لشيخٍ في جبال الملحِ قصتهُ
- وما أدراك ما شيخٌ-
ونرويها
له اللهُ
وهذا الشيخ نعرفهُ..
ويعرفنا
ولولا أعين الرشاش تُرهبنا
لقلنا الصدق: ((... نهواهُ)).
لشيخ البحر قصته وقصتنا
وقصتنا بمنفانا
وقصته بمنفاهُ
يجيء الموت متكئا
على بارود أحصنةٍ
من الأوثانِ مسرجةٍ
بما في السرّ قلناهُ
.....
يجيء الدمع للعينينِ ملتبسا
كما يأتي حبيبٌ
يسرق الخطْواتِ نحو حبيبة العمرِ
يغافل أعين الحرّاسِ..
حول النار قد صبّوا كؤوسهمُ
ويقنص غيبة البدرِ
يجيء الدمع للعينين مشتملا ببردتهِ
ليخدع حارسَ العينينِ
مشتملا بقوس الرميِ
بين الظُّهر والعصرِ
وقد كانت لهذا الظل بين الصخر وقفتهُ
وسار الظلُّ منتشيا
على وعْد بساعتهِ
ليلبسَ رغوة البحرِ
ومن فينوس نعرف كمْ يثير الموج أسئلةً
ونعرفُ ما يقول الجرحُ
يَلقَى الملحَ
في القعرِ
وكان الشيخ ينظر في (كتاب الماء) مبتسما
ويقرأ من فصيح الشعرِ ديواناً
ويزرع في مياه البحرِ أشكالا من النثرِ
وقد قالوا:
رأوا في الفجر صورتهُ
يلوّن بسمة الفجرِ
وقد قالوا :
ويلبس بردةً بيضاءَ
فيها نصف ما أبقوا من الأوصالِ
بعد الكرّ والفرِّ
وقالوا:
شكّ راوي المتنِ..
هل كانت بآبئهُ على أغصانِ أعينهِ
يماماتٍ ؟!
أمِ العينان قد صيغتْ على بحر من الشِّعرِ؟!
ويروي من رآى خديهِ
مجرى الدمعِ فوقهما
بأنّ الضعف في الإسنادِ معزوٌّ
إلى حرفين للجرِّ
وقد أخفَوا (...)
ولكن خلف غفلتهمْ
سينمو الضمُّ في الكسرِ
تقول صبيةٌ حوراءُ في بلدٍ :
(( ويجمعهمْ بيوم الحشر ربّهمُ
فجبهاتٌ (...)
وجبهتهُ..
وضوء السجدة الخضراءِ ترجحُ آخر الأمرِ
وقد جاؤوا إلى (أرض مسيّجةٍ)
وطاروا فوق (مئذنة) بإنجيل من التثليثِ
والصلبان والكفرِ
وكان الشيخ قد صلّى
وقرفصَ ساعةً للهِ
حرّك نخلة الذّكْرِ
وقد جاؤوا بموعدهمْ
كما قد جاء ((قدّارٌ))
ليعقر ناقةَ الخيرِ
تُرى...!
نبكي رصاصتَهمْ ؟!
أم الجرحَ الذي يسري
ليشكوَ حبّة البارودِ
تُحرقُ روضة التسبيحِ والتكبير في الصدرِ؟!
لنا في دفترِ الأحزانِ أبياتٌ من الأشعار ننثرها
كحبّ القمحِ
في تشرينَ..ننثرهُ
ونغرقها ببعض الدمعِ بين السر والجهرِ
لنا في البحرِ أسئلةٌ
يمر الصيفُ يعشقها
ويعشقها خريفٌ قادمٌ يأتي
بكل مراحل العمرِ
سننصب شاهدات القبر من ماءٍ
ونحفر في تراب الماء مقبرةً
ونحثو من تراب الموج حفناتٍ
وندفنهُ ..
وننتظر اخضرار العودِ بين القبر والقبرِ
لشيخ لم يجد في الأرض غسّالا يغسّلهُ
ودفّانا يواريهِ الرمالَ السُّمْرَ
بين سواعدٍ سُمرِ
لشيخ لم يجد في السّفْرِ
إمكانا لنقطتهِ
فطورد حرفُه عُمْرا
وأُلقيَ خارج السطرِ
لشيخ لم يجد في الأرضِ
بيتا.. ثم شاهدةً
فسار يمسّح العينينِ ، مقتولا إلى النهرِ
يمرّ الماء في حزنٍ يُمسّي وجهه المُلقى
وتسنده صخور القعرِ
تمسح في مناديل المياه الزرق دمعتهُ
وتصنع فوق ما أبقَوا
من الشفتين والثغرِ، ابتساماتٍٍ ..
برغم القهر والغدرِ
وتحكي كي تؤانسهُ
رواياتٍ ملفقةً
عن الحورية السمراءِ
تنصب بعض فتنتها
لكي تصطاد صيادا
يجرجم فتنة الخمرِ
وما في الحقل من عنبٍ
وما في الكأس من صهباءَ
تلعب تحت رغوتها
وما في الخمر من سُكرِ
على منديل أرملةٍ
بباكستانِ بعثَرَنا
قصيدٌ أزرق العينينِ
يشبه في تميّزهِ
كثيرا
ركعة الوترِ
وما في الوتر من شفعٍ
وما في الليلِ
مِن عشرِ
ولكنْ كان مرتحلا
فضمّ إلى جوانحهِ
جراحاتٍ مطرّزةً
كما أفتى الذي يدري
على شيخٍ
بكتْ في الشرق باكيةٌ
و مال النرجس المائيُّ يسألها برقّتهِ:
(( على شيخٍ ؟)).
فقالت : ((يَسْبَحُ الأمواتُ
إن يُلقَوا إلى ماءٍ
لآخر قطرة في الموتِ
نحو شواطئ الأجرِ)).
وما في البحر من بأسٍ
ولكنْ شُبّهَ المعنى
وفي الأمواج ما يثني
عن الإبحارِ
أو يغري