لا تتهيؤوا للحب مطلقا، إنه حسَّاس للمتملقين، لأولئك الذين يؤخِّرون رشة العطر حتى لحظة اللقاء، ويتفادون ارتداء ملابسهم في غير الموعد تماما خوفا من التجاعيد أن تبدوا عليها، ويحتارون كثيرا في الألوان كيف ينسقون بين البارد منها والساخن، الذين تتردد كلمات الشغف المسروقة على شفاههم، وتكاد أعينهم تفلت منهم في اندهاش مفتعَل، ويكون أجمل ما لديهم.. أغلاه.
لا تتهيؤوا للحب مطلقا.. أشرعوا نوافذكم القديمة على دواخلكم، على فوضاكم، عليكم كما أنتم دون رتوش، أسمعوا من تحبونهم صرير المزاليج والأقفال الصدئة ولا تخجلوا أبدا من غبار الوحدة الذي كساكم... كونوا كما شئتم واستقبلوا الحب كما تستقبلون الحياة. لا تعاملوه بمنطق ضيف عابر يزوركم، وإنما بمنطق المقيم الذي يحتل فضاءاتكم مثلما يحتلكم.
لا تخجلوا منه إذ يباغتكم.. إذ يراكم عرايا إلا من حقيقتكم، لا تعدوا أي شيء خصيصا له، لا تراجعوا لغتكم ولا ترتبوها سلفا، لا تحتاطوا من الوقوع فيه ذات عثرة قلب، احتاطوا فقط من أن تمر حياتكم دون أن ترتطموا به وقد جعلتموه سقط متاع وقت استبدلتموه بالخواء المخيف.
لا تتهيؤوا للحب بابتسامات باردة، بفساتين مستلفة وبذل رجالية لا ترى الضوء إلا في المناسبات المميزة، بادعاء انتماءات طبقية كاذبة لاتليق بكم.. الحب بريء من كل هذا.. الحب ميزتكم الوحيدة، وانتماؤكم الأوحد.. أروه خطاياكم، دواليبكم المغلقة عن الكل وعنكم، رسائلكم القديمة المخبأة في الصناديق الخشبية المشقوقة، ذكرياتكم السرية التي تناسيتموها حتى كدتم تنسونها حقا، أسراركم المدسوسة في الزوايا والجنبات المهملة، وأحلامكم التي تكبر دون أن تشيخ...
ثقوا به، فبالنهاية.. وحده الحب يستحق.