مَضَى عَليهِمَا عِقدٌ وَنيّف وَهُما يَتَنعّمانِ في عُشِّ الزوجيةِ البَهيجِ ، لكنَّهُما – وَبعْدَ كُلِّ هذهِ السَّنواتِ – مَا كانا ليَعْرفانِ مَعْنى الأبوَّة ، كانا يكتَفيان كلَّ عامٍ بالإحتفالِ بيومِ مَوْلدِ كلٍّ منهُمَا أو بيومِ زَفافِهما ، حيثُ يتبادلانِ التَّهاني وَشيئًا من عَناوينِ الثَّناءِ وَالإعجاب ، لكنَّ الرَّجُلَ ظلَّ مَهْمومًا لِما قدْ ألمَّ به وَأصابه من تأخُّر الذريَّةِ ، فَيَقضي نهارَهُ غافلاً حيثُ مكانِ عمَلِهِ ، وَلَيْلهُ مُتَسكِّعًا معَ أصحابهِ ، حَتَّى وَصَلَ بهِ المطافُ أنْ يَدعو صاحبَهُ إلى بيْتِهِ كي يُديما السَّهرَ إلى قُبيلِ طلوعِ الصَّباح على مَا طابَ - عِندَهُما - من طعامٍ وشرابٍ ، وذاتَ أصيل ، وبعد إيابِهِ استقْبلتْهُ زوجُهُ تعلو مُحَيَّاها سيما الفَرحِ " الخَجولِ " لتُبشِّرَهُ بشعورها بعلاماتِ الحَمْلِ ! .
أنجَبَتْ لهُ طِفْلاً ، فحَملَهُ إلى حيث الكنيسةِ كيما يُسمَّى ويعمَّد ، وفي الطَّريقِ التقى صَديقَهُ فأخبَرَهُ بما كان وبما هُوَ ناوٍ عليه ، تَناوَلَ الصِّديقُ الطفلَ بيديهِ يُداعبُهُ وهو يحدّث نفسَهُ بابتسامةٍ " خجولةٍ " ! ومخاطبًا الوليد : ليت صاحبي يَعْلم بأنَّني أنا أبوكَ لا هوَ .... !!