صـباح الوطن:
ينتشله النهار من الهباء إلى الهباء ويدخل تساؤلات الروح جاثما على عتمته الأزلية ..
أكان عليه أن يقول ما قاله الأنبياء كي ينجو من الحقيقة ويهتدي إلى الفراغات الموحشة باسم المنطق، والمحتمل، والممكن، والمستحيل؟
كانت له الأسماء كلّها .. والوطن الموصوم بالخيبات القديمة والفتوحات التي لم تفتح سوى أبواب الوجع الأخير .. من أول الشهداء إلى آخر المقتولين .. كانت له هوية يجرّها في أناته المتعبة، وتاريخ يكتبه المؤرخون كيفما شاءوا، بالحبر الأسود .. والتفاعلات المزيفة ..
كانت له انكسارات الأشياء، و القتل الجاهز للبكاء في حواف الرؤى .. كانت له مساحة للتبرير، و للتأسف على ما فات وعلى ما مضى ..كانت له المعاني الغارقة في التساقط والشتات .. وكان عليه أن يكون بطلا مرتين .. مرة باسم الوهم ومرّة باسم الوطن !
لم ينهزم حين اعتقد الناس أنه انتهى إلى صورة معلّقة على الجدار وكلمة تأبينية تقال عنه في المناسبات الكاذبة، ولكنه شعر بالفجيعة وهو يفتح أسراره للمقبلين، بنداء الأخوة و الدّم !!
هو الذي لم يجرح وردة في مسيرته الطويلة نحو الحلم، هـــــا تقتله الأغاني الماجنة، وتقسو عليه الكلمات المشعة بالموت .. يقتله أحبابه في الرثاء وفي الهجاء ويهاجمه إخوته لأنه لم يمت شهيدا باسمهم جميعا .. ولأنه في النهاية يعيش وحيدا داخل جراحه المفتوحة للخيانة!
سعيد وجهه الباكي .. وسحنته المؤطرة بالخيبة .. أكان عليه أن يكتب وصيته الأخيرة، لأعدائه التاريخيين، كي يحمي صورة البطل في عيون إخوته/الأعداء؟
كان عليه أن يعرف أن الدّم صار ماء منذ سكن إخوانه الأبراج، وصاروا يتكلّمون لغة قتلت أحلامه القديمة.. إخوته الذين تركوه للريح، وعرّوا ظهره للأعداء لأجل التغيير الذي سمّوه عولمة، وباسم عولمة سموها سلاما!!
هل يثق بالأحلام الآن؟ هو الذي لم يقتله غير الحلم، والوهم معا .. هل وهل وهل ....؟
سراب هو هذا العمر المحاط بالفيتوهات والأحقاد .. سراب هو الحب الاصطناعي كقلب لا يدق بالإيجاب .. سراب هي الدنيا التي تبدأ عبثا، لتنتهي بـ " بالغياب " .. فارمي بآخر أوراقك وارحل سلاما سلاماَ .. فقد صار لا بد من النهاية كي ينتهي الدّور، وتسقط الستارة .. ويغادر المتفرجون القاعة .. ليرتاح الممثل من عبء الأضواء !!
مــساء الوطن:
هناَ يوشك النهار أن يقتلنا فندْخل أُبهة التّمني .. ننهض من أَنين أصَواتناَ والظّلمة المسيّجة بالتساؤُل .. أمِنْ هذاَ الظّلاَم المقبل يبدأُ تاريخنا الجديدْ؟
لاَ!!
لاَ تتمنّى البِدَايات المُسْتهلكة، ولاَ تَعد أحدا ــ بعد اليوم ــ بالسكينة، فثمة جِراح لم ننتهِ مِنهاَ بعد، والحِكاية التي تَرويها الأزمات فقدت خيالها الخصب، فلا تعدنا بالحرّية المسيّجة بالقنابل المسيلة للدموع .. ولا تبتهج ْحِين تَبْكي المدينة وحين ينزّ الفؤادْ ..
ِللبِداية صوت أمّي .. خُطاها المتناغمة في ساحة الدّار، ورائحة القهوة المرشوشة بماء الزهر.. مذياع الجيران الصّاخب والأغاني التي لم نعد نتوقف أماها سهوا ولا عبرة .. للِبداية اسم العاَبرين مدن الِحكاية، السّابحين في وهم الممكن والمستحيل .. كم ذا ترهقني المسافة بيني وبينك، فأصرخ باسمك .. أتشبث بالوَجع خَلف الدّرُوب التي مَشيتها نحوكَ، وأمضي في سُكاتْ ..
لِلبِداية طعم البنفسج و انكسار الياسمين .. فأخاف عليكَ من الشّوارع المعبّدة بالثرثرة، ومن عيونٍ القتلى والمجرمين الذين ـ مساء ـ يتربصون بك خلف زُقاق حيِّناَ القديم ..
أخافُ من الظّلِّ الذي يُلاحِقُناَ كلّما هرَبْنا إلى بَعضِنا في زحمة الشّتات والحرب .. أتدحرج فيكَ رويداً رُويدا وأسكُنُكَ كالرُّؤَى .. وأُوهِم الآخرين أنّني أعلنتُ توبتي مِنك، وطهّرتُ روحي من الحب الذي باسمه ماتت المدينة ضجرا ..
ليكن وجهُكَ دولَــــــتي الوَحيدة .. حرّيتي التي فَقدتُ لأَجلِها حقوقي البسيطة، وليكن قلبكَ زنزانة أدخلها راضية عن حياتي المسيجّة بالتّعب والهموم .. فوَحدهُ الحبّ لاَ يعترف بالحقيقة .. ووحدها الحقيقة لا تؤمن بالحيادْ!!
لـيل الوطن:
ينتشله الظلام من الهباء إلى الهباء ويدخل تساؤلات الروح جاثما على عتمته الأزلية ..
أكان عليه أن يقول ما قاله الأنبياء كي ينجو من الحقيقة ويهتدي إلى الفراغات الموحشة باسم المنطق، والمحتمل، والممكن، والمستحيل؟
كانت له الأسماء كلّها .. والوطن الموصوم بالخيبات القديمة والفتوحات التي لم تفتح سوى أبواب الوجع الأخير .. من أول الشهداء إلى آخر المقتولين .. كانت له هوية يجرّها في أناته المتعبة، وتاريخ يكتبه المؤرخون كيفما شاءوا، بالحبر الأسود .. والتفاعلات المزيفة ..
كانت له انكسارات الأشياء، والقتل الجاهز للبكاء في حواف الرؤى .. كانت له مساحة للتبرير، وللتأسف على ما فات وعلى ما مضى .. كانت له المعاني الغارقة في التساقط و الشتات .. وكان عليه أن يكون بطلا مرتين .. مرة باسم الحلم ومرّة باسم الوطن !
لم ينهزم حين اعتقد الناس أنه انتهى إلى صورة معلّقة على الجدار وكلمة تأبينية تقال عنه في المناسبات الكاذبة، ولكنه شعر بالفجيعة وهو يفتح أسراره للمقبلين، بنداء الأخوة والدّم !!
هو الذي لم يجرح وردة في مسيرته الطويلة نحو الحلم، هـــــا تقتله الأغاني الماجنة، وتقسو عليه الكلمات المشجعة على الموت .. يقتله أحبابه في الرثاء وفي الهجاء ويهاجمه إخوته لأنه لم يمت شهيدا باسمهم جميعا .. ولأنه في النهاية يعيش وحيدا داخل جراحه المفتوحة للخيانة !
سعيد وجهه الباكي .. وسحنته المؤطرة بالخيبة ..
أكان عليه أن يكتب وصيته الأخيرة، لأعدائه التاريخيين، كي يحمي صورة البطل في عيون إخوته/الأعداء؟
كان عليه أن يعرف أن الدّم صار ماء منذ سكن إخوانه الأبراج، وصاروا يتكلّمون لغة قتلت أحلامه القديمة.. إخوته الذين تركوه للريح، وعرّوا ظهره للأعداء لأجل التغيير الذي سمّوه عولمة، وباسم عولمة سموها سلاما !!
هل يثق بالأحلام بعدئذ؟ هو الذي لم يقتله غير الحلم، و الوهم معا .. هل وهل وهل ....؟
سراب هو هذا العمر الحافل بالنكسات، والأحقاد .. سراب هو الحب الاصطناعي كقلب لا يدق بالإيجاب .. سراب هي الدنيا التي تبدأ عبثا، لتنتهي ب " بالغياب " .. فارمي بآخر أوراقك و ارحل سلاما سلاماَ .. فقد صار لا بد من النهاية كي ينتهي الدّور، وتسقط الستارة .. ويغادر المتفرجون القاعة .. ليرتاح الممثل من عبء الأضواء !!