منديل عطيل 2011
منديل عطيل 2011
مستحيل، خبرٌ كاذب، الجزيرة عودتنا صب الزيت على النار. فضائية أخرى ربما أوقفتْ القدر.. سأنهار، سأموتُ حتما إن غادرنا المُلهم هاربا.
ولِم ، ومِمن؟
البلاد والعباد والهواء خواتم في أصبعه. الجنرال ليس بهذا الضعف، القصة لم تكن بهذه الهشاشة.
بالأمس كان غريبا، إيقاع أنفاسه، ملامحه، عباراته المرتبكة.. يا ألهي. القسوة تتلعثم ؟!
الطقس مختلف، ديجول وتاريخه كانا على المحك، وليست فرنسا كلها.. ألا تفهم؟
فهمتنا، والبلاد كلها تنفجر غضبا؟
فهمتنا؟؟
شابٌ بائسٌ يحرق نفسه، فيحرق مرحلة بأسرها. من أين تأتي أزمة الفهم إذن؟
لم يخبروك الحقيقة؟!
كذبٌ صراح ورب الكعبة، نكتة ليس هذا وقتها، أنا ورفاق الدنس كنا الدليل أن الحقيقة تصلك طازجة برائحة البحر.
والآن، التلفاز يتآمر على إيماني بك، يسخر مني، والشاشات تسدد رصاصات الصدمة في كل الجسد.
زوجتي البلهاء مبتهجة، تراقب ذاك الصعود الدرامي المثير، تتمتم بصوت أسمعه، بمكر أعرفه.. لو أن طائرة الجنرال تتسع، لربما كنتَ معه.
نافقت معتقداتي فيك، اشترينا أعلامك، ووقفنا معا نترقب مرورك، ترفرف، ونرفرف معها صارخين فيك، نستجديك لأن تظل لنهاية الأبد، إن كان للأبد من نهاية.
لا؛ إن هو ألا عارض، الجنرال لا يهرب، هو أكبر من هذه اللحظات، كان أكبر من التعاطف مع الرجل الرمز، الطاعن في العمر، فعلها وكأنه يقلم أظافره.
هي السخرية، كيف أمر الآن على ذاكرة زملاء العمل؟
كانت الوظيفة أكبر مني، جاءت بتقاريري المخلصة لزبانيتك. ضحيتُ بالكثير من أجلها.. ضحيتُ؟
يا لشقائي وبؤسي!!
رتبت الوشايات، رفعت التقارير في الأصدقاء والأعداء، تلذذت برعبهم، فشلهم العتيد لأن يحصلوا على حد أدنى من حياة، لم أبذل قطعة حلوى لطفل لم يرِ أباه، جاء للدنيا وأبوه معتقل ولا يعرف أني السبب. ولم أمنع نفسي من مغازلة زوجته كحيوان كريه.
كنتُ مُخدرا، أشاهد المتعطلين في جل المقاهي، ضحايا العوز، والدموع المتيبسة في كل العيون، ابتسامات غادرت الوجوه الشاحبة إلى غير رجعة، الأمهات المدججات بالقهر، لكم سحلوا من أولاد، قتلوهم في حوادث أكثر غموضا من القدر.
لا.. لم أكن مُخدرا، كنتُ قذرا ورخيصا، منزوع الإنسانية وجبانا.. أنا العار له قدمان، الوجه المؤبلس الوحيد في هذا الحي، كيف سأواجه أهله وأنا القاتل؟
احتاج قهوة تعيد لي الاتزان يا امرأة.
التلفاز الحقير مازال مستمرا في قتلي يا جنرال، ولم يعد لي من أمل ألا في موت عاجل كأخبار الجزيرة، أو لينقطع التيار وتتوقف المهزلة.