نَحَتَ الوَهْمُ هَـــيـْـبَـةَ الأَنْصَــــــابِ
وَمَحَى التَّيَـقُّنَ مِنْ فَمِ الأَحْـقَــــــابِ
لمتَى تُنَادِي الصَّخْرةَ الصّـمَاءَ يَا ؟
لمتَى تُرَدِّدُ تَمْــــتَـمَـاتِ ضَبَــــــابِ ؟
و تُفَسِّرُ الهَذَيَــــانَ بِالهَذَيَانِ حتَّى
تَرْتَدِي الأَوْهَـــــــامُ وَجْــــــهَ صَوابِ
وَجْهُ الحَقِيقَةِ وَاحِـدٌ لَمْ يَشْــــــــتَبِهْ
شَبَهَ الوُجُــــوهِ بِظُلْمَةِ المرْتَــــــــابِ
لمَلِمْ خُطَاكَ مِنَ الشَّتَــــــــاتِ لَعَلَّــهَا
تَكْفِي الرُّجُــــوعَ لأَوّلِ السِّــــــرْدَابِ
مَحَت الطَّريقَ فُروعُ دَرْبٍ شَـــــــارِدٍ
فَمِنَ السَّرَابِ يَــسِيرُ نَحْوَ سَـــــرَابِ
فِي كُلّ دَرْبٍ فِرْقَـــــــةٌ و مَـــــــذَاهِبٌ
لَمْ تَجْــــــــــتَمِعْ إلّا لِرَفْـــعِ حِـــــرابِ
مِثْـــلَ الجَرَادِ تَنَاسَــلُـوا و تَقـَاتَلُوا
و تَسَرّبُـــوا فِي خُضْرَةٍ كِيَبَـــــــابِ
قَضَمُوا جُــذُورَ الزَّهْرِ و التــــَّارِيخِ
و اخْتَتَمُوا بِأَكْلِ حِجَـــــارةٍ وَ تُرَابِ
لمْ يَبْقَ فِي أَجْوَائِهِمْ إلا الــــــــرَّدَى
وَصَــدَى الرُّؤُوسِ تَطِيرُ فِي أَسْرَابِ
هلْ لُقِّحُوا ضِدَّ الحِــجَى فَإذَا بَدَتْ
أَعْرَاضُهُ طَــارَتْ بِرأْسِ مُصَــــــابِ ؟
هَل ضَــــاقَتِ الأَرْبَــابُ بِالدَّاعِينَ أمْ
ضَاقَ اِتّسَــــــاعُ الأَرْضِ بِالأَرْبَابِ ؟
عَادَ الوَرَاءُ إِلَى الوَرَاءِ كَــــــــــــــأَنَّهُ
منْ سَـــــالِفِ الأَزْمَانِ وَ الأَحْـــــقَابِ
مِنْ أَيْنَ يَا مَسْرَى سَيهْـــرُبُ لاَجِئٌ
أإلى العُبَـــابِ تُرَى أم الإرهـــــاب؟
لاَ شَيءَ إلَّا الموْتُ والبَحْر المُسَجّى
يَزْحَفَـــــــــانِ مِنَ المدَى المنْسَــــــابِ
يَرْمِي مَصِيرَهُ فِي فَمِ الأَمْـــــــــوَاجِ
وَهْيَ تُفَتِّتُ الآمَــالَ كـَالأَخْشَـــابِ ؟
وَيَدٌ مِنَ الأَعْمَاقِ تَخْتَــــارُ القَرَابِينَ
التِّي لَجَأَتْ لِسخْــــــــطِ عُــــبَــــابِ
مِنْ أَيْنَ يَا مَسْرَى يُوَجِّـــــــهُ لاَجِئٌ
رَكِبَ العُبَـــابَ بِلَا مُنَى الإِيّـــــابِ ؟
و الأُفْـــقُ يَبْسِمُ منْ وَرَائِهِ بَســـــمَةً
قَدْ كَشَّـــــرَتْ عَنْ مُرْعِبِ الأَنـــــــيَابِ
فَهُنَاكَ فِي القَصْرِ المنِيفِ جَــمَاجِمُ
البُؤُسَـــاءِ تَبْنِي مَسْـــكَنَ القَصابِ
أَحْجَارُ ذَاكَ القـــصْرِ تِذْكَــارُ الرَّدَى
ومَجَازِرٌ تَعْوي السُّكُوتَ الخَـــابِي
قَتلَ الرَّفَــــــــاهُ المتْــــرفِينَ و تَحْتَهُم
يتساءل الأَمْـــواتُ دُونَ جَـــــوَابِ :
أَيُحِسُّ أَصْحَابُ الرّفَاهَةِ بِالحَيَاةِ »
بِحُلْـــــوِهَا وَ بِمُــُـرِّهَا... بِعَــــذَابِ ؟
أَتُرَى مِنَ الأَحْيَــاءِ هُمْ ؟ أَمْ أَنَّـــــهُمْ
فِي عَـــالَمِ الأَحْيَـاءِ كَـــالأَغْـــــرَابِ ؟
تَعِبَ التَّعَجُّبُ و التَّسَـــاؤُلُ بَيْنَــمَا
تَتَوالَدُ الأَحْـــــــــقَابُ منْ أحْقَـــــابِ
هِي هَكَذَا الأَيامُ تُشْبِــــــبهُ بَعْضَهَا
و تُعِيدُ مَا سَمِـــعَتْ عَلَى الكـُتَّـــابِ
لا تَحْكُمُ الكَـــــــوْنَ العَدَالَةُ إِنَّمَــــــا
حَكمَتْ قَوَانِينَ الفَــلا و الغَـــــــــابِ
لا ذَنْبَ إلّا للضّعـــــــِيفِ و لَا صَدَى
إلا لِصَوتِ القَاهِرِ الغَـــــــــــــــــلاّب ِ
لَكِـــــنْ أســـــاطيرُ الكُهـــوفِ مُخَدرٌ
أَضْحَتْ كَمَــــا غَيْــــــبُوبَة لمصَـــابِ
قَدْ سَكَّنَــتْ فِيهِ الحَقِـيقَةَ و الجِرَاحَ
فَــأَخْرَسَتْ أُقْصُـــوصَةَ الأَسْــبـــابِ