أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مأساة ناصح أمين

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 920
    المواضيع : 188
    الردود : 920
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي مأساة ناصح أمين

    مأساة ناصح أمين.
    قصة بقلمي.
    أقسم للجميع في الحارة أنه على الحياد. وأنه في حل من تلك العداوات التي ورثت أحقادا ومشاحنات ، بل ومعارك ضارية أحيانا، ورغم سلامة نيته، وصفاء سريرته، الا أنهم لم يبتلعوا موقفه هذا.
    لكن عملا بالمقولة الإجرامية الشهيرة:
    “ من ليس معنا فهو ضدنا"
    كان كل طرف من أطراف المعادلة، يحاول جره الى جانبه، لاسيما وأنه يمتلك مالا وأملاكا لا يستهان بها، غير أنه آثر الحياد،بل وأصر عليه، وحاول بكل جهده استقطاب محبة الأطراف كلها.فراح يستميل هذا بشيء من الهدايا، وذاك بالوقوف الى جانبه في تصريف بعض أعماله.
    -&&&
    في الحقيقة كان يبذل جهدا كبيرا في محاولاته لإطفاء العداوات، وتخفيف التوترات، وتضميد الجراح، والتوفيق في مواقف الاختلافات.اذ بدا في الحارة كالناصح الأمين، والمسالم الرزين، وحبيب الجميع، ومناصر الكل،وكم تكلف من جيبه ، ووقته الشيء الكثير كي يطفيء موقف اشتعل هنا، أو بؤرة مشاحنة قد انفجرت هناك.
    كانت نيران الصراع بين أطراف المعادلة ، تضطرم تحت السطح.
    ففئات التجار، والفتوات والبطلجية، كانت تتسلح استعدادا ليوم صراع آت لا ريب فيه. بعد أن تعقدت العلاقات، وتراكمت المعضلات، وتشابكت المصالح، وأمام حجر العناد الذي نبت وترعرع واشتد عوده في القلوب، كان لابد من يوم صدام دموي وشيك.
    &&&
    كانت قدرات العم
    ( ناصح), في مهمة الوسيط السلمي تتآكل، وحججه في الصلح والتسامح تنهار، أما طريقته الدبلوماسية الناعمة، فقد أمست في عيون الاطراف المتصارعة ،مجرد ابتسامات منافقة تدل على الضعف والجبن ,أكثر مما تدل على الثقة والتماسك.
    فصاروا يتلقون نصائحه، ومقترحاته بشيء من الإهمال أولا، ثم تحولت نظرتهم إليه ، لتصبح نظرات استخفاف وسخرية، وتجاهل.
    &&&
    كان الجميع يعدون العدة لصدام جديد.وتلبدت أجواء حارتنا بسحب تنذر بالشؤم، ومخاوف قد بدت في مآقي العيون.
    &&&
    وما زال (ناصح) ناصحا، يدور بين الأطراف عارضا مقترحات، أو واعدا بلقاءات،ناقلا التساؤلات والإجابات.غير أن كل طرف كان قد استمسك بموقفه، وأصر على اتجاهه، عاضا بالنواجذ على مكتسباته، غير عابيء بظلم اقترفه، أو حق انتهبه، أو بأرحام قطع أوصالها، أو جيرة أكل حقوقها، أو أصول وقيم انتهك حرمتها.ضاربا بكل فرص السلام عرض الحائط.
    &&&
    حينما ننكر حق العقل علينا بالإنصات له، وحين تنشرح صدورنا بنوازع الشر، ويركبنا شيطان الشح والطمع، فأبشر بصراعات دموية لا تبقى ولا تذر.
    &&&
    اختلطت الفئات المتصارعة، وتوزعت العداوات وتشعبت المواقف، فكل الأطراف تصارع كل الأطراف، وكل اتجاه قد تفتت الى بؤر متناحرة، وكأن الحارة قادمة على ملحمة كي تأكل نفسها في تطاحن ذاتي رهيب.وىصبح كل طرف لا يعرف من أين تأتيه الضربة وكيف وأين تكون!
    كانت السيوف والخناجر اللامعة تحت الشمس الحارقة، مشرعة استعدادا للاندفع في كل اتجاه، كأنها طيور جارحة تنتظر لحظة الهجوم لتروي عطشها من شرايين ودماء الأعداء المتحاربين..
    &&&
    العجيب في الأمر ، أن العم ناصح كان يسعى في حمية ونشاط بين سادة كل الأطراف.فلم يجد منهم سوى الصمت المريب.
    حين وقفت جميع الاطراف متواجهة في ساحة المعركة المرتقبة ، ساد صمت مريب، وسكون عجيب ، حتى لكأنك لتستمع لدقات القلوب ، وتشعر بالأنفاس المتلاحقة.والعم ناصح الأمين في مركز الدائرة، حيرانا يائسا بعد فشله في جمع الصوف.
    وفجأة، اندفع نحوه الجميع، وانهالوا عليه تمزيقا بحماس شديد.
    &&
    فهل كان الشيء الوحيد الذي اتفقوا عليه جميعا ،وارتضوه دون اعتراض، هو التخلص من ذلك الناصح المزعج؟

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,141
    المواضيع : 318
    الردود : 21141
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    يقول المثل: ( ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه) وهم هنا لم يكتفوا بتمزيق ثيابه
    بل انهالوا عليه جميعا تمزيقا بحماس ـ وكل ينطلق من تلك المقولة الخبيثة:
    ( من ليس معنا فهو ضدنا).
    رمز موظف بذكاء ليخدم الحبكة في قصة قوية بإسقاط سياسي
    بلغة متينة ومعالجة ذكية.
    دمت ببهاء الحرف الهادف.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي