خضاب الثورة
أمسكت عن سطر أي حرف لمدة طويله وأنا أصارع القلم كي لا يخوض في أحداث ضبابية أكتنفت المشهد السياسي المصري وخضبت كف الثورة البهية بأدران الطمع والكبر والإثرة ، لكن في نهاية المطاف وجدتني غير قادر علي الصمت أكثر فالذي بلغناه بعد هذه المدة لا يمثل سوي إنتكاسة حقيقة وسقوط مدو لنا جميعا ، العسكر كشروا عن انيابهم وجهرو بغطرستهم وحماية مصالحهم في تكبر واضح كونهم المؤسسة الوحيده التي لازلت متماسكة وليدها قوة والتي وثق بها أبناء هذا الشعب ، المؤسسة الأعلامية مرئية ومكتوبه تناست دورها وعادت ريما لعادتها القديمة كما يقولون وأصبح ديدن الجميع السبق الصحفي والأعلامي دون مراعاة مصالحة هذا الوطن الجريح ، الأزهر الكنيسة بشقيها جماعة الأخوان السلفيون أقطاب النظام السابق حتي مثقفي الأمه ومن يصفون أنفسهم بالنخب الكل اشترك في الخيانة والكل بدا باحثا عن قطعة من الكعكة ولا يهم كيف سيقضمها ولا من حق من المهم أنا ومن بعدي الطوفان ، وقد كان سيخفف علي النفس كل هذا لو أن شباب الثورة احتفظوا بقوة دفعهم واحتفظوا بزخم ثورتهم وحاولوا أو يعودوا إلي الصف ويوحدو أبناء الشعب حولهم كما وحدوهم أبان أيام الثورة الأولى ولعدة أيام فقط لكنها بمد أمواجها العاتيه اقتلعت النظام الفاسد وهزت عرشه وأسقطت قمته وأن أبقت بفعل عوامل اخري علي قاعدته التي تزداد شراسة يوما بعد يوم وتحاول الإنقضاض علي السلطه وإسترجاع مجد أفل
ترشح بعض رموز النظام السابق إستهتار بمقدرات هذا الشعب وأنا لو لدي بعض الصلاحيات لقمت بإعتقال من يستهزأ بهذه الثورة ويحاول أن يناور ويلعب علي الحبال كما يفعل شفيق وسليمان ، الأزهر مع أحترامنا الكامل له يلعب في ملعب جديد عليه فهو يتخبط في قرارته لكون السياسه جديده علي أهله وهو يخطئ حين يتصور إنه سيناطح جهابذة السياسه في دهائهم وخداعهم ، أما الكنيسة فهي تلعب علي ورقة الأقليه والتهميش وينسي القائمين علي مطالب الكنيسه مصلحة الوطن الأم مستغلين حالة اللاتوازن الحاصله ليحصلوا أكبر مكاسب ممكنة الأن ، جماعة الأخوان التي كنا نظن أن القائمين عليها من الذكاء بمكان أظهرت الأيام القليلة الماضيه كم الغباء الذي يتسمون به فتارة تتضارب تصريحاتهم وتارة يتراجعون عن ثوابتهم وتارة يحاولون إقصاء الجميع رغم معناتهم في الأسبق من الإقصاء ولا يرون حرجا فيما يفعلون وهذه مصيبة المصائب ، فأن تخظئ لا حرج أما أن تصر علي الخطا وتتعامي عن كل نصح فهذا غباء صارخ ، السلفيون تائهون لايعرفون هل ينحازون إلي الجماعة لتقوي شوكتهم كأسلاميين أم ينفردون بقرار وهم يخافون من كرباج المجلس العسكري الذي يكاد يطال ظهورهم المكشوفة سلفا ، ومثقفي الامة منشطرون كل علي قدر فهمه وثقافته وخلفيتة الإجتماعية والدينيه ولا يكادون يجتمعون علي شيء ، وأخيرا النخب التي اتخذت من الشاشات ملجأ لأطلاق سعارهم الثوري وشعاراتهم الممقوته بعدما أصبح علوا الصوت هو العلامة علي الوطنية ، وسرد أخطاء الأخرين هو عنوان ، أي مقابلة حصرية ، واخيرا وليس أخرا الثوار من أبناء هذا الشعب المغلوب علي أمره أين هم ؟ هل تم قصقصة أجنحة الثورة ترهيبا وترغيبا ؟ هل فقدنا الهدف ؟ ام أن اليأس تملكنا بعد أن مرت كل تلك المدة وبقي الحال كما هو عليه بل ربما إزداد سوءا في بعض مناحي المشهد السياسي ،
أذن ما العمل ؟ جميعنا يتكلم بعدما فقدنا فضيلة الإنصات والفهم والتفاعل مع الأخر كلنا أصابنا ذاك الغرور القاتل الذي يصور لنا أحقيتنا بالحكم علي كل الامور واعتبار ان رأينا هو الصواب ونظرتنا هي الثاقبة والنتيجة تراجع يومي واتهامات متبادله بالتخوين والعماله والاستحواذ والسيطرة ، النتيجه هي نسيان قضيتنا الأم التي قامت الثورة من أجلها وهي الإصلاح .
تركنا متابعة محاسبة المفسدين لنتفرغ لأتهام بعضنا البعض ، وتركنا محاولة إصلاح حال الأقتصاد الوطني واسترجاع أموالنا المنهوبة وتفرغنا للسباب وإتهام الوزراء في محاولة لإسقاط حكومة هي في الاصل مؤقته وسترحل ، تركنا العمل وتفرغنا للجدل والسفسطة الكلامية ، توقفنا عن مطاردة المفسدين وتطهير كل الهيئات والمؤسسات خوفا من إنقلابهم علينا او خشية من سطوة نفوذهم وكأن اليوم اشبه بالبارحه وكأن الأسماء هي التي تغيرت لكن السطوة مازالت راسخه والنفوذ باق ولا أستبعد ان يعود بنا التاريخ عدة خطوات بعدما أعياه عجزنا وتخاذلنا ، فالتاريخ لا يكتب صفحاته سوة أصحاب المجد ، اما هو فيكتب عن اصحاب الخذلان والخيبة ، لذا فأنا اتمني أن نقوم نحن بكتابة تاريخنا بمداد من نور علي صفحات العزة خيرا من أن يكتب التاريخ عنا أننا لم نكن أهلا لأي عزة أو كرامة ويجب أن يحدث هذا سريعا لأن التاريخ لا يرحم حين يبدأ في سطر صفحاته
أشرف نبوي