أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ليته لا يخدعها !!

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 920
    المواضيع : 188
    الردود : 920
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي ليته لا يخدعها !!

    ليته لا يخدعها!!!

    القتل المجاني نصيبك اليومي ، في تلك البقعة من وطننا.
    والوجع رفيق لقمتك التي تزدريها أمام شاشات الأخبار.
    هل صار الأمر مألوفا لنا ؟؟ حتى اعتدنا تناول وجباتنا الثلاث ونحن نشاهد جموعا تركض في كل اتجاه ، تلاحقها قنابل العدو!!
    &&&&
    أشار الطبيب أن علي تغيير نظامي الغذائي، فالتهام الطعام بلا حركة أو نشاط بعده ، يهدد الشرايين بالانسداد.
    &&&&
    فررت الى كورنيش المدينة الهاديء في ذلك الضحى الموشح بالضباب البارد.
    كانت الشمس تطل خجولة مترددة، مرتعشة !!
    النهر الصغير يأخذ مساره بجدية هادئة نحو مصبه الشمالي البعيد.
    ارتخيت في أحد المقاعد الكبيرة التي امتدت على طول الكورنيش ،التي كانت مقاعده على النمط الانجليزي.
    منتظرا أن يحل موعد تسلمي للتحاليل الدموية.
    &&&
    تحت هذا الماء أسرار ، بل حياة غامضة فيها كل ما تتخيله . أسماك كبيرة تأكل تلك الصغيرة التي تجاورها وتشاركها عمق النهر، وطحالب منتفخة غير صالحة للأكل، مخلوقات عديدة تحت ذلك الساري نحو مصيه.
    &&&
    قارب عليه صياد وزوجته، تدير هي دفة القارب وتوجهه حيث ترى، بينما يمد هو ذراعيه عن آخرهما ناشرا شبكته الكبيرة على اتساعها ، ربما لتستوعب سمكا كثيرا.
    الشبكة تخرج فارغة إلا من بعض الطحالب السوداء.
    &&&
    ذاته هذا النهر ،حيث كنا نلهو صغارا ، كان يبدو رفيقا بنا.وحين كبرنا علمنا أنه قد دس في عروقنا سم البلهارسيا ، شفي منا من شفي ،ومات منا بسببها من مات.
    ما زلت جالسا منكمشا في معطفي الانجليزي المستورد.
    أنتظر في تململ ، نتيجة التحاليل الطبية التي أشار على الطبيب أن أجريها على دمي.
    &&&
    جثة حمار نافق تمر أمامي الآن، انعكاس عليها أشعة شمس كسولة لصباح شتوي.
    &&&
    لم يكن الكورنيش بهذا التنظيم الجميل، يوم أن كنا نلتقي في تلك الأمسيات الشتوية الصافية، أتأبط ذراعها البض، تنكمش في صدري كعصفور بلله المطر،، تمتزج خلايانا فتمنحنا دفئا وأمانا.
    نتداول حكايانا التافهة بحب وفرح شديدين. تأخذنا خطواتنا ، فاذا بنا نطوف المدينة طوال وعرضا.
    ليلة لن ننساها ، حين انكسركعب حذائها بقامت بكسر الآخر
    كي تستفيم مشيتها في الظلام.
    ليلتها ضحكنا كأن لن نضحك بعدها ابدا.
    &&&&
    حين غادرتها فجأة ذات ليلة من ليالي الحرب، لا أدري كم الدموع التي أهرقنا، لكننا كنا على ثقة أننا سنعود منتصرين ، كي نبني بيتنا الصغير.
    (زفوها لقريبها، وأنا بعيد في ميدان القصف العنيف.)
    &&&
    عدت وحيدا فوق كورنيش النهر الصغير، أراقب الصيادين، وجثث الحمير النافقة.
    &&&
    النهر الصغير ، تتلألأ موجاته الهادئة بفعل نور الشمس الكسول. قارب الصياد يمر أمامي ، زوجته تدير الدفة، الشبكة ترتبك بين يدي الصياد، يحاول جاهدا فكر تلعثمها.
    &&&&
    سنوات سبع من التقاعد بعد هجرة عن الوطن طالت، كليل الساهرين في انتظار شفاء من ألم عميق!
    ، ها أنت تقبع أمام الشاشات بلا فائدة، ما جدوى عقل زاخر بكل تلك الخبرات التربوية، التي لا يأبه بها الوطن!!!
    الطعام كان هو رفيق جلساتك، تتفن في صنعه ، وتتفنن في التهامه،أمام
    شاشات تذيع صور ومشاهدة ملايين اللاجئين بلا مأوى أو طعام، تلاحقهم طائرات الموت المجاني في زمن البلطجة الدولية.
    &&&&&
    شابان ، فتاة ورفيقها، أستأذنا في الجلوس الى جانبي، أذنت لهما في وجوم.
    يبدو أنهما ريفيين، جاءا للمدينة للالتقاء بعيدا عن أعين الأهل.
    كانت يتلفتان في قلق. قصيرة ،نصف جميلة ، وهو تافه، يبدو أنهما زميلين في جامعة واحدة.
    الفتى كثير الكلام، لا يكف عن الثرثرة بأشياء تافهة، الفتاة تضحك في فرح، يبدو أن قلبها يدق بسرعة، الروؤس تقترب ليشاهدا شيئا على شاشة المحمول، الفتاة تضحك في خجل، الفتي لا يكف عن الثرثرة، ربما يستعرض بطولاته التافهة.
    يتلفتان في قلق.فقيرين، يبدو ذلك من مظهريهما.
    صبي يبيع الورد ، يظهر فجأة، يحمل قراطيس من زهور شبه ذابلة ،مدها أمام عيني الفتى والفتاة.
    - : بكم
    - ثلاثون حنيها
    - تراجعت يد الفتى عن جيبه
    - طأطأت الفتاة في حزن.
    &&&
    - القارب يدور حول نفسه، الصياد يستخرج سمكة صغيرة استطاعت شبكته أن تتلقفها بعد جهد كبير.
    - &&&&
    - هممت أن أسألهما، زملاء أم خطيبين.
    - لكنني تراجعت، لا أدري لماذا خشيت أن أنغص عليهما فرحة اللقاء الأول، وخلعت عني حكمة رجل متقاعد،متذكرا فرحتنا الغامرة، عند لقاءاتنا الحبيبة، ونحن نتلفت حولنا في قلق.
    - قمت لأدرك موعد مختبر التحاليل ...
    - مودعا الفتى والفتاة بابتسامة ودودة. فابتسما في قلق،
    - كنت أنا أيضا مشفقا قلقا ، أهتف في سري:
    - ..ليته لا يخدعها .. ليته لا يخدعها
    .

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,137
    المواضيع : 318
    الردود : 21137
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    على أنغام الإنفجارات والقنابل ، وعلى مشاهد القتل والدماء والدمار والخراب
    تعود كما الكل على أن يتناول وجباته أمام الشاشات مغموسه بالوجع
    فكان من الطبيعي أن تتأثر معدته ويحتاج إلى استشارة طبيب فيطلب منه بعض التحاليل
    وفي انتظار نتيجة التحاليل جلس صاحبنا على الكورنيش ـ وفي حالة تأمل ذهبت أفكاره
    إلى ذكريات حبه القديم في الكورنيش والتي انتهت بسفره ليحارب ليزوجوها من بعده.
    ليناقش من بعدها قضية هامة ـ وكما يقولون ( لا كرامة لنبي في قومه) فرغم كل الخبرات التربوية
    التي اكتسبها في هجرة طالت خارج الوطن لم يجد من يقيم أو يستفيد من تلك الخبرات
    ليظل سبع سنوات متقاعدا لا يجد ما يعمل سوى أن يتقن فن الطبخ وويتفنن في التهامة.
    واسمح لي لو قلت لك إني لو استسيغ قصة الشابان والتي ذكرته بذكريات حبه القديم
    لم أجد فيها ما يستحق ربطها بالقصة وأحداثها ـ أو هذا هو ما أحسست به.
    وهذا هو مجرد رأي قارئة فلست بناقدة.
    أهلا بك وبحرفك الجميل وسردك الشائق وأدائك الماتع.
    ولك كل تحياتي وودي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    التعديل الأخير تم بواسطة ناديه محمد الجابي ; 08-12-2023 الساعة 04:51 PM

  3. #3
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,456
    المواضيع : 237
    الردود : 3456
    المعدل اليومي : 2.15

    افتراضي

    من الواقع تغزل حروفك، ومن عميق رؤيتك لكل ما حولك تنثر شباكك
    لتصطاد بها قصص من الحياة بما تحمل من هموم وأحلام وحب وقلق في سرد ماتع
    مخضب بفلسفة خاصة بك لتصلنا بأسلوب جميل.
    سلمت قلما وفكرا ولك تحياتي.