وصلت هديتك...
كنت أرى بأم عينيّ ذلك الفرق الواضح والذي خلف في قلبي حرقة دائمة تجعلني كفيف اللسان,نصيبي أن أكون بين إخوتي أقلهم في كل شيء , لكن مسيرة الحياة وتوق رؤية المصير إلى النهاية,تجعلك لا ترى سوى مستقبلك الذي يلوح لك في الأفق, برّاقا ناعما يشوقكَ لارتياد المجهول أو ربما المستحيل, فتمضي مغمض العينين عما يؤرقك أو ربما تعاميت..
كلما اجتمعنا لنقدم فروض الطاعة لوالدينا آلمني ذلك المظهر العام الذي يوضح بشكل سافر ذلك الفرق المادي بيننا, ربما كان توقهم للعلو محا كل آدميه في قلوبهم الفجة, فركضوا من حيث لم يعودوا يروا من خّلفوا ومن داسوا.
كنت أرى كل هذا في ممحاة أولادي التي كنا نشقها نصفين لتكفيهم, في ملابسهم المحفوظة بعناية, في عيون زوجتي التي تنظر إلى سيارات زوجاتهم بعين كليله ولأن التقى الحقيقي زين قلبها كان ذلك يجعلني أكثر راحة رغم وجعي الداخلي.
-لا أحد يعطي غيره شيئا من تعبه,إلا لو كان هذا في مصلحته حتما حتى لو هذا أخ له من والديه الحقيقيين..
نتيجة بديهيه لم تأت بجديد.
كان فرق المعاملة لا يبدوا جليا كنت أحاول ابتلاعه أمام أولادي, كي يمضي المركب بأمان,امتص رحيقه المسموم وحدي , فصلة الرحم من الخيانة خرقها وتحجيمها, هكذا علمني ديني.
كنت ألمسه في الكلمات.. في الحكايات.. التي تظهر مدى تعلقهم بذوي المناصب والأموال,كنت آثر أن ابتلع من جديد, قصصي لأنها لن تروق لهم فهي حكايات المكافحين الصامتين الذين لا ولن يسمعهم أحد!
بقيت تلك القصص عالقة في ذاكرتي تنخر فيَّ تريني كم تكبر هذه الفجوة يوما بعد يوم.كم هو صعب ذلك التسلق لأمثالي ولماذا؟ أليس كل الناس بشر من آدم وحواء؟
عندما عاد ولدي من غربته ليقدم لوالدته برنامجا للحج ومبلغاً مناسبا عجزت عن توفيرة عبر حياة صعبة مكلفه,كانت قد تاقت عمرها للوصول إليه ,بعد أن ملت من أمور لم تصلها كذلك ,آثرت شهادة ربانيه تكفيها زادا لنهاية المشوار,,قدمه لها على طبق من ذهب مع مفاتيح سيارة كانت تحلم بها بعد أن ملأت النسوة الطرقات سياقه لا أدري إلى أين تذهبن بها!حتى غدت نسبتهم تفوقنا بكثير لماذا والى أين ؟ لايهم,كان أمراً لم انظر إليه أبدا بعين الرضى, فمعظمهن يبتلعن الإهانات لسياقه حذره حتى الإعاقة.
..لا أدري حقيقة لم هذا التواضع الخفي الذي بداخلي,يجعلني انظر للمال مكملا وسيلة لا هدفا طريقا لا حلما, لذلك أرى تجريمي عبر كل البشر الذين أواجههم ...عيونهم تتحدث قبل ألسنتهم.
أكاد اسمع همسهم :
-يالك من بخيل ,لا تهمك سوى لقمتك وبعض مظهر مرضي...هذه نتائج البخل!
عندما أمسكت بمفاتيح سيارتها..يبديها المرتجفتين الهرمتين, نظرت إليها بحرقة المودع....ونظرت إليه, وهي تردها وتقول:
-وصلت هديتك ....موفق يا بني
أحسست كم كانت مظلومةً معي حتى الثمالة كم قصير هو مشوار العمر, كنت أتفرج كيف يتسرب , وأنا حبيس تجاربي الحياتية العارية, أعارك الصخر, أتمتع بكلامها الرائع وصبرها الذي دفعني لذلك ايضاً كان مفتاحا للجنة و لمن لا يراه.
تذكرت حينها وحينها فقط أنني بخير وربما لم أقصر في حق أحد ولم أجحف ,كان توفيق أولادي نتاج عملي حتما وهذا يكفيني.
تذكرت وليتني لم أتذكر أنني لم أسمع قط كلمة :
-الله يرضى عليك
من والدي الأرمل,و التي حاربت لأجلها عمري, كما كان يسمعها إخوتي!!!!هل كان يهمس بها؟
أم فراس 9 /6 2008