-1
حُسَيْمَـة،
سَلاَمــاً...
سَلاَمـاً أَيَّتُهَـا الأَرْضُ البهْيَّـِهَُ الطَّيِّبَـة،
الْمُفْعَمَـةُ بِأَرِيـجِ التَّارِيـخ،
يَامَدِينَـةً أَسْكَنَتْنِـي عَيْنَيْهَـا
وَقَيَّدَتْنِـي بِالْهَـوَي
وبالحنيـن...
هَـذِي حُرُوفِـي
تَخْجَـلُ أَنْ تَفْـرِدَ أَجْنِحَتَهَـا
بَيْـنَ يَدَيْـك ،
تَخْجَـلُ أَنْ تُغَنِّـي لِلْحُـبِّ
وَحَوْلِـي قُلُـوبٌ
تُعَانِـقُ أَحْزَانَهَـا
وَجِرَاحَهَـا،
وَأُخْـرَى مُمْتَطِيَّـةٌ صَهْـوَةَ الْمَـوْت.
-2
حُسَيْمَـة،
سَلاَمـاً أَيَّتُهَـا الْخُزَامَـى الْمُتَخَفِيَّـةُ
خَلْـفَ إِشْرَاقَـةِ حُلْـم،
يَاصَـوْتَ بَحْـرٍ
يَنْـزِفُ فَـوْقَ مِسَاحَـاتِ الَّليْـل
وَيُوغِـلُ فِـي عُمْـقِ الزَّمَـنِ الآسِـن،
"لِيُولَـدُ بَحْـرٌ نَقِـيُّ الضِّفَـاف"*،
وَيَانَـوَارِسَ
تَتَفَجَّـرُ نُبْـلاً وَكِبْرِيَـاء...
وَتَسْبَـحُ فِـي غَيْـرِ مَوَاقِعِهَـا،
تَتَسَابَـقُ نَحْـوَ الأَوْجَـاعِ
"لِيُولَـدُ صُبْـحٌ عَظِيـمُ الطَّـوَاف"*،
وَيَا وُجُوهـاً
تَشْـرَعُ لِـي بَوَّابَـةَ " أَنْـوَال"
كَـيْ أَعْبُـرَ الْخِطَابَـاتِ الْمُزَّوَّقَـةَ الَّلعِينَـة
إِلَـى حَيْـثُ يَنْشُـرُ الَّليْـلُ أَشْرِعَتَـه
لِنُوقِـدَ لِلْعَابِرِيـنَ الشُّمُـوع
وَلِكُـلِّ الْحَالِمِيـنَ بِالرُّجُـوع.
-3
حُ سَ يْ م َة،
حِيـنَ أَتَهَجَّـى اِسْمَـك
تَخْـرُجُ الشَّمْـسُ مِـنْ أُنُوثَتِهَـا
وَتُعِيـدُ لأَِحْرُفِـكِ مَعَانِيهَـا
الْحَـاءُ،
حَيَـاةٌ تَتَغَلْغَـلُ فِـي الأَفْعَـال
وَتَنْشُـرُ جَدَائِلَهَـا
لِجَسَـدٍ مَزَّقَتْـهُ أَرْصِفَـةُ الْغُرْبَـة.
السِّيـنُ،
سُنْبُلَـةٌ
أَوْ سَوْسَنَـةُ
تَخْتَـرِقُ إِهَـابَ الْغَيْـم
لِتُوقِـدَ قِنْديـلاً قُدُسِيّـاُ
يَنْفُـذُ فِـي صَـدْرِ الْبِيـدِ
الْمُثْقَـلِ بِالـذُّلِّ.
الْيَـاءُ،
يَمَامَـةٌ
تَعْشَـقُ نَوْرَسـاً
يُرْسِـلُ مِـنْ تَحْـتِ الْمَـاءِ
رَسَائِـلَ
يَحْمِلُهَـا الْمَـوْجُ
إِلَـى الضّفَّـةِ الأُخْـرَى
حَيْـثُ يَنْتَشِـرُ الذُّعْـرُ
وَتَذْبُـلُ الأَحْـلاَم.
الْمِيـمُ،
مَـوَّالٌ
يَحْـرِقُ فِينَـا أَلْسِنَـةَ الصَّمْـتِ
وَالُّلغَـةَ الْمَشْلُولَـة.
التَّـاءُ،
تَبَاشِيـرُ
تُرَنِّـقُ الأُفَـقَ الْمَخْضَـوب
وَتُضِـئُ سَمَـاوَاتٍ سَبْعَـة
وَتُوغِـلُ بَيْـنَ تَضَارِيـسِ "الرِّيـف"؛
حَيْـثُ أَصَابِـعُ النَّـدَى
تَعْـزِفُ عَلَـي الصَّنَوْبَـرِ وَالصَّفْصَـاف
أُغْنِيـةَ الْبَعْـث.
-4
حُسَيْمَـــة،
هَـا أَنْـتِ تَبْعَثِيـنَ مِـنْ رَمَـادِك،
شَامِخَـةً
مِثْـلَ تَدْغِيـن،
وتَنْهَضِيـن
رَغْـمَ قَسَـاوَِةِ الأَلَـم،
وَرَغْـمَ الْجِرَاحَـات،
وَرَغْـمَ أَعْضَائِـاكِ الْمُتَنَاثِـرَة،
تَنْهَضِيـن
مُفْعَمَـةً بِالْفَـرَح
فِـي عَيْنَيْـكِ وَهَـجٌ رَاشِـح،
وَفِـي الْيُمْنَـى صُـورَةُ عَبْـدِ الْكَرِيـم،
وَفِـي الْيُسْـرَى شُعْلَـةُ التَّحَـدِّي
وَسُنْبُـلاَتٌ لِلْقَلْـب
وَلِلشِّعْـرِ
وَلِلصَّبَاحَـاتِ الأَنِيقَـة.
الـدار البيضـــاء
الأحــد 21/03/2004
*********
* البيتـان للشاعـر فـؤاد كحـل