كِلينِي لهمٍّ يا أُمَيلةُ طالِبِي = ولَيلٍ أُقاسِيهِ سريعِ المَصائِبِ
تَطاوَلَ فيهِ الخَلقُ مِن كُلِّ أُمَّة = عَلى أُمَّةِ المُختارِ مِن كُلِّ جانِبِ
تَداعَى عَلَينا الناسُ شَرقًا ومَغربًا = تَداعيَ مَلهُوفٍ إلى الشَّرِّ غاضِبِ
يَسُومُونَنا سوءَ العَذابِ ولَيتَنا = نَفيءُ إِلى رُكنِ شَديدِ الجَوانِبِ
فليسَ لَنا نارٌ تردُّ عدوَّنا = وليسَ لَنا كفٌّ على كُلِّ ضارِبِ
وليسَ لَنا في الناسِ صَولةُ قادِرٍ = يردُّ بها صاعًا بصاعٍ مُصاحِبِ
وليسَ لَنا النَّووِيُّ في الأرضِ، إنما = لنا القَتلُ والتَّشريدُ مِن كلِّ راغِبِ
****
فيا "أراكان" الموتِ نُبِّئتُ بالذي = دهاكُم به بُوذا إِلَهُ الثَّعالِبِ
رَماكُم بأبناءِ الثَّعالبِ رَميةً = فما ترَكُوا في الأرضِ غيرَ المَصالِبِ
صُلبتُم وحُرِّقتم ومَن يَنجُ مِنكُمُ = يَموتُ غَريقًا أو شريدًا بنائبِ
رَمَيتُم بأَفلاذِ القُلوبِ عَشيةً = إلى اليَمِّ تَحنانًا ورهبةَ غَالبِ
تظنُّونَ أنَّ اليمَّ أرحَمُ مِنهُم = وأهنَأ مَوتًا مِن عَذابِ الكَتائبِ
وفي الصِّينِ كـ"الإيغورِ" شَعبٌ مُعذَّبٌ = تمسَّكَ بالإِسلامِ رَغمَ النَّوائِبِ
يُجاهِدُ حتَّى يَذكُرَ اللهَ، بينَما = يرومُ العِدا منهُ ضَلالةَ خائبِ
يَرُومون الاستسلام من كلِّ مُسلِم = ويا ويلَ مَن يأبى خُضوعًا لحائبِ[1]
وفي اليمَنِ المَحبُوبِ أبناءُ يَعرُب = يُسامُونَ قَصفًا بالنُّسورِ السَّوارِبِ
بعاصِفةٍ للسُّوءِ هاجَتْ بأَرضِهِم = فما ترَكَت غيرَ الأَسى والخَرائِبِ
تَداعى عليهِم والجَحيمُ مُسعَّرٌ = عَفاشٌ وحُوثيٌّ وحَزمُ الكَواذِبِ
فما ردَّهُم دمعُ الطفولةِ برهةً = ولا ردَّهُم كَهلٌ ولا سنُّ شائبِ
وما ردَّهُم دَمعُ الثَّواكِلِ بالضُّحى = وما لانَ قلبٌ مِن بُكاءِ النَّوادِبِ
فيا هولَ ما اقتَرَفُوه من ظلم أهلِها = ويا وَيلَهُم يومَ اجتلاءِ الحَوائبِ[2]
***
رَعى الله في أرضِ الشَّآمِ مَعاشرًا = أُحيطُوا بأعداءِ شِدادِ المَخالِبِ
أحاطُوا بهم حَوطَ "الكلبش" بمِعصَم = عليلٍ، كثير الجرح، دامي المَخاضِبِ
يُروِّعُهم ناب من "الدبِّ" ناشبٌ = وأظفارُ ضَبعِ "الأَرْزِ"، شرُّ النَّواشِبِ
ونارٌ تلظَّى للمَجُوسِ وَقودُها = ملائِكُ أهلِ الأَرضِ مِن كلِّ زَاغبِ[3]
سَلِي المَوصِلَ النكبَاءَ عَن نارِ غارَة = تُصبِّحها قبلَ الصَّباحِ بنائِبِ
سَلِي حلبَ الشَّهباءَ عن جَيشِ فارِسٍ = وما اقتَرَفُوا يومَ انهِزامِ الكَتائِبِ
أعادُوا لنا ذِكرَى التَّتارِ بأَهلِها = سفاحًا وتَقتيلًا وسطوةَ غاصِبِ
سلي الغُوطةَ الغرَّاء عن جُرمِ أَهلِها = سَلِي واسمَعِي صوتَ الكِيماوِ المُجاوِبِ
يُجِبكِ لهيبُ النارِ في كلِّ ساحِها = وصوتُ البَراميلِ، وصرخةُ هارِبِ
بأنَّهمُ أهلُ البَراءَةِ حاطَهُم = لهيبُ طغاةِ الأَرضِ مِن كُلِّ جانِبِ
****
وفي كلِّ أرضٍ حَولَنا دمُ نازِفٍ = وأنَّة مَظلوم، ودَمعةُ ناحِبِ[4]
ترَكْنا ضياءَ اللهِ خَلفَ ظُهورِنا = ولُذْنا بمِصباحِ مِنَ الزَّيتِ ناضِبِ
وسِرنا بِبَيداءٍ مِن الخَيرِ أجدَبَت = أُسارَى لشَهواتِ النُّفوسِ الكَواذِبِ
وأَورَثَ قَوميَ الاختلافُ تَفرُّقًا = فأبْئِس بمَورُوثِ على الشرِّ دَائبِ
فولَّى عَلَينا اللهُ أرذَلَ قَومِنا = وأَخوَنَهُم حينَ اجتِماعِ المَكاربِ
وأكثرَ أهلِ الأَرضِ ذلًّا وخسَّةً = وأشأمَ جُلاسٍ وأغدَرَ صاحِبِ
أذلَّاءُ للأَعداءِ، طرًّا جميعُهُم = أُسودٌ علَينا نُشَّبٌ للمَخالِبِ
فأيُّ فؤادٍ يَستقِرُّ قرارُهُ = وأيُّ دُموعٍ قد تَجفُّ لساكبِ؟!