مافيا التوظيفات العائلية التي يقودها الصهيوبيشمركي هوشيار زيباري ... قصة معاقبة سفير

حسب المفهوم والسياق الوظيفي المتبع في جميع دول العالم المتقدمة الديمقراطية أو دول العالم الثالث النامية أن يكون الوزير عندما يستلم في أول يوم مهام عمله الوزارية القدوة الحسنة لجميع الموظفين في وزارته , وأن يبدأ أول شيء بنفسه في تطبيق جميع القوانين واللوائح حرفيآ , وأن يتسم بالنزاهة ونظافة اليد , وأن يحارب بكل قوة جميع أشكال الفساد الإداري والمالي والمحسوبية والرشوة وغيرها من معوقات العمل , وأن يكون عند حسن ظن الجميع , وعندما يشاهد موظفين الوزارة مثل تلك الأعمال تطبق في وزارتهم من رأس الهرم الوظيفي يعملون ألف حساب وحساب لهذا الوزير النزيه في حالة أقدامهم على أي عمل يخل بالقوانين والأنظمة المرعية , وبالتالي فأن الوزير يعكس الصورة المثالية لوزارته من خلال مهام عمله الوظيفي ومتابعة كل صغيرة وكبيرة في وزارته وتذليل الصعوبات التي قد تعترض طريق عمل وزارته , وعدم تركها عرضة للفاسدين والمرتشين والمشبوهين , وبذلك يكون الوزير قد حقق أول خطوات النجاح في مسيرته كوزير مؤتمن من قبل الحكومة والشعب الذي انتخب هذه الحكومة بطريقة ديمقراطية وليست بطريقة المحاصصة الطائفية والمذهبية والقومية .

هذه الأمور وغيرها كلها تجري في الدول التي تحترم مواطنيها , ولا تفرق بينهم على أساس اللون أو العرق أو الطائفة أو الانتماء القومي أو الحزبي , وبالنتيجة تكون عمل أي وزارة مدعاة للفخر وأهم شيء أن لا يستغل الوزير منصبه الوظيفي لتحقيق مصالح ومكاسب ومنافع شخصية له لغرض أن يكون القدوة لجميع موظفين وزارته .

أما في ( العراق ) ( الديمقراطي ) الجديد ـ هكذا أصبح يطلقون عليه في وسائل الإعلام ـ لكي يخفوا وراء هذا الشعار الطنان والرنان جرائم ومجازر بشعة بحق المواطن العراق برعاية ودعم المحتل . هذا المواطن الذي يحمل شهادات دراسية جامعية عليا أخذها بعرق جبينه وبسهر الليالي لكي يحقق لذاته ولعائلته ووطنه وهذا هو الأهم التقدم العلمي والحضاري , ولكن بعد عملية غزو واحتلال العراق وتدميره أتى من وراء الحدود وبمساندة دبابات الغزاة كل من هب ودب من مجهولين النسب والهوية الوطنية العراقية , وأخطر ما في الأمر صعودهم الصاروخي نتيجة الفوضى العارمة التي اجتاحت العراق في حينها , أتى كل من له سوابق إجرامية بحق الشعب العراقي لكي يأخذ حصته من الغنيمة , وكان على رأسهم الأميين والجهلة والذين لا يحملون أي شهادة دراسية بل أن أغلبهم لا يقرأ أو يكتب أو يجيد التحدث وهؤلاء هم النسبة الأعم من منتسبي الأحزاب الطائفية والمذهبية لذلك تم منحهم شهادات جامعية عليا مزورة وبتخصصات علمية نادرة فأصبح الجميع يحمل شهادة الدكتوراه دفعة واحد حيث أصبح أغلبهم لا يقبل إلا بهذه الدرجة العلمية أمعان في الاستهتار .

حدثنا اليوم جرت تفاصيلها في مكتب وزير الخارجية هوش يار زيباري قبل أشهر قليلة من هذا العام , وقد حضر جميع فصولها في حينها أحدى الشخصيات الدبلوماسية المرموقة وهو بمنصب رفيع المستوى في إحدى السفارات العراقية بإحدى دول الخليج العربي عندما كان في زيارة رسمية لمبنى الوزارة وقد شاهد كل الإحداث التي جرت تكملة وقائعها المخجلة في مكتب الشيوعي الأمريكي لبيد عباوي وكيل الوزارة لشؤون التخطيط السياسي , حيث ذكر لنا هذه الشخصية الدبلوماسية أثناء حوار سابق معه أن " السفير المعني في هذه الحادثة المفجعة والتي تنم عن مدى الاستهتار بالقوانين والأنظمة من الوزير شخصيآ الذي كان من المفترض أن يكون وهو على قمة الهرم الوزاري القدوة الحسنة لجميع موظفيه ولكن مع الأسف لديه عقلية ناقصة لأنه أتى من بيئة تحكمها عقلية العصابات والمهربين عندما كان مع مسعود البرزاني يقاتل ضد الدولة العراقية " ثم يضيف لنا قائلآ " لقد طلب الوزير هوشيار زيباري من السيد موفق مهدي عبود السفير العراقي في باريس أثناء اتصاله هاتفيآ قبل عدة شهور أن يتم تعيين أحد الأكراد المقربين من عائلته عمره أكثر من 70 عاما موظفا ومنحه درجة مستشار في السفارة , وبراتب عالي جدآ قدره خمسة الألف دولار وخارج كل الأعراف والقوانين وسياقات العمل الوظيفي الدبلوماسي المعمول به في وزارة الخارجية , وما كان من السفير موفق إلا أن يرفض مثل هذا الطلب المستهجن وخارج كل الأعراف والقوانيين , وقال للوزير انه ليس بحاجة إلى مستشار من هذا النوع وخصوصآ انه مريض جدآ ومصاب بأمراض الشيخوخة المزمنة , وان تعيين مثل هذا الشخص أو غيره مخالف للتعليمات والقوانين واللوائح والضوابط المعمولة بها في وزارة الخارجية , ويمكن لك أن تعينه في مكتبك شخصيآ أذا انته مصر على تعيننه " ثم أضاف لنا " لقد كان السفير موفق يتكلم مع الوزير بمنتهى الأدب ولم يتجاوز ابدآ عليه في أثناء الاتصال الذي جرى بينهما ولكن بعد انتهاء المكالمة بدأ على زيباري الانزعاج جدآ وسيطرة الهستيرية العصبية عليه بسبب موقف السفير موفق مهدي وكلامه بصورة واضحة لا لبس فيها وبصفة قانونية معه , وما كان من الوزير زيباري إلا أن يرسل له كتاب رسمي صادر من الوزارة وفيه آمر التعيين إلى السفارة العراقية بفرنسا وتم رفض الطلب من قبل السفير موفق مهدي مرة أخرى , وما كان من زيباري إلا أن يقوم باستدعائه إلى بغداد وأحالته إلى لجنة تحقيقيه ولجنة تأديبية وتضم هذه اللجنة كل من وكيلي الوزارة الدكتور عبد الكريم مصطفى (شهادته مزورة بامتياز ) والشيوعي الأمريكي لبيد عباوي , وعند اكتمال التحقيق السخيف والمفبرك وجهت له عقوبة عصيان أوامر الوزير ومخاطبتها بلهجة غير لائقة وقام الوزير بتعميم أمر العقوبة على جميع دوائر الوزارة والسفارات لاطلاع جميع الموظفين على العقوبة بطريقة تشهيرية غير أخلاقية " ثم يضيف لنا الدبلوماسي " تخيل المهزلة التي وصلنا أليها بحيث يتم التشهير بسفير ويعاقب لأنه رفض أن تتحول السفارة إلى مثال للسمسرة العائلية على حساب أصحاب الشهادات العليا , أنا اعلم أن النظام الحكم السابق كان يعاقب السفراء ومن هم بدرجة سفير أو قنصل أو الموظفين الدبلوماسيين , ولكن أمر العقوبة أو التحقيق أو التنويه يبقى سريا ولا يعمم على جميع الموظفين أو السفارات لان في هذه الطريقة تشهير لموظف صاحب درجة خاصة دبلوماسية , وكان النظام السابق يعمم فقط عقوبات الموظفين بدرجات وظيفية صغيرة كنوع من إعطاء مثال للجميع على عدم تكرار أعمال وأخطاء يعاقب عليها بتعليمات وقوانين وزارة الخارجية وليس للتشهير كما يحدث الآن " لقد كان موقف السفير موفق عبود قوي جدا وعبر عدد كبير من السفراء والموظفين الدبلوماسيين عن دعمه ومساندته لأنه وقف بشجاعة أمام طلبات غير شرعية بعمل الوزارة , ويضيف لنا " ولكن مع الأسف في النهاية عين هذا الكردي في السفارة وكما أراد الوزير وهو خرق فاضح وإعطاء صورة سيئة جدآ لعمل الوزارة "

ولكن المهزلة المضحكة في كل هذا الأمر هو أن يرأس لجنة التحقيق هذه صاحب شهادة مزورة وهنا تكمن المهزلة وتتجسد بكافة معانيها وتفاصيلها وهو المدعو ( عبد الكريم هاشم مصطفى ) وكيل الوزارة للشؤون الإدارية والمالية هذا الذي تم تعينه في هذا المنصب المهم لأنه من زمرة عبد العزيز ( الحكيم ) والذي كان يعمل حارس مطبعة يملكها عادل عبد المهدي في باريس , ويدعي انه خريج كلية الطب البيطري جامعة الموصل للعام الدراسي 1980 في العراق وانه حاصل على شهادة الدكتوراه في الصيدلة من فرنسا وليس هذا فحسب فهو إضافة إلى هذا المنصب الذي قطعآ لا يستحقه لأن شهادته مزورة بامتياز أنيط له منصب أخر وهو سفير في موسكو كذلك يمكن لأن نبوغه العلمي المبكر في حراسة المطابع ؟؟؟

وزارة الخارجية ( العراقية ) أصبحت حالها حال جميع وزارات العراق منذ غزو واحتلال العراق ينخر جسدها من الداخل سوس الفساد الإداري والمالي والتي شملها المحاصصة القومية والطائفية والمذهبية وبصورة بشعة جدآ بحيث تم توظيف أعداد كبيرة لا تحصى ولا تعد من حملة الشهادات الجامعية المزورة لأنهم منتمين إلى أحزاب الطغمة الحاكمة الفاسدة , وبعضهم لا يجيد التحدث باللغة العربية ومنهم المنتمين لعصابات البيشمركة وحتى لا يجيد القراءة ولا الكتابة ناهيك عن تعيين أناس بسن كبيرة جدآ, ومصابين بإمراض الشيخوخة المزمنة فحسب القانون العراقي يحال الموظف على التقاعد عند بلوغه السن القانونية والذي تم تحديده ( 63 ) عامآ , وفي السنوات الخمس التي تزعم وزارة الخارجية ( العراقية ) الصهيوبيشمركي هوش يار زيباري تفاقمت في عهده ومنذ الأيام الأولى ظاهرة المافيا العائلية في التعيينات والتوظيف في السلك الدبلوماسي سواء في القنصليات أو السفارات على أساس قومي وطائفي وحزبي وحتى وصل الأمر للعائلي فأي سفير أو قنصل أو موظف سارع بجلب أفراد عائلته لغرض تعيننهم .
هذه بعض من حقائق ( عراقهم ) ( الديمقراطي ) الجديد المبني على التزوير والكذب والخداع وسرقة أموال العراقيين هذه هي بعض من حقيقتهم المخزية التي سوف توثقها أجيال العراق جيلآ بعد جيلآ .



سياسي عراقي مستقل
باحث في شؤون الإرهاب الدولي للحرس الثوري الإيراني
sabahalbaghdadi@maktoob.com