في ذمة الله ( الدكتورة المهندسة نجوى عثمان )
في حادث سير مفجع يوم الثلاثاء الفائت قضت الدكتورة المهندسة نجوى عثمان وتوفتها المنية نسأل الله أن يتغمدها برحمته ويتجاوز عنها انه عفو كريم.
لم تكن خسارة هذه المرأة الفذة أمر عابر كسائر النساء, إنها شخصية نسائية فذة وخسارة علمية يصعب تعويضها, عندما تذكر هذه المسلمة الفذة يتبادر إلى ذهني من أعلام النساء الخنساء و خولة وسكينة بنت الحسين.
هي ثمرة بيت علم وأدب فقد عرف والدها أحمد الحمدو العثمان رحمه الله بالصلاح والتقى والعلم كان حجة في النحو يقصده من أشكل عليه أمر من المختصين في النحو رغم انه لم يكن يحمل شهادة سوى مقدرته على تبسيط مسائل النحو المعقدة حتى غدا علما في هذا الباب, واستطاع أن يؤثث في نفوس أبناءه المنهج العلمي القويم فغدت أسرته منارة علمية بكل أبعاد هذه العبارة تخرجت منها هذه العالمة الفذة وجميع أشقائها, يحملون الشهادات العلمية العالية تتراوح بين البكالوريوس والدكتوراه.
حصلت على بكالوريوس الهندسة المدنية في الثمانينات من القرن الفائت وبدأت بعدها بالإعداد لنيل شهادة الماجستير في معهد التراث العربي العلمي في جامعة حلب في موضوع " الهندسة الإنشائية في مساجد حلب" حصلت عليها عام 1991 ثم حصلت على الدكتوراه في موضوع " دراسة هندسية مقارنة بين المساجد القديمة في حلب وفي القيروان." أشرف عليها د.محمود فيصل الرفاعي حصلت عليها 1998
يقول عنها الدكتور المشرف :
"لم يكن يخطر ببالي يوما أن هذه الفتاة المحجبة الخجول سوف تسافر إلى القيروان لاستكمال بحثها ولكنها فعلت!"
ثم توالت نجاحاتها العلمية و تسامقها حتى غدت علما من أعلام النساء المسلمات ومثالا للمرأة المسلمة المعاصرة تتسنم الذرى العلمية متسلحة بمنهج تربوي إسلامي أصيل متجذر في التاريخ لأربعة عشر قرنا
قدمت للمكتبة العربية مجموعة من المؤلفات :
- الهندسة الإنشائية في مساجد حلب في القرن العشرين
2- مساجد القيروان
3- النقل الداخلي بمدينة حلب
4- مكابدات لطيفة ومواقف طريفة في أحياء حلب والقيروان
5- حلب في مائة عام من 1850-1950 /3 أجزاء بالاشتراك مع الأستاذ محمد فؤاد عنتابي .
6- تاريخ الفن والعمارة
كما دأبت في الفترة الأخيرة على متابعة عدة بحوث هي :
1- ترجمة سالنامة حلب لسبعة أعوام متتالية وهي الكتاب السنوي الذي كان يصدر في ولاية حلب في العهد العثماني
2- كتاب عن أوابد حلب وعينتاب وكلس
3- متحف حلب في الفترة العثمانية.
4- كتاب توثيقي عن نقوش وكتابات الفترة العثمانية
إضافة إلى عملها الهندسي في نقابة المهندسين وعملها كمحررة في مجلة "هندسة" التي تصدر عن نقابة مهندسي حلب , وعضواً في مجلس التخطيط الاقتصادي والاجتماعي لمدينة حلب المشكل بالمرسوم 167/2008الصادر عن السيد رئيس الجمهورية, وكثير من النشاطات والندوات العلمية المحلية والعالمية والمقالات المنشورة في المجلات المختلفة والدوريات
وعلى رأس ذلك نشاطها التعليمي كمدرسة لمادة فن العمارة في كلية الآداب - جامعة حلب
يغشاني الأسى وأنا اكتب عنها وقد أصبحت في ديار الحق أسفا وحزنا, كما يتملكني الفخر والاعتزاز بهذه الشخصية العلمية الفذة وهذه الأمّة المسلمة التي ما دأبت تنجب الأفذاذ على مدى تاريخها و لا ينقطع الخير في رجالها ونسائها مادامت السموات والأرض.