الوداع
جلست سلوى على صخرةٍ قرب البحر _ وأختها فاطمة تراقبها عن كثب، تحاور الشفق وتمتع ناظريها بجمال ألوانه عند الغروب، والشمس تسحب آخر خيط من خيوطها الدافئة، فتعكس خلف الغيوم البيضاء _ التي تكدست بعيداً في الأفق _ ألواناً ساحرةً جذابةً .
بُهرت بهذا المنظرِ الرائعِ و تمنت لو أن الزمن يتوقف للحظات. رباه سبحانك ماأجمل هذا المنظر، الشمس أوشكت على الرحيل تاركةً بعضاً من ضيائها، الموج يتلاطم ويرشق الشاطيء بالزبد
مدٌ وجزرٌ...... أخذٌ وعطاءٌ
أفاقت من شرودها فجأةً عندما أحست برذاذ ماء البحر يتسلل إلى جسدها النحيل الذي أضناه المرض.
انتفضت بعفوية وتراجعت إلى الوراء، فقدت توازنها فسقطت على الأرض مستسلمة وكأنها أحست بالنهاية. صرخت أختها فاطمة وأسرعت نحوها قائلةً : " رحماك ربي اللهم ارحم ضعفها".
انتشلتها برفقٍ واحتضنتها بحنانٍ، وراحت تربت على ظهرها بلطف قائلةً لها : " إن الخروج من الدار أتعبك فالجو باردٌ هنا وهواء البحر مشبعٌ بالرطوبةِ، وقد أوصى الطبيب بعدم تعرضك للبرد فهذا يزيد من ضعفك ياأختاه".
نظرت سلوى إلى عيني أختها اللتين كانتا تفيضان دمعاً وعطفاً، صمتت ولم تنطق حرفاً واحداً لقد كانت تلك رغبتها . أحبت أن تغمض عينيها _ مودعةً الحياة على أجمل منظرٍ افتقدته منذ مدةٍ طويلةٍ، لم تغادر البيت خلالها إلا لزيارة الطبيب . وبسرعة أمسكت فاطمة بهاتفها النقال وطلبت سيارة الإسعاف حيث نقلتهما إلى المستشفى وهناك، فتحت فاطمة عينيها الذابلتين فوجدت نفسها على سرير، وقد تجمع الأهل حولها وهم يرمقونها بنظرات عطف، ودموع أختها فاطمة تتسابق على خديها. ما كانت تتمنى ذلك يوماً، أحست بدنو الآجل عندما بدأت البرودة تتسلل من قدميها إلى ساقيها ..............
نظرت إلى أختها فاطمة وأومأت لها فجلست بجانبها، أمسكت فاطمة بيدها بحنان وراحت تقبل وجهها وتضمها إلى صدرها الملتهب العامر بالإيمان، دافنةً خوفها وحزنها في قلبها حتى لا تُشعرُ أختها بذلك
ابتسمت سلوى ابتسامةً مطمئنةً وكأنها وجدت الراحة والسعادة اللتين فارقتاها منذ زمن.
هدأت و.............فارقت الحياة