الإسلاميون....... والغرب ...... والثورة...

بقلم :الأستاذ علال المديني
إنه الثلاثي الجديد الذي يلعب في الساحة العربية والإسلامية بقوة،الثلاثي الذي لم يكن يجتمع ويتفق بل تنافر واختلاف استرتيجي وعقدي كما كان يدعي الإسلاميون...
في البدء لا بد من تحديد المفاهيم الثلاث "الإسلاميون والغرب والثورة" حتى نقدم قراءة عن الحراك والوضع السياسي الراهن في العالم العربي والإسلامي وتداعياته، واستشراف مآل الأمة التي بلا شك تمر بأخطر المراحل في حياتها بعد مرحلة انهيار الخلافة الإسلامية في عهد الحكم الأموي.....
- الإسلاميون: قبل هروب ابن علي في تونس وخلع مبارك في مصر كان يطلق لفظ الإسلاميين في السياسة في الدول الإسلامية السنية على تيار المعتدل المؤمن بالعمل السياسي خاصة تيار الإخوان المسلمين الذي أخذ أسماء متعددة في المنطقة الإسلامية" النهضة ،الإخوان المسلمين، العدالة والتنمية...."لأنه التيار الإسلامي الأقوى الذي ركب السياسة منذ البداية كمدخل لتغيير شامل أما جل التيارات الإسلامية وخاصة السلفية فكانت تقول " من السياسة ترك السياسة"وركبت موجة الإصلاح العقدي كأساس للدعوة أما السياسة فلها أهلها وطاعة أولي الأمر واجب شرعي مالم يكن كفرا بواحا.... إلا أن مع ما سمي "بالربيع العربي" أصبح لفظ الإسلاميين في السياسة يشمل الإخوان والسلفيين بعد أن انخرط هذا الأخير في السياسة وأصبح له رأي وموقف فتحولت الأحزاب إلى فعل مباح بل واجبة عند البعض الآخر بدل أن كانت كفر وفسق و....(هذا الموقف جعلنا نعطي الشرعية لنتساءل عن حقيقة من وراء هذا التغير في المواقف التي كانت تعتبر أصول ثابتة؟ وعن ماهية الموقف هل سياسي أم عقدي؟ وإذا كان سياسي من وراءه ؟وإذا كان عقدي هل نزل ملك من السماء بنسخه؟..........) و بالتالي فالمقصود بالإسلاميين " تنظيم الإخوان المسلمين ، والتنظيمات السلفية "العلمية كما كانت تدعي لتميز نفسها عن السلفية الجهادية"".
- الغرب: المقصود به أوربا الغربية وأمريكا قائدة الحلف الغربي والعالم، ذات عقيدة نهاية العالم مع النموذج الرأسمالي، وصراع الحضارات ، والتي لها مبادئ وقواعد للتعامل مع العالم يمكن إجمالها في التالي:
• المبدأ الأول:" ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم ، وإنما هناك مصلحة دائمة وأهم من كل شيء "
• في السياسة ليس هناك هزيمة وإن فشلت في مخطط ما وإنما هناك إعادة ترتيب الأوضاع وتغيير الأصدقاء والأعداء وفقا لما هو واقع من أجل الاستفادة منه " الاستفادة من الواقع إذ لم تستطع تغييره".
• الأخلاق تتغير وتتكيف حسب المصلحة والربح المادي " المصلحة هي المعيار الوحيد للأخلاق"
- الثورة :قبل الحراك كانت تعني في المفهوم الأكاديمي " التغيير العنيف الغير المسلح الذي تقوده الشعوب ضد الأنظمة الاستبدادية والعميلة، أهم مميزاتها : نظام فاسد وشعب ثائر ، ودم هادر، وقيادة ثورية بإيديولوجية، ومحكمة ثورية سريعة الأحكام لأن كل من كان في النظام السابق مدان شعبيا ودور المحكمة تنفيذ الحكم دون البحث عن أدلة التجريم، إضافة أنها تأكل من أبنائها في مرحلتها الأخيرة...
أما الحراك الذي سمي ب" ثورة الربيع العربي" فمفهوم الثورة مختلف فهي تعني فعل شعبي شبابي يتخذ من ساحة عمومية مكان له وهو بدون قيادة ثورية واضحة وبدون اديولوجيا وبدون مشروع سياسي ومواقف كبرى سوى "الشعب يريد إسقاط النظام" مع غياب الشق الثاني " فلتسقط أمريكا" .
- لقد استبشر المواطن العربي العادي ومعه المثقف خيرا بالمستقبل السياسي للأمة الإسلامية وأن مصيرها بدأ يصحح إلا أن مع مرور الأيام والشهور بدأت تطرح شكوك وتساؤلات محيرة عن حقيقة الحراك استهدفت هذه الأسئلة الثلاثي المعنون لهذا المقال وهي:
• هل بالفعل هذه ثورة خالصة وأصيلة مائة في المائة؟
• هل هذا الحراك في غير صالح أمريكا أم العكس في ظل الوضع الحالي؟
• ما هو دور الإسلاميون في الحراك ؟ وما هو موقفهم الجديد من أمريكا واستراتجياتها في المنطقة؟
• ما هي مواقف أمريكا الجديدة من الثورة والإسلاميين؟
- إن المتتبع للحراك الأخير يلاحظ الدور الكبير للإعلام وخاصة قناة الجزيرة القطرية في تحريك الأحداث وتأجيجها والدور الكبير للأمير القطري وظهوره بصفة الزعيم الثوري والديمقراطي الأول في العالم العربي إضافة إلى الدور التركي الذي بدا واضحا منذ الوهلة الأولى للحراك "الشعبي" وهنا لابد من ذكر أمر مهم جدا عن المكينة الإعلامية التي تديرها قطر أعني قناة الجزيرة فهي قبل الحراك بمدة لوحظ أنها بدأت تنأ بنفسها عن فضح السياسة الأمريكية في المنطقة ومواقفها المعادية لفلسطين والمناصرة لإسرائيل ، إلا أن هذا الخط الجديد وهذا التغيير كان بمهنية وتمويه عاليين حتى لا تفقد مصداقيتها عند المشاهد العربي وهذا الخط الجديد لا يحتاج إلى دليل يكفي المرء أن يتابع القناة لمدة أسبوع سيلاحظ ذلك ،إضافة إلى خبر مهم ظهر مع فضيحة وكيليكس مؤرخ بتاريخ 2009 مفاده "أن قطر توعدت بتحسين صورة أمريكا في العالم الإسلامي عن طريق قناة الجزيرة في صفقة تضمن بها قطر موقعا في المنطقة.
- هذا الكلام هو مقدمة للإجابة عن دور أمريكا ومصلحتها في الحراك الشعبي "هذا الموضوع لم تعطى له أهمية من مكونات الحراك الشعبي ليس لعدم أهميته ، وإنما في نظري تعامل بركماتي و استغلال لظرفية وتقاطع مرحلي لمصالح أمريكا التي يبدو أنها رسمت استرتيجة لتحسين صورتها في العالم العربي والإسلامي" ....
- يبدو لي أن هذا الحراك في صالح أمريكا بلغة السياسة ، أما بلغة التخطيط الإستراتيجي فإن أمريكا فشلت في استراتيجياتها التي رسمتها مع مشروع الشرق الأوسط الجديد والتي كان عنوانها الأكبر تقسيم المنطقة الإسلامية إلى كنطوهات ودويلات متحاربة وضعيفة كخطوة ثانية لمشروع "سيايس بيكو " بمعنى تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ كما عبر عنه الأستاذ منير شفيق ، لإحكام السيطرة والاستغلال إلا أن المخطط في الظرف الراهن لم ينجح بسبب دخول طرف جديد في الصراع و الفشل في غزة و جنوب لبنان. إضافة إلى أن مشروع التقسيم في منطقة الشرق والخليج يخدم المارد الإيراني ويمكنه من التحكم من ثروة ثمينة في المنطقة وهي النفط ، لذلك لجأت أمريكا إلى الخيار الأخر وهو السماح لتيار الإسلامي بقيادة الإخوان المسلمين *"استعملت مصطلح السماح بدل التحالف لأنه ليس هناك أي اتفاق بين قيادة الإسلاميين وأمريكا من أجل مساعدتهم في الوصول إلى الحكم" من الوصول إلى السلطة بطرق ووسائل مختلفة جمعت بين خيار القطع مع قيادات بعض الأنظمة التي نفذ اعتمادها وأصبحت غير صالحة للمرحلة الجديدة مثل حسني مبارك وزين العابدين ...والخيار الديمقراطي من خلال إيصال رسائل إلى بعض الأنظمة مثل المغرب بترك فرصة للإسلاميين للوصول إلى الحكم ... ليس حبا في الإسلاميين وإنما الواقع فرض هذا الخيار لأنه قادم لا محالة بسبب الفساد الداخلي و بسبب الهيمنة الأمريكية وظلمها ، فحاولت أمريكا استدراك الوضع قبل فوات الأوان هذا من ناحية ،أما من ناحية ثانية فإن الوضع الاقتصادي العالمي يعيش في أسوأ مراحله وبالتالي فإن ألأزمة ستنفجر في العالم العربي والإسلامي وستتخلص الشعوب من الأنظمة و من الهيمنة الأمريكية وستحمل شعارات معادية لأمريكا كما حصل في الثورة الإيرانية لأنه النموذج الذي لا زال يستلهم الشعوب ويغريها ، هذا السيناريو كان سينقذ العالم العربي من النظام الرأسمالي وأزمته وسيساهم بشكل كبير في انهيار الرأسمالية وأقطابها وعملتها وبداية لتشكل نظام عالمي جديد بأقطاب متعددة وبمقاربات سياسية جديدة الوضع العربي والإسلامي سيكون فيها أفضل مما حصل في الحراك الذي نعيشه... تفاديا لهذا السيناريو عملت أمريكا على لعب هذه اللعبة بتحالفها مع أطراف في الإقليم أعدتها من قبل بشكل جيد وهي تركيا ببعض قيادات العدالة والتنمية وبعض قيادات الجيش إضافة إلى دولة قطر التي سخرت النفط والإعلام لهذه المهمة،إضافة إلى العربية السعودية . هذا الخيار "السماح للإسلاميين من الوصول إلى السلطة "وبهذه الطريقة وبخطاب يتحاشى التعرض لأمريكا وإسرائيل ستكسب منه أمريكا في الوقت الراهن أكثر من الشعوب العربية والإسلامية بل أكثر من الإسلاميين لماذا:
• لأن الوضع يصور على أنها ثورة ضد الظلم والاستبداد الداخلي وأن المسؤولية لا يتحملها إلا الحاكم ولا يد فيها للعدو الخارجي أو النظام الرأسمالي....
• التغيير داخلي والهدف هو تحقيق الديمقراطية فرضته ظروف داخلية ونتائجه تنعكس على الداخل دون استحضار للشعور القومي ودون تحميل أمريكا مسؤولية الوضع من خلال تحالفها مع أنظمة استبدادية ومن خلال دعمها لإسرائيل الذي لا زال مستمرا ...
• هذا التغيير في حقيقته و أسبابه العميقة النظام الرأسمالي المتوحش والاستغلالي ، إلا أن الحراك حيد هذا النظام وجعله خارج التغيير والعداء وبالتالي فإن هذا الحراك لن يمس في طبيعة النظام العالمي ولن يراجع تموقع دول المنطقة في الصراع الدولي...
• لأن هناك تغيير في الداخل بسيط دون تغيير في الخارج وإن كان الخارج سبب في الأزمة بالأصالة بسبب هيمنته وظلمه ودعمه للأنظمة الاستبدادية...
• لأن أمريكا الآن تصور في ذهن فئة مهمة من "الثوار" على أنها داعمة للحراك وضد الاستبداد وهذا بدا واضحا من خلال رفع العالم الأمريكي في لبيا وتقبليه من طرف" ثوار ليبيا" وبعض التصريحات من هنا وهناك شكرا لأمريكا...
وهذا أكبر ما يمكن أن تجنيه أمريكا في هذه المرحلة مع الحفاظ على مصالحها السابقة في ظل الأزمة العالمية وفي ظل كره الشعوب العربية والإسلامية لأمريكا لأنه قبل الحراك كل المشاكل كانت الشعوب ترى أن أمريكا سببها وورائها حتى وفاة شاة لرجل في مناطق قروية أمريكا وراءه. إضافة إلى أن أمريكا ترى في هذه الخطوة وبهذه الطريقة قتل بطيء لتيار الإسلامي السياسي من خلال الزج به في براثين السياسة في ظل الأزمة العالمية ، لأن بهذه الطريقة التي فصلنها من قبل لن تستطع الأحزاب الإسلامية من تحسين الوضع الاقتصادي ...


[/SIZE][/SIZE][/B]

السلام عليكم ورحمة الله

استاذنا الافضل

طرح مميز وموضوع يشرح وجهة نظر في جزء من الاحداث التي نعايشها هذه الايا

بورك الجهد الطيب

تقبل مروري وتحيتي

موضوع كبير يفتح آفاقا واسعة للحوار
سيتم نقله للحوار السياسي
حيث مكانه الأنسب

ولي عودة بإذن الله

شكرا الأستاذة زهراء على هذا النقل
المهم هي وجهة نظر لصاحبها

للأسف أخي الكريم أرى تحليلك منطقيا ونظرتك صائبة في أغلب ما طرحته !!
للأسف لم تكمل أي ثورة إلى اليوم والأمل أن تواصل الثورات مسيرها إلى إسقاط كل رموز الاستبداد الداخلية والخارجية وأولها الأمريكان !!
وأجد نظرتك حول من لم نزل إلى اليوم نعرف رأيهم الصريح حول حرمة التظاهرات حتى دعما لغزة وفلسطين وحرمة الخروج على الظالم وفجأة بين ليلة وضحاها وإذا بهم يتظاهرون ويخرجون على الحكام !! وكلما طرح عليهم هذا الإشكال غضوا الطرف عنه وكأنهم لا يرونه كالنعام يدسون رؤوسهم في التراب !! لكن قاتل الله الدنيا وعلماء السلطان !!

- دمت بخير أيها الكريم ,,

"الشعب يريد إسقاط النظام" مع غياب الشق الثاني " فلتسقط أمريكا"

تحية للأستاذ علال واسمح لي بالوقوف على بعض النقاط التي وردت في مقالك الكبير
الثورة في الربيع العربي وحسب مفهومي لها ,حركة شعبية اجتماعية واسعة, قررت أن تغير الواقع المعاش
تحت سطوة أنظمة أذاقتها الويلات لعقود ,فطبيعي جدا أن يكون الشعار الأول والملح هو الشعب يريد إسقاط النظام

فإن لم يرفع شعار اسقاط أمريكا وغيرها, فلا يعني إنه أسقط من حسابات الشعوب ,بل هو نتيجة حتمية للمطلب الأول
لأنه بسقوط أنظمتنا الموالية نقطع يد أمريكا عن منطقتنا العربية , نسقطها في بلادنا
ولا يعنينا سقوطها في بلادها طالما كفت بلاءها عنا.

وعلى هذا يكون ردي على سؤالك هل بالفعل هذه ثورة خالصة وأصيلة مائة في المائة ,وأقول نعم
وتغيير الوضع الداخلي يقود حتما إلى تغيير الوضع الخارجي فقط نريد وقتا لتستوي الأمور
والإستعجال في إصدار الأحكام ظلم للشعوب المتعبة والتي ما زالت تضحي وما بخلت بعطائها.

• هل هذا الحراك في غير صالح أمريكا أم العكس في ظل الوضع الحالي؟
"أن قطر توعدت بتحسين صورة أمريكا في العالم الإسلامي عن طريق قناة الجزيرة في صفقة تضمن بها قطر موقعا في المنطقة.

نعم إن الحراك ليس في مصلحة أمريكا ,ولمصلحتها ركوب الموجة ,ولمصلحتها الحوار مع ألذ أعدائها من الإسلاميين
والحوار مع أمريكا طالما لم يكن على حساب الثوابت العقدية والوطنية, لا يعيبه شيئا
ولنضع الحركات الإسلامية الآن تحت المجهر دون أن نصدر أي اتهامات مسبقة بالخيانة أو التواطؤ كما أقرأ وأسمع
فإن زلت عن الحق فلا حق لنا أن نبقي عليها >

والله ندعو أن يوفق بلادنا لما فيه الخير والفلاح

تقديري الكبير واحترامي