صلّت عليك شموس الشوق وانبعثت
تهدي سلاما لخير العرْب والعجمِ
وظلّلتك جنــان الخلد في شغـــــــف
تــرجو لقاءً بنور شاهق القمــــــم
مازلتُ أشرب من ذكراك فــي ظمإ
يــــا من نرتّله في الصمت والكلم
يا من نعلقه فــــــــــــي القلب أمنية
متــــــن الشفاعة فينا، سّيد الكرم
لمّـــــا دعتك ضفاف العز وانتبذت
فـــي ظلّ نخلك ترجو وافر النعم
خرجت نــورا على القوم الذين أتوا
بالكفــــر دينا، بثوب الجهل والنقم
واليُتـــــــم يسكب في الأيام لوعته
والفقــــــر يسكن ما يبقى من الألم
وزارك الوحـــي في غار تسامره
فقــــال "إقرأ" وبث الآي في حكم
وشدّ صــــــدرك جبريل وأطلقــه
يبغي ثلاثا، وثـــــم ارتدّ عن كظم
فلقن السورة الغرّاء من "عـــلق"
وكنت خـــاتم من جاءوا بذا العظم
وجئت مكة والأرزاء تضربهـــا
ضرب التراب لعين الخائف الشبم
شققت بالذكرِ ليلَ الجهلِ في جلد
لمّـــــا قريش أتت بالزيف والظلم
وكنت منهم قبيل الوحي طفلهمو
أنّـــــــى تقدُّ بُعيد الوحي من رحم
فعانقتــــك نخيل الخير في ورع
وكان قومك من بشراك في صمم
وشاء قتلك من بالجهل كنيتــــه
مثل الجبان، وكيــــد الكفر كالقزم
فطوقتــــــك جنود الحق ساكبـــة
للنصر، فانصرفوا عميا كما العدم
لا "اللات" تنصرهم من بعد خسرهمو
مقامهم في جحيم ســـــــافر الحمم
كم قتّلوا من بني الإسلام واكتــــنزوا
حقــــــدا وكرها لآل الدين والهمم
وكان ذكرك كالإعصار يصفعهـــــــــم
وكنت جـــــرحهمو من دون ملتأَم
كم قايضــــــــــــوك على دين أتيت به
وردّدوا بتفــــــان "فتنـــــة الصنم"
فرحت تنشر دين الله منتصــــرا
للخير تزرعه بالسيـــــــــف والقلم
واستنجدتك نساء كـــنّ سلعتهم
بيعٌ، ووأد، مقـــــام أسفل القـــــــدم
لبيْتَهن بدين الحـــــــــق تحفره
عنـد القلوب، نصرت الضعف من سقم
وجئت "يثرب" والإسلام منتشر
مهــــــــلّل بمجيء الحق في الأمم
وكنت تأمر بالمعروف بينهمـــو
وتســـــكب الطيبة الفيحاء ملء فم
وتسكن القلب في إيمان صاحبه
وتحفـــر الحب بالشريان قاب دمي
يا من يحلّق فيك النبل يا وطنـــــا
شعــــاره شرف، والإسم لي علمي
صلّت عليك دهور الشوق في ولع
ما فاضت الكأس من ذكراك كالديّم
ما سافر الطير يرجو موطنا أبدا
ما عاش حرف ببحر الشعر والكلم
ما قلّد الدين بالتسبيح أمتنـــــــــا
مـــــــا يذكر الله في القرآن من قسم
فيض المحامد في يمناك ندركها
مــــن لن يراك يعيش الدهر في ندم
أسريت نورا إلى أعلى الجنان ترى
غيبــــــــــــــا يعلّقه الرحمان للأمم
لمّا اصطفاك الإله صنت مكرمة
للعالمين، وخيــــر الناس في الكرم
نثرت صبرا، وبعد الصبر عفوك عن
كل الذين أتوا في وصف مختصم
صنت الرسالة أديت الأمانة في
عصر الجهالة، تكوي منتهى الورم
صلّى عليك لسان الضاد منتصرا
للسلم تُسكنه بالطــــــــفل والهرِم