جمهوري ديمقراطي ..مالفرق ؟ بقلم شمس بغداد
يتطلع المتفائلون إلى الانتخابات الأمريكية القادمة ، والتي أصبحت على الأبواب بتوق شديد، ويرى المتتبع لها عمق المنافسة بين الجمهوريين من جهة والديمقراطيين من جهة أخرى.. فبعد فترتين رئاسيتين للرئيس جورج دبليو بوش، الذي سبّب الكوارث والويلات نتيجة سياسته الهوجاء بسبب الخلل الذي أصاب إدارة البيت الأبيض وأجهزته الأمنية والإستخبارية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والتي خاض بحجتها حروبه التي سماها بـ(الإرهاب) والتي طالما اقترنت بمسميات زائفة مثل "حقوق الإنسان" و "نشر الحرية والديمقراطية" والتي كان من ثمارها احتلال أفغانستان، وكذلك احتلال العراق بحجج كاذبة تقف في مقدمتها دعوى امتلاك البلد لأسلحة الدمار الشامل، وتبين زيف كل تلك الدعاوى بعد أسابيع وشهور من عمر الاحتلال، واستطاع إدخال الكثير من بلدان العالم في فوضى عارمة، يتحمل هو ومن والاه المسؤولية الكاملة عنها على جميع الأصعدة.
وإذا عدنا إلى التاريخ.. فلم يقتصر الأمر على بوش وحده فأميركا (كلينتون وريغان وكارتر وبوش الأب وليتدون جونسون) وغيرهم من رجالات البيت الأبيض قد ساروا بالركب نفسه على نفس النهج، ومارسوا سياساتهم التي لا تعبر إلا عن ذروة الإرهاب الدولي.. فواشنطن في سياساتها شأنها شأن تل أبيب في سياسياتها الإقليمية التوسعية، ولا تسمح لأحد بمناقشة قراراتها أو مجابهة سياستها, وعلى الدنيا دولاً وشعوباً وحكومات أن تعلم بأن ليس أمامها سوى قبول التأقلم على هذا الواقع، الذي فرضته سياسة القطب الواحد, ولا يخفى على أحد أن الحزبين المتصارعين على كرسي الحكم هم من الشاكلة نفسها ((فجون ماكين، وهيلاري كلينتون, وباراك أوباما) الذي ترنو إليه الأعين الآن، وترجح له كفة الفوز، ويصفه بعض المراقبين بأنه الرجل المنقذ والمصحح لرؤيا السياسة الأمريكية في العالم، هذا في الوقت الذي يعلم الجميع أن أوباما أطلق دعايته الانتخابية تحت بدعة جديدة وهي "سحب القوات الأمريكية من العراق" لكسب التأييد، وحشد الأصوات لاسيما بعد تزايد الضغوط على بوش.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل سيحقق بالفعل ما صرح به؟! وهل سيعوض الخسائر البشرية والاقتصادية والنفسية التي لحقت بنا كعراقيين من خلال احتلالهم؟!
وهل سيطالب بإعادة الحق الفلسطيني المسلوب و محاسبة اسرائيل؟!
وهل سيكف على ممارسة الضغوط على سوريا؟! أو سيفض نزاع جنوب اليمن؟!
وهل سيعيد الدور الحقيقي لبلدان عربية مثل السودان وليبيا بعد أن همشتها وعزلتها سياسة بلاده؟!
اعتقد جازمة بأن الجواب عن هذه التساؤلات التي تقدم ذكرها سيكون ((لا)) فأوباما أو غيره ما هو إلا وجه جديد من أوجه السياسة الأمريكية القبيحة، والتي هي بالأصل عنصر تكميلي لوجه سياسة الصهاينة، وهو الذي رفض للتو جلوس فتاتين محجبتين خلفه!! وهذا وحده مؤشر يدل على الغباء المستهتر الذي يتمتع به هؤلاء..
قد يتهمني البعض بأني اصدر أحكاماً مسبقة على الرجل.. ولكن على الجميع أن يعلم بأن هذا الرجل هو الذي صرح أمام العالم بأن حملة تلطيخ مستمرة عبر الانترنت والفضائيات قد استهدفته بشكل خاص في أوساط المجتمع اليهودي.. وقال: إنها خاطئة تماماً، لم اعتنق الإسلام يوماً، تربيت على يدي والدتي العلمانية، وأنا عضو في الدين المسيحي وأمارس مسيحيتي بنشاط!! وقال أيضاً: إنه سيعمل جاهداً من أجل ضمان أمن إسرائيل في حال انتخب رئيساً للولايات المتحدة.
وأكد على أن القدس عاصمة اسرائيل في أي اتفاق ثنائي ولا حق في عودة الفلسطينيين.. وفيما يتعلق بملف العراق الشائك فإنه من المرجح أن لا تكون هناك أية تغييرات دراماتيكية سريعة ومفاجئة في سياسة أمريكا تجاه هذا البلد بعد فوز المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية "باراك أوباما" وهذا ما توقعه وزير الخارجية الحالي "هوشيار زيباري" بعد أن تلقى تطمينات وعهود من قبل منظمي حملة "أوباما" عبر سفير العراق لدى الولايات المتحدة "سمير الصميدعي".. وهو ما توقعه أيضاً قائد القوات الاحتلال في العراق "الجنرال ديفيد بترايوس" مؤكداً على أنّ "أوباما" يستمع إلى آراء القادة الميدانيين على الأرض.. وشدد على أهمية التطمينات نظراً إلى أن الانطباع السائد عن المرشح الديموقراطي أنه سيغير كل شيء إذا فاز، بناء على نظرته التي يعتبر من خلالها الحرب على العراق حرب خاصة بـ "جورج بوش"!!
إن قطار السياسة الأمريكية يمشي على طريق واحد، بغّض النظر عن ماهية السائق، ولأي حزب ينتمي.. المهم هو الأشد تعصباً وصلابة وولاء لإسرائيل.. ليكون هو رأس الحربة ضد أية مقاومة عربية..
وهنا لا يسعني إلا أن أعود إلى التاريخ وأقول: إن من الجهل الشنيع هو الوثوق بأي حاكم جديد قادم ليتولى رئاسة أميركا، فنسيان التاريخ وتجاهله في أي زمان ومكان هو من اخطر ما يكون, ونحن كشعوب عربية مرت عليها الكثير من المآسي على جميع الأصعدة.. وإذا كنا لا نقرأ ولا نستوعب ولا نستفيد من أخطاء الماضي ونضعها نصب أعيننا, فنحن شعوب تأخذ نفسها إلى الحضيض بقوة اندفاع هائلة.. لأن بيننا وبين اعدائنا من حكام البيت الأبيض والصهاينة صراع تاريخي منذ زمن طويل، قتل فيه أكثر من 20 مليون عربي ومسلم.. وأما منا وأمامهم حاضر ومستقبل.. ولما كنا نحن الطرف الأقل تقدما وحظاً على صعيد التقنية والموارد والقدرات كافة.. ولما كان الطرف الآخر الآن يسوقنا إلى حيث ما يريد قسراً من نمط الحياة وأسلوب الاستهلاك إلى طرائق التفكير، بل وحتى إلى المعتقدات الأيدلوجية السياسية التي تمارس علينا الآن, لأننا ببساطة الطرف الأضعف على كل هذه المستويات.. ولهذا أصر على أن نستحضر التاريخ دائماً في قراءتنا لما حدث.. ومنه سنستخلص استنتاجاتنا بذهنية واعية ونيرة.. وعندها سوف لا نقع في المحظورات التي وقعنا فيها في أزمنة غابرة؛ بسب السذاجة التي نعاني منها.. وهذا ما يفرضه المنطق في الوقت الحاضر على أمة سادت زمناً ثم تردت وهوت إلى مستنقع الاستغلال والصمت والقمع والذل والتهديد بالانقراض..
إذن فالمطلوب هو ليس معجزة؛ لأن زمن المعجزات انتهى بل كل ما نحتاجه هو القوة والحزم والألفة وهذا يأتي بالفطرة بوقفة الإنسان الطبيعي مع دينه وأرضه وعرضه ضد هذه ا لحملة الصليبية الشرسة بكل أوجهها, وتكون بدايتها احترام هذه المكونات التي ذكرتها مسبقاً التي أنشأت تاريخنا.. ومنها سنتطلع إلى مستقبلنا في امة لا يحق ولا يليق لها إلا العيش بكرامة وشرف وعز، بعيداً عن تدخل وتحكم الغير وهنا يكمن جوهر القضية..
رد مع اقتباس