بؤس المشهد المصرى

من لبنان الى المغرب المأساة العربية مشتركة ، وتسود منذ عقود الخلافات والفتن ، والصراعات والاعتقالات والاختطافات القصرية والشحن والاقصاء ورفض الآخر السياسى والفكرى داخل الوطن الواحد والأمة الواحدة ، بينما يسود الود الناعم علاقة العرب جميعاً باسرائيل ، وليس هذا خاصاً بالأنظمة انما طرحنا هذا التساؤل على التنظيمات الجهادية المسلحة التى تضرب فى كل اتجاه ما عدا اتجاه تل أبيب . وبؤس المشهد المصرى من بؤس المشهد العربى ؛ فكراهية وعداوة بين الساعين للاصلاح ومن فيهم بقية نخوة ووطنية ، ثم علاقات تواصل ومد لجسور المصالح مع قوى وتيارات الاستبداد والفساد السياسى والاقتصادى . " لا حباً فى على بل كرهاً لمعاوية " ، منهج تصفية الحسابات والثأر والرغبة فى ايلام الخصم السياسى القريب واحداث النكاية به على حساب الثوابت والمصالح العامة والمشتركات ، وهكذا سرنا ، ننكأ فى المصلحة الوطنية لا حباً فى اسرائيل ولكن كراهية لعبد الناصر وليس حباً فى ايران ولكن كراهية لصدام وليس حباً فى صدام ولكن كراهية للكويت والخليج ، وليس حباً فى نظام مبارك والحكم العسكرى الأحادى انما كراهية للاخوان .. الخ ، وكل طرف يكره نجاح الآخر ويحاول قدر ما يستطيع اعاقته وافشاله ؛ لنجنى فى النهاية على كل المستويات لا شئ ، لأن التيارات الوطنية بهذا النهج تدخل فى معادلة طرح لا معادلة جمع ، ونتيجة طرح الجهود هى الصفر كما تعلمها تلميذ الابتدائى . صفح وتسامح وعفو مع الأبعدين والأعداء الملاعين وكراهية وأحقاد وعنف واقصاء وصراع ساخن وبارد وشتائم ولعائن وتخوين وتكفير مع الأقربين من أبناء الوطن الواحد أو الدين الواحد أو حتى التيار الواحد والهدف الواحد سواء وطنى أو دينى أو فكرى ، ومن هنا يصعب فهم استراتيجية تحرك العرب والمسلمين سواء داخل بلدانهم أو خارجها ؛ من ناصريين واخوان وسلفيين وجهاديين وتيارات قومية ووطنية وقوى تؤمن بالديمقراطية والتداول ؛ فماذا بعد ؟ والى أين هم ذاهبون ؟ وما الخطوة التالية ؟ وهل ثمة مشروع ؟ وما مضامينه واحتمالاته ومآلاته ؟ .. لا أحد يدرى ، وفى النهاية نكتشف أن مجموع المواقف والتحالفات والتحركات يصب فى مصلحة الأعداء . الجميع يتسابق اليوم لنيل الحظوة والتبريكات والمؤازرة من الغرب والأوربيين ، للتزود بالقوة فى مواجهة الخصم السياسى الداخلى ، ويقع فى هذه الخطيئة الجميع بلا استثناء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وان كان هذا ديدن المستبدين وصولاً لتحقيق أهداف غير مشروعة من الاستنزاف والتسلط والقهر ، فلا يصح بحال أن تصل القوى الاسلامية والوطنية لأهدافها المشروعة بوسائل غير مشروعة . أثبتت التجارب أن فاقد الشئ لا يعطيه ، والعاجز فى الداخل تخطيطاً وابداعاً وجذباً جماهيرياً ، لن يتمكن من تحقيق أية انجازات لذاته عبر جولات أو تحالفات الخارج ، وكما فشل الاستبداد فى ترسيخ دعائمه عبر الغرب فسيفشل الآخرون فى خطة استبداله بحكم رشيد عبر ذات البوابة . الصهيونية والولايات المتحدة والاتحاد الأوربى ليست جمعيات خيرية ولا مراكز حقوقية لتقف بجانب مطالب وحقوق المغلوبين والمقهورين والمستضعفين العرب ، ولن ترسل آشتون ولا أوباما ولا بوتين للحالمين بالديمقراطية والحقوق المشروعة باقات من الزهور وبرقيات تهنئة لمواقفهم النضالية ومطالباتهم بالحرية ، بل جميعها قوى شريرة شرسة تبتسم وتصافح بيد وتطعن فى الظهر باليد الأخرى . بيجين يؤكد أن العرب سرعان ما ينسون وتفتر عزيمتهم وتنهار ارادتهم ، وهذا ما حدث ويحدث بالمقارنة بين البدايات والنهايات ، وكيف بدأ العراق وكيف انتهى ، وكيف انتصر العرب فى 73م الذى انتهى الى كارثة كامب ديفيد ، وكيف تحولت الوحدة بين مصر وسوريا الى قطيعة عام 61م ، وكيف يبدأ الاسلاميون فى كل مرة وكيف ينتهون ، وهذا كله لغياب الرؤية والاستراتيجية والمنهج السياسى المتوازن . الفارق – كما يؤكد عبد العظيم رمضان – أن اسرائيل تتعلم من التاريخ والعرب لا يتعلمون واسرائيل تستطيع أن تصحح أخطاءها بسرعة والعرب يتمادون ، واسرائيل موحدة والعرب متفرقون . كان عبد الرحمن عزام رحمه الله الأمين العام الأول للجامعة العربية محقاً عندما سُئل سؤالاً استنكارياً بعد حرب فلسطين الأولى عام 48م : كيف تهزم دولة واحدة هى اسرائيل العرب وهم خمس دول ؟ أجاب ببساطة : لأن اسرائيل دولة واحدة ، والعرب خمس دول

أحيانا يكون الـــ لا تعقيب هو خير تعقيب على القول حين يبوح بما في النفس ويفي، وقد قلت ما يعتمل في نفوسنا من خيبة بحالنا ولحالنا أيها الكريم، فنحن كما تفضلت خلقنا الموقف المعتل " لا حبا في علي بل كرها في معاوية" ومنه بتنا ننطلق في كل ما نقول في المشهد العام وما نفعل متجاوزين الصالح العام في مواقف عندنا تخلو أصلا من الثوابت ولا تقيم لأمر اعتبارا ما تعدى ما تفضلت باإشارة إلية من تصفية الحسابات وإشفاء الغليل والثأر وإن على حساب الوطن والأهل ..
والسؤال الأحق بالطرح هنا هو " مالذي سيتحقق للوطن من نخب وتيارات وتنظيمات هذا ديدنها من قرون؟" والجواب للذين لا يعلمون هو " واقع مهين كالذي تعيشون، يا أمة أسلمت لعبادة الذات وتقديس القيادات العقول والقلوب، واستحالت في أيدي الأعداء دمى لا تملك من أمرها غير محاولة إجادة أداء ما يناط بها من أدوار هزلية في ملهاة يقيمونها على هامش تقدمهم الحقيقي وخطاهم الواثقة على أشلائنا وارتشافهم دماءنا"

واقعي صادق وموجع قولك
لا حرمك البهاء

تحاياي

أحيانا يكون الـــ لا تعقيب هو خير تعقيب على القول حين يبوح بما في النفس ويفي، وقد قلت ما يعتمل في نفوسنا من خيبة بحالنا ولحالنا أيها الكريم، فنحن كما تفضلت خلقنا الموقف المعتل " لا حبا في علي بل كرها في معاوية" ومنه بتنا ننطلق في كل ما نقول في المشهد العام وما نفعل متجاوزين الصالح العام في مواقف عندنا تخلو أصلا من الثوابت ولا تقيم لأمر اعتبارا ما تعدى ما تفضلت باإشارة إلية من تصفية الحسابات وإشفاء الغليل والثأر وإن على حساب الوطن والأهل ..
والسؤال الأحق بالطرح هنا هو " مالذي سيتحقق للوطن من نخب وتيارات وتنظيمات هذا ديدنها من قرون؟" والجواب للذين لا يعلمون هو " واقع مهين كالذي تعيشون، يا أمة أسلمت لعبادة الذات وتقديس القيادات العقول والقلوب، واستحالت في أيدي الأعداء دمى لا تملك من أمرها غير محاولة إجادة أداء ما يناط بها من أدوار هزلية في ملهاة يقيمونها على هامش تقدمهم الحقيقي وخطاهم الواثقة على أشلائنا وارتشافهم دماءنا"

واقعي صادق وموجع قولك
لا حرمك البهاء

تحاياي

منذ الصبا اؤكد ان مصر هى ميزان العروبة والاسلام وبؤس مشهدها من بؤس المشهد العربى والاسلامى ، ورغم كل شئ فما هى الا فقاعات وامراض طارئة على جسد قوى تحمله روح وثابة وحضارة عريقة وتاريخ مجيد ورموز وعلماء افاضل ضربوا المثل فى التحدى والاستبسال والتضحية والمقاومة ومفكرين وادباء ومثقفين عظام علموا العالم ونحتوا اعمالهم على جدران التاريخ . مصر ليست ساسة ضعاف واطماع نخبة فما هؤلاء الا اشياء طارئة وفقاعات تطفو على السطح طوفان الراقصات والتافهين وعديمى المواهب على المشهد الفنى والثقافى ، وفى النهاية لا يصح الصحيح ولا يبقى الا ما ينفع الناس وستبقى مصر دائما رائدة وفتية وعفية ، انما نحن فقط - سيدتى الكريمة - نقوم بواجبنا نحو هذا الوطن الغالى العزيز الكبير بالتعرض للطارئات الشاذات حماية ودفاعا عن الثوابت والاصول ، ونعرض للامراض والخلل ليسارع اصحاب الشأن فى العلاج ووضع الحلول .
استاذتى الكريمة .. الاعداء والصهاينة والغرب طامعون فى اضعاف مصر او على الاقل ابقاءها كما هى تراوح فى مكانها المرسوم لا مكانتها المستحقة ، والغريب ان كثيراً من العرب يخدم هذا المنهج وهذا التوجه ويسانده ، بالرغم من ان العرب لن يخرجوا من التيه الا بالقيادة المصرية والانتفاضة المصرية الكبرى المرتقبة .
هدفنا المصلحة العامة ليست مصلحة مصر الكبيرة العريقة فحسب انما مصلحة العرب والمسلمين جميعا - لو كانوا يعلمون - .
شكرا جزيلا على اهتمامك سيدتى الكريمة .
وشكرا على حضورك المميز وتوقيعك الذى شرفنا .
تحياتى وتقديرى .