|
وشم على طرس |
شعر عمر ابو غريبة |
هجستْ في الدجى وساوسُ نفسي |
وشككتُ الغداةَ في صدقِ أمسي |
خبطْتني بلابلُ الصدرِ كالعَشْــ |
واءِ سِتّاً ضربتُ فيها بخمسِ |
واعترتْني الهمومُ رشْقَ سهامٍ |
لا تقيني منها هشاشةُ تُرسي |
أين مني سكينةٌ وقرارٌ |
والفيافي تنداحُ في وجهِ عَنسي |
وفراشٍ على الكوابيسِ يُضحي |
من شجونٍ تؤزُّه حينَ يُمسي |
أنشبتْ حادثاتُه فيَّ ظُفراً |
وسقتْني الصروفُ مُترعَ تَعسِ |
لم يُبقِّ الزمانُ غيرَ رثيثٍ |
عركتْه الأيامُ طَحناً بضِرسِ |
جسدي للغُزاةِ مِلكُ يمينٍ |
ونسيسي دَهاه طارئُ مَسِّ |
دَرستْ من عَصفِ البِلى سارياتٌ |
كنقوشٍ في الرملِ ساختْ بلمسِ |
ما هداني التاريخُ من مجدِ أمسي |
غيرَ رَمْسٍ ثوى بجانبِ رَمسِ |
أتظنّى في نسبتي لرسولٍ |
قد سَمتْ يعربٌ به كلَّ جنسِ |
وكُماةٍ تطاير النقعُ منهم |
وأُباةٍ للضيمِ في الحربِ شُمسِ |
جاست الخيلُ تحتهم فاتحينَ |
الشرقَ والغربَ من يمانٍ وقيسِ |
باهليّاً في الصينِ داستْ خُطاهُ |
غافقيّاً عَلا جبالَ (البِرَنْسِ) |
وجيوشاً تدُكُّ قلعةَ رومٍ |
وخميساً يجتاحُ بيضةَ فُرْسِ |
فكأن اليرموكَ أضغاثُ حُلْمٍ |
في دياجيرَ من هزائمَ غَلْسِ |
ونهاوَنْدَ خاطرٌ ثَمِلٌ عَنَّ |
لسكرانَ في مجالسِ أُنسِ |
حاصرتْني الجيوشُ من كلِّ صَوبٍ |
وغَزتْني في عُقرِ داري لنَكسي |
وحياضٌ بالتْ كلابٌ عليها |
وطهورٌ عاثتْ به يدُ رِجسِ |
هاشمٌ في بغدادَ يبكي بَنيه |
وشآمٌ تبكي بني عبدِ شَمسِ |
وابنُ أيوبَ في دمشقَ طعينٌ |
كلَّ يومٍ من خنجرٍ حَزَّ قُدسي |
هكذا قال لي معلمُ صفي |
فلماذا التبسْتُ في حفظِ درسي |
أتُراني ابنَ فاتحٍ عربيٍّ |
نسيتني الفتوحُ والبُعدُ يُنسي |
أَم تُراني سُلالةً من غُزاةٍ |
وسباءٍ مُوطّأٍ دونَ عُرسِ |
وتململْتُ من شَتاتِ همومي |
وتنهنهتُ من ظنوني وهَجْسي |
بارقٌ لاحَ من غياهبِ أفْقي |
فاشرَأبّتْ لبقعةِ الضوءِ نفسي |
شعلةٌ من سليلِ عُقبةَ شَبَّتْ |
حظيتْ مصرُ من سناها بقبْسِ |
يا مناراً في القيروانِ تَسامى |
باسطاً للسفينِ ساعِدَ مُرْسي |
شَعَّ في مقلتيَّ نجمةَ صبحٍ |
وسناءً يدُكُّ أبراجَ نحسِ |
مسحتْ تونسٌ هواجسَ نفسي |
وانجلى الأمرُ من يقيني وحَدْسي |
فإذا الخوفُ ذَوبُ مِلحٍ وهمسي |
في سماءِ العُلا يدوّي بجَرْسِ |
أكتسي حُلّةً تليقُ بأحرارٍ |
وأنضو الرثيثَ من ذُلِّ لِبسِ |
إن مَحتْ سفْرَنا التليدَ سوافٍ |
فدمي الوشمُ فوق غُرّةِ طِرْسي |
حفرتْه كفٌّ مضرّجةٌ في |
دُرُجٍ من ثوبِ الشهيدِ دِمَقْسِ |
رُبَّ ثأرٍ أدركتُه بعد حينٍ |
وغليلٍ شَفاهُ نصرٌ مُؤَسِّي. |