الهدف الآن ليس انجاح حمدين صباحى انما اسقاط المشير السيسى ، وقد عدنا لنفس المعادلة فى جولة أخرى من جولات المواجهة بين الثورة والثورة المضادة. الأمر سيستغرق سنوات طويلة قبل أن يتخلص المصريون من جثث النظام الفارغ من أى محتوى ومن أية شرعية ، والمنطقى والمتوقع أن يتخلل المسير نحو التغيير الكثير من الثورات المضادة والخيبات المواكبة ، وغفلة المتطلعين للنصر عن تلك السنن أمر يثير القلق والدهشة . ليس بالأمر الهين أو بالأمنيات وفى بضع سنوات وخلال ثلاث أو أربع جولات يمكن تغيير نظام وتمكين ثورة واكتساب حقوق وفرض أمر واقع فى دولة بحجم ومكانة مصر ، وكما يقول اخواننا فى السودان : ان لحس الكوع أمر هين ان ترم يا زول اسقاط النظام مساندة الثورة المضادة قد تكون ايجابية كما يفعل حزب النور وكثير من مؤسسات الدولة والاعلاميين وأصحاب المصالح ، وقد تكون مساندة سلبية كما يفعل الاخوان وحلفاؤهم من الاسلاميين بالمقاطعة والاكتفاء بالصراخ والشجب والشوشرة من مقاعد المتفرجين . كلاهما داعم كبير للمشير السيسى ومؤيديه ، وليس مطلوباً من الاسلاميين فى هذه المرحلة الا الكف عن مساندة الثورة المضادة بالانعزال والمقاطعة ، ومستقبل الحركة الاسلامية على خلفية الأحداث الملحمية طوال الفترة الماضية فى ظل نظام يقوده سياسى محسوب على الثورة مهما كان الخلاف معه ، خير ألف مرة من العيش تحت حكم عاد لينتقم ، ولا شك أن حمدين سيحفظ الجميل وسيظل مديناً للاسلاميين – اذا فعلوا – بالاسهام فى فوزه . تزوير الانتخابات من رابع المستحيلات ، ليس فقط لتحفز الخارج انما سيصب الزيت على نار الغضب المشتعل فى الداخل ولن يتمكن أحد من احتوائه . سيقولون " مرسى " ، ولقد قال فهمى هويدى قديماً – ووافقه الشيخ القرضاوى – ان انقاذ البوسنة مقدم على فريضة الحج . القضية لا تحتمل التهريج والعناد وبضعة أفراد مع أسرهم لن يغيروا فى الأمر شئ ، انما يحتاج الأمر وقفة غير مسبوقة للثورة بجميع أبنائها للانتصار على الثورة المضادة فى جولة جديدة ، وبروح الشيخ الشهيد عماد عفت الذى أصدر فتوى شرعية بحرمة التصويت للمنتمين للحزب الوطنى المنحل باعتبار أنهم ساهموا فى الفساد ويرغبون فى تدمير مستقبل مصر بنشر الرشاوى والمحسوبيات . الاسلاميون يمرون منذ أشهر بأزمة فقدان ثقة ، فهم لا يثقون بقدراتهم على الفعل الايجابى والمشاركة الايجابية فى صنع الأحداث وتجاوز المحن والأزمات ، وقد تساءل غوستاف لوبون فى كتابه " حضارة الهند " : كيف استطاع البريطانيون ببضعة آلاف من الجنود أن يستعمروا الهند ذات الملايين العديدة ؟ أجاب : عند تشريح جمجمة الهندى لا نراها مختلفة عن جمجمة الانجليزى ، ولكن الفرق هو الارادة ؛ الثبات والعزم فى قوم ، والضعف والاستكانة فى آخرين . ألمح استكانة واستسلاماً مهيناً للأمر الواقع بزعم أن المشير ناجح ناجح لا محالة . سينجح بسلبيتكم المقيتة ، أما اذا عزمتم وأردتم ، فنجاح حمدين سيُسجل كجولة للثورة على حساب الثورة المضادة فى صراعهما الطويل .