أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: رؤية واقعية...؟

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    المشاركات : 167
    المواضيع : 94
    الردود : 167
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي رؤية واقعية...؟

    من سلسلة قصص فلسفية

    رؤية واقعية...؟

    نبيــــــل عـــــــودة


    إحتد النقاش بين طلاب قسم الفلسفة حول مفهوم الواقعية. أحمد القى شبه محاضرة ادعى فيها ان النقاش عن الواقعية يفتقد لتحديد دقيق لنوع الواقعية التي يقصدها زملائه الطلاب . وتابع شارحا وملفتا النظر لمعلوماته الواسعة، ان هناك أشكال متنوعة من المفاهيم الفلسفية للواقعية، التي تطورت في اطارها مدارس فلسفية مختلفة. وان النظريات المختلفة في الفلسفة عن الواقعية، بدأت بما يعرف ب "الواقعة" (fact) كمفهوم فلسفي ومنطقي يتعامل مع الأحداث الموضوعية، وروابط الموضوعات، وتفاعلها والتغيرات الحاصلة نتيجة التراكم او التفاعل ، الى جانب حقائق مجربة ومؤكدة علميا.
    مرشد قاطع أحمد ، "ليبرز نفسه" كما علقت بسخرية فاتنة ، اذا انه قطع اندماجها مع حديث أحمد الشيق .وقال:" ان الواقعية تعرف نظريات متنوعة منذ الفلسفة الاغريقية وصولا الى العصر الوسيط، والى عصرنا الراهن . ولكنه لم يورد أي نموذج يمكن اعتماده في شرح موقفه، بشكل "فلسفي ومنطقي" ، حسب تعبير محاضرهم عندما كان ينتقد أجوبة الطلاب العامة والتي لا تعتمد على مراجع تؤكد ما ذهب اليه.
    أحمد حافظ على صمته، مشغلا فكره كما يبدو، وبعد ان وجد فرصة هدوء مناسبة ، أضاف ، فارضا الصمت لسماعه: مفهوم الواقعية حظي باهتمام الفلاسفة الإغريق مثل أفلاطون وأرسطو..وكان هناك فلاسفة في العصر الوسيط طوروا مختلف النظريات عن الواقعية، حتى وصلنا الى القرن العشرين، لنجد ان فلسفة الواقعية ، أضحت أحد المواضيع البارزة في الفلسفات الحديثة، مثلا، تطورت الواقعية الجديدة التي تدمج بين الموضوعي والذاتي ، والواقعي والذهني، وذلك في اطار نظرية المعرفة. وكان الادعاء الأساسي في هذه النظرية الفلسفية التي عرفت باسم الواقعية الجديدة، تعتمد على التجربة. ثم تطورت نظرية الواقعية النقدية، التي أعتقد انها الأرقى والأكثر تركيبا.. وهذا التيار يؤكد على الخصوصية النوعية للوعي والمعرفة الإنسانية. وحسب طروحاتهم تتشكل هذه المعرفة النوعية من ثلاثة عناصر: الذات، الموضوع والمعطيات.وعلى أساسها تبنى المعرفة ، حسب نظريتهم. وبالطبع لا أنصحكم بقبول أي نظرية قبل الإلمام بكل نظريات المعرفة ودراستها.
    وساد الصمت بعد هذا الشرح المفاجئ،والذي نقل الطلاب من أفكار أولية بدائية حول الواقعية، إلى جو يبدو لهم صعبا ومليء بالقفز فوق الحواجز غير السهلة، ولكنهم اعتادوا مصاعب الفلسفة، وإنها مجرد حالة تسبق الفهم الصحيح للموضوع، بعدها يصبحون "منظرين ونقاد فلسفيين"، كما يصفهم بشعور من السعادة أستاذ الفلسفة.
    وفجأة ارتفع صوت فاتنة: صفقوا لأحمد. قدم لنا درسا لنفهم ان الفلسفة ليست الأوهام التي نشانا عليها، وان تفسيرات جدتي وجداتكم، يجب ان نتركها خارج قاعة الفلسفة.
    ابتسم أحمد بسعادة ، وعينية تتعلقان بفاتنة ، التي فتنته منذ بداية الفصل الدراسي الأول ، ولكنها تتصرف مثل جنرال في ساحة حرب، جميلة وقاطعة في قراراتها.هذا يجعلها أكثر سحرا وفتنة أنثوية، ويجعل أحمد أكثر ترددا ووجلا قبل ان يتجرأ على طرح إعجابه. ولكنه ، لسبب لا يدريه، قرر ان يضيف ، مقلدا أستاذ الفلسفة في سرد قصة فلسفية تلائم الموضوع ، لتسهيل فهمه ـ او لخلق جو مرح يخفف من ضغط الدراسة، عبر قصة تظهر المفارقة بين موضوع الدرس، والحكاية. وكان يهم أحمد ان يرى ابتسامة فاتنة تشرق، لابتسامتها فعل السحر في قلبه، وربما ليثبت لها ، انه ليس مجرد "ولد شاطر" في دروسه، بل خفيف دم أيضا. قال موجها حديثة لها: لدي يا فاتنة قصة عن الواقعية، ارجو ان تسمحوا لي بقصها . ساد الصمت . قالت فاتنة: كلنا نصغي لك. قال: القصة عن النظرة الواقعية وتتحدث عن
    ثلاثة محققين شباب جدد وصلوا لقسم التحقيقات في الشرطة. مدير القسم قرر، قبل ان يوزعهم على مكاتب قسمه، ان يفحص ما تعلموه في مدرسة الشرطة، ومدى جاهزيتهم للعمل في قسمه.. وفحص قدراتهم على التحقق من مميزات هوية الجناة.
    أخرج من جارور مكتبه صورة، وقال للمحقق الشاب الأول:
    - هذه صورة المتهم الذي تطارده. كيف ستتأكد من شخصيته؟
    وأظهر له الصورة لخمسة ثوان فقط.
    أجاب المحقق الشاب:
    - هذا سهل.. توجد له عين واحدة فقط.
    قال مدير القسم:
    - ايها المحقق. انا أريتك صورة جانبية لوجه المتهم. وبهذه الحالة لن ترى الا عيناً واحدة.
    نفس الأمر جرى مع المحقق الشاب الثاني.. أظهر له الصورة لخمسة ثوان فقط، وقال له:
    - هذه صورة المتهم الذي تطارده. كيف ستتأكد من شخصيته
    ابتسم المحقق الشاب الثاني وقال بثقة:
    - أوه.. من السهل القبض عليه.. لأن له اذناً واحدة.
    غضب مدير قسم التحقيقات من الإجابة الثانية أيضاً، وقال بنرفزة:
    - ماذا يحدث لكما؟ من الواضح انه في الصورة الجانبية لا نرى الا عينا واحدة وأذناً واحدة.
    هل هذا هو أفضل ما لديكما؟
    وبغضب بارز طلب من المحقق الشاب الثالث ان يتأمل الصورة. وسأله بنفاذ صبر:
    - هذه صورة المتهم الذي تطارده. كيف ستتأكد من شخصيته؟
    المحقق الشاب الثالث تركز في تفكيره، ابتسم وأجاب بثقة:
    - المتهم يضع عدسات لاصقة..
    المدير لم يكن مستعداً لمثل هذا الجواب الجديد، لأنه حقاً لا يعرف اذا كان المتهم يضع عدسات لاصقة. ولكنه سعيد بهذا الجواب الجديد من المحقق الشاب الثالث الذي يشير الى محاولة استعمال الفراسة الشخصية. قال:
    - جواب مثير حقاً.. انتظروا قليلاً، سأفحص ملف المتهم صاحب الصورة.
    دخل للحاسوب، وبحث عن ملف المتهم. وقرأ مقاطع من الملف. وبانت ابتسامة على شفتيه:
    - أمر لا يصدق.. هذا صحيح.. المتهم حقاً يضع عدسات لاصقة. تشخيص ممتاز. قل لنا، كيف استطعت ان تستنتج مسألة بهذه الدقة؟
    أجاب المحقق الثالث:
    - مسألة بسيطة سيدي القائد.. الشخص في الصورة لا يستطع ان يضع نظارات عادية لأن له عين واحدة وأذن واحدة!!

    نبيل عودة – []
    التعديل الأخير تم بواسطة كاملة بدارنه ; 07-04-2012 الساعة 08:07 AM سبب آخر: حذف عنوان بريد إلكتروني

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد محمود محمد شعبان أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 2,176
    المواضيع : 158
    الردود : 2176
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    رائعة .. ( بوليسة ) محبوكة
    يمكن تدريسها في كلية الشرطة
    يعجبني دائما أسلوبك في توصيل فكرتك أستاذ / نبيل
    شكرا لسيادتك
    ولا تحرمنا من مشاركاتك لأعمالنا المتواضعة .
    فأنت هامة قصية لا يستهان بها ، ونقدك بكل تأكيد سيفيدنا .
    تحية تقدير وحب

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد عبد القادر شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : مصر - الأسكندرية
    المشاركات : 1,036
    المواضيع : 32
    الردود : 1036
    المعدل اليومي : 0.19

    افتراضي

    أستاذى الأديب الفاضل نبيل عودة
    فى الحقيقة أول ما ورد فى ذهنى بعد قراءتها لعناية
    لمعلومة عندى بعمق القصة الفلسفية
    أجدنى أقف -كقارىء- عند تقريرية القصة
    مما -إلى حد ما- يخرج القصة عن مفهوم الحكى
    بالتالى يفقدها عنصر أساسى هام
    و عامل من عوامل جاذبية القصة القصيرة
    هذه رؤية مبتدأ شخصية
    تحتمل الصواب و الخطأ
    لكنى حتمًا سعيد بالقراءة لك
    تحياتى
    و
    إلى لقاء

  4. #4

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jul 2011
    المشاركات : 167
    المواضيع : 94
    الردود : 167
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    في الواقع لا انفي ما قاله الزميل محمد عبد القادر ... هذا اللون القصصي لم يكن ولوجه سهلا...انه يحتاج قارئ من نوع لم نعتاده في قصتنا. ومن هنا نشرت قبل فترة مقالا بعنوان القصة كمادة فكرية.. كنت متنبها لما اشار اليه عبد القادر رغم ان النهاية كانت لتخفيف الثقل.وهي من اوائل قصصي الفلسفية وبعدها تخلصت من الطابع الثقيل الى حد كبير.
    شكرا للزملاء على ملاحظاتهم ..

المواضيع المتشابهه

  1. ساعة لقلبك - أقصوصة واقعية - نزار ب. الزين
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 12-05-2013, 09:18 PM
  2. هوس أم جنون - قصة قصيرة واقعية - نزار ب. الزين
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 04-01-2007, 02:14 AM
  3. قصة واقعية .. فضل الاستغفار
    بواسطة مروان المزيني في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 15-12-2006, 08:23 PM
  4. قصة واقعية
    بواسطة لحن الحياة في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 26-11-2006, 04:05 AM
  5. قصة قصيرة واقعية (خداع مسئول)
    بواسطة سيف الاسلام في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 18-04-2005, 07:11 AM