مَا ضَرَّ لَوْ
******
عَامَانِ في حُلُمٍ جَميلٍ رائِعٍ
عُمْرِي تَبَخْتَرَ في نَضِير جِنَانِهِ
غَنَّيتُ للأَمَلِ المُحَالِ وشَاقَنِي
بَرْقٌ رَجَوْتُ الغَيثَ من لَمَعَانِهِ
ومضَيتُ من وَهْمِي أُصَوِّرُ جَنَّةً
للحُبِّ تُسْقَى من شَهِيِّ دِنَانِهِ
وغَرَسْتُ فيها من نَدِيِّ عواطِفي
وَرْداً يَتيه العِطْرُ في أفْنانِهِ
ونَسَجْتُ من وَشْيِ المَشاعِرِ بُرْدَةً
غَزَلَ الرَّبيعُ خُيوطَها بِبَنَانِه
ودَعَا الفَراشَاتِ الأنِيقَةَ كلَّها
لِيُنِلْنَها ما نِلْنَ من ألْوانِهِ
وَوَهَبْتُها لمَّا تَبَرَّجَ حُسْنُها
للحُسْنِ لمَّا صِرْتُ من عُبْدَانِهِ
وكَتَبتُ شِعْراً ذُبْتُ فيهِ صَبابَةً
ورقَصْتُ نَشْواناً على ألْحَانِهِ
وصَحَوتُ لا أَمَلٌ ولا بَرْقٌ ولا
غَيْثٌ وّذَابَ القلبُ في أشْجْانِهِ
وتَساقَطَ الدَّمْعُ الحَزينُ مُشَيِّعَاً
حُبَّاً نَمَا واغْتِيْلَ في رَيْعَانِهِ
ما زالَ في أُذُني صَدَى نَغَمَاتِهِ
وبِمُقْلَتَيَّ يَلوحُ طَيْفُ حَنَانِهِ
أوَّاهُ يا قَلْبي نَصَحْتُكَ جاهِدَاً
ألَّا تُطيعَ هَواكَ في طُغْيانِهِ
فَأَبيتَ إلَّا أنْ تَميلَ معَ الهَوَى
وَسَخِرْتَ من نُصْحي ومن بُرْهانِهِ
وَزَعَمْتَ أنَّكَ سَوفَ تَظْفَرُ بالمُنَى
حَتْمَاً وتَجْني الكَرْمَ في إِبَّانِهِ
ومَضَى الزَّمانُ وأنتَ تَشْدو ناسِيَاً
غَدْرَ الزَّمانِ ونَقْضَهُ لأَمَانِهِ
ولَهَوْتَ حتَّى أيْقَظَتْكَ فَجيعَةٌ
هَدَمَتْ عليكَ هَواكَ من أرْكانِهِ
وتَنَاثَرَتْ أشْلاءُ حُبِّكَ في المَدَى
وبَقِيتَ كالمَجنونِ في هَذَيَانِهِ
ما شامِتٌ أنا يا رَقِيقُ وإنَّمَا
هَذا أسَايَ عَجَزْتُ عن كِتْمانِهِ
أبكي وما جَدْوَى البُكاءِ وقد مَضَى
حُلُمي الجميلُ ولُفَّ في أكْفَانِهِ
ويقولُ قلبي بعْدَ هَذا كلِّهِ
إنَّ الخُطوبَ تَزيدُ في إيمَانِهِ
ويَظَلُّ يَحكي دائِماً ..
عن طائِرِ الفِينِيقِ ..
يَحْيَا في لَظَى نِيرانِهِ
وأظَلُّ أسمَعُ نَبْضَهُ .. ويَقودُني
ويُعِيدُني قَسْراً إلى بُرْكانِهِ
والحُبُّ بي يُغْريهِ يُفعِمُ كأسَهُ
شِعْرَاً يُذيبُ الصَّخْرَعَذْبُ بَيَانِهِ
يا حُبُّ لا أَقْوَى تَعِبْتُ فَخَلِّني
أرْتَاحُ من قلبي ومن خَفَقانِهِ
مَا ضَرَّ لَوْ عاشَ الفَتَى حَجَراً ..
بلا قلْبٍ يَجُورُ عليهِ في سُلْطانِهِ ؟! .