مقتطفات عن المفكر والفليسوف والأديب / توفيق الحكيم
ولد توفيق الحكيم فى الإسكندرية فى 9 إكتوبر عام 1898
ظهر نبوغه فى الأدب والشعر منذ حداثة سنه فذهب فى بعثة إلى فرنسا وهو شاب صغير
وفى فرنسا نهل من المعارف بشتى أشكالها وعاش ثقافات العالم كله فبدأ حياته بالفن ثم إنتهى
إلى الفن
أصدر ونشر نحو مائة كتاب تضمًنت أفكارًا وحوارات وحوت 25مسرحية و11رواية طويلة
و41مسرحية قصيرة ومئات من القصص القصيرة وخواطر ومقالات وقصائد شعر وأحاديث
وقد نال الجوائز الآتية :
فى عام 1951 حصل على جائزة الدولة فى الأدب
فى عام 1958 أهدته مصر أرفع وسام بها
فى عام 1960 قدًم جمال عبد الناصر له جائزة الدولة التقديرية
فى عهد الرئيس محمد أنور السادات حصل على قلادة ووشاح النيل
من كلماته الخالدة :
- لقد غرقت فى آداب الأمم كلها , بل وفى فلسفاتها وفنونها , ولم أكن أسمح لنفسى
أن أجهل فرعا من فروع المعرفة , لأننى كنت أعتقد أن الأديب العصرى يجب أن يكون
موسوعيا , حتى العلوم أردت أن ألم إلماما بأهم نتائجها : فى الهندسة والرياضة والطبيعة
والفلك وعلم الحياة وعلوم النفس والعلوم الروحية
- تتبعت كثيرا من دروس السربون لغير غاية إلآ تتبع آثار الثقافة التى تعيننى ,
لقد حضرت للأساتذة الكبار محاضرات عن صلات العلم بالدين فى القرن السابع عشر ,
وعن الأحوال النفسية للفن , وعن المذاهب الأخلآقية والسياسية لأفلاطون وأرسطو وعن
مصادر فن العمارة الأغريقية وآثار أكربول أثينا وعن مايكل أنجلو وعصره وعن الثورة
واللغة وتاريخ الشعر ألإنجليزى , ولم يمنعنى إنقطاعى عن الحى اللأتينى من متابعة هذه
الدراسات فقد إستحضرت كتبها وإنغمست فى مطالعتها , أن التحصيل فى ذاته لمجرد الثقافة
والتكوين هو لذتى الكبرى الآن
- وأتسائل : مارسالة الأدب إلى الناس ؟
أهو نصرة الروح أم نصرة المادة ؟
لقد إعتاد المفكرون تحضير المادة للرفع من شأن الروح ؟ ولكن أليس للمادة صوفيتها هى
أيضا
أن العين النشوى بمنظر جميل والأنف السكران بشذا عاطر والفم الهانىء بمذاق لذيذ
كل حواسنا التى تصلنا بعالم المادة لقديرة أحيانا أن ترفعنا إلى سعادة شبه روحية كلما
تنبهت هذه الحواس وتدربت وعرفت كيف تستخلص من المادة أجمل مافيها !
أن حواسنا المادية هى أحيانا الجسر الذى نبلغ ؟ عالم الروح !
- قاتل الله الضعف
ومع ذالك لولا هذا الضعف الإنسانى ماوجدت العواطف الإنسانية الجميلة التى تنتج
الأعمال الإنسانية العظيمة , أن الضعف هو أيضا مظهر جمال أحيانا , أنه جمال الإنسان
الذى يمتاز عن اله قوى لارقة فيه ولا شعور , لماذا نعد الضعيف البشرى نقيصه ؟
مادمنا قد وصمنا به إلى الأبد فلنحترم ولنستثمره أحيانا
- أن للحب مقاما كبيرا عندى فى الحياة فى كل حياة , وربما كان الحب هو الشىء
الوحيد الجميل الذى نعيش ومن أجله نحن البشر , وأن عظماء الرجال هو عظماء
العواطف وأقوياء الرجال أقوياء العواطف
أن الذى لايعرف ولا يستطيع أن يحب إنسانا لن يعرف ولن يستطيع أن يحب الإنسانية
لقد كان آلهة اليونان يحبون ويتألمون وهم آلهة وهم رمز القوة
أن الحب والقوة لايتعارضان
- هل نعرف للزمان حدا ؟ وهل نعرف لسلطانه غاية ينتهى إليها ؟
- الزمن هو الكائن الذى نحيا فى أحشائه , إنه إناء يسبح فيه ألأحياء والأموات
الخالدون والهالكون
- قال عن عصاه :
انها تسمع كل مايدور حولى وتهز رأسها فى يدى عجبا أو سخرا أو صبرا
وتكتم كثيرا وتهمس قليلا
آخر سطوره :
- وقد شاءت رحمة الله أن أصبح فى مرحلة الوقت الإضافى , لاأجد ما أقدمه
لكل ما أحاطونى بإهتمامهم , مناصرين ومعارضين , وخصوصا فى فترة مرضى
التى طالت كثيرا خيرا من أفكارى وخواطرى التى كتبتها فى الوقت الضائع
وقد سمحت لنفسى أن أستعير من قاموس لغة الكرة الشائعة اليوم هذه العبارة
" فى الوقت الضائع " فالشوط الأخير من حياتى قد إنتهى بدون أهداف , وكان المنطق
يقضى بعد هذا المرض الطويل وهذه السن المتأخرة أن أنصرف مغادرا الملعب
لكن مشيئة الله تعالى أرادت لى مد هذه الفترة قليلا لحكمة لست بعد أدركها
وفاضت روحه ليلة 26 يوليو عام 1987 م بعد رحلة غوص طويلة فى أعماق
المعرفة الإنسانية 0وترك ثراثًا حافلاً بالأدب الرفيع والفكر العميق والفلسفة الهادفة