لم أكتب خاطرة من قبل يا أمي
فقد كان ترتيب الحروف يفزعني
وتنسيقها يجهدني
وبثّ المعاني فيها يثبطني
لقد كنت أقول أنّى لي ذلك
بالرغم من المشاعر التي تجتاحني
والمحبة التي تفيض من قلبي
أرى الماء ولا سبيل إلى الورود
وتمنعني الأشواك من نيل الورود
حتى ضقت ذرعا
إلى أن دبّ في قلبي ذكرك يا أماه
فأيقنت حينئذ أن اسمك وحده خاطرة
يبثّ فيها الحياة وتنطق حروفها بالمشاعر
فلو كتبت أمي وثلمّ بعدها القلم لكانت كافية
لتنال من القلوب وتصيب منها
هي ثلاثة حروف
نستنبط منها الألوف والألوف من أجمل وأرق
وأحلى المعاني والمشاعر
اسطر الحروف وأنا أعلم علم اليقين
أن لن أوفيك حقك يا أمي
لقد بات هاجسا يؤرقني يتعبني ويقلقني
أنا لن أوفيك حقك يا أمي
أماه أنا ما سطرت حروفي للغانيات
ولم أجتثّها من قلبي لوصف الفاتنات
بل جمعت من أعماق قلبي كلمات وكلمات
وصنعت أجمل وأزهى باقة من الذكريات
ولست أهديها لسواك يا أمي
من أنا يا أماه
أنا لست شيئا من دونك
أنا شيء لا يكاد يذكر
ولولاك لكنت نسياً منسيا
أماه إلى ألان تعطفين وترأفين
فيا لله ما أقسى قلبي
ولله درّ ذلك القلب الذي حويته بين جوانحك
سبحان من زرع فيه الرحمة والرأفة
لنأكل من أطيب ثمارها
ومع ذلك قصّرنا بشكرك يا أمي
أواه يا أمي يكاد يشتعل الرأس شيباً
ولست في عينيك سوى طفلاً مدللاً
أبعد كل هذا لا تكون خاطرتي فيك جميلة
سحقاً لها إذن إن لم تكن كذلك
وعنوانها أمي
وموضوعها أمي
وصادرة إلى أمي
أماه وحقّ الذي يحيي ويميت
لن أعقّك أبدا ما حييت
وحقّ الذي يرزق ويقيت
لن أؤثر عليك أحدا ما حييت
تبّاً لكل من قال لوالديه أفّ
تباً لمن آثر عليهم أحدا من الخلق وجرح بخاطرهم
وفي الختام يا أمي
أعلم أن كل الذي قلته ولو طال قليل
ولن يوفيك حقك الكلام الطويل
ولكني أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم
أن يرزقني رضاك يا أمي
ويدخلني برحمته وبرك الجنة إنه على كل شيء قدير