" سفرُ الحِبر "
ظَلَّ عَلَى الأَوْرَاقِ مُنْكَبَّا
يَرْسُمُ بِالشِّعْرِ لَهُ قَلْبَا
وَيَنْثُرُ الأَنْفَاسَ فِي سَطْرِهِ
فَأيْنَمَا هَبَّتْ بِهِ هَبَّا
فَمَا سِوَى الحَنِينِ فِي صَدْرِهِ
يَشْرَبُ مِنْ كَأْسِ الجَوَى نَخْبَا
تُخَاتِلُ القَيْدَ أَحَاسِيسُهُ
وَقَدْ بَدَا مِنْ ضِيقِهَا رَحْبَا
فَلَمْ يَزَلْ رغمَ انْحِصَارِ الهَوَى
يُطْلَقُ مِنْ إِحْسَاسِهِ سِرْبَا
إِذَا دَعَاهُ الشَّوْقُ مِنْ نَأْيِهِ
وَحَرَّكَ الوَجْدَ بِهِ لَبَّى
كَأَنَّهُ خَلْفَ جِدَارِ النَّوَى
أَحْدَثَ فِي عَيْنِ المَدَى ثَقْبَا
فَكُلَّمَا سَافَرَ فِي حِبْرِهِ
مَدَّ إِلَى أَحْلَامِهِ دَرْبَا
مِنْ هَامِشِ البُعْدِ مَضَى مُسْرِعًا
فِي حَرْفِهِ يَلْتَمِسُ القُرْبَا
وَخَطْوُهُ فَوْقَ سُطُورِ الظَّمَا
يَحْفِرُ فِي الدَّمْعِ لَهُ جُبَّا
يُسَطِّرُ البَوْحَ وَمِنْ رَوْعِهِ
شَنَّ عَلَى أَضْلَاعِهِ حَرْبَا
أَفْرَغَ مَا فِيهَا وَأَقْلَامُهُ
جَفَّتْ وَمَا خَطَّ بِهَا حُبَّا !!