|
لولا انتظارُ حبيبٍ بالهوى ثَـمِلِ |
ما كان في الوقتِ من معنىً ولا أمَلِ |
يا سائلاً عن مدى إبداعِ مُقتَدِرٍ |
في الـخَلْقِ والـخُلْقِ أُنظُرْها ولا تسَلِ |
ترَ اللواتي رمينَ العاشقينَ بـما |
روتْهُ عنهم حكايا الأعصُرِ الأُوَلِ |
ليلى وسُعدى وسلْمى والتي رحلتْ |
من بعْدِ أن نكأتْ قلبي من الختَلِ |
لها عليهِنّ فضلٌ أنـها قبلتْ |
بأن يكُنَّ لها من جملة الخوَلِ |
تر الدّجى والضحى فيها قد اجتمعا |
والطلّ عند انحدار الشمس في الأُصُلِ |
تأتِ الصَّبا بنسيم العطرِ مثقلّةً |
من الخُـزامى بروضٍ حُفَّ بالأثَلِ |
تر الضبابَ يغطي في الربى أَكَماً |
يأتيك منها صُداح الطائرِ الجَذِلِ |
كأنّهُ طيرُ مجدي في سعادتهِ |
إذْ عهدُهُ منه إخلاصٌ فـلمْ يَحُلِ |
وإن سقتكَ الحُمَـيّا من لمى شفَةٍ |
أو بعضِ ألفاظِ بيتٍ غيرِ مُكْتَمِلِ |
طَعِمْتَ حِكْمَةَ سُقراطٍ ومنطِقَهُ |
صيغا بفصحى تناهت من بني ذُهَلِ |
ما أبحُرُ الشّعْرِ إلا بعضَ مِشْيـَتِها |
ما بينَ مُقْتَضَبٍ منها إلى رَمَلِ |
فاقت قصائدَ شوقي في بلاغتها |
قصيدةٌ والرويُّ العينُ بالكَحَلِ (1) |
إذا أطلّت ترُدّ الرّوحَ طلعتُها |
ببسمةٍ فـي ثنايا الغيبِ لم تزَلِ |
فإن دنت في هَيولى الوصل حافلةً |
كروضةٍ بزهورٍ غايةِ الرّتَلِ (2) |
منها تهبّ الصَّبا بالعطر مثقلةً |
من الخزامى بنجدٍ حُفَّ بالأثَلِ |
ومالَ لَصٌّ بوجْنتها على شفةٍ |
فخِلْتَها ومضتْ والشكُّ لم تَخَلِ (3) |
ماجت بحارٌ ومادتْ في الذّرى قُلَلٌ |
يا ريحُ إعصفْ ويا أمطارُ فَلْتَبِلي (4) |
فالكونُ فيما أراه اليومَ محتفلٌ |
كأنه راقصٌ من روعة الغزلِ |
وأنتَ من أنتَ ؟ يا مسكينُ مؤتزراً |
تمالُكَ النفسِ في شيءٍ من الوجلِ (5) |
هلْ صخرةٌ أنتَ لا حِسٌّ ولا خبَرٌ |
أكادُ أسألُ قل لي، لستَ بالرّجلِ؟" |
رُحماكَ يا صاحبي فالقلبُ مُصْطَخِبٌ |
يكادُ يخترقُ الأضلاع في رَمَلِ |
بل إنه لاختراقِ الأفْقِ في شغَفٍ |
يسري إليها على ألْفٍ من الكِيَلِ(6) |
وإنّـما بـيَ جُرْحٌ قد تعمّدني |
تصابُ من طعْنهِ الأعضاءُ بالشّلل " |
أكلُّ هذا وجرحُ الأمسِ ذو وَخَضٍ ؟ |
قل لي إذن، أغرامٌ فيك بالعِلَلِ ؟" (7) |
ما بـي غرامٌ بـها إنـي لأكرهها |
لعلّ فـي ما ترى بشرى بـها بَلَلي" |
لكن بربّكَ هل تهواكَ فـي شَغفٍ |
حتى تزُفَّ لـها الأشعارَ فـي تَبَلِ." |
شيءٌ من البوحِ في قلبي لذاذتُهُ |
قالتْهُ لـي نظرةٌ منها بلا أبَلِ (8) |
حديثُ قلبيَ إنـي لا أكذّبه |
فلم يكن في دروبِ العشقِ ذا خطَلِ |
لولايَ أثْـمَلْـتُها حبّاً بـمطلعها |
لظلَّ جُـلُّ قصيدي غيرَ مكتَمِلِ |
تقولُ هذا لإرهاصاتِ بسمتها |
فكيفَ حالكَ يا مسكينُ إن تصِلِ |
حالُ الذي ملكَ الدنيا فأعتقَها، |
وصْلُ الأحبّةِ عندي غايةُ الأمَلِ |
أبعد كل الذي قد راحَ من عمُرٍ |
هناكَ متّسَعٌ يا صاحِ للغزَلِ؟ |
إلّـا يكنْ لِـهَواها فيّ مُـتَّسَعٌ |
فليسَ لي فـي حياتـي غيرُما أجلي |
عِشْرينَ من عُـمُري تَعْني هُـنَـيْـهَـتُـها |
فربَّ ثانيِةٍ شدّتْكَ للأزَلِ |
قصيدتي لَقْطَـةٌ من فَيْضِ جَنَّتِهـا |
أنعمْ بـها لجنان الخُلْدِ من مَثَلِ (9) |
وظلّ شطرٌ أَأُخفيهِ ؟ أَاُظْهِرهُ ؟ |
ما أقْـرَبَ الـحُبَّ من أُرجوحةِ الخبَلِ !! |
وليسَ فيه سوى الإيـجازِ يُحرِجُني |
مطِـيَّـةً ذاك ما ينفَكُّ للخَطَلِ |
أَصُونُـهُ إنّما يُـبْدي بِهِ طرَبـي |
إنّـي أُحِبّكِ يا دُرِّيَّـةَ القُبَلِ |
وقبلةُ الشّعر من حوريّةٍ هبطتْ |
من الجنانِ تعالت عن مدى الزّللِ |