|
سَلَوْتُ الطِّلا ، وانْبَتَّ عَنّي مُسامِرُهْ |
وغافَصَني ما كنتُ دومًا أُحاذِرُهْ |
بيومِ الطُّلا – فَرطَ التَّغافُلِ – حَزَّها |
رُوَيْبِضَةٌ ، واللَّيلُ شاهَتْ زواهِـرُهْ |
عزائِمُنا خارتْ وجَلَّ مُصابُنا |
وجَارَ جِوارٌ ، أرْهَبَتْنا دسَاكِــــرُهْ ! |
هي الفتِنُ العَمْياءُ ، صَمَّاءُ مَوْرُها |
لظى كَفِّها توهي الخُدودَ أظافرُهْ |
لتخبِطَ أقطارًا ، وتَعْرِكَ أُمَّةً |
فلا عارض إلا دَهَتْكَ قَنابِرُهْ |
متى أدبرَتْ قد أسفرَتْ في رُغائها |
إذا بزعيمِ البـَـأْسِ شتّى مَعاذرُهْ |
وإن شَبَّهَتْ قد أقبلتْ في نَعيبِها |
وَهَيْهاتَ منها يَرفعَ الرأسَ حاسِرُهْ |
غلائِلُ بِشْرٍ لا تُمَلُّ فأصْبَحَتْ |
غوائِـلَ دَهْرٍ لا تَقَـرُّ مَخاطِرُهْ |
أجَلْ ، آخِرُ الأزمانِ لاحَ شُواظُهُ |
وطافت على الأُفقِ العَقيمِ مَصائِرُهْ |
أرى وازعَ الدنيا القَتام كطائرٍ |
فشامٌ جناحٌ ، والعراقُ يُشاطرُهْ |
متى احترقا يفنى الزمانُ وأمُّهُ |
وتمضي إلى سُـفْنِ الخلودِ شعائِرُهْ |
هنالك لن ينسى بني الأصفرِ الرَّدى |
وكوخَ حَضيضٍ تسْتهيضُ مَقابِرُهْ |
ونائِحَةٌ ثَكْلى وَقيدٌ نَشيجُها |
على رَمْسِ غَرْبٍ لم يرَ الخَيرَ زائِرُهْ |
فلا الصَّبْر يُغني حين تنفكّ رَحْمةٌ |
وقد قَصَمَت ظهْرَ الشقيَّ مَظاهِرُهْ |
وقد أجدبت حُمْرُ الطِباعِ من الحَيا |
فلا القَطْرُ وَقْتَ القَيْظ بانَ آخِرُهْ |
ومِن غُصَصِ الحُلقـــومِ شّبَّتْ حَرائقٌ |
فكيفَ لمَيْتٍ أن تبوحَ مَشاعِرُهْ ؟ |
لهاةُ المنايا للدَّعيّ تضافرتْ |
كذاك زماني يوم دارت دوائِرُهْ |
ذرى شَوْكَهُ بين العيون فلم يذقْ |
سـوى نَدَمٍ بلّ السَّواتِر هامِرُهْ |
تلثمّ حَـقٌّ وانزوت عنه أمَّةٌ |
أجَلُّ مناها أن يرى الغدرَ ساحرُهْ |
فسُلَّ عن المهموم آماقَ لوعةٍ |
على غفلةٍ تجتاحُهُ وتصادرُهْ |
وبُلَّ عن المعمود رَوعةَ قصْدِهِ |
ففي صوته دَيْنُ الفراقِ يُسايُرُهْ |
أفاتحةَ الأسقام : ما لَكَ والفتى |
تطوفُ على وحْي القُدامى بَواكرُهْ ؟ |
بَريدُ حِمامٍ ، أم صريرُ مَلامةٍ ؟ |
فؤادي - بما أسْـديْتُ - طابت جَواهِرُهْ |
يُثيرُ بأشجانٍ ، ليبعثَ حُزنَهُ |
وقد لامَـستْ جَفْنَ السَّماءِ بواهِرُهْ |
فكانت كما دمعي تلألأ واردًا |
فمنها ومنّي للجَمالِ مَصادرُهْ |