اعتاد شعراء بلدتنا- و فيهم مفلقون- في الأمسيات الشعرية التي تعقد فيها، أن يفسحوا فرصة لطيفة للهواة.. إلا هو!!!
هو يخشى أن تؤثر قصائدهم على الثيمات التي تتموضع فيها أشعاره!!
الشيء الثاني الذي ميز به نفسه، هو إصراره على تخصيصه بأمسية كاملة، دون مشاركة المنصة مع غيره من الشعراء!!
كان يشبه الأدباء في أشياء كثيرة.. قبعته تماثل تلك التي يعتمرها الماغوط، و معطفه يماثل ذاك الذي يرتديه كامو.. إلا في الأدب!! فقد كان له أسلوبه المميز.
حينما يرفع المفعول به، أو ينصب الفاعل، أو يرفع خبر كان، أو يفعل العكس مع خبر إن.. لا تحس بأي نشاز في ذلك!! و كأنه لكثرة ما فعله صار يبدو سليقيا مقبولا، لا هجنة فيه!!
لو كان يعرف ابن الطراوة، و آراءه النحوية، لاتهمته على الفور بالتقليد الأعمى، و المحاكاة السمجة. لكنني على يقين أنه لا يسمع باسمه حتى..
لذلك أعتبره رائد هذا المذهب النحوي الجديد، بز به من سلف، و سيتعب به من خلف!!!
و له في أوزان الشعر، و مكاييل النظم مهيع فريد!!
تشبه إلى حد بعيد مكيالي أبي جهينة الذين نزل فيهما قوله تعالى: * ويل للمطففين.. *
يستطيع أن يجمع في بيت واحد بين العمودي، و التفعيلة، و النثيرة!!.. و أشياء أخرى، قد يحتفظ هو بسرها!!
حلاوة هذه الأمسية زادت بالتصفيقات المدوية.. التي كان الجمهور السخي ( الذّوّاق)، يجود بها بلا حساب على هذا النابغة!!
.. خاصة في نهاية الأمسية.
امتزجت في نفسي مشاعر الأسف، و الندم.. على ما فرطت في جنب هذا الخنذيذ، و على ما فاتني من إبداعه فيما لم أحضره من أمسياته الليلية!!
فقد كانت الأكتوبة لتكون أطول، و أمتع..