أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 20

الموضوع: بائع الخضروات

  1. #1
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي بائع الخضروات

    بائع الخضروات
    ==============
    في المساء، دفع عربته أمامه بعد عناء نهار طويل باع فيه خضرواته حتى هده التعب. جر قدميه التي انبطحت على الأرض وأصبحت كخفي جمل. حاول أن يقهر خوفه، وزخات المطر التي تلاحقه بلا توقف. السماء ملبدة بغيوم سوداء، وتنذر بعاصفة رعدية شديدة. دندن بأغنية حزينة اعتاد أن ينشدها في الأوقات العصيبة.
    بدت الشوارع أمامه خاوية من كل ما ينبض بحياة، والصمت خلف جدران البيوت كصمت القبور.
    لم يبق سواها يسمع صوتها على استحياء: كلاب تنبح، وتحرك أذيالها، وسرعان ما تهرع خائفة لتختبئ من مجهول ليلة حالكة استولى فيها الظلام على كل شيء، وأعلن بسطته على كل امتداد.
    تمشى في الشوارع التي امتدت وأصبحت بلا نهاية. فجأة رأى شيئا يبرق أمام عينيه، ويزداد لمعانا كلما اقترب منه.
    حدثته نفسه بأن يواصل طريقه إلى بيته ليحتمي من خطر محدق يبشر به صوت الرعد المدوي في السماء، والذي لا ينقطع لحظة واحدة. بيد أن هاتفا همس في أذنيه جعله يتقدم نحوها. بدت له كلما اقترب منها كأنها كرة زجاجية تبهره بألوانها المتلألئة.
    زرعت داخله شكا بأنها كنز، وقد تكون جوهرة نفيسة. تذكر أحاديث الناس عن الكنوز التي تخرج للمحظوظين. ترك عربته، واندفع نحوها بلا إرادة.
    تراكضت الأفكار والأحلام في رأسه، وجد يحدث نفسه بفرح قائلا:
    - غدا سأصبح من الأثرياء، وأنفض غبار الفقر عني!
    وقف فوقها، ثم انحني والتقطها، وحملها بين يديه. لامسها بأصابعه، فانطفأت جذوة فرحته. لم تكن سوى خدعة كبرى زينتها أنوار البرق المتلاحقة.
    قذفها بقوة، وغاص في بحر من الأحزان. شعر بأكوام الخيبة تثقل فوق كتفيه، حدث نفسه بصوت أقرب للبكاء:
    - المتعوس متعوس!
    وقبل أن يترك نفسه طويلا لأحزانه، تذكر عربته، فقال بنبرة قوية يشجع بها نفسه ويواسيها:
    - ليس لي سوى عربتي!
    عاد حيث تركها، لكنها لم يجدها في مكانها. تلفت يمينا ويسارا، ولا أثر لها. جن جنونه!
    لا أحد سواه في الفضاء الواسع يصارع الأمطار والرعد. فأين ذهبت؟
    قطع الشارع ذهابا وإيابا دون جدوى.
    اختفت تماما وكأنها لم تكن.
    جلس على الرصيف ووضع يديه فوق رأسه. رأي الدنيا تضيق حوله حتى كادت تطبق على جسده، وزخات المطر تواصل هطولها فوقه بلا هوادة.
    حدق في السماء يبحث عن نجمة لامعة، عساها أن تبعث له أملا. لم ير غير السواد الممتد؛ فنظر إلى أديم الأرض الغارق بالماء بحسرة وألم.
    لاتأسفن علي غدر الزمان لطالما
    رقصت علي جثث الأسد كلاب

  2. #2
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    يالهُ من مشهد مؤلم .. أملٌ سار إليه حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
    لكن الغيث يحمل بين دفقاته الخير .،ولو بعد حين.
    من حقّ البائس على الأقل أن يحلم !
    تقديري لكم وسلم اليراع.
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  3. #3
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    أصبح حتى الحلم شحيحا ليس من حق البائس .. بل يأخذ قليله ويرحل به
    لقطة مؤثرة تحاكي حال المعدومين بلغة جميلة وسرد ماتع
    لكنه لم يجدها
    شكرا لك أديبنا الفاضل
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    قصة مؤلمة لمن يلهثون وراء الحلم فلا يدركونه
    وحاضرهم لا يمنحهم الا التعاسة
    احدى صور الحاضر الملونة بالأبيض والاسود فقط التقطتها عين فنان
    دمت بكل الخير
    مودتي وتقديري

  5. #5

  6. #6
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام دغمش مشاهدة المشاركة
    يالهُ من مشهد مؤلم .. أملٌ سار إليه حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
    لكن الغيث يحمل بين دفقاته الخير .،ولو بعد حين.
    من حقّ البائس على الأقل أن يحلم !
    تقديري لكم وسلم اليراع.
    الشاعر الرائع عبد السلام دغمش
    نعم هو السراب
    شكرًا لقراءتك الرائعة
    تحيتي

  7. #7
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمال المصري مشاهدة المشاركة
    أصبح حتى الحلم شحيحا ليس من حق البائس .. بل يأخذ قليله ويرحل به
    لقطة مؤثرة تحاكي حال المعدومين بلغة جميلة وسرد ماتع
    لكنه لم يجدها
    شكرا لك أديبنا الفاضل
    تحاياي
    الأديبة الكبيرة
    آمال المصري
    الحلم بات صعبا للفقراء وطريقهم بات مزروعا بالأشواك
    تحيتي

  8. #8
    الصورة الرمزية حارس كامل أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 571
    المواضيع : 66
    الردود : 571
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خلود محمد جمعة مشاهدة المشاركة
    قصة مؤلمة لمن يلهثون وراء الحلم فلا يدركونه
    وحاضرهم لا يمنحهم الا التعاسة
    احدى صور الحاضر الملونة بالأبيض والاسود فقط التقطتها عين فنان
    دمت بكل الخير
    مودتي وتقديري
    القديرة خلود محمد جمعه
    أشكرك على مرورك وتشجيعك الرائع
    تحيتي

  9. #9
    الصورة الرمزية عدنان الشبول شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    المشاركات : 5,981
    المواضيع : 225
    الردود : 5981
    المعدل اليومي : 1.51

    افتراضي

    يعجبني في قسم القصص أن معضمها هو نقل للواقع وهذه واحدة منهن


    بائع الخضروات صاحبنا ، مثله الكثيرون ، يجرون خلف أحلامهم المشروعة ولتعاستهم يخسروا حتى ما يملكونه مما قل .
    لكن يبقى الأمل ... عساه بعد ليلة حالكة وماطرة يأتيه الفرج من حيث لا يدري



    أسلوب قصصي ممتع


    دمتم مبدعين

  10. #10
    الصورة الرمزية عبدالإله الزّاكي أديب
    تاريخ التسجيل : Dec 2012
    المشاركات : 1,514
    المواضيع : 68
    الردود : 1514
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حارس كامل
    بائع الخضروات
    ==============
    وقبل أن يترك نفسه طويلا لأحزانه، تذكر عربته، فقال بنبرة قوية يشجع بها نفسه ويواسيها:
    - ليس لي سوى عربتي!
    عاد حيث تركها، لكنها لم يجدها في مكانها. تلفت يمينا ويسارا، ولا أثر لها. جن جنونه!
    لا أحد سواه في الفضاء الواسع يصارع الأمطار والرعد. فأين ذهبت؟

    .
    غالبا لا ينتبه الإنسان للخير الذي بين يديه و ينظر دائما إلى ما عند الآخر أو ما لديه.

    قصة معبرة و هادفة حيكت بحرفية عالية.

    تحاياي أديبنا المتألق حارس كامل و تقديري

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عبقري مغربي بدرجة بائع متجول!
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-11-2006, 10:53 PM
  2. جحا بائع الزيتون
    بواسطة محمد سلطان الحريري في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 14-07-2006, 07:40 PM
  3. قصة قصيرة للأطفال بعنوان "بائع الأحلام" بقلم موسى نجيب موسى
    بواسطة موسى نجيب موسى في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 17-06-2006, 10:30 PM
  4. بائع الكلاب
    بواسطة بلال الزين في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 04-04-2005, 11:05 AM
  5. بائع الأوطان - قصيده للمهندس على درويش
    بواسطة على درويش في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 17-06-2004, 11:29 PM