أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مذكرات لاجئة

  1. #1
    الصورة الرمزية عمر الحجار أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2011
    الدولة : حيفا \ اجزم
    العمر : 53
    المشاركات : 767
    المواضيع : 37
    الردود : 767
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي مذكرات لاجئة

    مذكرات لاجئة


    15/5/1948 نكبة الشعب الفلسطيني


    كل شيء كان مخطط له بهذا همست لي الحاجة أم محمد وكأنها تود أن تخبرني بشيء مخفي، ظننت نفسي أمام محلل سياسي على احد الفضائيات، بهذه الكلمات فقط اختصرت الحكاية كلها رغم أنها ما فرقت بين حرف وحرف لكنها علمت منذ البداية أن
    هناك مؤامرة أحرقت فلسطين وباعتها بل وقبضت الثمن بإمكان الحاضر بقرب أم محمد أن يرى فرحها حين تتحدث عن البلاد كما تسميها، فأنا استطيع ببساطة أن احفز ذاكرتها فقط بسؤال واحد وهي تنطلق بالحديث عن "طيرة "حيفا وحاراتها والحمولة وكيف انطلقت قوافل المهجرين.

    موعد الرحيل وحجم المؤامرة

    "خرجنا على أيام الحصيدة، الزرع بقى غلال " هذا عنوان المرحلة الذي يتجسد أمام أم محمد حين تريد أن تذكر شهر أيار حيث كان العنوان الرسمي لنكبة فلسطين ثم تحاول أن تشرح لي تفاصيل مكان، أول حراكهم إليه، وتقول ": والله العظيم عسكري طل راسه من باص ،وقال: آه يا الفلسطينية أكلتو حلوتها بدكو تاكلو مرتها " ثم تحسرت وأكملت سرد القصة لتخبرني أنهم تسألوا عن سر كلامه فهم لم يخرجوا إلا عندما سمعوا أنها مجرد رحلة لأسبوع ثم يعودون.
    وكحال الفلسطيني الذي لم يتقبل ذات يوم التهجير بل عاش على أمل العودة ،رفض والدها وعمها أن يقوموا بشراء أي ارض لهم، رغم أن أسعارها كما تقول الحاجة أم محمد كانت زهيدة الثمن ،وتستذكر قول عمها لزوجته " قلها: روحي أمشي ،إحنا شو بدنا بالأرض هون، إحنا بدنا نرجع "


    يوم التهجير

    أخبرتنا أم محمد أن طيرة حيفا امتازت بوجود شركة باصات كانت تنقل الطيراوي من حيفا إلى الطيرة وبالعكس ،وبهذا خرج العديد من الطيرواية ملاك الباصات بهذه الباصات، وكان حال عائلتها أن خرجت كحال الكثيرين عن طريق القطار أو كما تسميه "الترين "، الذي لا اعلم إن كان ما زال شاهدا على النكبة أم أن حكايته انتهت منذ ذاك العام " طلعنا بالأواعي إلي علينا " هكذا بكل بساطة كانت الحكاية لتجسد حكاية شعب كامل ترك كل شيء لإيقانه بأن العودة ستكون بعد يومين أو أسبوع على الأكثر "عمتي طلعت وتركت ذهباتها وكثار عملو مثلها" ، وكأن الفلسطيني احتاج مزيد من المأساة فوق نكبته فهو ترك كل أمواله وذهبه كما أخبرتنا خلفه، كي تنهب.


    ما السر في ترك الطيرة

    هل يترك احد بيته هكذا بدون سبب " بقي في ضرب من حيفا على الطيرة ،والضرب مثل رش المطر، وعيل كثير راحت ،ضربو بيوتها، ووقعت البيوت على أصحابها " ثم أتتهم تلك الرسل العربية التي طلبت منهم الخروج، مجرد أسبوع وسيعودون.


    التسليح داخل الطيرة

    بدائي، لا يمكن تخيله ،بضع بنادق بسيطة في متناول البعض،كانت الوحيدة التي يمكن للطيراوي أن يدافع بها على أرضه، وكم كان الرهان خاسر على تلك الجيوش التي انتظرها الجميع للتحرير، فهي أخطأت طريق فلسطين واتجهت في طريق آخر، وبطريقة طريفة نوعا ما سألتها هل شاهدتي جيوش عربية تدخل الطيرة، لم تفهم عن من أتحدث بداية ثم بعد شرح طويل، قالت: " هظول ما شفناهمش ما وصلوش حيفا " ثم كررتها مرة أخرى "إشي مخطط له، صف هالترين بحيفا وركبت هالناس فيه، والي بقى عندو باصات ركب فيها "


    مسير الهجرة من الطيرة
    وحدثتنا أم محمد عدد كبير من الطيراوية لجأ إلى القطار للهروب من القصف المستمر بينما خرجت الباصات على شكل قافلة باتجاه العفولة وكانت تحرسهم سيارة عسكر لا تتذكر هويتهم وهناك تعرضت قافلتهم لإطلاق النار لكن الحراسات أخبرتهم أنهم فلسطينيين وبهذا تم إيقاف النيران، مجموعة من الثوار الفلسطينيين أو إحدى تلك الجيوش العربية التي حاولت الدخول، هذا التفسير الوحيد والمنطقي لمطلقي النار.
    وسارت القافلة أكثر فأكثر، ثم تم تقسيمنا إلى الشمال والشرق من فلسطين، وكان مكان أم محمد وعائلتها في منطقة أيدون في الأردن.



    حيث حط بهم الرحال

    "وصلنا على أيدون وِلّا الشيوخ والنسوان والرجال باقت كلها واقفة على البيادر تستنى فينا " في حالة توضح أن اللاجئ الفلسطيني كان الجميع في انتظاره وكأن هناك من رتب الأمر منذ سنين.
    وفي موقف فكاهي يعرض جزء من اختلاف الواقع الحياتي للفلاح الفلسطيني والمواطن الأردني الأقرب إلى البداوة أخبرتنا أم محمد أن إحدى النساء في إثناء استقبالهم قالت "يا أختي هظول كلهم مشلحين وليش هالملون هظا " تلك المرأة رحمها الله لم تشاهد ذات يوم الملابس الفلسطينية أو الطيراوية بالتحديد ذات الألوان الجميلة لقد تعودت على الثياب السوداء ولم تجرب غيرها وبهذا أطلقت جملتها هذه بعفوية، وبموقف يعكس النخوة العربية المعتادة قام وجهاء المنطقة بتقسيم القادمين على بيوتهم حيث حظيت كل عائلة باستقبال من إحدى البيوت في "أيدون " وإحدى العائلات تم إدخالها إلى إحدى المدارس.
    بعد فترة وبعد ترتيب الأوضاع استطاع الوافدين استئجار عدد من البيوت للبدء بمسيرة حياة لم يتوقعوها ذات يوم بل كان واقع توجب عليهم العيش به، ثم ومن خلال إحصاء عام للاجئين حصل بعده اللاجئ على وثيقة تمكن من خلالها من الحصول على بعض ما يقيته في نوائب الدهر التي ألمت به، بل ربما صنعها احدهم كما أخبرتنا أم محمد حيث رددت جملتها "كل شي كان مخطط له " أكثر من مرة خلال حوارنا المستمر معها.

    حلم بالعودة

    وكحال الفلسطيني المهجر وكحال تلك الملايين التي تقطن الشتات وتحكي وجع فلسطين الذي لا ينتهي، كانت أم محمد جزء لا يتجزأ منهم، لكنها اختلفت عن كثر، لأنها عاصرت المأساة وبدأت أجمل أيامها هناك في حيفا وقريبا من بحرها بل قريبا من كرملها وجباله لتخبرنا " هو في حد بقدر ما يحلم بفلسطين " اختصرت بهذه الكلمة كل الحلم بل استطاعت أن تراهن على غيرها من الملايين المشتتة التي ما زالت في انتظار عودة ستأتي يوما ما.
    وعلى أمل العودة ومع بقية المأساة التي نعرف ننهي حكايتنا مع الحاجة أم محمد إحدى اللاجئات الفلسطينيات التي خرجت وهي بعمر 18 عاما وها هي الآن تجاوزت الثمانين ولكن الحكاية ما زالت حاضرة كما هي.
    وأنا الذهاب المستمر إلى البلاد

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي

    تأريخ للوجع مرير
    وعيون دامعة أطلت عليّ من بين الحروف تعيد للذاكرة حديث ذكريات نشأنا عليه

    قضيت هنا سويعة من بكاء أخجل أن أعترف به لكنه يغتالني في كل حرف صدق
    وسأكفكف دمعتي وأمضي أملا بأن أعود إليها أقوى قليلا فأتفكر فيها أكثر

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  3. #3
    الصورة الرمزية عمر الحجار أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2011
    الدولة : حيفا \ اجزم
    العمر : 53
    المشاركات : 767
    المواضيع : 37
    الردود : 767
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيحة الرفاعي مشاهدة المشاركة
    تأريخ للوجع مرير
    وعيون دامعة أطلت عليّ من بين الحروف تعيد للذاكرة حديث ذكريات نشأنا عليه

    قضيت هنا سويعة من بكاء أخجل أن أعترف به لكنه يغتالني في كل حرف صدق
    وسأكفكف دمعتي وأمضي أملا بأن أعود إليها أقوى قليلا فأتفكر فيها أكثر

    تحاياي

    الاخت ربيحة الرفاعي


    سيكفكف الوطن دموعك الثمينة ، وسنعود بك ومعك الى رحاب الوطن الفسيح الجميل


    دمت فلسطينية كحد السيف كالمنجل

المواضيع المتشابهه

  1. من مذكرات بعوضة
    بواسطة عنترنيت في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-01-2020, 11:58 AM
  2. قطة ٌ.....لاجئة ٌ
    بواسطة أحمدالحارون في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 28-04-2009, 10:11 PM
  3. من مذكرات ...عاشق (منفرد)..
    بواسطة يوسف الحربي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 13-11-2006, 10:17 PM
  4. 0000 لاجئة إلى الثرى 0000
    بواسطة نجمة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 20-01-2006, 02:33 PM
  5. مذكرات مقاتل شرس
    بواسطة مصراوى في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 30-11-2004, 05:35 AM