أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 18

الموضوع: ثقافة الثقافة

  1. #1
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.26

    افتراضي ثقافة الثقافة

    لا إخال معنى ظلم في أذهان العامة والخاصة كمعنى الثقافة سواء بمدلولها اللغوي أو بمدلولها الاصطلاحي ، ولا أحسب إلا أن الابتسار والاجتزاء وفق الأهواء غلب دوما الرؤية الشمولية للكينونة وأذهب الرؤيا الواعية للكنه والمضامين. تلك معضلة لم تقف عند حدود عالمها بل تعدتها إلى نتائج متعددة في مستويات مختلفة أربكت القدرة المنطقية الحقيقية واضطربت بها الصورة العامة عند الملقي والمتلقي على حد سواء ثم انعكست هذه النتائج على تشكيل الوعي وتصريف المفاهيم وصقل الشخصية الفردية والهوية الجمعية اجتماعيا وأدبيا وسياسيا وأخلاقيا.

    ولكي يتم الوصول للإدراك المنصف للمعنى ويكمل التعاطي للمفهوم الشامل للثقافة فإن الحاجة تصبح ملحة للإلمام المتكامل بالمدلول اللغوي من جهة والمدلول الاصطلاحي على اتساع الرأي فيه وتباين الاتجاهات بخصوصه. أما المعني اللغوي فهو الحذق والفطنة والمهارة والإدراك ؛ فمن ثقف الأمر ثقفا وثقافة فقد أدركه ووعيه بفطنة وتمكن منه يديره كيف شاء. وبهذا يتضح أن الثقافة ذات أبعاد وآماد أكبر وأوسع مما يروج له ، بله ويتسع التصنيف للمثقفين إلى أبد من حصرهم في بعض أدباء أو فنانين أو إعلاميين إلى اعتبار كل ذي وعي شمولي ومعرفة صادقة ذات أرب مثقفا. وأما المعنى الاصطلاحي فهي تتدرج من اعتبارها وصفا لطبقة الأدباء والمشتغلين بالفنون الإنسانية إلى اعتبارها وصفا لمجموع العلوم والمعارف والفنون التي يدركها الفرد إلى اعتبارها معنى مرادفا للحضارة أي مجموع العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية والمثل الأخلاقية وكل ما يتصل بحياة الناس من علوم ومعارف وفنون وخصائص وصفات.

    وبهذا المنظور فإنني أرى أن الثقافة هي حالة إنسانية شاملة وهي في حقيقتها انعكاس لمجموع القيم والمثل والرؤى والمعرفة التي حذقها الفرد وصهرها وعيه في بوتقة العقل والإدراك لتصقل الشخصية بكل ما مر بها من خبرات ومعايشة ومعارف تنعكس عليه كوحدة بنيوية للمجتمع وتتسع حتى تشكل حضارة أمة وتاريخ شعوب. وأرى كذلك أن مفهوم الثقافة هو أكر مرونة واتساعا وشمولية مما يروج له في الأوساط المثقفة وفي وسائل الإعلام بما يظلم المعنى الحقيقي للثقافة ويضر بالرؤى المعرفية والعلوم الإنسانية حين يضيق المغرضين واسعا ويحرفون معنى ساطعا ليخدم مصالحهم أو يحقق أربهم.

    ولعل من أبرز إشكاليات الطرح في هذا المجال هو الخلط بين العلم والثقافة أو لنقل العالم والمثقف ذلك أن البعض يرى في العالم مثقفا أو العكس وهذا خلط فيه خطأ وخطر. إن الفرق بين العالم والمثقف جد شاسع كالفرق بين العمومية المعرفية والتخصص فيها؛ فالعالم هو الذي يعرف كل شيء في مجال مخصص لا يتعداه إلى غيره كالطبيب يجيد علاج الأمراض ولكنه لا يلم بعلوم وآداب وفنون أخرى. وأما المثقف فهو الذي يعرف عمومية الشيء من كل شيء بما يشكل لديه وعيا أكثر اتساعا وشمولية ويرسم صورة للحياة وللمجتمع أكثر وضوحا. وعليه فإن العالم يمكن أن يصبح مثقفا متى تزود بالذخيرة المعرفية الكافية في عموم المعارف الأخرى ، وكذا يمكن للمثقف أن يصبح عالما متى تخصص في معرفة أصول علم ما وألم به إلماما دقيقا ، ولكن بدون هذا لا يجوز الخلط بين هذا وذاك وإلا عد ذلك من الخطل.

    والعلاقة بين جدلية المفهوم وإشكالية الفهم دائبة دائمة تتمحور عادة حول الرؤى الانطباعية للفرد والتوجه المعرفي من جهة والمنفعي من جهة أخرى بما دفع عجلة التشرذم الفكري والتشتت السلوكي إلى سرعات كبيرة تنأى بكل فصيل على حدة وتدفع كل فريق إلى تطرف في المواقف باعتماد ثقافة الإقصاء والإحلال معتمدين على عوامل عدة أهمها موازين القوى والوسائل المتاحة لتحقيق التفوق في هذا الصراع لا أقول الثقافي بل المنفعي. ولعل أبرز مظاهر هذا الصراع تتبلور في الإطروحات الفكرية والأيدولوجيات الفلسفية كقضايا العولمة والاستغراب ، وكذا في الإطروحات الأدبية والأساليب التعبيرية كالحداثة مقابل الأصالة والانعتاق مقابل الانغلاق. وهنا نجد أن كلا الطرحين يحمل ذات السمات من التطرف وتفرد التصرف بما يؤذي المشهد الثقافي العربي بشكل كبير ويغرقه في خصومات وصراعات تشغله عن العمل الثقافي المتزن والمنصف ذي الأرب وذي الطرح الموضوعي.

    إن المشهد الثقافي العربي في أزمة حقيقية تستوجب من كل صادق غيور وقفة جادة ونظرة متفكرة في حقيقة ما يدور وصلته بالواقع من جهة وبالواقعية من جهة أخرى وقياس ذلك كله على المعنى الحقيقي والصائب للثقافة للخلوص إلى رؤية نزيهة وراشدة يتم اعتبارها والتوافق عليها كأساس حل وتأطير. وإن من غير المعقول ولا المقبول اعتبار كل من حفظ بضع كلمات ذات مدلولات فضفاضة من ألفاظ يبهر صرفها ويقفر حرفها فلا يقدم شيئا ذا قيمة واضحة أو بيانا محددا يمكن نقضه أو البناء عليه. إن ألفاظا من مثل "أطر ومرجعيات ومرتكزات وانعتاق وأشكاليات وجدليات ومشارفات ومقاربات" وغير ذلك من مثل هذا لا يمكن أن تصنع مثقفا حقيقيا ، وإن التشدق بألفاظ أعجمية والحديث عن بعض نظريات غريبة مستوردة دون إدراك لها ولنظريات واقعه ومجتمعه لا يمكن أن يصنع مثقفا حقيقيا ، وإن حسن الهندام وتنميق الكلام ومخالفة الأفهام لا يمكن أن يصنع مثقفا حقيقيا.

    إن الفرد ينشأ في بيئة تشكله وطبيعة تصقله فيتأثر بها ويؤثر فيها وترسم ملامح هويته الثقافية سواء بمعتقده الذي يؤمن به ويلتزم منهجه أو بموروثات العادات والتقاليد التي يجب أن لا تخالف عقيدته ولا تجانب منطقه وعقله الراشد وعليه فإن الثقافة هي ابنة بيئتها الشرعية ونبض الفرد المنسجم في جماعته تأثرا وتأثيرا رقي كمال ورونق فضيلة ، ومتى خرجت ثقافة الفرد عن واقعه وبيئته فإنها تصبح بلا ريب ابنة غير شرعية ودخيلة لقيطة لا يقبل بها المجتمع ولا تتقبلها النفوس المتأصلة انتماء ووفاء للهوية وللمعتقد. ولقد يرى المرء بعض من يروج لثقافة دخيلة متفاخرا بذلك باعتبارها درجة عليا ومنطقا سائدا غالبا في هذا المجال ، ويكون التركيز أكثر ما يكون في هذا المجال في ركوب موجتي العولمة كإطار فكري والحداثة كإطار أدبي ومن ثم الاستغراق في مرحلة التهويم التأويلي للرمز حتى يخرج من إطر الثقافة الحقيقية ذات الأرب إلى أطار ضيق يتقوقع في برج عاجي وينفصل عن واقعه ومجتمعه يصبح غريبا عنه لا يتأثر به ولا يؤثر فيه. بذا تفقد الثقافة مدلولاتها ، وتخسر دورها المهم في التشكيل الحضاري للأمة ، وتولد فجوة عميقة بين المثقف ومحيطه لا يمكن ردمها أو مد جسور للوعي فيما بينه وبينه.

    ولعل أحد أهم إشكاليات المشهد الثقافي العربي هو هذا الصراع بين الانعتاق والانغلاق باعتبارهما بديلين حتميين لا ثالث لهما وفي هذا عند كل ذي رأي حصيف ما فيه من اللغط والخطل والتطرف الذي لا ينفك يوقعنا في مآزق ثقافية وحضارية عديدة. إن جلد الذات والتنكر للأصول والانبهار بكل ما هو غريب ومستورد وصولا للتبعية والتقليد الأعمى لا يزيد سوءا عن التقوقع والانطواء على الذات والتشبث الجاهل بكل موروث دون تقييمه وتقويمه ؛ هذا يقضي على الخصوصة الثقافية والهوية بكل مثلها الأخلاقية وقيمها الإنسانية ومناهجها الفكرية والفلسفية ، وذاك يؤدي حتما إلى التخلف عن الركب الحضاري الإنساني ويعزل الأمة عن باقي شعوب الأرض. وأزعم هنا بأن الوعي الفكري والإدراك الجمعي هو ضرورة وحاجة ملحة لتحقيق معادلة التوازن المناسب تأثيرا وتأثرا بالحفاظ على خصوصية الهوية الثقافية والانفتاح على الثقافات الأخرى دون تبعية أو انصهار.

    ولا ريب أن تطور العلوم وتراكم الخبرات الإنسانية وظهور الرسالات السماوية قد منحت الإنسان قدرة راسخة على التطور في كافة المناحي الثقافية وصقلت الكثير من أفكاره وطباعه ووسائل التواصل مع الذات ومع الآخر بشكل أكثر فعالية ، ونظم علاقته بالطبيعة والبيئة المحيطة وفق ضوابط وقيم محددة دون أن يكبح جماح الإبداع في المجالات العلمية والفكرية والعلوم الإنسانية. وما الإبداع إلا وليد ثقافة سوية خصبة تخرج من رحم المجتمع لتعكس حضارته باستعدادات متفاهمة واتجاهات متقاربة وأذواق متناسبة. فالتطور الذي يشكل هاجسا لا مبرر له عند الكثير من المهتمين بالحراك الثقافي إنما يكون نتيجة حتمية وحالة طبيعية للممارسة الثقافية لا تحتاج إلى قسر أو قصر.

    ولعل أكبر معضلة تؤذي المشهد الثقافي العربي في العقود السابقة حتى اللحظة وتضر بكل حراك فيه هي الترويج العجيب للثقافة الهزيلة إن جاز أن نسميها ثقافة بادئ ذي بدء وتقديم أصحابها على تباين أحوالهم من جاهل متنطع إلى طامع متستر إلى خائض متذمر إلى مارق مغرض كرموز ثقافية وقيم ذات قدر وقدرة ترسم ملامح المجتمع الثقافية وهي التي لا تعبر عنه ولا تتواصل معه بل ولا تتماهى أو تتقاطع مع حاجاته الأساسية أو متطلبات كينونته البنيوية أو التفكيكية. إن مثل هذا الترويج قد فصل بين الثقافة والأفراد وين المثقف والمجتمع إن لم يكن قد وأد كل علاقة ممكنة بينهما بالغربة التي أوجدها مجموع المعطيات الفكرية والأدبية والاجتماعية والعقدية ناهيك الإدراك الفطري والممارسة العملية. لقد كفرت معظم المجتمعات العربية بالثقافة ودورها وتحولت في أذهانهم من مفاهيم وقيم ترسم ملامح الشخصية الثقافية للفرد وللمجتمع وتعكس مستوى الحضارة والتطور له إلى حالة من الترف والتعاطي الذاتي المنحصر بين مجموعة من الأفراد تسكن أبراجا عاجية وتتحدث عن قضايا غريبة أو غربية لا تمس واقع المجتمع ولا تهتم بما يريد. وتقع مسؤولية هذه الظاهرة على محورين أساسيين ؛ محور المثقف الحقيقي والمشتغل بالعمل الثقافي من جهة ، ومحور الإعلام والقائمين من جهة أخرى.

    أما المحور الأول محور المثقف والمشتغل بالعمل الثقافي فيكمن في نكوص المثقف الحقيقي عن القيام بدوره الجاد والثائر ومواجهة الواقع الثقافي المفروض والمرفوض بقوة وثقة ووضوح ، وكذا في زهد جل المثقفين الحقيقيين وانشغالهم عن شخوصهم بنصوصهم بما يترك فراغا يملأه الهواء الفكري أو الهراء الأدبي أو العبث الفني تسود بها ثقافة الخواء وتحذلق الأدعياء. والمشتغل بالعمل الثقافي يكرس غاية جهده للأسف للتناول النقدي والتنظير المنهجي لأمثال أولئك من أدعياء الثقافة ممن حظوا بتلميع إعلامي ونجومية مصطنعة بحثا عن استفادة سريعة ومباشرة ونحتا على منوال من سبقهم في هذا وارتكازا على دراسات ومقاربات تمت حتى كأن ما في الحي إلا عمرو كثير القول قليل الفعل ضحل التجربة عميق الذربة ، أما زيد الذي يجد في أمره ويصدق في فعله ولا يكثر من لغوه فهو مهمش مهمل باعتبار قيمة المنفعة الذاتية أو المصلحة الأنانية.

    وأما المحور الثاني الذي هو الإعلام فهو بحق مالا عليه تقع جل المسؤولية وعظيم الملام بهذا التوجه الذي يتنكر لواقع الأمة ويتسابق في الترويج لثقافة الآخر وتقديم تلك الرموز الثقافية المصطنعة تمثل المشهد الثقافي العربي ، وتلك الفئة إما مدركة مغرضة وإما جاهلة معرضة. وأما الإدراك والإغراض فهو حالة سائدة مستشرية في المشهد الإعلامي العربي سواء من حيث التبادل المنفعي أو من حيث التوجه المنهجي بين تلك الرموز المصطنعة وبين القائمين على العمل الإعلامي الثقافي بدوافع ذاتية أو خارجية. وأما الجهل والإعراض فهو حالة متنحية تبرزها أبواق إعلامية مقلدة ومتبعة تحسب الشحم في الورم ولا تدرك السم الذي في الدسم ولا تسمع لنصح ناصح أو تذكير غيور. ولا يمكن لأي كان أن ينكر الدور الكبير والخطير للإعلام في رسم ملامح الشخصية الإنسانية وتوجيه الرأي وصقل النجومية وإقناع المتلقي بما تريد خصوصا في ظل هذه الثورة التقنية وثورة المعلومات والاتصالات ، وهذا يدفعنا لتوجيه إصبع الاتهام للإعلام العربي مسؤولا أساسيا عن هذا الانحطاط الثقافي وهذا التدني الحضاري ونطالب بتصحيح للمسار الإعلامي والاهتمام بالأعلام والبعد عن اصطناع النجوم الإعلامية والثقافية التي لا علاقة لها بهذا أو بتلك ، ونؤكد على ضرورة الارتكاز على أسس الهوية العربية دينيا وأخلاقيا وأدبيا وفكريا والابتعاد عن مسارات التبعية والتعاطي المنفعي في المشهد الثقافي العربي. ونؤكد أن ما يعنينا بهذا الصدد هو المكون الثقافي لمفهوم الهوية، الذي يعتبر أساسياً في تعريفها، نظراً إلى أن الهوية الثقافية يندرج تحتها النظام القيمي والأخلاقي والإبداع الفكري والأدبي والفني لكل أمة أو شعب بما يسمح بالتحقق من مدى صدقية الحديث عن خصوصية وتمايز هذه الهوية من جهة، ومدى قدرتها على التفاعل مع غيرها من الهويات الثقافية الأخرى الموجودة بشكل إيجابي، سواء على الصعيدين المحلى والإقليمي، أو على الساحة الإنسانية من جهة أخرى.
    وعبر تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، تأكد وجود هوية ثقافية متميزة للأمة على رغم فترات جزر أحياناً، وقد اتسمت هذه الهوية بالانفتاح والتفاعل الإيجابي ليس فقط مع هويات ثقافية مواكبة لها زمنياً وجدت في مناطق أخرى من العالم، بل أيضاً مع هويات ثقافية سابقة عليها، وأخرى متفرعة عنها. إلا أن التحدي الأكبر الذي واجه تلك الهوية الثقافية – ولا يزال - هو المواجهة مع الثقافة الغربية التي نجحت بدرجة كبيرة - وفي الطور الحالي للعولمة - في فرض نفسها على بقية العالم باعتبارها الثقافة العالمية أحياناً والمنتصرة أحياناً أخرى، مدعومة بالطفرة العلمية والتكنولوجية المتسارعة وبثورة المعلومات والاتصالات التي يكاد الغرب أن يكون محتكرها. وتنوعت الاستجابات الفكرية إزاء تأثيرات العولمة في مرحلتها الراهنة على الهوية الثقافية العربية الإسلامية، ما بين دعوات للرفض والمقاومة واتجاهات لممارسة النقد الذاتي لإصلاح الحال الداخلية حتى تكون مستعدة للمواجهة مع طوفان العولمة، ونصائح تبين الغث من السمين ضمن ما تلقى به أمواج العولمة من أفكار وقيم ومنتجات قد يصلح بعضها لإنعاش هويتنا الثقافية، ودعوات إلى تبنى منهج ثقافي جديد يرسم ملامح استشراف لمستقبل أكثر وثوقا بالمرتكزات وأجرأ تفاعلا مع مختلف الثقافات من جميع الحضارات.

    إنني أطالب أصحاب القرار السياسي والإعلامي بقراءة واعية لكل أبعاد المشهد الثقافي وفق ما أوضحنا وتحري التناول الحصيف والمنصف تقييما وتقويما وصولا إلى أساليب توضيح وآليات تصحيح يعيد ثقة المجتمع بالثقافة والمثقفين ودورهم في المساهمة الفاعلة في رصد واقع هذا المجتمع وعكس صورة مشرقة له في الوجدان الإنساني وأن يكون نبض الواقع ولسان حال البيئة التي ينطلق منها ويعبر عنها. ونحن أحوج ما نكون إلى ترسيخ ثقافة الثقافة والتأكيد على أهميتها ودورها الريادي في بناء الحضارة الإنسانية والإثراء المعرفي والأخلاقي والسمو بالذات نحو آفاق أرحب وأرقى.

    بكلمات أخرى نحن بحاجة إلى ثورة ثقافية سلمية بدعم سياسي وإعلامي تعيد ضبط المعادلة المعكوسة وتفعل الدور الثقافي الريادي في التوجيه والقيادة وتحث على الإبداع وإسناد الأمر إلى أهله دون مجاملة أو مخاتلة والبحث عن الكنوز المخبوءة والدرر المكنونة في أعماق المجتمع والكف عن ثقافة الصدف ، والعمل على تأسيس متين لبناء ثقافي واحد يحركه إرث مشترك دونما تجاهل وجود تعددية محمودة داخل إطار هذا البناء.



    نشرت في مجلة مدارات الصادرة عن وزارة الثقافة الفلسطينية
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    الصورة الرمزية زهراء المقدسية أديبة
    تاريخ التسجيل : Jun 2009
    المشاركات : 4,596
    المواضيع : 216
    الردود : 4596
    المعدل اليومي : 0.85

    افتراضي

    الأستاذ الكريم سمير العمري

    من عنوانك نعلم عمق الأزمة التي نعيشها كأمة إسلامية عربية

    للأسف مثقفونا أصبحوا قسمين
    هناك المثقف العضوي و هناك المثقف المزيف
    الأول يحاول أن يفعل ويفيد مجتمعه مما يعلم
    لأنه يدرك أن الثقافة هي فكر وسلوك وليست مجرد كم من المعارف والعلوم
    ولا فائدة مما خزن من معلومات إن لم تفده في الحكم على مجريات الحياة
    وتطوراتها وقضايا أمته المتجددة دوما
    ولكنا نجده محارب ولا يراد لصوته أن يعلو

    أما المزيف فهو صاحب الوجه الإعلامي المشهور
    يعلم ويا ليته لم يعلم
    برأيي هو أشد خطورة على أمته من أعدائها لأنه اليد الفعلية المساندة
    لها في تدمير الأمة وأمثاله كثر في وقتنا هذا

    للخروج من المأزق نريد ثورة ثقافية سلمية مدعومة سياسيا واعلاميا كما قلت
    ولكن هل ترى ذلك متاحا ومجال السياسة والإعلام محتلين؟؟
    وهل يبدأ التغيير في المجالين السياسي والإعلامي لنضمن التغيير في المجال الثقافي
    أم تغيير ثقافي يعمل على تغير الواقع السياسي والإعلامي؟؟؟

    بنظري نريد ثورة شاملة على كل صعيد
    لأنه في كل صعيد هناك أزمة

    مقال قيم هو دراسة واعية لواقع ثقافي عربي
    نرجو له حالا أفضل

    دمت بخير وبوركت جهودك
    ـــــــــــــــــ
    اقرؤوني فكراً لا حرفاً...

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    الدولة : سيرتـا
    العمر : 46
    المشاركات : 3,845
    المواضيع : 82
    الردود : 3845
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    الدكتور / سمير العمري

    مقالة هامة جدا و ثرية في مجمل ما تطرقت له من تعريف و رؤية و مناشدة ، و لعلك أصبت كبد الحقيقة بوقوفك على نقاط كثيرة سواء فيم يتعلق بالمفاهيم السائدة أو الممارسات الموجودة على أرض الواقع .

    أرى أن الإعلام أساء للمثقف و بروزه في إطار غير إطاره الصحيح ، و كما تعلم بدون أدنى شك أن المثقف في زمن مضى كان العامة من الناس ينظرون إليه من خلال الشكل فقد كان الهندام و النظارات و حمل الجريدة من السمات التي تميز المثقف آنذاك - و ليتها بقت إلى يومنا كذلك - لأن الإعلام العربي الآن يمثل العامة من الناس آنذاك ، فالتبرج و الإباحية و الأدب المكشوف عناوين الوصول و الشهرة و الاهتمام ، و لكن الأدب كقيمة فكرية و جمالية بمنظور الالتزام أصبح موضة قديمة لا تساير التطور المادي أو تقدّم مادة اعلامية ساخنة - إن صح التعبير - و لذلك أصبح المثقف الحقيقي مهمشا مجتمعيا و اعلاميا و وظيفيا ، و داستهُ كل الخطوات التي تتقن فن تمثيل الثقافة - لا الثقافة نفسها - و لعلّ ما حدث من أيام خلت مع صديقنا الضميري يضعنا أمام الصورة الواقعية التي أصبح عليها المثقف في عصر العولمة و امتلاكه الأدوات المادية التي يفعل بها ما يريد ، و هذا يضعنا أمام تساؤلات كثيرة ، أهمها هل صفة المثقف أصبحت في زمننا اكسسوارا ليكتمل حسن المظهر ؟؟؟
    نعم أعتقد ذلك للكم الهائل من الذين يدّعون الثقافة على الشاشات التي أصبحت تغطي عين الشمس يوميا ، و بأداء ركيك !!

    أعتقدُ أن المثقف اليوم أصبح مادة صناعة مزيفة ، و هذا ما يريده ساستنا اليوم ليستمروا في نهبهم لثرواتنا المادية و الفكرية و الحسية لم لا ، المهم أن يظلوا دون رقيب حقيقي أو قيادة شعبية لا يمكن لها أن تقوم أبدا ، ما دام المثقف مخلوع الكتف ، مهترء الأسنان ، فاقد الروح و الحيلة ، و لذلك أعتقد أن مطالبتك أصحاب القرار السياسي -و هم نفسهم بنظري أصحاب القرار الإعلامي - لن تجد لها صدى في نفوسهم أو عقولهم الفارغة من كل شيء إلاّ من دهاء يجعلهم على رؤوسنا و فوق رقابنا .

    لذلك حسب رؤيتي المتواضعة يجب أن يكون الحراك الحقيقي قاعدي و ليس رأسي ، و هذا لا يتأتى فعلا إلاّ من خلال ثورة يقودها المهمشون ، بمساندة المثقفين الحقيقيين الذين وصلوا بطريقة أو بأخرى إلى مواقع سلطوية ما ، و لكن رغم ذلك تبقى المعضلة ، لأنه و كما ذكرت فالصراع لم يحسم بعد بين أصحاب الأصالة و الحداثة ، فأيهما سيسود ؟؟؟!!

    ثقافة الثقافة / معضلة يا سيدي !!

    إكليل من الزهر يغلف قلبك
    هشـام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.26

    افتراضي


    الأخت الكريمة زهراء المقدسية:

    الحقيقة أنني سعدت بردك جدا وقد لخصت الواقع الماثل بكلمات مختصرات تفيض بالوعي ، ولا يزال الواقع العربي يرزح تحت نير هذه الحالة الاستعمارية الذاتية يوم سيطر السياسي المفروض على شعبه فرضا والمنتمي لغيرهم توجها وتصرفا على الواقع الإعلامي الذي هو بمثابة الخطر الأكبر على الأمة حاليا باعتبار هيمنة المزيفين ومدعي الثقافة على المشهد الإعلامي والثقافي العربي.

    ولعلني توقفت كثيرا أمام سؤالك الحكيم عن ماهية البداية ومكانها لأجدني أدرك معك صعوبة الأمر ومثل هذا التساؤل لطالما انسحب على قضايا مختلفة في ظاهرها متفقة وفق تقجيري في جوهرها وهذا السؤال هو .... هل نصلح القاعدة أم نصلح رأس الهرم؟؟

    وللحق هذا السؤال ذاته يثير مجموعة من الشجون والأسئلة الأخرى كون أمتنا اعتادت آليات القهر والاستكانة حتى ترسخ فيها أسلوب التصحيح من أعلى إلى أسفل أي من القمة إلى القاعدة ، وبهذا نعم يمكن أن يكون هذا طريق جيد وسهل وسريع ، ولكنني وللحق لا أراه الأنسب والأدوم والأصح.

    ورأيي هو أن التصحيح الجذري يجب أن يبدأ من القاعدة التي تنتج الهرم كي يكون هذا التصحيح راسخا ودائما لا يتغير معه الحال كلما تغير رأس الهرم فنرهن حالنا ومستقبلنا في يد غيب قد يأتينا بصالح وقد يأتينا بطالح وما أكثر الطالحين في واقعنا!

    الحل إذن في تقديري يبدأ من اللبنة الأساسية التي هي الفرد ذاته وأن يستشعر كل فرد مسؤوليته عن فساد الأمة دون أن ينشغل بلوم غيره ثم أن يبدأ في إصلاح نفسه ثم محيطه شيئا فشيئا كدوائر الماء التي يلقى فيها حجر الضمير.

    ثم يكون الأمر من خلال دعم منابر ثقافية ذات جدية ومصداقية كقنوات فضائية مميزة رغم قلتها ومقاطعة ما سواها ، وكذلك اعتماد الإعلام من خلال الشابكة ودعم كل موقع له توجه سامق ونزيه وإعلام حر يتبناه لصالح الأمة ولعل رابطة الواحة الثقافية خير مثال على هذا الأمر ورائدة في هذا المجال ، ويمكن من خلال العمل المشترك والدعم الصادق في الجهد وفي العمل وعلى جميع الأصعدة الأدبية والفكرية والمادية والمعنوية استحداث آليات عمل ناجعة يمكن أن تقف بقوة في وجه الإعلام الساقط المتهافت وتمثل بداية مسيرة تصحيح سوية.

    نعم المعضلة كبيرة ومشكلة الأمة هي في فقدان هويتها الثقافية وتبعية هويتها الإعلامية والسياسية ، وقبل هذا وذاك في استكانة الشعوب وتخاذلهم وتواكلهم وخشيتهم من كل شيء وأي شيء.

    أرجو أن أسمع رأيك فيما طرحت.


    تحياتي

  5. #5
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    د.سمير الأديب و المفكر المثقف
    موضوع على درجة عالية من الأهمية ,فالنخب المثقفة و الفاعلة في الساحة الثقافية و الجماهيرية في مقدمة صانعي التغيير لا اللحظي التكتيكي لكنه التغيير الاستراتيجي المستقبلي لأنها إنما تطمح لصناعة جيل التغيير و إعادة الصياغة وفق مقومات الاستخلاف و الشهود و الإحسان.
    أذكر مرة بعث للمثقف و المفكر زكي الميلاد استفسارا جاء منه :

    ..... من مرتكزاتكم الفكرية المسألة الثقافية لي استفسار:
    تعتبرون المسألة الثقافية أساسية و منهجية كخطوة في سبيل التقدم,ألا ترون أن مصطلح الثقافة مصطلح غير منضبط تعددت حوله التعريفات إلى حد أن كل مفكر باحث كاتب يستعمل تعريفه الخاص و هذا ما يناقض كونه مفهوم منهجي تأسيسي أليس استعماله يبقى هلاميا و عاما ألا يتطلب المفهوم المؤسس المنهجي من أجل النهضة و التقدم إجماعا ووحدة تصورية ألا يختلف مفهوم الثقافة من القومي إلى الأصولي و الفرنكفوني و الانجلوسكسوني ... ؟؟


    و كان مما أجابني به الدكتور زكي الميلاد :
    عالجت فكرة الثقافة بشكل موسع في كتاب المسألة الثقافية
    ودعوت في هذا الكتاب إلى التحول من تعريف الثقافة إلى البحث عن فلسفة الثقافة
    وفلسفة الثقافة هو حقل يعنى بالاستفادة من جميع تعريفات الثقافة
    . اهـ

    ولعله الإشكال الذي حاول العمري حله في هذه الدراسة الممتعة
    لي عودة
    تحياتي
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  6. #6
    الصورة الرمزية زهراء المقدسية أديبة
    تاريخ التسجيل : Jun 2009
    المشاركات : 4,596
    المواضيع : 216
    الردود : 4596
    المعدل اليومي : 0.85

    افتراضي

    الدكتور سمير العمري

    دعني في البداية أوجه تحية إلى شخصكم الكريم لما أبديتموه من حرص
    على مواصلة الحوار الجاد في الموضوع المطروح

    بالنسبة للتغيير يبدأ من أين من القاعدة أم من قمة الهرم؟؟
    وبشكل موضوعي وحسب الواقع المعاش أرى كلا الأمرين صعب تحققه
    الواقع السياسي المعقد من هيمنة القطب الواحد والعجز العربي المقيت جميعها تفرض
    علينا فرضا قائدا لا ننتظر منه أي تغيير منشود
    ومن يرفع رأسه ويقول لا سيكون مصيره كما الشهيد صدام رحمه الله ومصير كل الشرفاء
    من أبناء أمتنا قتل وسجن وتشريد

    شعوب منهكة مغيبة تخشى أن تقول كلمتها خوفا على لقمة العيش وعلى الوظيفة والراتب
    شعوب باتت لا تتقن إلا السمع والطاعة .لا أتوقع تغييرا منها وهي على حالتها تلك

    لكن يجب أن يكون هناك تغيير و أؤيدك تماما أن التغيير الجذري يجب أن يبدأ من القاعدة
    وهو أضمن لتغيير شامل وعميق لا تغيير شكلي

    لكن من سيقود القاعدة للتغيير؟؟

    نظرت فرأيت أن مدير مدرسة مثلا قد يكون له دور فاعل أكثر من وزير
    الوزير يصدر أوامره العليا لكن المدير هو من يقرر كيف تطبق هذه القرارات فعليا على الأرض
    وبيده الفعل الحقيقي أكثر من غيره يؤثر على الهيئة التدريسية وعلى الطلاب
    وحتى على أولياء الأمور
    وقس على ذلك المدراء العامون ومسؤولو المؤسسات والنقابات المختلفة

    فلو ركزنا أن يتنافس الشرفاء من أبناء الأمة لتولي هذه المناصب
    ليس حبا في الدنيا حاشا لله بل كخطوة مهمة على طريق التغيير
    أعتقد هنا سيكون مجال لإحداث تغيير أسرع

    وأخيرا الكلمة الحرة والواعية لا شك هي سلاح مهم في مسيرة التغيير المنشود
    وخاصة عبر الشابكة أصبحت عابرة للمحيطات والقارات
    تعجز أنظمتنا العربية مهما حاولت أن توقفها بعكس وسائل الإعلام الآخرى

    ولهذا أثني على الواحة هنا بإدارتها وأعضائها لما تقدمه وإن كنت أتمنى منها أكثر
    وخاصة أن هناك تركيز للنشاط على أقسام بعينها مثل قسمي الشعر والنثر على حساب الأقسام الأخرى
    والتي لا تقل أهمية عن هذين القسمين وخاصة الفكر والسياسة

    بوركت جهودكم ودعواتي بمزيد من الرقي والإبداع

    ودمت بكل خير

  7. #7
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.26

    افتراضي

    الفاضل هشام:

    أراك بذكاء وحنكة لخصت مجمل مرتكزات المقالة بشكل أشكره لك حقا.

    إن الأمر مقصود ومدروس ومخطط له ، والأمر يمتد لأبعد من مسألة الثقافة والمثقف بمفهومهم هم إلى مسألة ربما كانت أكثر خطورة وهي مسألة القدوة والتي يسوقونها اليوم في الإعلام بطولة يجب أن يهتم بها كل فرد من الأمة وأن يتطلع للوصول إليها والانشغال بها ، وهذه القدوة تتمحور حول ممثل أو مغنية أو لاعب كرة حتى انتشرت في الأمة ثقافة عجيبة وواسعة في هذه الأمور ولو سألك شخص أتعرف المغنية كذا فأجبت بلا نظر إليك نظر المغشي عليه من الموت واعتبرك في قمة جهلك ، ولو سألته عن أسماء من حرر القدس على مدى التاريخ نظر إليك مستهجنا ساخرا من اهتمامك بأمور يراها تافهة ولا تعنيه ولا يعرفها.

    وحين ينظر من يجد في القلم ظهر دابة يسعى بها للشهرة وللمصلحة أن أمثال هؤلاء من الرعاع ومعهم أشباه المثقفين يتصدرون الديوان ووسائل الإعلام والاهتمام لا يشغلهم سوى أن يسيروا في ذات الدرب تقليدا وتزلفا طمعا في الحصاد ، ويكون ذلك على حساب طمس دور ومكانة المثقفين الحقيقيين القادرين على لعب دور تاريخي وحضاري بل وعلى حساب صالح الأمة التي انقصم ظهرها بهذا الأمر.

    القضية إذن ليست مجرد مقالة للتناول العقلي وما شابه بل هي إنذار حقيقي ورصد في تقديري دقيق لموطن الداء وكيفية الدواء.


    أشكر لك مرورك وإثراءك النص.



    تحياتي

  8. #8
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.26

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالصمد حسن زيبار مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    د.سمير الأديب و المفكر المثقف
    موضوع على درجة عالية من الأهمية ,فالنخب المثقفة و الفاعلة في الساحة الثقافية و الجماهيرية في مقدمة صانعي التغيير لا اللحظي التكتيكي لكنه التغيير الاستراتيجي المستقبلي لأنها إنما تطمح لصناعة جيل التغيير و إعادة الصياغة وفق مقومات الاستخلاف و الشهود و الإحسان.
    أذكر مرة بعث للمثقف و المفكر زكي الميلاد استفسارا جاء منه :

    ..... من مرتكزاتكم الفكرية المسألة الثقافية لي استفسار:
    تعتبرون المسألة الثقافية أساسية و منهجية كخطوة في سبيل التقدم,ألا ترون أن مصطلح الثقافة مصطلح غير منضبط تعددت حوله التعريفات إلى حد أن كل مفكر باحث كاتب يستعمل تعريفه الخاص و هذا ما يناقض كونه مفهوم منهجي تأسيسي أليس استعماله يبقى هلاميا و عاما ألا يتطلب المفهوم المؤسس المنهجي من أجل النهضة و التقدم إجماعا ووحدة تصورية ألا يختلف مفهوم الثقافة من القومي إلى الأصولي و الفرنكفوني و الانجلوسكسوني ... ؟؟


    و كان مما أجابني به الدكتور زكي الميلاد :
    عالجت فكرة الثقافة بشكل موسع في كتاب المسألة الثقافية
    ودعوت في هذا الكتاب إلى التحول من تعريف الثقافة إلى البحث عن فلسفة الثقافة
    وفلسفة الثقافة هو حقل يعنى بالاستفادة من جميع تعريفات الثقافة
    . اهـ

    ولعله الإشكال الذي حاول العمري حله في هذه الدراسة الممتعة
    لي عودة
    تحياتي
    الحقيقة أن تساؤلك الحصيف تكمن إجابته في التعاطي الحقيقي مع الثقافة كمفهوم لا كمصطلح وهذا الذي حاولت أن أشير إليه في ‘جزاء من هذه المقالة.

    ونرى بأن الثقافة هي مفهوم مرن لمجموعة القيم والسلوك والمفاهيم التي يمكن وضع إطار مرن ولكن ليس هلاميا يمكن البناء عليه وفق الرؤى المنظورة والأهداف المرادة ، أما الثقافة كمصطلح في التي يجب أن نقف عند حدودها رافضين كل ما يروج من مفاهيم هلامية هدفها تمييع المعاني والمفاهيم وفقدان الهوية والانحياز للتيار الطاغي حاليا من خلال العولمة المطروحة كأغلال حريرية.

    أنتظر عودتك ففيها الخير دوما.



    تحياتي

  9. #9
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.26

    افتراضي

    الأخت الكريمة زهراء المقدسية:

    أشكر لك ردك ، والذي لو تأملته جدا لعلمت أنه يشير لذات الاتجاه بوضوح. وأقول هنا مؤكدا أن فساد القمة قد يؤدي لفساد القاعدة ولكن فساد القاعدة يؤدي بالتأكيد لفساد القمة ، وبقليل من مصارحة النفس ندرك أن المعضلة التي أودت بالأمة هو فساد اللبنة الأساسية بعد أن تحول الفرد العربي إلى لبنة من طين يجتهد في تلميعها وتغطيتها بطبقة رقيقة من معدن لامع ليقدم نفسه وكأنه سبيكة ذهبية خالصة ، وضاع عنا زمان كان فيه الفرد العربي سبيكة من الذهب الخالص قد يشوبها بغض غبار طين والفرق بين الأمرين كبير كبير.

    إن مشكلتنا أختي الكريمة هي في أساس النشأة وأساس التوجه وهذا أمر يشترك في مسؤوليته الجل الجليل ولكن المسؤولية الكبرى تقع على الفرد نفسه ثم على محيطه القريب كالأسرة والأصدقاء. وهذا الأمر يؤدي في تداخلاته عادة إلى حالة من التآكر التصاعدي سلبا هنا بالطبع فكلما أنتج المجتمع مدرسا فاسدا أفسد طلابه فأنتج مجتمعا أفسد وهكذا في كل المستويات.

    والمطلوب في تقديري هو وقفة جادة من كل حر نبيل لتشكيل تكتلات إنسانية بجهود ذاتية تعمل على تأصيل المفاهيم وتصحيح المسارات ولو بوسائل بطيئة ... المهم أن تكون فاعلة.

    الأمثلة في هذا كثيرة ، والمنصف يعلم أن رابطة الواحة بكل ما وجدت وتجد من مكائد الحاقدين والموتورين إلا أنها تسهم بشكل فاعل في تطبيق هذه المفاهيم والانتصار للحق والخير والجمال.

    أشكرك جدا على تفاعلك ، ولعلك لو نظرت هنا مثلا في هذا الموضوع والعزوف عن الدخول في محاورات هادفة بشأن ما فيه من قبل النخب التي نثق بأنها الأمرم في مجتمعاتنا لعلمت مدى خطورة ما وصل إليه الحال من الياس من جهة عند البعض ومن عدم الاكتاث من جهة من البعض الآخر.

    نسأل الله السلامة.

    دمت بخير!

    وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


    تحياتي

  10. #10
    الصورة الرمزية محمد رامي أديب
    تاريخ التسجيل : Dec 2010
    الدولة : سوريا
    المشاركات : 877
    المواضيع : 55
    الردود : 877
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    هاهي مصيبتنا الأبدية
    والخطأ التراكمي في فهمنا قاتل بلا شك .. وحصاده خاوي .. وجسده سقيم
    وما بين تلك الوقائع يكون الإلمام بمفهوم ثقافتنا هش مزري
    وتختلط الامور في مضامينها لعدم استيعابها في ترسيم حدود الثقافة
    ومن وجهة نظري .. وما رايته ووعيته امامي مع سني عمري
    تلك الادعاءات الهزلية بالقيم الثقافية واختلاطها بمناهج العلوم
    فالعلم غاية بحث وتنقيب .. وتحقيق هدف في بناء مجتمع سليم
    اما الثقافة .. صقل الفكر وتهذيبه .. واستيعاب المعرفة حسب الرؤيا الواقعة
    لتولد الثقافة من رحم الاحساس بالمسؤولية .. واحترام أفكار الآخرين
    والتواصل معهم بما تعنيه الانسانية من قيم زاخرة
    اخي العزيز :
    انطلاقا من طرح موضوع الثقافة وما يؤول له من نتائج في الاستيعاب والتقدير
    وما تضمنه من توضيح ، وجدت من واجبي ان أهنئ أنفسنا بمثل ذاك الفكر المنير
    وتلك الخصوبة الثقافية في الطرح والتحليل , وايصال المعلومة الصحيحة للجميع
    فالحمل ثقيل .. والطريق طويل .. والمعاناه صعبة
    والعثرات لا تعد ولا تحصى ، زرعها الجهل في نفوسنا واعماقنا
    ونحن بحاجة للصبر كي نحقق النجاح
    هنا تكمن ثقافتنا الإنتاجية .. فكراً وحساً و أداءً
    اللهم سدد خطانا ، وهييء لنا من أمرنا رشدا

    تحيتي ؤومودتي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. من الثقافة اللغوية .. ثقافة التعبيرات الثابتة
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 30-04-2010, 09:45 PM
  2. ثقافة الثقافة
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى مِنْبَرُ الفِكْرِ والمَقَالَةِ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-02-2010, 10:47 PM
  3. برقية إلى عاصمة الثقافة العربي
    بواسطة معبر النهاري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 11-11-2004, 06:41 PM
  4. صنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004م
    بواسطة عبداللطيف محمد الشبامي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-01-2004, 10:44 PM
  5. تنمية الثقافة الدينية للطفل....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 17-04-2003, 06:13 PM