بعد مرور سنين على تجارب قاسية،
يحمد الإنسان ربه أن لم يكتب له التوفيق في هذه التجارب...
لكنه يتذكرها وتمر على خاطره؛ لأنها قطعة منه عاشها وتأثر بها،
فيبتسم ويحزن؛ ليس على صاحبة التجربة حاشا وكلا،
وإنما على صدق المشاعر وصفاءها
(تاقت إليك النفس)
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
تاقت إليك النفس يا رضوى
من بعدها في الناس لا أهوَى
مَن عالَج الأشواقَ مبتدئًا
لو عاشَ دَهْرًا هل له سَلْوَى
مَنْ كان قبلَ الحبِّ في دعَةٍ
جسمانُه من عشقِها يَضوَى
قلبٌ به مِن سِحْرِها صرَعٌ
وجوانحٌ باتتْ بها تُكوَى
عينٌ كساها السُّهدُ ما هنأتْ
وتقولُ: إن سهادَكم دعوَى
وبذلتُ في حبِّي لها مهجًا
فتقولُ: لستَ بغايتِي القُصوَى
حتى بدا منها تلوُّنُها
والغدرُ في قسماتِها يُنْوَى
فعزمتُ بَيْنًا لا أُراجِعُه
كم من قلوبٍ بالنوى تَدْوَى
بَيْنٌ تَحتَّم لن يجمِّعَه
وصلٌ وإن حَرَصَتْ بلا جدوَى
هجري لها شيءٌ مرارتُه
كمرارةِ الإكسيرِ للأدوا
لكنه نَفْعٌ فإن تُرِكَتْ
نفسي لخضراءِ الهوى تَتْوَى
***
وتمرُّ أعوامٌ وأذكرُها
ذِكْرَ الذي عُوفي من البلوَى
ويشاءُ ربي أن يجمِّعَنا
فرأيْتُها صارتْ إلى الأسْوَا
فأتتْ إليَّ وكلُّها أسفٌ
تشكو وتُظهِرُ بالِغَ الشكوَى
وبعينها العبراتُ ما بَرِحَتْ
تَنْهَلُّ من عَيْنِ الرَّشا الأحوَى
يا طولَ ما صادتْ بها رَجُلًا
فبِدَلِّها ودلالِها يُغْوَى
ولوِ استطاعَ العُمْرَ أنفقَهُ
ليذوقَ أجزاءً من الحلوَى
***
غيداءُ في حُلَلٍ مزخْرَفَةٍ
تُخفي الفسوقَ وتُظهِرُ التَّقوَى
قالت: ظُلِمْتَ وإنَّنا بَشَرٌ
هل تَشْفَعُ الآهاتُ والَّلأْوَا
إني علمتُ الآنَ قيمَتكم
والعفوُ عندك في الورَى يُرْوَى
أَنسِيتَ أيامًا نَعِمْتَ بها
جذلانَ أنتَ وإنَّني النَّشوَى
والشمسُ في الإصباحِ موعدُنا
ولكمْ رأيتَ شعاعَها يُطْوَى
وقصائدٌ بالعِشقِ شاهدةٌ
أُسْمِعْتُها في السِّرِّ والنَّجْوَى
إني أتيتُ إليْكَ ضارعةً
فكنِ الحبيبَ وكُنْ لي المَثْوَى
فصرفُتُها متلطِّفًا أَمَلًا
أن تَفْهَمَ المكنونَ والفَحْوَى
كم كنتُ أَحْسَبُ أَنَّها مَلَكٌ
وبأنَّها لِيَ جنةُ المأوَى
فاليومَ لا أَلْوِي على أَحَدٍ
سِيَّان باعَ العَهْدَ أو أَلْوَى
شَوقِي لها ولمثلِها كَذِبٌ
واهًا لقلبٍ بالهوى يُشوَى
رضوى هذه رمز
تتوى: تهلك