الأعمى
تريدُ الحياةَ كباقي البرايا.......و كيف لك البعْدُ عنْ ذا القضاء
عماك غدا حاجزًا للوصول....... إلى عيشة طقْسها ذو صفاء
فقدْتَ الضياءَ فهاج الظلامُ.........فضاق الوجودُ بفقْد الضياء
يجيء الربيعُ بكلِّ الفُتون ...........و أنتَ تظلُّ حبيسَ الشتاء
فلا تبْصرُ الزهْرَ يمسي ويضحي....لتلك الروابي كأبهى غطاء
و لا تبْصر الطيرَ فوق الغصون...و طوْرًا يحلِّقُ ملْءَ الفضاء
ولا تبصر النهرَ يرنو إليك..........و يدْعوك حبًّا إلى الارتواء
أمامك كلُّ الجمال الفريد...............و أنت بعيدٌ عن الانتشاء
فلا شيْءَ يعْنيك في الحسْن حتى....ولوْ ظلَّ منْتشرًا في العراء
تساوى لديكَ الدجى والضياء.......وما لهما نفْسُ نوْع الرداء
تظلُّ وحيدًا كمثل الغريب..........و ما للغريب سوى الانزواء
تَودُّ الوصولَ إلى ما تريد.................و لكنَّه دائما عنْكَ ناء
يحاصرُكَ الهمُّ منْ كلِّ صوْبٍ.........فيمْنعُ عنكَ وصولَ الهناء
تظل جروحكَ دون التئام........و يُبكيكَ صعْبُ حُصول الشفاء
وتحْملُ عبْء الحياة الثقيلَ............و ليس لعبئكَ أيُّ انقضاء
و يحْدوك خوفٌ إذا ما مشيتَ........فيجْعل مشْيكَ دون اسْتواء
إذا ما أردْتَ اكتشافَ الأُمور..........وجدْتَ الكثيرَ من الالتواء
فيا أيُّها الناس لا تتْركوه............يعيش وحيدًا حليف الشقاء
أصيخوا إليه فدوما ينادي........... عليكمْ جميعا بأقوى النداء
إذا لم تكونوا له سامعين...........فلا شيْءَ ينسيه هوْلَ البلاء
أعينوه كي يصْبحَ الصعْبُ سهْلاً....وكونوا لعينيْه خيرَ الضياء
فإنَّ المعذبَ يزدادُ سوءًا.............. إذا لم يجدْ كثرة الاعتناء
و لا تحْسبوا أنَّ ربَّ الوجود.......يضيّعُ في الأجْر أهْلَ العطاء
فرَبُّ الوجود يُجَازي الكرامَ ..........على كلِّ فعْلٍ كثيرَ الجزاء