إلاَّ في إطار جغرافي يوفر لها عامل حماية اقتصادية وأعلاها مرتبة حماية مادية ضد كل مخاطر التهديد من جشع الخارج وأطماعه. وهذا الإطار الجغرافي ما يُعبَّر عنه بمصطلح الوطن.




    ونحن لا نستطيع أن نفهم وجود جماعة من دون ذلك الإطار. ولكن هل يتلازم هذا المفهوم، بالضرورة، مع نزعة الشوفينية والتعصب؟




    على الرغم من أن الفلسفات الدينية قديماً قد صنَّفت هذا الإطار في دوائر إعاقة تصدير إيديولوجياتها، فحاربتها. وأن الفلسفات الحديثة، كمفهوم الأممية الماركسية، قد انتقدت كل تكوين وطني أو قومي ووصمته بالشوفينية والتعصب، فجنَّدت جزءاً مهماً من دعوتها لمحاربته أيضاً، إلاَّ أن واقع الأمر كما نفهمه نحن ليس فيه ما يخيف الأصوليات الدينية ولا الأصوليات المادية، لأن التجمع البشري المتجانس هو مسألة طبيعية، ونزعة إنسانية فطرية، لا يمكن بترها. ففي بترها إعادة لتصنيع إنسان مثالي لا يعيش إلاَّ في مخيلات صانعيه. وهم أشبه بفوكوياما الذي أراد أن يُصنِّع الإنسان الأخير في المختبرات العلمية على مثال الأنموذج الرأسمالي. وهؤلاء الذين غلَّبوا نزعات الإيديولوجيا الأممية يعملون على تصنيع الإنسان الأخير في مختبراتهم الإيديولوجية. وكلاهما متساويان في ضخ أفكار صعبة التطبيق لأنها تتنافى مع أدنى النزعات الإنسانية في طلب السيادة والاستقلال.




    مفهوم السيادة ليس بالضرورة مفهوماً شوفينياً




    لكن هل في السيادة، بالمفهوم الوطني والقومي، ما يعرقل بناء علاقات أممية إنسانية؟




    إذا كانت السيادة نزعة فردية واجتماعية، فرد ينال حقوقه، أو مجتمع يحمي ذاته، فهي تبني مثالاً لعلاقات إنسانية سليمة في الوقت الذي تبني فيه علاقات سليمة بين أفرادها، وبهما يتم تشذيب التعصبية الفطرية من كل أنواع الشوفينية.




    وفي النتيجة، نرى أنه في تهافت الفلسفات الأصولية الدينية السياسية والأصولية المادية، أنموذجاً لتهافت أصولية المحافظين الأميركيين الجدد، هو إحياء لنزعة السيادة على المستوى الفردي والمجتمعي المتجانس. وهذه النزعة بدورها قد خاضت حروباً كثيرة استخدمت فيه عامل التضحية لتضييق الهوة بين قوة القوي وضعف الضعيف.




    في التاريخ البعيد والقريب أمثلة برهنت على صحتها في كل أنحاء العالم بشكل عام، وفي أمتنا العربية بشكل خاص، والأنموذج الأكثر وضوحاً لأننا نعايشه منذ خمس سنوات تقريباً يجري على أرض العراق، فهل يمكننا تجاهلها؟




    إن في سطوع البرهان ووضوحه، ما يدعونا لأن نعلن ليس تهافت نهاية التاريخ بالمفهوم الإمبراطوري الأميركي فحسب، بل تهافت نهاية التاريخ في مفاهيم الأصوليات الأخرى أيضاً. وفيه ما يدعونا إلى إعلان بداية تاريخ جديد من خلال الاعتراف المتبادل بسيادات الشعوب، كخطوة أساسية في بناء علاقات إنسانية عامة تقوم على احترام متبادل لسيادة كل شعوب الأرض قاطبة.




    فتحية للمقاومة الوطنية العراقية التي وأدت إيديولوجيا المحافظين الأميركيين الجدد في المهد.




    وتحية لها لأنها تؤسس، من خلال إيديولوجيتها الوطنية والقومية، لبداية أخرى في تاريخ العالم، فهي تؤسس، إذاً، لـ«بداية التاريخ».

  2. #2
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    (35): تهافت نهاية التاريخ أسبابه وأبعاده
    حسن خليل غريب فوكوياما يعلن تهافت «نهاية التاريخ» عند المحافظين الأميركيين الجدد

    أُحيي الأخويين كاتب وناقل المقالة ، وأُرحب بهما وأستأذنهما بوضع بعض علامات الاستفهام والتحفّظات -التي لا يمكن للقارئ أن يتجاهلها - حول الرسالة الفكرية التي يمكن قراءتها في هذه المقالة .!

    حيث تدور فكرة المقالة ورسالتها حول : فوكوياما ، والمحافظين الجُـدد بأميريكا ، والمقاومة العراقية .! والعلاقة بين هذه العناصر .!

    ولأننا هنا في ملتقى الواحة -لاسيما بواحة الفكر - نسعى لإبراز هويتنا العربية ورسالتنا الفكرية الإنسانية الإسلامية في صورة عالمية جديدة قادرة على المنافسة في ساحات الفكر والأدب والثقافة ؛ لذا وجب علينا أن ننتقد أنفسنا ونُـصحّح رسائلنا الفكرية قبل أن نُنتقد من الآخرين ، وقبل أن يُظَـنَّ بنا أننا نسخة مُكررة من القوالب الفكرية العربية الجامدة المألوفة التي لا تقرأ الواقع العالمي ولا تتفاعل معه كما ينبغي ، فعجزت بذلك عن فعل التغيير الذي ما انفكت تَعِـدُ به الأمة .!


    الأخوة الأفاضل :

    - فوكوياما ليس سياسياً ، وإنما هو كاتب ومُفكّـر أمريكي من أصل ياباني (كما هو الحال مع بعض المفكرين المسلمين الأمريكيين من أصول عربية ) ، وقد كان فوكوياما أحد المفكرين والمُنظّرين الأمريكيين الذين وقّـعوا على خطابٍ موجَّهٍ للرئيس الأمريكي السابق (كلِنتون) بضرورة تنحية (صدام حسين) لأنهم يرونه رمزاً بارزاً من رموز الدكتاتورية والفاشية (أي قبل ظهور المحافظين الجُـدد) .! ولا يُمكننا هنا أن نتجاهل الطائفة الكبيرة جداً من الشعب العراقي -داخل وخارج العراق -التي كانت تسعى وتتمنى زوال رأس وفكر النظام العراقي آنذاك وتصفه بالمجرم - بالضبط كما كان يفعل ويُفكّر فوكوياما .!
    ويجب أن نذكر هنا أيضاً أن فوكوياما كان قد عارض الكيفية التي انتهجها المحافظون الجُـدد للإطاحة بنظام صدام حسين ، أي أنه عارض الغزو العسكري للعراق منذ العام 2003 (أي قبل ظهور المقاومة العراقية) ، وكان قد صرّح آنذاك أنه سيُصوّت ضد إعادة ترشيح بوش العام 2004 .!
    - المقاومة العراقية التي يجري الحديث عنها ، (مع احترامنا وتقديرنا الكبير للتضحيات النبيلة منها ) إلا أنها لا تعدو- في كثير من أوجهها - أن تكون تفجيرات عشوائية هنا وهناك لا تُفـرّق بين عراقي وأمريكي ، وقد أضرّت تلك المقاومة بالشعب العراقي ووحدته -أكثر مما تضرّر بها الأمريكيون . وهي إلى جانب ذلك تفتقر إلى الواجهة السياسية والفكرية المفهومة ، و تفتقر إلى الصبغة العراقية الخالصة والمُوحّـدة ، كما أنها لم تحظَ بالإجماع والتأييد الشعبي لها .!
    - المُحافظون الجُـدد يجب ألا نحسبهم على الشعب الأمريكي ولا على المُفكّـر الأمريكي ، فهم قد أضرّوا بمصالح ومكانة أميريكا ، بنفس القدر الذي أضرّوا فيه بالشعوب الأخرى وبالمكاسب الإنسانية الحضارية للعالم أجمع .!
    ( يجب التفريق بين فشل المحافظين الجُدد بسبب سوء سياساتهم وبسبب كثرة أعدائهم ، وبين تراجع فوكوياما عن تأييده لهم بعد أن اتضح له الفرق الكبير بين فكره وحقيقة توجهاتهم -الأمر الذي حصل قبل هزيمتهم وقبل ظهور المقاومة ) .

    فإذا كان فوكوياما قد عبَّر عن شوفينيته بمصطلح «الإنسان الأخير» الذي يعني الإنسان الذي يؤمن بالإيديولوجيا الرأسمالية المعاصرة، فإن غيره قد عمَّم مصطلحات أخرى تحمل المفهوم ذاته، شكلاً وروحاً، كمثل تفوق «الرجل الأبيض»، أو«خير أمة أخرجت للناس»، أو«شعب الله المختار»، أو«صفاء العرق الآري»، و... و...

    في هذه الجزئية من المقالة يوجد خلط فكري وتشبيه غريب - غير مُنصفَين .! يجب التنبّه لهما .!

    ومن قبيل الحظ أن شعب الولايات المتحدة الأميركية هو الذي يدفع من جيبه ومن دمه، و إلاَّ لكانت كل الجرائم التي يرتكبها أباطرة الشر الأميركيين، مدعومين بأباطرة المافيات عابرة القارات، نسياً منسياً.
    هنا مغالطة أخرى في حق الأحرار والمنصفين من الشعب الأمريكي . حيث أننا نعلم جميعاً أن الحرية التي يتمتع بها الإعلام الأمريكي ، ووجود المتحضرين والمنصفين والشرفاء من الأمة الأميريكية هو ما أدى إلى كشف الجرائم في سجن أبوغريب - مثلاً ، وقد كان ذلك في أوج غرور المحافظين الجدد بنصرهم في العراق ، وفي أوج دعم الشعب الأمريكي لهم ( مدفوعاً بصدمته من أحداث سبتمبر 11 \ 2001 ) .
    فليس من الإنصاف أن نُحيل كل إيجابياتهم وتضحياتهم إلى الحظ والصُدف .

    فإذا كانت الحضارة المادية، التي أنجزت خطوات نوعية ومتقدمة لخير البشرية، هي المقياس الذي كال به فوكوياما نظريته، وجعلته على مقدار من الانبهار، يسمح له بتعميمها وفرضها على البشرية، فهو قد قصَّر عن بلوغ الحقيقة لأن بناء تلك الحضارة لا يجوز أن يعطي الحق لأصحابها بالسيادة على البشر، فالله لم يأمر بسيادة شعب على شعب آخر تحت أي ذريعة كانت. وإذا كان العكس هو الصحيح فلِمَ خلق مع الإنسان، كل إنسان قيمة الحرية والعدالة؟

    هنا تبرز إشكالية ذات طابع ديني وفكري ؛ حيث أن المتطرفين المسلمين الموجودين بقوة وبأعداد كبيرة -على الساحتين الفكرية والقتالية - الإسلاميتين - هم الآخرون يُنادون بغزو كل البلدان غير المسلمة ، ويعتقدون بضرورة سيطرة المسلمين بإسلامهم على العالم ، ويقولون بكل وضوح إنه على غير المسلمين أن يدفعوا الجزية للمسلمين - وهم صاغرون .!
    فهل نتوقع من الآخرين أن يسمحوا لنا بامتلاك القوة التي سنستعبدهم بها .!

    وبما أن فوكوياما ليس مسلماً ، فهو يعتقد من وجهة نظره (ومن حقه ذلك-كإنسان ) أن النظرية الرأسمالية التي أثبتت نجاحها على أرض الواقع في الاستقرار والتقدم والرفاهية لشعوبها -عن طريق الديمقراطية والحرية الفردية في الغرب ، وهي التي هزمت النظرية الشيوعية الاشتراكية -المنافس القوي لها .. يعتقد ويرى أنها الأصلح والأقدر على البقاء ، وأنها ستكون خيار البشرية وفق المعطيات المنطقية العملية على أرض الواقع .
    ولا أعتقد أن مُفكّراً حُـراً بحجم فوكوياما قد دعا أو أنه سيدعو أو يُنظّـر لسيطرة شعب على شعب .!

    ونحن سنعمل على دحض تلك الادعاءات، مستندين إلى العوامل ذاتها التي أوقفت مشروع اجتياح العالم. والعوامل ليست إلاَّ رزمة واحدة تجمعها عامل المقاومة والمواجهة، وعوامل المقاومة مستندة إلى عامل إنساني غريزي عنوانه الحرية والكرامة والاستقلالية الإنسانية.

    هنا أودُّ التأكيد على ضرورة إعادة قراءة مفهومي نحن و المقاومة .! فالمقاومة من حيث المبدأ هي عمل شريف نبيل شجاع ، وهي حق لكل مظلوم - لا غبار عليه .!
    أما نحن فهو مفهوم تعميمي كبير ، حيث أنه لا يوجد في العالم العربي والإسلامي إجماع على مفهوم (نحن) .
    أما استغلال القاعدة وإيران لمأساة الشعب العراقي من أجل تمرير مخططاتهم وأفكارهم وأيديولوجياتهم ، ومن أجل تصفية حساباتهم مع أميريكا .. فهذا ما حصل على أرض العراق وخلط الأوراق ، وهذا ما شوّه المقاومة في العراق وجعل لها أكثر من تعريف وأكثر من هدف وأكثر من عدو وأكثر من نتيجة .!


    علينا ألا ننسى وألا نتجاهل حقيقة أن الصراع والصدام بين بني البشر هو من سُنن الله ومن طبيعة البشر التي فُطروا عليها ، وأنه سيبقى إلى ما شاء الله ، وألا ننسى أن الكل يرفع شعار رفاهية الإنسان وحريته من أجل كسب ود الناس ودعمهم ، ولكن لا أحد يمكنه أن يكفل تحقيقه ، ولا أن يضمن استمرار الاستقرار والتعايش السلمي بين بني البشر -حتى داخل الوطن الواحد ، وأن الحكمة تبرز في كيفية إدارة الصراع بأقل خسائر وبأقل مساس بكرامة الإنسان ؛ أما حسم النزاعات البشرية بصفة دائمة وضمان الاستقرار والرخاء الأبدي والحياة الملائكية على الأرض - فذلك لم يأذن به الله ، ولا يجوز لإنسان عادي أن يـدّعي القدرة على تحقيقه .

    يطول بنا الحديث في خضم هذه الأفكار والتباساتها .. فعذراً عن الإطالة .!

    أهلاً بك أخي الفاضل \ محمد دغيدى
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  3. #3
    الصورة الرمزية عبدالملك الخديدي شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 3,954
    المواضيع : 158
    الردود : 3954
    المعدل اليومي : 0.60

    افتراضي

    بارك الله فيك اخي الكريم : محمد دغيدي
    وبارك في الاستاذ : أبوبكر الزوي على مداخلته الرائعة على الموضوع ’ وتوضيحه لبعض النقاط.
    ولكن بخصوص المقاومة في العراق التي ذكر الاستاذ ابو بكر بأنها اضرت بالشعب العراقي.
    والحقيقة أنها قلبت الطاولة في وجه الاحتلال الأمريكي ووقفت حجر عثرة وعقبة لا يمكن تجاوزها في طريق مخططات الكيان الصهيوني والإدارة الامريكية.
    وكون أنها ليست منظمة وعشوائية ، فهذه طبيعة المقاومات لأنها تخضع للعاطفة الشعبية وكذلك لصعوبة وجود قائد موحد لجميع فئاتها .. ولكنها في النهاية مقاومة شعبية.
    من هنا نرى أن المقاومة واجب وطني وقومي وحق مشروع لكل شعوب الأرض.
    تحيتي وتقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    بداية أنا لا أعترف بأن هناك "مصطلح " يسمى محافظين جدد ، فالادارة الامريكية ومنذ نشأتها وهي كما هي ، لم تبدل ولم تغير في استراتيجيتها والتي ترتكز على استعباد الشعوب وتسخير مقدراتها لصالحها ، منطلقة من فكرة أساسية وهي السيطرة والاستحواذ ، ولا أدري حقيقة كيف يمكن أن نفرق بين هذه الإدارة والإدارات التي سبقتها من حيث المنهج والاسلوب الذي اتبعته في التعاطي مع أمم العالم قاطبة ، وعلى اية حال يجب علينا أن نفرق بين الحاكم والمحكوم فإذا كان أغلبية الشعب الأمريكي متحضرين وشرفاء ومنصفون ولديهم إعلام شريف ونزية فلماذا لم تتغير سياسات هذه الإدارات المتعاقبة ؟
    لقد رأينا في بلادنا وفي كثير من بلاد العالم مثل (التشيلي ، الأرجنتين ، كوبا على سبيل المثال لا الحصر ) كيف ثارت تلك الشعوب في وجه الظلم والإستبداد في وجه حكامها المدعومين من الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، وارتكبت في حقهم مجازر بشعة ورهيبة (بعلم الإدارات المتعاقبة) وما زال حتى الآن الآلآف منهم في عداد المفقودين ، فماذا فعل هؤلاء المنصفين والمتحضرين ، جزء من الشعب الأمريكي وحتى نكون منصفين لا يجب أن نحمله مسؤولية ما حدث ويحدث الآن ، ولكننا في الوقت نفسه نسأل : إلى أي مدى يهتم هذا الشعب بمآسينا والكوارث التي تسببت بها أدارتهم .
    وهنا لا بد من الإشارة إلى أمر مهم حصل في الحرب العالمية الثانية فإثر ضربة "بيرل هاربر" عام 1942 التي تمكن خلالها الطيران الياباني من تدمير الأسطول الأميركي في المحيط الهادئ والذي كان يرابط في ميناء "بيرل هاربر" صبّت السلطات الأميركية جام غضبها على اليابانيين القاطنين في الولايات المتحدة، خاصة في جزر هاواي والشاطئ الغربي الأميركي، فقد جمع ما يزيد على المائة ألف من هؤلاء ونقلوا إلى أماكن نائية في داخل الولايات المتحدة حيث زجّ بهم في معسكرات اعتقال ظلوا محتجزين فيها إلى مابعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بعد أن ألصقت بهم، ظلماً وعدواناً، تهمة الخيانة والعمل كجواسيس لليابان، بلدهم الأصلي ، وهذا الأمر يحصل مع العرب والمسلمين إثر أحداث 11 سبتمبر فأين هؤلاء المتحضرين والمنصفين وهل هم مستعدين إلى تحمل مسؤولياتهم ؟ وماذا تغير منذ ذاك الوقت وحتى الآن .. لا شيء ، فالأمريكي يهتم أولاً وآخرًا بنفسه ومن يريد التغيير ليس مستعدًا لتقديم التضحيات والشعور النبيل لا يسمن ولا يغني من جوع.
    أما القول (المقاومة العراقية التي يجري الحديث عنها ، (مع احترامنا وتقديرنا الكبير للتضحيات النبيلة منها ) إلا أنها لا تعدو- في كثير من أوجهها - أن تكون تفجيرات عشوائية هنا وهناك لا تُفـرّق بين عراقي وأمريكي ، وقد أضرّت تلك المقاومة بالشعب العراقي ووحدته -أكثر مما تضرّر بها الأمريكيون .) فهذا غير صحيح ، فالجميع يعرف أن أيدي المخابرات تعبث هنا وهناك من أجل تشويه صورة المقاومة العراقية ، ولو سألنا أنفسنا هذا السؤال : ماذا ستستفيد المقاومة العراقية من تفجير سوق شعبي مثلاً يعج بالأطفال والنساء ، قطعًا لن تستفيد شيئًا بل سوف تستعدي الشعب ليقف في المحصلة النهائية ضدها ، ويقول بصوتٍ ـ مللنا وارحلوا عنا ـ ولا أظن أن أي مقاومة في العالم ممكن أن تلجأ إلى مثل هذه الأعمال الإرهابية ضد شعبها ، وهنا يجب أن لا ننسى أن الهدف من هذه الأعمال إنما يراد منها الفتنة وإحداث الفوضى ، وفي النهاية أقول اسألوا أمريكا !!!
    فأمريكا مستعدة للتفجير والتخريب وإحداث الدمار حتى ولو راح ضحيتها أحيانًا بعض الأفراد من الأمريكيين ، فالغاية تبرر الوسيلة ولا بأس بذلك ، والصهيونية العالمية ارتكبت في السابق مثل هذه الأعمال ضد اليهود انفسهم من أجل إستعطاف العالم وإظهار مدى الظلم والإضطهاد الذي يتعرضون له.
    أما القول ( هنا تبرز إشكالية ذات طابع ديني وفكري ؛ حيث أن المتطرفين المسلمين الموجودين بقوة وبأعداد كبيرة -على الساحتين الفكرية والقتالية - الإسلاميتين - هم الآخرون يُنادون بغزو كل البلدان غير المسلمة ، ويعتقدون بضرورة سيطرة المسلمين بإسلامهم على العالم ، ويقولون بكل وضوح إنه على غير المسلمين أن يدفعوا الجزية للمسلمين - وهم صاغرون .!
    فهل نتوقع من الآخرين أن يسمحوا لنا بامتلاك القوة التي سنستعبدهم بها .!) هذا الأمر يحتاج إلى الدراسة والتحليل ويحتاج إلى أن نعود له مرة أخرى ، ومما يدعونا إلى هذا القول هو ما تفضلت به إخي الحبيب (أما استغلال القاعدة وإيران لمأساة الشعب العراقي من أجل تمرير مخططاتهم وأفكارهم وأيديولوجياتهم ) فهل سمعنا يومًأ بوجود ما يسمى القاعدة في العراق قبل ان يأتي هذا المحتل ويدعي أنه "إله التحرر" في العالم
    الأخوة الاعزاء / محمد دغيدي / أبوبكر الزوي / عبد الملك الخديدي شكرًا لكم على سعة صدوركم وبارك الله فيكم .
    تقديري واحترامي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5

  6. #6
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    الأخوة الأفاضل جميعاً ، السلام عليكم .
    أقول ، وبكل صدق ، إنه قد سـرّني كثيراً هذا التعاطي والتفاعل الجاد مع هذا الموضوع الهام ، رغم تحفظاتي على ما قرأت في بعض الأفكار والرؤى في ردود الأخوين الكريمين - واللذين أحترمهما ، وأتشرّف بزمالتهما ، وأحترم وجهات نظرهما ، وأنا أعلم وأؤمن بأن الأختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية - ولكن أقول قرأت ما أكّـد لي بعضاً مما كنت أعتقده وأخشاه دائماً ؛ وهو أننا لانزال بعيدين بعض الشيء عن سبيل الحوار المُنصف ، والطرح الناضج ، والنقد الذي يبحث عن جوهر الأمر وسر المأساة وطريق النجاة - بعيداً عن التعصب الثقافي والفكري ، ودونما تحامل على الآخر ، وبلا ظنون بنوايا المحاور .!
    ذلك الحوار الذي نفتقده نحن العرب المسلمين ، والذي لو وصلنا له فإنه سيكفل لنا الوصول إلى تعريفٍ سهلٍ وفهمٍ سليمٍ لما يدور من حولنا في العالم ، ويرشدنا إلى سبيل العودة إلى التاريخ الذي نكاد نخرج منه ، ويكفل لنا البقاء في الجغرافيا التي نوشك أن نخسرها .
    ذلك الحوار الذي لا يغفل ولا يتجاهل الحقائق على أرض الواقع ، والذي ينظر إلى الأمور بعين الموضوعية .
    إخوتي الأحبة ، لو أن رسالة المُفكّـر والكاتب والمثقف هي تمجيد وتحية وتبجيل وتبييض كل ما هو وطني وغض الطرف عن عيوبه .! وتجريم وسب وذم كل ما هو أجنبي وتجاهل الواقع .! إذن لكنا قد توحدنا منذ زمن بعيد ، وكنا قد حررنا أراضينا المحتلة وقضينا على الفقر والجهل والتخلف في مجتمعاتنا .!
    أرجو أن نتذكر أن رسالتنا هي أن نراقب مجريات الأمور ، ونتحاور حولها بموضوعية ومسئولية ، ونتبادل الأفكار ونقرأ الدوافع الكامنة وراء الأحداث ، ونَصِفُ الواقع كما نراه ، دون أن ننسى أن المقاومة لا تستمع لنا ولا تستشيرنا ، وأن أميريكا ليست في حاجة إلى من يُدافع عنها .!
    إننا نهدف إلى تنوير العقل العربي المسلم بحقائق الأمور من أجل وضعه أمام مسئولياته ، ولكن دونما تفكير نيابة عنه ، ودونما توجيه أو استغفال له بحجب بعض الحقائق ، ودونما تجاهل لإيجابيات الخصم ، ودونما تغطية على عيوبنا ومآسينا الفكرية والثقافية الظاهرة للعيان .!

    وكون أنها ليست منظمة وعشوائية ، فهذه طبيعة المقاومات لأنها تخضع للعاطفة الشعبية وكذلك لصعوبة وجود قائد موحد لجميع فئاتها .. ولكنها في النهاية مقاومة شعبية.
    من هنا نرى أن المقاومة واجب وطني وقومي وحق مشروع لكل شعوب الأرض.
    من قال أن المقاومة ليست حقاً مشروعاً لكل الشعوب .؟
    ما أقوله أنا هو أن الأمور تُحسب بالنتائج ، وأن المقاومة المسلحة العشوائية التي يختلط فيها الحابل بالنابل ، وتخلط الأوراق ، ويسهل اختراقها واستغلالها أوتلويثها ، هي مقاومة سلبياتها أكثر بكثير من إيجابياتها .
    وتشرذم المقاومة وتشتتها هو خلل ثقافي فينا نحن ، وذلك يحصل في العراق كما في فلسطين ، ... .!
    ولنا العبرة في المقاومة الفياتنامية ، وفي جنوب أفريقيا ، والصين إبّان الاحتلال الياباني ، ..!
    حيث يثبت لنا أنه ليس صحيحاً أن العشوائية والعاطفية وعدم وجود القيادة الموحدة هو شأن كل المقاومات .!
    أما الأستعمار اليوم فهو استعمار سياسي وفكري وثقافي واقتصادي ، ومقاومته لا تكون ناجحة إلا باستخدام سلاح الفكر .
    لأن الاستعمار والاحتلال العسكري الدائم المباشر ، لم يعد ممكناً في عصرنا - سواء بوجود مقاومة أو بدونها .

    بداية أنا لا أعترف بأن هناك "مصطلح " يسمى محافظين جدد ،
    هذا طرح غريب .!
    حيث أن مصطلح المحافظين الجدد موجود وبقوة على الساحة الفكرية والإعلامية في أميريكا ، وترجع أصوله إلى أربعينيات القرن الماضي - كما تقول كتب التاريخ ، وقد تناوله العديد من كتابنا ومفكرينا -
    أذكر منهم على سبيل المثال الأستاذ الدكتور شاكر النابلسي .
    والمحافظون الجدد Neo Cons هم معتنقو أو مؤيدو التيار الفكري الأيديولوجي الذي أسسه المفكر والأستاذ الجامعي الألماني ليو ستراوس ، الذي هاجر إلى أميريكا العام 1938 ، وهو تيار فكري له أنصار كُثر - رغم أنه ليس حزباً سياسياً منظماً- وهو فكر يتبنى العديد من الأسس والرؤى من أجل تنظيم العلاقات بين الدول والشعوب ، والتي من أهمها ضرورة وجود أميريكا القوية القادرة على حفظ الأمن والاستقرار العالمي ، وضرورة إنهاء أنظمة الحكم الفردية المستبدة بالسلطة وذات التوجهات التوسعية ، وكذلك يتبنى فكرة أن الدين ينبغي أن يُستعمل لقيادة الشعوب ، وألا تلتزم به الشريحة الحاكمة ... الخ .
    وقد أحيا الليبراليون التنويريون في أمريكا اليوم - هذا المصطلح ، وأطلقو على مؤيدي ومُنظّري سياسة بوش التي تعتمد القوة نهجاً لها في التعامل مع القضايا الدولية .!
    ولا ننسى هنا أن نذكر أن الغباء السياسي والجهل العسكري الياباني والغطرسة اليابانية في حينها - في حادثة هجوم بيرل هاربر ، كانت قد رسّخت وأيّدت فكر المحافظين الجدد وهو في بداياته ، وأكسبته شعبية وربما شرعية .
    حيث أن اليابان كانت آنذاك قد أعلنت تنصّلها وانسحابها من اتفاقيات واستحقاقات عُصبة الأمم ، حتى يتسنى لها غزو واحتلال ما تطاله من أراضي الشعوب الضعيفة من حولها .
    وقد كانت اليابان في طريقها لاحتلال وقتل وتشريد كل دول وشعوب آسيا - متحالفة مع النازية في ألمانيا ، بشكل علني وبدافع الاستعلاء العرقي ، واحتقار الآخرين .
    وقد ضربت اليابان الأسطول الأمريكي ، فأعطت بذلك لأميريكا السبب لدخول الحرب العالمية الثانية ، وتدمير القوة اليابانية والألمانية .
    ولم تكن اليابان تدافع عن الحرية والعدالة عندما هاجمت الأسطول والقواعد الأميريكية ، وإنما كانت تقودها عصابة من القتلة المجرمين المستهترين بالقيم والمثل ، والذين لم يكونوا في حاجة إلى سبب للقتل والاحتلال .!
    وكما ساعد هجوم اليابان على بيرل هاربر - في نشاط وانتشار فكر المحافظين ، كذلك فعل هجوم سبتمبر 11 \ 2001 .

    ولو سألنا أنفسنا هذا السؤال : ماذا ستستفيد المقاومة العراقية من تفجير سوق شعبي مثلاً يعج بالأطفال والنساء ، قطعًا لن تستفيد شيئًا بل سوف تستعدي الشعب ليقف في المحصلة النهائية ضدها ، ويقول بصوتٍ ـ مللنا وارحلوا عنا
    ظهور ما يُعرف بمجالس صحوة الأنبار والفلوجة وغيرها ، وشهود العيان الذين تعج بهم محطات التلفزة ، والمواقع الالكترونية التي تتبنى تلك العمليات ، وعمليات التهجير والانتقام المتبادلة بين الطوائف المختلفة ، ورجال الدين من الطائفتين الذين يُحمّل كل منهم الآخر المسئولية عن الفتنة - ويُظهر الأدلة الدامغة ..! هل هذه من صنع الأستخبارات ، وهل كانت ستحصل لولا عشوائية المقاومة .؟


    فهل سمعنا يومًأ بوجود ما يسمى القاعدة في العراق قبل ان يأتي هذا المحتل ويدعي أنه "إله التحرر" في العالم
    نعم هذا صحيح ، فقبل دخول أميريكا للعراق ، ما كان للقاعدة وجود هناك !

    ولذلك أخي الفاضل ، أقول أن جُلَّ ما يجري في العراق هو تصفية حسابات بين أميريكا والقاعدة . وأنا لا أُبـرّر بأي حال من الأحوال احتلال أميريكا للعراق ، ولا إسقاط النظام بهذه الصورة المهينة للعرب والمسلمين .!
    ولكني أقول إننا نجهل كيف تـُدار الصراعات .!
    ونتجاهل أننا في عالم الأقوياء لا نعدو أن نكون مناطق نفوذ .!
    وعلينا أن نـُدرك أن احتلال أميريكا للعراق وتدميره كان بالإمكان تفاديه بشيء من الحكمة ؛ حيث أن الصراع الأساسي هو صراع استراتيجي أكبر من صدام حسين وأكبر من المقاومة ، إنه صراع بين أميريكا وروسيا والاتحاد الأوربي والصين - على مستقبل النفط .!
    فعندما تـُدرك أميريكا أن العراق سيُبرم اتفاقيات اقتصادية نفطية كبيرة وطويلة الأمد - مع غريمتها روسيا أو الصين- تضر بمصالحها الاستراتيجية ، فسيكون الخيار أمامها إما احتلال العراق الآن وتوثيقه بمعاهدات تكفل لها إمدادات النفط ، أو مواجهة روسيا أو الصين مستقبلاً - التي تستعد لدخول العراق عبر اتفاقيات .!

    أخيراً أود التذكير والمقارنة ، بين الثقافة العربية ، والثقافة الصينية ..!
    حيث أن الصين قد استعادت هونغ كونغ دون حرب ، بعد أكثر من مئة سنة من الاحتلال الانجليزي لها ، في حين أنها تمتلك كل مؤهلات المواجهة والنصر .!
    والآن نرى الصين ، كيف تتعامل مع قضية تايوان ، التي يمكنها احتلالها في يوم واحد .!
    ونرى كيف أن الصين القوية ، لم تقطع حبل الود والحوار وتبادل المصالح مع أميريكا ، رغم أن أميريكا هي التي تدعم استقلال تايوان .!
    ذلك لأن منطق العصر يقول أن العبرة بالنتائج ، وأنه طالما وُجد مجال للفكر فيجب استبعاد القوة ، وأن الاعتماد على القوة المادية (السلاح)هو دليل على ضعف الجانب الفكري وخلل في الجانب الثقافي .!

    أشكركم جميعاً على هذا الحوار الجميل .

    أهلاً وسهلاً بكم أصدقاء وزملاء دائماً .

  7. #7
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    في البداية أود أن أحيي الزميل العزيز أبوبكر سليمان الزوي على مداخلته القيمة ، وأود أيضًا أن تكون مداخلتي وللمرة الثانية منصبة حول ما تفضل به أخي العزيز.
    يبدو ان طريقة العرض لم تكن موفقة من قبلي عندم قلت انني لا أعترف بمصطلح يسمى محافظين جدد ، وهذا الأمر يبدو أنه أثار استغراب الأخ الكريم ...
    [هذا طرح غريب .! ]
    لي سؤال .. هل يوجد فرق بين الديمقراطيون، والجمهوريون، والصقور والحمائم، هل هناك فرق بين ما يسمى باليمين المتطرف واليمين المعتدل والوسط ، من يحكم أمريكا ، هل يوجد غير هؤلاء ، إذن ما الفرق بينهم ؟ ، ما الفرق في توجهاتهم ؟ ، لا فرق بينهم ، فقط الأسماء تتغير ، ،( وحتى نكون عادلين فربما يكون هناك بعض الاختلافات في الأمور الداخلية للدولة ) أما سياستهم، وتوجهاتهم الخارجية ( وخصوصًا فيما يتعلق بقضايانا ) فهي واحدة ، وهذا ما قصدته بعدم اعترافي بهذا المصطلح ، نعم هناك ما يسمى بالمحافظين الجدد ، ولكنني أسأل هذ السؤال لو لم يكن المحافظين الجدد في البيت الأبيض هل كانت سياسة أمريكا ستتغير ؟ طبعًا لن تتغير ، وما يؤيد مقولتي هذه هو قولك ..
    [وقد أحيا الليبراليون التنويريون في أمريكا اليوم - هذا المصطلح ، وأطلقو على مؤيدي ومُنظّري سياسة بوش التي تعتمد القوة نهجاً لها في التعامل مع القضايا الدولية ]
    متى كانت أمريكا لا تعتمد القوة نهجًا لها في التعامل مع القضايا الدولية وعلى سبيل المثال الحصر معنا نحن ...
    [ولم تكن اليابان تدافع عن الحرية والعدالة عندما هاجمت الأسطول والقواعد الأميريكية ، وإنما كانت تقودها عصابة من القتلة المجرمين المستهترين بالقيم والمثل ، والذين لم يكونوا في حاجة إلى سبب للقتل والاحتلال .! ]
    هذا أدق وصف سمعته وينطبق تمامًا على أمريكا ، نعم فمن يحكم الآن سوى القتلة والمجرمين ، ومن كان يحكم قبلهم ، نفس السياسة ونفس الاسلوب في التعاطي مع قضايانا بالذات ومع من هم على شاكلتنا ومن حالهم مثل حالنا ، فإذا كانت اليابان ليست في حاجة إلى سبب للقتل والاحتلال فأمريكا والحمدلله أعلنتها صراحة ، نحن في حاجة للقتل والاحتلال ومن يرى غير ذلك فعليه أن يقدم الدلائل والبراهين التي تثبت عكس ذلك .
    وسؤالي هل كان حكام اليابان في ذلك الوقت محافظين جدد فأعمالهم لا تختلف عن أعمال غيرهم ، وهل كان حكام بريطانيا واسبانيا وإيطاليا إبان غزو العراق ومن قبله أفغانستان محافظين جدد ، فكلهم أيدَ سياسة أمريكا وساعدها في تمرير سياستها وتنفيذها أيضًا .
    [ظهور ما يُعرف بمجالس صحوة الأنبار والفلوجة وغيرها ، وشهود العيان الذين تعج بهم محطات التلفزة ، والمواقع الالكترونية التي تتبنى تلك العمليات ، وعمليات التهجير والانتقام المتبادلة بين الطوائف المختلفة ، ورجال الدين من الطائفتين الذين يُحمّل كل منهم الآخر المسئولية عن الفتنة - ويُظهر الأدلة الدامغة ..! هل هذه من صنع الأستخبارات ، وهل كانت ستحصل لولا عشوائية المقاومة .؟]
    نحن هنا نتكلم عن المقاومة التي توجه سلاحها نحو المحتل ، وفي بلد مثل العراق متعدد الطوائف تصبح مقولة (عشوائية المقاومة )غير دقيقة ، نعم هناك عمليات قتل وتهجير لكن هل السبب هو المقاومة ، وهل المقاومة هي السبب في الحرب المشتعلة بين الطوائف ، إن تحديد المسؤولية بهذا الشكل هو تشخيص غير دقيق وخصوصًا في ظل ظروف سيئة يمر بها بلد انتهكت حرماته ودمرت بنيته التحتية ، وشرد أهله ،وعلى يد عدو مجرم لا يعرف الرحمة ولم يسمع بها ،وليست من ضمن قاموسه أصلاً ، وفي بلد يوجد فيه الآن أعتى المجرمين والمرتزقة ، ولكل يعيث فسادًا فيه .
    [نعم هذا صحيح ، فقبل دخول أميريكا للعراق ، ما كان للقاعدة وجود هناك .
    ولذلك أخي الفاضل ، أقول أن جُلَّ ما يجري في العراق هو تصفية حسابات بين أميريكا والقاعدة . وأنا لا أُبـرّر بأي حال من الأحوال احتلال أميريكا للعراق ، ولا إسقاط النظام بهذه الصورة المهينة للعرب والمسلمين .!]

    القاعدة مشكلتنا الكبرى ، نعم هذا الوصف هو أكبر مشكلة واجهتنا في هذا القرن الجديد ، فكل ما يجري الآن سببه القاعدة ، ولو أرادت أي دولة في العالم أن ترتكب أي عمل فسوف يكون المبرر جاهزًا ، نحن نلاحق القاعدة ، وكأن القاعدة تستطيع أن تتحكم في مقدرات الأمور كما تشاء .
    إذا سمعنا حديثًا عن انسحاب أمريكي محتمل من العراق يخرج إلينا أحد الجنرلات قائلاً القاعدة ما زالت تشكل تهديدًا كبيرًا ، وإذا أراد بوش أن يمرر سياسة معينة في الكونغرس ،(طلب أموال أو جنود اضافيين) يحتج بخطرالقاعدة ، وحتى يخيفوا الشعب الأمريكي يخرج علينا وزير الأمن الوطني أو الس آي أيه ويقول هناك معلومات عن عمليات إرهابية ستقوم بها القاعدة في أمريكا ، وبين الحين والآخر نسمع شريطًا بصوت أسامة بن لادن وفيه ما فيه فترتفع شعبية بوش ، ثم تهبط ويرتفع سعر برميل النفط ثم يهبط ، وكل من يراقب الأمور سيجد أن هناك مهزلة كبرى ومسرحية ساخرة ما زالت فصولها مستمرة ولو قدر لنا أن نعيش حتى العام2100م سنجد شريطًا وبصوت أسامة بن لادن يصف أحداث ذلك العام وبدقة متناهية فهل سيعيش أسامة لذاك الوقت ؟
    يستخفون بعقولنا ويصورون الأمور حسب ما تقتضيه مصالحهم ،ومخابراتهم تفعل ما يحلو لها وكأن القاعدة جيشًا كبيرًا منظمًا يمتلك الامكانيات الهائلة وبوسعه أن يفعل ما يريد ، ترى كم عملية قامت بها القاعدة ( إذا كانت فعلاً هي من قامت بها) ولماذا لم نسمع أو نشاهد أمريكا و غيرها تعاني الويلات من عمليات القاعدة (رغم اعتراضي أصلاً على أسلوب القاعدة في ما فعلته في 11 سبتمبر وعلى كثير من الأمور ).
    إن القول بخصوص ما يجري في العراق هو تصفية حسابات بين أمريكا والقاعدة يعطي القاعدة حجمًا أكبر من حجمها الفعلي ، فليس كل من يصلي ويحمل السلاح في وجه أمريكا هو من القاعدة ، فهذا يكره أمريكا وذاك يكره أمريكا وتقاطع المصالح لا يعني أن الكل سواء ومجرد اسداء النصائح من أسامة بن لادن للمقاومة في العراق لا يعني أنه زعيمهم ، ورأينا كيف أن حماس وفتح في فلسطين على سبيل المثال وضعت حدًا لمثل هذه التوجيهات وقالت له أهل مكة أدرى بشعابها وفعلوا خيرًا حتى لا تنطبق المهزلة أيضًا على المقاومة فلسطين ، لكن أمريكا لم تكن قليلة الحيلة فألصقت بالمقاومة بعد أن حاصرتها من كل الجهات تهمة التعاون مع إيران ولعل الأيام القادمة تجعل أمريكا تثبت وبالبرهان الساطع أن الشيخ أحمد ياسين رحمه الله (كان شيعيًا ) فسلاح الإعلام بيدها ولها أن تفعل ما تشاء، والإنسان العادي في أمريكا لا يرى أبعد من شاشات التلفاز فمنها يستقي كل معلوماته ومنها يكون رأيه وتتشكل قناعاته .
    [فعندما تـُدرك أميريكا أن العراق سيُبرم اتفاقيات اقتصادية نفطية كبيرة وطويلة الأمد - مع غريمتها روسيا أو الصين- تضر بمصالحها الاستراتيجية ، فسيكون الخيار أمامها إما احتلال العراق الآن وتوثيقه بمعاهدات تكفل لها إمدادات النفط ، أو مواجهة روسيا أو الصين مستقبلاً - التي تستعد لدخول العراق عبر اتفاقيات .!]
    هذا يعني أنه وحتى لو لم يكن( المحافظين الجدد ) في البيت الأبيض فسياسة أمريكا لن تتغير وهذا يعني ان هذا المصطلح( المحافظين الجدد) الذي أحياه الليبراليون التنويريون في أمريكا ينطبق على كل فعل يعتمد القوة كمنهجًا في التعامل مع القضايا الدولية ،(ومتى تخلت أمريكا عن هذا المنهج!!) وهذا يثبت أن أمريكا لديها أسباب للقتل والاحتلال بخلاف اليابانيين في أربعينيات القرن المنصرم.
    [أخيراً أود التذكير والمقارنة ، بين الثقافة العربية ، والثقافة الصينية ..!حيث أن الصين قد استعادت هونغ كونغ دون حرب ، بعد أكثر من مئة سنة من الاحتلال الانجليزي لها ، في حين أنها تمتلك كل مؤهلات المواجهة والنصر .!]
    المقارنة لا تصح هنا ، فأين نحن من الصينيين ، وأين الصينيين من ثقافتنا العربية ، وبالفعل كنت أود أن أخوض في الحديث حول هذا الأمر لكن الوقت لا يتسع خصوصًا وأنني أكتب من مقهى إنترنت ، ولكن ربما أعود إليه في وقت آخر .
    [ذلك لأن منطق العصر يقول أن العبرة بالنتائج ، وأنه طالما وُجد مجال للفكر فيجب استبعاد القوة ، وأن الاعتماد على القوة المادية (السلاح)هو دليل على ضعف الجانب الفكري وخلل في الجانب الثقافي ]
    الواقع الذي نعيشه يخالف هذه المقولة ، والاستشهاد بتايوان لا أتفق معك فيه.
    أخي الفاضل أبو بكر سليمان الزوي
    أود ان أؤكد هنا أنني أحترم كل كلمة قلتها ، وأنني أكن لك كل الود والاحترام والتقدير وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، لكن هذا ما أراه ولو كانت الظروف تسمح ربما كنا سنخوض أكثر في بعض التفاصيل ، لكن قدر الله وما شاء فعل ، وكلنا في الهم شرق .
    كل الشكر لكِ وللأخ الفاضل محمد دغيدي على إتاحة الفرصة لنقول رأينا في هذا الموضوع ، وبارك الله فيكم وشكرًا لكم على سعة صدوركم وتقبلوا أسفي الشديد على كل ما يمكن أن تروه قد خالف أصول الحوار الهادف والبناء .

    تقديري واحترامي للجميع

  8. #8
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    الأخوة الأفاضل جميعاً ، السلام عليكم .
    الأخ الحبيب العزيز \ راضي الضميري ،
    أُحيي فيك الاهتمام والمتابعة ، وأُثمّـن عالياً كفاحك من أجل إيصال رسالتك الفكـرية ، وأقـدّر ظروفك التي تَحُـدُّ من حريتك في الكتابة .
    واعلم أخي الفاضل أننا لا نختلف كثيراً من حيث الظروف والآليات والإمكانات ، ولن نختلف أبداً -بإذن الله - في أفكارنا .! فهدفنا واحد ، وهو استقلال الأمة وعزتها وتقدمها ، وصون كرامة الفرد العربي المسلم .!
    أخي الكريم ، إن ما يؤرقني ويدفعني إلى بذل المزيد من الجهد والوقت في مثل هذه النقاشات ، وإلقاء المزيد من الضوء على كل ما يُطرح من أفكار وتحليلات في شأن واقعنا العربي الإسلامي وعلاقته بالخارج - لاسيما بأميريكا ، هو غياب الحكمة عن قراراتنا المصيرية .!
    أخي الحبيب ، إننا نفتقد إلى الحكمة في وضع الأولويات التي تجلب لنا احترام الآخرين وتكفل لنا المكانة المرموقة بين الأمم !
    أخي العزيز ، ما لم يكن البناء الفكري الناضج الحر -للإنسان - هو أول أولوياتنا ، فإننا لن نكون أحراراً - حتى بدون احتلال أجنبي مباشر لبلادنا .!
    - ما فائدة استقلال الدولة الذي يعقبه احتلال الفرد .!
    - ما فائدة الجهاد ، إذا كنا لا نمتلك رؤية واضحة نستثمر بها نتائجه !
    - لماذا نوافق على حدوث المآسي والقتل والدمار والفتن العظيمة - بحجة مقاومة المحتل ، إذا كنا نعلم أن هذا المحتل قد حقق هدفه بإسقاط النظام وأنه سيخرج بسبب حساباته ومصالحه الاستراتيجية وليس بسبب المقاومة - التي يستطيع إخمادها لو استخدم الأسلحة الكيماوية التي استخدمها المسلمون قبله في هذه المنطقة .
    - لماذا نؤيد حصول المآسي التي يدفع ثمنها الفقراء والضعفاء دون غيرهم ، ونحن نعلم أن الاحتلال والغزو قد يتكرر في أي وقت ، وفق سياسة وتحالفات الحاكم القادم - الذي لن يستشير المقاومة والمجاهدين والضعفاء في قراراته وأفكاره .!
    - أميريكا دولة عظمى - شئنا أم أبينا ، وهي مستعدة للحروب من أجل مصالحها الاستراتيجية .! وهذه ليست دعوة للرضوخ لها ، ولكنها دعوة لعدم استفزازها والتحرش بها وعدم إعطائها ذرائع الغزو والاحتلال .!
    - نحن يا أخي ضحية تنافس الدول الكبرى على مناطق النفوذ ، وجهل حُكامنا بالسياسة الدولية !
    - نحن يا أخي ، نقاتلهم بأسلحة نستوردها منهم - بتقنية منذ الحرب العالمية الثانية - فهل تُصـدّق أننا سننتصر عليهم .!
    - إذا كنا ننتظر نصر الله للمؤمنين ، فعلينا أن نُحقّق الشروط الموجبة له ، والتي أولُها أن نكون مؤمنين صادقين إخواناً ، وهذا أمـر لا نزال بعيدين عنه ، مع كامل الأسف .!
    - الدول الكبرى الأخرى - والتي بمقدورها مواجهة أميريكا ، والتي تضررت مصالحها بسياسات أميريكا - نراها تقف متفرجة على صراعنا معها ، تنتظر لحظة تضعف فيها أميريكا ونكون نحن العرب حينها قد انتهينا - ومن ثَمّ تستفرد تلك الدول بالعالم .
    - أميريكا عبارة عن مجموعة من الولايات تُسيّرها شركات اقتصادية ومؤسسات فكرية وأفراد أحرار . إنها ليست شعباً يُسيّره فرد أو عشيرة أو طائفة -كما هو الحال عندنا .!
    - أخي الفاضل ، لماذا نُصرُّ على معاداتها ، لماذا لا نستميلها لصالحنا - بما أن دورنا اليوم في العالم لا يتعدى تصدير النفط واستيراد الغذاء والسلاح .!
    ملاحظة : بخصوص الفرق بين الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، ودور المحافظين الجُدد ،
    تعلم أخي الفاضل ، أن سفارتي أميريكا في نيروبي ودار السلام ، قد تم تفجيرهما في عهد الديمقراطيين (بيل كلينتون) ، وقد حاول دعاة فكر المحافظين الجدد إقناع الرئيس بردّة فعل انتقامية كبيرة ، وروّجوا لفكرة أن ذلك ما كان ليحصل لولا تهاون أميريكا مع الدول والأنظمة التي تُعلن العداء لأميريكا وتُشجّع على ضرب مصالحها .!
    وتعلم أن الإدارة في ذلك الوقت قد اكتفت بتوجيه ضربتين صاروخيتين - لمعسكر للقاعدة بأفغانستان ، ولمصنع أدوية يمتلكه بن لادن في السودان ، وتعلم أن ضرب المصنع قد خُطّط له بحيث يُدمّر المبنى دون ضحايا في الأرواح ، وهذا ما حصل .!
    وظن مُخططو ومفكرو القاعدة ، أن هذا كل ما تستطيع أميريكا فعله ، فخططوا ونفذوا تفجيرات سبتمبر 11\ 2001 .
    وقد نجح المحافظون الجدد هذه المرة في استثمار الحدث ، حيث أن الضربة كانت موجعة ، وكانت ستلحق الأذى بمكانة أميريكا سياسياً ومعنوياً ، وكان السكوت عليها سيشجع المنظمات الارهابية والأنظمة الدكتاتورية على التفكير فيما هو أعظم ، مما أدى بالإدارة الأميريكة للإصرار على فعل شيء عظيم ورهيب يُعيد لأميريكا هيبتها ، فكان غزو أفغانستان والعراق .!
    عذراً على الإطالة ، وأرجو أن تعلم أني مسرورٌ وسعيدٌ بمناقشتك ، وأني ممتنٌّ لك كثيراً ، وأحمل لك تقديراً ومودةً عاليين .
    فأهلاً بك ومرحباً أخي الفاضل \ راضي الضميري

المواضيع المتشابهه

  1. الضرر أقسامه و أسبابه
    بواسطة سعد عطية الساعدي في المنتدى التَّفكِيرُ والفَلسَفةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-07-2017, 02:05 PM
  2. تهافت
    بواسطة عبدالإله الزّاكي في المنتدى القِصَّةُ القَصِيرَةُ جِدًّا
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 21-11-2015, 04:51 PM
  3. نهاية التاريخ، أو بشارة النار.
    بواسطة محمد الشرادي في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 04-12-2012, 09:32 PM
  4. منافع التوحيد وأبعاده الإنسانية :
    بواسطة أ د خديجة إيكر في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 26-07-2012, 08:34 PM
  5. العجب : أسبابه - مظاهره - علاجه ....!!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-04-2004, 10:37 PM