<هذه القصيدة ضمن سلسلة قصائد بعنوان "بعثيّة شهريار".. وفي هذه السلسلة تكون المقدمة ثابتة ويتغير ما بعدها وزنًا ومضمونًا باختلاف القصائد>
............................
(باعتبار ما سيخون)
.............................
في ليلةٍ لم يَحْفَظ العَدَّادُ فيها رَقْمَهُ الألْفِيَّ
أو حتَّى يمدّ السيرَ للعشرينَ
بل كانَت تؤَلِّفُ شاطئًا يَقضي نهايةَ
يومِها الحادي عَشَر
القصر يزخرُ بالنيامِ تَقَاسَموا غُرَفَ النُّعاسِ
بكُلِّ صَوْبٍ
ما عدا السَّيَّافَ عِنْدَ البابِ يقبَعُ بانتِظار
لم يأتِ أمرٌ بِارتشافِ السَّيْفِ
مِنْ عنقِ الضَّحِيَّةِ عاجلاً مِن شهريار
هي قصّةٌ أخرى
سَتَحْبِسُ عَقْلَهُ في غُرفةِ الرَّاوِي
وهَمْسُ البِنْتِ يُعْطِي طابِعَ التَّجْدِيدِ
يُنذِرُ بالتَّحَوُّلِ..
قِصَّةٌ أخرَى ويُسْكَبُ بَعْدَها كَأسُ النَّهار..
قالت: انقَضَّ الهوى وثبًا
على عين فتاةٍ مِن بَناةِ المرحلة..
ها هيَ..
تعتلي السورَ وتجلس..
تُسْلِمَ الأصحابَ صندوقَ الرواياتِ
إذا قالت له: كم أنت مفلس..
تلتقي بالأفْقِ عيناها
إذا ما صاحب المذياعُ عن بُعدٍ رؤاها
وابتساماتٌ حيارى تتجَسَّس
هلَّلَتْ حينا وقالت
قد رأيتُ العبقري!
ليتني أملكُ فنًّا يسردُ الرؤيا لكُم
حتى ترَوْه..
كيف يَرمِي صمتُهُ نخل الكلام..
كيف يكسو عورةَ الياقوتِ في بيت اللئام..
كيف يَكوِي مِن قميص البدرِ أكمامَ التمام..
كلما لاحظتُ بئرَ النارِ في أفكارهِ
أو يقظة التيارِ في أسوارهِ
أوجستُ مِن معنى اقترابي مِنهُ
فاخترتُ السلامة..
ثم أهوِي -دون أشعُرَ- في أضغاثِ حلمي..
أتمنى
أن يراني لو بعين الكِبْرِ أو عين التساؤل!
أتمنى..
أيَّ شيءٍ مِنْهُ يَقضِي أنَّني أنثى وأنِّي
لستُ تكرارًا تباريهِ البدائل..
ذلك المكسُوُّ بالأوراقِ
لا يضمرُ عشقًا –قلبُهُ- إلا لتاريخِ الفصاحة..
لا يهيمُ السيلُ مِن أفكارهِ
إلا بموسوعةِ
عَدَّها للأصفهاني..
أو مباراة ابنِ رُشدٍ..
أو تفاعيلِ الخليل
قلبُهُ مختبرٌ للفلسفاتِ الأمِّ
تسترخي على وجهٍ جليل..
ثم قالت: حبَّذا.. هل مِن سبيل؟
كي يرى عَبْرَ المسافاتِ التي أعددتُها
شيئًا بِصَمْتي لا يزول..
كي يرَى عبرَ الشِّكايات اقتدارِي
أن يكونَ الصمتُ نجمًا ساهِمًا
يسبحُ في ماءِ المرايا والطُّلُول..
ثم أستدعي قرار البُعدِ حتى
تَثْبُتَ الفكرةُ في عليائِها عني
ويرويها الهوى من قَبْلِ ريّاتِ الفضول..
ثم قالت:
ما الذي يمنعُ أن ألقاهُ هَشًّا في الخطاب؟
إنني أعلم حتى دون أن يخبرني..
أنه يخشى على إحساسِ مَن يلقاهُ حتى
إن تَبَدَّى بين أكياسِ الضباب!
حَسْبُهُ أنِّي سأطفو خِلْسَةً آتيهِ مِن تنوين حرفٍ
في عناوينِ الكِتاب..
***
ها هنا قد أذَّنَ الديكُ انتصارًا
لانسحابِ الليل إذ أمضَى إلى السَيَّافِ أمرًا
ثُمَّ ذاب!