صفرة و رماد يغطيان وجه الدنيا
و الشمس خجلة كعذراء نالتها أولى قبل الحبيب ، تختبي بين رماد الغيوم .
و الأرض تقشعر من الفراق .
شياطين عزف تقبل من اللامكان
و تخيم كالخمول على عيون السكارى
حصان راكض نحو الأفق في طريق من تلاش و ارتفاع
يعبر نحو الغياب اللانهائي غير مدرك معنى الضياع
ترنو إليه عيون تسمرت عند وادي اليأس تستجدي المصير
يجيبهم من بعيد صوت عملاق أسير : لا مصير ... لا مصير
قد تاهت الأصوات في هذا اليباب
نادت شجيرات السواد التي أحنى ظهرها عنف الرياح
و تلاطمت أمواج حقد الكائنات على مجرات الوداع
قد آبت الأحلام خاشعة لصوت عويل ذئب في الجليد
عوى عليهم صارخاً : و لمَ الرحيل ؟
الأنفس ازدانت بأردية الجلود
و غادرت أرض الفراق حاملة نزف الأرواح المنهك
قد تعلمت القلوب كيف الأنين
يملأ الدنيا حتى الغروب البعيد
أرواح طائفة تحوم في الجوار ....
تنادي على الغارقين في سبات طويل لابسين مطارف السواد عند مغارات العدم ، يغشى وجوههم قتر الانكسار، و رعب الانتظار
أفيقوا يا تائهي العقول و القلوب
أفيقوا يا رعاة الماعز الجبلي في دنيا الخواء
أفيقوا فقد آن الأوان ، و تراقصت أوراق شجر الرحيل
قرعت أجراس حصون الصمت في قلاع الوحشة
فالصباح البعيد .... تشهق فيه أقمار الحزن اللانهائي
و البحر الواسع يرتجف من الأنين
زبده يحمل أشلاء السعادة الغائبة
و أطفالاً صغاراً كانوا من السائرين على دروب اللعنات الحمراء مودعين الفضاء
ضاع الضياء ، و ضاع اليباب
و ظل ناقوس قلعة الوحشة يدق في الضباب ، راسماً على درب الغياب خريطة الوعد الأخيرة للتائهين بلا هدى و لا مصير .