الليـل يطعنهـم ، و الفجـر ينتـقـم
و الجرح - رغم نزيف منه - ملتئـم
و الدمع يظهـر فـي أحداقهـم أمـلا
كالسـن خلـف شفـاه حيـن تبتسـم
شعب يعاند من غـاروا علـى وطـن
فيه الرمـاد دليـل العيـن و الحطـم
شعـب يقـاوم رشاشـا بمـا حملـت
يمناه من حجـر ، و الحـرب تحتـدم
شعب يقول :" أنـا أبنـي بمـا ألفـت
يمناي من حجـر كـل الـذي هدمـوا
أهوى بـلادي مـن دون البـلاد كمـا
نيرون أحرق روما ... ليتهـم فهمـوا
أقسمت لو سرقوا شبـرا علـى أمـل
ألا أثور لصحـت : الويـل و النـدم "
أرض هـي الوطن/المنفى،تنازعـهـا
خصمان : من نبتوا فيها و من قدمـوا
أرض هـي الوطـن المجلود،غسلهـا
دمع يبارك من ماتوا بها ... ودم
أرض بكل لغـات الأرض إن وصفـت
حار البيـان بهـا ، واستسلـم القلـم
قل لي بربـك مـن ذا يستطيـع لهـا
وصفا يليق بها ... هل يوصف الحلم ؟
لله در بــلاد أنـجـبـت قـمـمـا
من فرط نخوتهـا ، هـدت لهـا قمـم
أرض العروبة كالصفصـاف قـد كبـرت
فيهـم ، وكـل بـلاد دونهـا عــدم
عاث الغزاة بها و استقصـدوا شرفـا
فاستقصـدوا بحجـارات لهـا شمـم
أرض العروبة فـي أكبادهـا فجـعـت
أيتامها ، ثكلاها، فـي الحشـا وشـم
أرض العروبة مـا سـر البقـاء بهـا
إلا إبـاء لـم يملكـه مـن حكـمـوا
أرض العروبة إن مـات الجميـع بهـا
تبقـى ، لتولـد مـن أهدابهـا أمـم
أم تصيح " بني ارتح " بمـن حملـوا
جثمانـه ، و أب بالصبـر يعتـصـم
و الزغردات لسـان الحـال ترجمهـا
" نحو الجنان " ، و إن كف اللسان فم
ضـدان قـد غمـرا عينيـن إذ بكتـا
ذاك الشهيـد بنعـش لـفـه عـلـم
يمناهمـا أجـرى دمعـا بهـا فـرح
حتـى سلـت يسراهـا أن بهـا ألـم
طفـل يكابـر " ثـأري ليـس يأخـذه
غيري " ، و شيخ أعمى مقعـد هـرم
" إنا نفاوضهـم " لا تكذبـوا، وكفـى
كـل الكـلام أمـام المـوت يختـتـم
" إنا نفاوضهم " حقا ؟ ومـن رحلـوا
من ذا سيرجعهـم و الأرض تقتسـم ؟
كم عزل قتلـوا ، لـم يرتضـوا بـدلا
عن أرضهم ، أبديل يرتضى ... خيم ؟
لـن يضمنـوا أبـدا كفـا تصالحهـم
حتـى لعمـر آت مـا لـهـم سـلـم
إن المدائـن لا تفنـى بمـن هلـكـوا
فيها ، ولكـن إن ماتـت بهـا همـم