ثقافة كاتم الصوت الحكومية تغتال العراقيين على أرصفة الشوارع في ( عراقهم ) ( الديمقراطي ) الجديد



بعد عملية غزو العراق وإحتلاله وتدميره بحجج سخيفة وواهية ابتدعتها إمبراطورية الشر العسكرية الأمريكية لغرض الهيمنة المطلقة على موارده النفطية والطبيعية .
بعدها عمد الإحتلال البغيض بصورة مبرمجة بترك العراقيون المدنيين العزل لقمة سائغة وفريسة سهلة للمنظمات الإرهابية والميليشيات الإجرامية التابعة للأحزاب المعارضة ( العراقية ) الأجنبية التي أتت من خلف الحدود تحت سمع وبصر قوات الإحتلال ومرتزقتهم بل وصل الأمر إلى تقديم المعونة لغرض تمرير مخططاتهم الإجرامية في العراق لخدمة أهدافهم المستقبلية وتحت بند المنفعة المتبادلة فيما بينهم , لذا تركهم المحتل الأمريكي لغرض القيام بعمليات انتقام وتصفيات جسدية واسعة النطاق لفئات معينة من الشعب العراقي بحجة أنهم من بقايا نظام الرئيس العراقي الراحل , ولم يكن القانون هو الحكم والفيصل في إصدار الأحكام على هؤلاء , أذا كانوا قد ارتكبوا( جرائم ) سابقآ بحق الشعب العراقي , ولكن رأينا كيف أنيط بهذه المهمة القذرة إلى الفتاوى الصادرة من قبل عمائم الشيطان لغرض القيام بهذه المهمة واستغلال السذج والبسطاء لغرض تنفيذ عمليات الاغتيال والتصفيات الجسدية الواسعة وخصوصآ التي حدثت تحديدآ في المحافظات الجنوبية والوسطى من العراق , وتحت سمع وبصر ما تسمى بالقوات الحكومية المتمثلة ( بالجيش والشرطة ) التي تم تشكيلها بعد احتلال العراق من قبل الأحزاب بعد أن أدخلت ميليشياتهم الإجرامية في هذين الجهازين المهمين , والذي كان يجب من ينتسب لهذا الجهازين مستقل تمامآ من أي توجه حزبي أو سياسي والذي يؤثر بالتأكيد وبصورة مباشرة على نزاهة وعمل الشخص المنتسب .
ووصل بنا الحال أن نرى انتشار عصابات الجريمة المنظمة في العراق كانتشار النار في الهشيم , وقد بدأت هذه العصابات تأخذ على عاتقها القيام بتصفية الخصوم السياسيين للأطراف المتنازعة على السلطة أو كرسي الحكم حتى وصل الأمر أن يتم استئجار هؤلاء لغرض تصفية منافسيهم و وكلائهم في الوزارات والمدراء العاميين وبقية الموظفين الحكوميين المهمين لغرض التخلص منهم نهائيآ بعد أن كانوا هؤلاء المغدورين يقفون عقبة فعالة وحائط صد للاختلاسات والرشوة وعمليات الفساد الكبرى وتمرير مشاريع ثقافية هدامة طائفية ومذهبية لزيادة احتقان الشارع العراقي وتقسيمه كل حسب مذهبه وطائفته وقوميته .

ولنا كمثال حي لم يمضي عيه سوى أسابيع قليلة في طريقة تصفية القيادي الشيوعي الأستاذ كامل شياع عبد الله المستشار الأول في وزارة الثقافة ( العراقية ) من خلال ثقافة كاتم الصوت فحسب المعلومات التي توفرت لنا في حينها من خلال بعض أصدقائنا الأدباء في داخل العراق ومنهم من يعمل في وزارة الثقافة كنا قد استفسرنا منهم شخصيآ حول حقيقة التوجهات الشخصية للأستاذ شياع وسيطرة الأحزاب الطائفية على وزارة الثقافة ( العراقية ) كونها هي المسؤولة بصورة مباشرة عن أبراز الوجه الثقافي العراقي بكافة تفرعاته وفنونه لدول العالم ,فقد أكدوا معظمهم أن هناك قوى طائفية ومذهبية وحزبية مسيطرة على إبراز الوجه القبيح للثقافة العراقية من خلال التركيز على المناسبات الطائفية والمذهبية والشعارات الحزبية التي تساعد في احتقان الداخل العراقي وكان كامل شياع هو المتصدي لهذه الظواهر الغريبة وعقبة بجعلها واقع حال ليس إلا لذا صدر الأمر بالتخلص منه وتصفيته عصر يوم السبت الموافق 24 أب 2008 على طريق محمد القاسم السريع عندما اعترضوا سيارته مجموعة من المسلحين مزودين بمسدسات ورشاشات كاتم للصوت مما أدى إلى إصابته إصابة بليغة توفى على اثر نقله للمستشفى حيث كانت عملية الاغتيال السياسي هذه منسقة ومنظمة وسريعة وليس من قبيل الهواة أو الشقاوات الذين نسمع عنهم في التراث الشعبي الحكواتي وحسب أخر المعلومات التي وصلتنا بأن لجنة التحقيق تريد أن تغلق ملف التحقيق وتقيد الجريمة ضد مجهول كما هو معروف عن حكومة الضباع المنصبة في ملفات اغتيالات سابقة كثيرة لا مجال لحصرها هنا في هذه العجالة .

لقد ظهرت على السطح بصورة ملفتة خلال السنوات الماضية من عمر الإحتلال البغيض حالة من التناغم المشبوه بين أجرام السلطة الحاكمة وعصابات الجريمة المنظمة لتصفية خصومهم السياسيين المحتملين والمنافسين لهم في الوصول إلى سدة الحكم وكرسي الوزارات , فعصابات الجريمة المنظمة أصبحت تستمد قوتها من خلال الدعم الخفي والتغطية الحكومية الرسمية التي أصبحت تلاقيها لغرض تسهيل مهمة عملية تصفية الخصم أمام مرأى ومسمع الجميع وبدون أي تحرك من الأجهزة الأمنية الحكومية وحتى باستعمال سيارات الشرطة الرسمية والجيش وتزويدهم بهويات رسمية لغرض عدم أعتراضهم من أي سيطرة قد تتوهم لمطاردتهم أو توقيفهم .
نحن نرى اليوم حالة التناغم الواضح بين السلطة الحاكمة والنفوذ القوي التي أصبحت تتمتع به عصابات الجريمة المنظمة لخدمة أهدافهم السياسية المستقبلية. وقد نقل لي شخصيآ في فترة سابقة في حديث مع شخصية دبلوماسية رفيعة المستوى " أن المافيا الدولية استطاعت أن تخترق بعض المتنفذين في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء لغرض غسيل أموال المافيا الدولية من المخدرات والاتجار بالبشر لقاء عمولة يحصل عليها هذا المتنفذ ويتم وضع الأموال له في حسابات خاصة باسمه بالبنوك الأجنبية بمقابل بان يتم للمافيا تسهيلات بفتح شركات تجارية استثمارية وشركات سياحية محلية وعربية وعالمية لغرض غسيل الأموال القذرة في العراق وهي الواجهة المفضلة لهذه العصابات لغاية الآن " وحصلت على أسم شركتين سياحيتين تعمل في تهريب العملة والبشر والمخدرات سوف نكشف عن أسمائها بالوقت المناسب " .

لقد تابعت شخصيآ باهتمام عملية اغتيال المحامي الشاب جواد العماري بمسدسات كاتم الصوت , وهي الثقافة التي أصبحت سائدة اليوم لتصفية العراقيين الشرفاء غير المرغوب بهم في ( عراقهم ) ( الديمقراطي ) الجديد وحول حقيقة ملابسات عملية الاغتيال الدنيئة وهل كانت هناك ورائها دوافع انتقام شخصية أو حزبية أو عائلية أم أنها مجرد ثقافة أصبحت سائدة في العراق اليوم , واتصلت بأكثر من شخصية سياسية عراقية مرموقة في نقابة المحاميين العراقية , والتي أتمتع لغاية الآن بصدقات أخوية مع بعض المحامين المرموقين لغرض الاستفسار منهم أكثر وتكوين صورة متكاملة عن الحدث الآثم , واستطعت أن اجمع معلومات صحفية موثقة تفيد بان المحامي الشاب تم اغتياله أمام سيطرة عسكرية أمنية لم تقم بواجبها المناط بها لحماية حياة المواطنين أو حتى ألقاء القبض على الجناة , بل وقفت متفرجة فقط وتركتهم يذهبون إلى حال سبيلهم وكانت متواطئة معهم وعندهم تعليمات مشددة بعدم التدخل تحت أي ذريعة وبأي صورة كانت ... فكانت واقعة الاغتيال وكانت الجريمة أمام من يدعي بان هذه الأجهزة الأمنية لحماية المواطن العراقي ولكن كشفنا الخدعة وكشفنا هؤلاء أمام الرأي العام العراقي .

لقد قتل المحامي جواد العماري صباح الأربعاء 22/10/2008 وهو في طريقه لمحكمة بغداد الجديدة قادماً من بيته . المحامي جواد العماري محامٍ شاب متزوج وله (4) أطفال صغار جداً , وهكذا أضيف 4 أيتام وأرملة لقافلة ملايين الأرامل والأيتام في العراق ، أضيفوا إلى قائمة الفقر والمعاناة في بلد غارق بالدم والنفط من قمة (بوشه) حتى أخمص (حكومته المنصبة ) .

وقد ذكر لي احد أصدقائي المحامين الذي كان قريب من الحادث عن طريقة مقتله وأنها ابتكار جديد يحسب للعملاء والمرتزقة والقتلة بقوله " كان يستقل سيارة أجرة عامة (نوع كيا) ركنت سيارة القتلة بمسدسات الكاتم على مقربة من دورية الحرس الوطني أمام الكلية العسكرية على شارع القناة باتجاه محكمة بغداد الجديدة ، بدأ القتلة بالرمي على السيارات بواسطة مسدسات كاتمة الصوت , وفجأة قتل العديد منهم بدمٍ بارد ، سقطوا شهداء فيما فر القتلة العملاء بعد أن اختاروا عينة من الشعب ونفذوا فيه حكم الإعدام ( إعدام العراق .. إعدام الشعب..) أما دورية الحرس الوطني فلم تحرك ساكناً كانت شاهد عيان لكنها ( لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم ) " ولكي نرسم الصورة الأمثل لعملية الاغتيال الدنيئة هذه ومن هم وراءها لا بد أن نذكر مسرح الجريمة ومن هو المحامي جواد العماري حسب ما ذكرها لنا أحد المحامين المرموقين في نقابة المحامين العراقيين :

أسم المحامي الشهيد المغدور : جواد العمّاري

يسكن في منطقة النهروان

من مواليد 1969

متزوج وله 4 أطفال صغار (ولدان وبنتان )

يمارس مهنة المحاماة في محكمة بغداد الجديدة وأماكن تنقله كانت تنحصر ما بين منطقة سكنه منطقة النهروان ومكان عمله في محكمة بغداد الجديدة قرب قناة الجيش ...

الدعاوى التي يترافع بها : وهي ليست خطرة كما يتصورها البعض فهي دعاوى شرعية (أحوال شخصية) وتتضمن الطلاق والنفقة والأثاث الزوجية والمهر المؤجل وأيضا تنظيم القسامات الشرعية ، كذلك يترافع بدعاوى البداءة (الدعاوى المدنية ) ...

توجهاته السياسية وغيرها : كان المرحوم الشهيد قمة في الأدب والالتزام ، كان ملتزما بدينه لكنه لم يكن متطرفاً ، كان مثقفاً متنوراً وكثيرآ كان يطلب ( بعد أن عرفني من هواة وعشاق مقهى الشابندر وشارع المتنبي – قبل اغتيالهما في آذار 2007 – كان يطلب مني مصادر ومراجع مهمة لمطالعتها بعيدة عن المحاماة مما يدل على حبه للثقافة والاطلاع وآخر مصدرين طلبهما مني واقتناها مهما بلغ ثمنهما – كتاب الأمير لمكيافيللي ... والإمامة والسياسة وهو مصدر معروف ومشهور وقد بحثت عنهما في شارع المتنبي وجلبتهما له في آذار 2008 على ما اذكر ) لكنه مستقلاً لم ينتمِ لأي حزب سواء أكان دينيا آم علمانياً ولم ينجرف بعد سقوط النظام السابق مع هذه الجهة أو تلك ولم يكن يستهوي الحديث في الوضع السياسي الراهن أكثر من غيره وهو معروف عنه هدوءه واتزانه وقلة حديثه وعدم طائفيته أو تطرفه لأي فكر أو اتجاه بل كان معتدلا مثالا للشخصية العراقية المتنورة المثقفة المعروفة باعتدالها وتفتحها وتنورها ...

زمان ومكان الحادث : صباح يوم الأربعاء 22/10/2008 حيث كان الشهيد يستقل سيارة أجرة للنقل العام (نوع كيا) مع بقية الركاب متجها إلى محكمة بغداد الجديدة قادما من منطقة سكناه في النهروان أي في حوالي الساعة التاسعة صباحاً , وعندما وصلت سيارة الكيا قرب الكلية العسكرية في شارع قناة الجيش وبالقرب من سيطرة الجيش والشرطة جاءت سيارة القتلة التي كانت مركونة بالقرب من السيطرة و بمحاذية سيارة الكيا قامت بأمطار الركاب في الكيا بوابل من الرصاص بمسدسات الكاتم الصوت , فذهب ضحية هذه الجريمة الشنيعة المحامي جواد العمّاري الذي كان يجلس في المقدمة وعلى يسار السائق وكذلك أستشهد مواطن آخر كان يجلس في مؤخرة الكيا وهربت سيارة هؤلاء القتلة . كانت نقطة تفتيش للحرس الوطني قريبة من حادث الاعتداء الآثم لكنها لم تحرّك ساكنآ وبقيت متفرجة فقط كأنه عرض سينمائي أو عرض مسرحي .
وهكذا بدلاً من أن يصل المحامي جواد العمّاري إلى المحكمة للقاء بموكليه ، وبدلاً من أن يعود لأسرته وزوجته وأولاده ما يكفيها من مؤونة ليدفع عن عائلته الجوع والحاجة ، عاد جثة هامدة ، وبدلاً من أن يعود حاملاً ما يفرح أولاده بالألعاب فقد عاد محمولاً مضرجاً بدمائه ورصاصة الجبناء العملاء مستقرة في رأسه .

لن تتوقف عمليات الاغتيال هذه عند المحامي الشاب العماري , ولكن هناك في قائمة الاغتيالات وثقافة كاتم الصوت الكثير من ينتظر في هذه القائمة القذرة لغرض تفريغ العراق من مفاتيح بناءه وإعادته بعد التحرير أن شاء الله ... استطعنا في هذه التغطية الصحفية الموثقة أن نقدم صورة واضحة للقارئ العراقي تحديدآ حول الثقافة الحكومية الحاكمة لغرض التخلص من الخصم السياسي المحتمل لهم في المستقبل وحالة التناغم بين عصابات الجريمة المنظمة والسلطة الحاكمة اليوم في العراق لتحقيق أهداف مشتركة في أحياء ثقافة الجريمة السياسية وجعلها واقع حال ... وكان الله في عون العراق والعراقيين .

سياسي عراقي مستقل
باحث في شؤون الإرهاب الدولي للحرس الثوري الإيراني
sabahalbaghdadi@maktoob.com