|
ترجّلْ هنا ما في وقوفك من باس |
يُلبّي فؤادي دعوة للهوى القاسي |
هي الدار دار الراحلين لأمسهم |
وقد تركوك اليوم في ليل وسواس |
وحيداً بأوجاع الحنين تلوكُها |
وعَلَّقْتَ حلماً قد سباك بإقباس |
فلا والذي في شرعه عتق خافق |
تندّى بغضنِ للحمامة ميّاسِ |
كأنْ يهنأ القلب المُعنّى بوصلهم |
إذا أُوقدَتْ من دارهم نارُ إحساسي |
لتلك الديار السُّمْر ترنو مواجدي |
إذا غرّد التحنان في دار إغلاسي |
فَيَمَّمْتُ للبئر القديم رواحلي |
فقلتُ أَلاَ يا بئرنا ضاع إيناسي |
فها أُطفئتْ مشكاةُ أنوار بدئنا |
وغالبَ ليلُ المنتهى نارَ نبراسي |
وفي غصة الأحقاب أجدبَ دهرُنا |
وأَقْفرَ معْنَى النازفين بإفلاس |
وغرّب شدوي المُرجفون وغرّهم |
توجّس مسْرى العارفين بإدماسي |
مُعَنّى بأوجاع الجنوب وجرحه |
وكلّ جنوبٍ في الجهات بلا آسِ |
إلى كلّ شمس قد حملتُ مواسمي |
ووجَّهْتُ جنّاتي لغيمٍ و إيئاسي |
تَغَارُ لغاتُ الشوق من أبجديّتي |
وتسمو لغاتُ الجرح من بدء إعراسي |
تراني فُتِنْتُ الآن حتّى نسيتُ ما |
تَعَلّمْتُ من أسماء وجدي و إمراسي |
يشيْ بجراحي سرُّ أزمنة الرؤى |
وفي موسم الإسرار باح بأقواسي |
تأبّطْتُ أحزان السواقي ونخلها |
وسِرْتُ بإحدى الحسْنيّن لمتراسي |
لأجلهما مازلتُ أرسِلُ هدهدي |
ولم تأتني من أطلسيَّ بقِرْطاسي |
فَيَمَّمْتُ طور الذكريات توجّساً |
لأخصف من أورقها سُتْرةَ الكاسي |
وذاكرة الأشياء تنسلّ من دمي |
فتوقظُ أحلام المرايا بإحساسي |
ففي وسع قلبي أن يظلّ مغرّداً |
وفي وسع عمري نبذ من رام إنعاسي |
أسافرُ عبر النّار أعزف سرّها |
لتقرأ سرّ الماء في لوح إهلاس |
هنا حشرجاتُ النبض تُربِكُنِي خطىً |
ويَضْطَرُّني شدوي إلى حبس أنفاسي |
فلا منطقا للجرح إلا مدى الرؤى |
وحدسي عُرىً ما اختلّ في الوجد مقياسي |
أرى ثانيَ اثنين التسابيح والهوى |
لحلمٍ هما في بُرْدتِيّ وَ كَرْبَاسي |
وعند دمي يستنهضان مواجعي |
ويحتملان الصهد في بيد إشماس |
على آدم الإنسان مصلوبة الخطى |
تباشيرُ بدئي في غياهب خَبّاس |
حملتُ على الأزمان منذ نعومتي |
قرابينَ هابيلٍ , دمي نذر أجراس |
ومنسوجة أكفانه قبل مطلعي |
على سكرة الدنيا هلال بقسطاسي |
ففي ضيّق الأعمار دهري يقيلُنِي |
توجّسَ منّي خِيفةً أيّ إيجاس |
كبرتُ على صدر الرمال تَسُرُّ لي |
بأنّ رؤانا عند أول ميعاس |
لأنّ مدى الجدّات أفق ملفّع |
وها لمْ أجدْ جدّاتنا عند إلماسي |
لأنّي المُعنّى لمْ يَزَلْ وجعي رؤى |
وحُزني مقيمُ الرحل فيّ بإحلاس |
قتيلُ رهاناتي على لغة الهوى |
تكلّمْتُ حدّ الصمت فانسال إنباسي |
أعاني اختناقي بالوجود وطالما |
هنا بين أصواتي طريح بإغلاس |
على كلّ درب وزّعتْنِي قصيدتي |
فويلٌ لقلبٍ تاهَ رهناً لأقياس |
أتيتُكَ مذبوح الخطى عند بئركم |
لعلّيّ أستجديه ماءً لأحباسي |
تمايلتِ الأطياف حولي تهزُّني |
إلى أعين الشقراء شدواً بإهلاس |
وتشرق فينا مقلتيك مواسماً |
يقضُّ فصول الوهم في صيفنا القاسي |
أيا واهب الرمان بعض خدودها |
وبعض دمي في وجنتيها وإنفاسي |
فأوصافها الحسنى شموس بدايتي |
مواويلها الأولى سماتُ لأقداسي |
كلانا اقتراب العين في نقطة رستْ |
هنا قاب قوسيّ المرائي بإلباس |
بذلتُ لها إمزاد جرحي معبّقا |
وكلّ حكايا البيد لو بئرها ناسي |
تقولُ وقد جفّ القصيد على فمي |
أحسُّ لهيباً فيك من لفح شمّاس |
أمهجتك العطشى حملتَ مغاضباً |
وسِرْتَ بها للبيد في زهو إخلاس |
فها أنتَ مثلي غربة تُظْمِئُ المدى |
وكم تتحرّى حيرةً عند أطْلاس |
نزفتَ لما في النّاي من وجعٍ وكم |
به يتمادى التيه من بعد إنكاس |
أرى كفّك اليمنى التي طرقتْ سدى |
على الشوق باب الدهر في دمع إعْساس |
لأقصى منافي عمرنا ساقك الهوى |
لحرف لكي يستنطقَ الريح أغراسي |
ومن دمك المسفوح يختزن النّدى |
فمن أيّ مرٍّ بعده ينتشي الحاسي |
سيُخزنني في دفء عينيك أطلسُ |
يمدُّ غناء الريح وصلة أنفاسي |
وإني كبعض الناس أختطُّ وجهتي |
وأعرف كم بئرٍ بها ماء أخْياسي |
توسّدْتُ تاريخاً رهينَ هزائمٍ |
يُحرّفه سمسار حرفٍ لمكّاس |
فللدين فينا جُبّتان أراهما |
على ملّة ابراهيم تذبحُ أكياسي |
فمن سُنّةٍ حادتْ إلى ليل شيْعةٍ |
فتضرب أخماس الجميع لأسداس |
فينحاز لي في الجرح كلّ معتّق |
يرى ما تردّتْ في الهوى كفّ دسّاس |
نشى واضح المعنى و مبهمه بنا |
وإني إلى الشقراء أمددُ أقلاسي |
إلى ماء بئر العاتريّ يفيضُ بي |
إلى منتهى بدء الحكايات في الناس |
لتعلمَ أمُّ البدء إني موحّدٌ |
لحون الهوى حيث انتشى كلُّ خنّاس |
أصون لهذا الطهر نبض حكايتي |
وإنْ كان هذا المكتوي غير حسّاس |
فمن جرحنا الليليّ أنجم أفقنا |
تشعّ على دنيا تعوذُ بأقداسي |