شهرزاد لم الصمت ..
شهرزاد لم الصمت ..
فالحكاية ما زالت في البداية ..
أنا العنقاء التي كسر العشق جناحيها قبل أن تحترق لتحلق من رمادها في انبعاث جديد ، المطوقة بالحب الأزلي بياضا يعانق السواد ، شاخت وهي تبحر في زورق مثقوب ، سلم أشرعته الممزقة لرياح الألم ، تيمم قلبها وجهة شاطئ النسيان ، تبحث عن ترياق لكبريائها المشروخ ..
هو ذا فارسي يشق خاصرة الليل ، يدوس بقدمية أزهار البنفسج ، يزرع النرجس على ضفاف البحيرات الصافية ، يناظر أناه على سطوحها المصقولة ، يهوي بسيفه يقتل بيض الزهر التي ما ارتضت التلون ، وينحني لما تلون منها مُقَبِّلا ..
يلاحق فراشات الروض ، يداعبها بغواية شيطان ..
يقتل فيها الجمال والنقاء ، ويعلقها أوسمة فحولة على
صدر نزواته .
شهرزاد لم الصمت ..
و النبض ما استكان ولا هدأ القلب الدائر في أفلاك كُتبٍ انطوت على قصص العاشقين ..
والسهر يتثاءب على فراش الموت ، وما زال للبوح بقية ..
على أعتاب حكاياك أنتظر النهاية ، أختبئ في عباءتك المزركشة أسطورة عشق في زمن استبيحت به عذرية الهوى، وأنا القتيلة في كل فجر ..
أُحصي ليالي الخوف ، والورد تسَّاقط بتلاته ليلة بعد ليلة ذبولا على عودٍ يَبِسٍ سنَّ رماحَ الشوك نصالا تمزقها ..
وشهريار ينتظر انبلاج الفجر يتشوق لسفك دمي على نصب الحب ، وسيف مسرور يتعطش لدمي ..
هو ذا الديك يصيح شهرزاد ..
أتى موعد صمتك ، والحكاية لم تنته ..
أنا الحكاية ، أنا من مزقت الحقيقة صدري ، ونشبت إظفارها في قلبي ، وأشعلت النار في أوردتي ..
حريتي المشروخة ، حبستني خلف قضبان الحلم ، جارية من عصر الحرملك ، يتوارثني شهريار بعد شهريار ..
أنا عروس النيل ، وفرعوني ما زال يزفني قربانا كلما فاض النهر ، مزينة بالفل والياسمين ، معطرة بالبخور ، تصحبني الشموع والورود ، ودموع العذارى ..
أنا قربان النار والنور ، قربان العشق ، أنا الموؤودة من عصر الجاهلية حتى عصر العولمة ..
شهرزاد ..
شهريار أوقد شموع السهر ، ومسرور مال سيفه وارتخى عضده المفتول ..
آن أوان النوم شهرزاد ، لملمي أطراف الليل وتدثري ، وأنا سأكمل الحكاية ، لأفضح افتراءات الرواية ، سبعة أساطير أنا فيها رمز الخيانة والغواية ..
الكواعب الفاتنات ، تَزَيَّنَّ بالفل والياسمين ، حملن في صدورهن الأحلام ، العنقاء نفضت جناحيها ، حلقن حولها أسراب حمام ، اشتعلت لتنبعث من رمادها أسطورة جديدة ..