بِسم الله ..~
إنها الثالثة بعد منتصف الليل ، إلا أن مايجري داخل تلك المضغة الهشة يتّسع لِضجيج مدينة.
أحسّت باختناق شديد يكتتم أنفاسها ،
فتحت نافذة الصقيع واستقبلت الرياح العاتية كورقة خريف ذابلة تتبعثر يُمنة ويسرة
صرخت بصوتٍ عالٍ: لاأريده !
لم يسمعها أحد !
لم يكن هناك سوى صدى صوتها المبحوح ليرد عليها بأن الأمر قد تَمّ وانتهى!
نزلت على الارض كمن يسقط في هوة سحيقة واحتضنت جسدها المتهالك بذراعيها المتوَرّمتين.
-بقي شهر واحد!
أطلقتها بزفرة مديدة ،مديدة ..كأنما لاتريد أن تسترجع أنفاسها بعدها،
لم تكن تلك هي الصورة التي رسمتها لفارس أحلامها!
لكن عليها ان تتقبل اختيار والدها بعينٍ منخفضة وصوتٍ مُخرَس !
فلاأحد يُمكنه أن يُمارس المُحاماة أمامه ،
فقد عرفته ملوّحا بحزام سرواله ، شديدا بعصاه ،عنيفا في ضربه ..
ارتمت على سريرها ودفنت رأسها بين ثنايا وسادة ملَّحَتها الدموع :
-أي طعم للحياة تبَقَّى؟!
سَلب النّوم عيْنيها أخيرا ،فابتسم ثُغرها هامسا: ماتَ أبي!!