مرحبا أخي
أسعد الله الصباح
وعيدك مبارك ورشيد
لن أناقشك فيما جئت به عن الجهاد ليس رفضا لما أتيت به حاشا لله , فقد تحدثت بخير جزاك الله خيرا ولكن لأنني كما ذكرت سأفرد الحديث عنه في مواضيع مستقلة في سلسلة بدأتها بموضوعي (عيدكم رشيد .. عبس وتولى)..
أخي فيما جئت به من معاني على العموم انتفاع مما جاء به الأولون من خلال تناقل اللغة ومنها علمنا مايرمي إليه اللفظ وبالتالي استوعبنا معاني الآيات بشكل عام .. ولو لم يتم توارث اللغة بمفرداتها عنهم فيما أثبتوه في اختراعهم للكتابة والعربية تحديدا ودونوه في كتبهم لكنا الآن في حيص بيص.. وهذا ماكنت أناضل عنه في نقاشي.. لاأرفض التجديد .. ولكن أرفض بقوة التنكر لمن سبق.. لاأتزمت بقبول كل ماجاء عنهم وفرضه على الآخرين ولكن أحث على الاطلاع عليه وتلك هي سنة الله في الخلق .. فالعلم لاهوية له وهو أمر يتناقله البشر منذ القدم .. أمة عن أمة وجيلا عن جيل .. وهذه المعلومات والمعارف حرص على تدوينها البشر ولعلنا نرى ذلك في آثار الإنسان القديمة المنحوتة في الأهرامات المصرية .. أو في الحضارات الصينية والبابلية والآشورية وغيرها .. أو حتى في علوم الحفريات التي تعلم منها الإنسان اختلافات مرت وعصور توالت على الأرض دعمت ماجاء في كتابنا واعتقادنا بما أنزله خالقنا ولسنا من ذلك في شك أبدا.. إن رفض ماجاء في كتب علمائنا كالبخاري ومسلم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني والشافعي ومالك والنسائي .. وغيرهم لأننا نعمل العقل ضربا من إلغاء العقل الذي يحرص على الانتهال من المعارف والسعي وراء العلم ولو كان في الصين ليخصب ويزداد ثراؤه ..
يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله في كتابه شروط النهضة : ( إن مشكلة كل شعب في جوهرها مشكلة حضارته , ولايمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته مالم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية , ومالم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها .. وماالحضارات المعاصرة , أو الضاربة في ظلام الماضي والحضارات المستقبلة إلا عناصر للملحمة الإنسانية منذ فجر القرون إلى نهاية الزمن , فهي حلقات لسلسة واحدة تؤلف الملحمة البشرية منذ أن هبط آدم على الأرض إلى آخر وريث له فيها ويالها من سلسلة من النور !.. تتمثل فيها جهود الأجيال المتعاقبة في خطواتها , المتصلة في سبيل الرقي والتقدم .. هكذا تلعب الشعوب دورها , وكل واحد منها يبعث ليكون حلقته في سلسلة الحضارات , حينما تدق ساعة البعث معلنة قيام حضارة جديدة , ومؤذنة بزوال أخرى .
حتى يقول نقلا عن الاستاذين نبيه فارس وتوفيق حسين : " لقد سار العالم العربي في طريق الحضارة التي يسميها الناس الحضارة الغربية , وماهي إلا حضارة إنسانية استمدت أسسها من حضارات إنسانية عديدة , ومنها الحضارة العربية الإسلامية , وساهم ويساهم في إغنائها شرقيون وغربيون وملاحدة ومؤمنون , ولارجوع للعالم العربي عن هذا الطريق ولانكسة".. انتهى النقل عن مالك رحمه الله)
في تطبيق لدعوة الله تعالى المتكررة في آيات الكتاب للتقصي وأخذ العبر من القصص (قل سيروا في الأرض فانظروا)
(لقد كان في قصصهم عبرة لاولى الالباب ماكان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)
هذا هو الإسلام فكر حضاري .. والحضارة علم والعلم يتوارث في بني آدم أمة عن أمة وجيلا عن جيل .. منقوشا في الصخر أو مكتوبا في الرقاع أو الكتب .. وتلك هي سنة الله التي لن نجد لها تبديلا ولاتحويلا .. أما أن يأتي كل واحد منا منفصلا عن أصوله مقتلعا لجذوره كزرع شيطاني لاأرض له فذالك ولاريب أبعد مايكون عما أراده الله .. ولولا توارث المعارف كما أسلفت لما تورثت اللغة ولما سلمت لنا مفرداتها ولما تمكنا اليوم من نقاش آيات نزلت منذ أربعة عشر قرناعلى جماعة تبدلت أساليب حياتهم بل مضوا وتغيرت بعد ذلك لهجاتهم وانتهت ومع ذلك لازلنا أنت وأنا وهو وهي .. نقرأ مادونوه في الكتاب الكريم والكتب السابقة ونعي رغم أننا نتحدث بلهجات متباينة كل بحسب الدولة التي ينتمي إليها وأحيانا تختلف في الدولة الواحدة اللهجات .. ومع ذلك نتواصل في فهم مفردات الكتاب العامة وماأراد الله منها .. هذا يعني أنه لاغنى لنا عن علوم السابقين .. وأكرر أنني لاأختلف مع أحد في خاصية استخدام العقل والتفكر فهو أمر مندوح ولكن أرفض رفض ماجاء به علماؤنا خاصة مااتفق وكتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .. وجدير بالذكر أننا تعلمنا مذ كنا صغارا أن للإسلام قواعد ثابتة لاتتغير ..وأطر خارجية تتشكل باختلاف العصر واحتياجات الإنسان .. فحين يقول ربنا (وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) يفسر ذلك بنينا صلى الله عليه وسلم بقوله ..( ألا إن القوة الرمي) .. ورأينا من الرمي أنواعا فهناك الصواريخ والقنابل وأسلحة الدمار الشامل التي تقذف من بعد .. وهنا يأتي الحديث الصحيح المنقول عن الصحابة والتابعين والمدون في أمهات الكتب ليبن مايحل ومايحرم من تلك الوسائل المعدة للرمي .. فمثلا مايتلف الزرع ويهلك الحرث والنسل كأسلحة الدمار الشامل والقنبلة الذرية يحرم في قتالنا وإن كان ديننا يأمرنا بالرمي !
ياسادة هذا الكتاب لاينفصل عن السنة وهذه السنة جمعت بأيدي علماء ولابد من الرجوع إليها وإلى كتب الفقهاء الذين كانوا أقرب لعهد النبوة للاستفادة من مرئياتهم وفهمهم فالحكمة ضالة المؤمن ونحن قد أمرنا بأن نطلب العلم ولو كان في الصين وقد أثنى عليهم نبي الهدى صلى الله عليه وسلم في الحديث بقوله ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب ... أو كما قال صلى الله عليه وسلم ) وفي قوله أيضا صلى الله عليه وسلم ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )
أخي .. لاتناقض أبدا بين منهج العقل السليم ذو الفكر القويم وتعاليم القرآن الحاثة على التزود وطلب العلم بالقراءة حيث إقرأ والتقصي .. حيث سيروا في الأرض
دمت طيبا .. مؤمنا .. نورانيا
مودتي
واحترامي