كل الأنامل لامست من راحتيكِ
كل العيون تنفست كأس الصبابة من محيا وجنتيكِ
كل اللغات استرسلت لتصوغ حرفا حاملا شوقا إليك
كل النسائم داعبت خصل الجدائل المسدول حتى عاتقيك
أما أنا : قالوا يداك ملطخةٌ
لا تمتلك بعض الحنانْ
قالوا لغاتك معجمة
هي تفتقد ثََمّ البيانْ
قالوا عيونك مظلمةٌ
أنّي ستنظر بالعشي الغيدَ أو وجهَ الحسانْ ؟
ثم ارتضوا لي منك أسباب الشجونْ
و اغتِيلَ صبحي و الرؤي قد
أُودعت من بطشهم ظلم السجونْ
و الحرف من لغتي يؤازر محنتي
و يقول أبدا لن تهون
و رفعت كفُّي كي ألاحظ ما ادعوَا
فلربما كانت أكفي مصدرا للبغي أو حبا تخونْ
فإذا الظلام يلفني قالوا صدقنا
ذي عيونُك مسّها الإظلامُ فلبئست عيونْ
فرفعت كفي حرّقوه
نطق اللسان فألجموه
و سرائرُ البوحٍ الذي سكن الحنايا عذبوه
أما لهيب الشوقٍ في قلبي حذارِي مرةً أن يقربوه
فهو القرارُ لمحنتي و مواجعي
و يكفكف العبراتِ إنْ يوما تحرّق أضلعي
و هو اللظى إن شم نسمتها الرقيقة مدعي
يممتُ قلبي نحو قلب حبيبتي
و كتمت آهي في دياجي محنتي
لملمت شعثي و استكنت لغربتي
و صبغت بالنسيان كل كتابتي
و صرخت بالصمت الذي اغتالوه رغم فصاحتي
فرأيت وجه الحب مرتسما علي زنزانتي
ناديتها عل الذي قد كان بين قلوبنا
يأتي فيشفع للحبيب من الضنى
فإذا الجدار يئن من حرفي أنا
و إذا القيود الصم ترسف من ندائي في العنا
و إذا رسول الشوق مصلوب علي أعتابنا
أما هي
حالت حبائل مكرهم ما بيننا
مع أنها كانت لقلبي سوسنا
كانت لنور الشمس نورا واسنا
كانت لكل اللغات الكون ثغرا لاسنا
كانت تحن علي المواجع كلما نجم تهاوي أو سما
و ُطردتُّ من قلب الحبيبة مرغما
و استبدلوني بالخؤون منادما
كل الذي قالوه عني يا حبيبة صدقيه
أن الخيانة في دمائي سلعةً
و أنا الذي ما ثرت يوما للوطن
أو انني للعشق لم اك مؤتمن
أو أنني بعت الدماء بلا ثمن
أو أنني عار علي هذا الزمن
أو أنني ماض لحتفك غيلةً
ما دام قلبك للخؤون غدا سكن
ثم ارشفي نخبا علي الماضي التليد
و تجرعي من شهدهم كأس المذلة من جديد
و دعي فؤادي و ارحلي
أو فالْعني من كان سببا في الفراق و في الصدود