حذاري من فرحة يعقبها حزن مرير , ومن لحن شجي يتبعه صمت أليم , ومن ملامح قد تغمرك بالشوق الدفين , ها أنت تعودين في عينيك دمعة صامتة وقد حذرتك مرارا لا تقتربي , النور نار تلظى إذا ما استحال القرب بعدا وظل يرن في سمعك لا رجاء لا أمل في اللقاء ..
لا تقتربي , وابقي حيث أنتِ واكتفي ببعض من الكلمات وبسمة معلقة على شفاه حائرة بينك وبينها مسافات , تهمسين :
- نلتُ ما أتمنى وأكثر , ملامح قد سكنت شغاف قلبي تؤنس وحدتي وتعطيني موعدا للفرح القادم ...
رويدك أيتها العاشقة الحالمة , لا تمُنح الآماني هكذا بسهولة , وللمستحيل ألف وجه زاجر وغاضب ومزمجر يصدك ويردك للرشد , إن أنت أدعنت للهوى واستسلمتِ ..
ها أنت ترسمين الأحلام على شاطئ العمر الحزين يمامات طائرة , محملة بالورد والرياحين والكثير الكثير مما عجز بيانك وبنانك أن يرسمه أحرفا على ورق , للقمر البعيد سحر عجيب له نبضك قد رق ومنه الحب والشوق تدفق ..لله در تلك النظرات الناطقة بالوجد والهيام لكم أسهدت عينيك وأرسلت لها ألف سهام ..
حذاري ! أن تنطلقي من أسرك , تهلكين إن فعلتِ وتعلمين أن الألم سيكبر ويكبر لا مناص من صبر يمنحك القوة على أن تجاهدي الهوى , فللهوى ألف سهم قاتل ..
تعشقين حنينه وأنينه إن أتعبه الشوق ذاك القلب الرقيق ويستهويك بآمانيه !! تستعذبين الألم حينما يطالبك بتحقيقها ! تقولين غدا لنا موعد مع الفرح , هيهات يا مغرورة الآماني , ذاك العصفور الحبيب له وطن يسكن وجدانه يحب كما يحب الصغير أمه , هو كل أحبته وأهله وعمره السعيد في أكنافه تربى وكبر , لا تنتظري أن يحلق عاليا باحثا عن عينيك الحزينتين , قدرك أن تظلي بدون وطن ..
لا تخدعك الأحلام فترفقي بنفسك , تعهديها باللين والمواساة فأنت وحدك تعلمين إن ضج السؤال إلى متى أن تجدين الجواب أن اصبري واحتسبي , أعلم يا أسيرة الحنين أي حب يسكنك وتسكنينه وأي ألم تتجرعين على مهل أنينه .. متى تستفقين من سكرة الحب ؟؟ متى تعودين أيا عصفورة الحزن و للشوق إليه رسول لا يعود إلا بجديد السؤال عنه والرجاء في أن لا يغيب أبدا عنك , وللشوق حكاية الأمس حينما باغتك بطلته البهية فكبلك الحياء أن تقولي أنت عمري , أنت سعادة أدرك أنها ليست لي , وأنت ...أنت أنا ..فرحي الذي أسلي به حزني وطفولتي الهاربة من جرح الزمن .. وأخي , نعم أخي الذي أحبه وأجله وأقدره وحنيني , أنت أنا وهل يكفي أن أقول يا أنت لا شيء يفوق أن أشعر أنك أنا , لا شيء ...
يا هذه التي تتلظى بالفراق والأنين وتحلم يوما ما بفرح يمحو سواد ليل بهيم هل لا عدت للمحراب ! فكم تشتاق العبرات إلى التدفق على وجنتيك وكم يشتاق السحر إلى همسك ودعائك , فلعل وعسى أن تغمرك السكينة ويعمك الهدوء والسلام ...