أودى بـيَ التيـه .. أم تاهتْ بـيَ السُّدفُ
كــلّ الـمـسالك إنْ أقـبلتُ .. تـنصرفُ
أكــلّــمـــا ودّع الليل الـتّلال أرى
أكـتافَها بـظلال الهـــمّ تـــلـتــحفُ؟
نــبـضي يـسـابقني .. مــلءُ اليديـن جُــذاً
وســارِيان مــعي .. اللـيلُ والأســــفُ
لا سـقـفَ لا أرضَ .. لا أنــحـاءَ تشملني
قــيل اتّـئدْ ! قلت لا .. أمضي فلا أقِـــفُ
مـتن المشقّـة كـم طـوّعــتُـهُ دَأَبــاً
نــحـو الـسـمـوّ وإنْ يجتاحني الـتـّلفُ
الأمـنيات .. لـئنْ شـاختْ مـددتُ لـها
عُـكّـازَ بـشرى لـكي يــقـوى بـهــا الشّغفُ!
دوّى نـــداءٌ وأحــيــا صـمــتَ أقـبــيـتــي
:الـقــابضون على جـمــرِ الـوفـاء كُــفـوا
يـا كـوثــرَ النورِ كم فـي الــنفـسِ مـن ظُـلَـمٍ
هــل لـي بـفـيضٍ مـن الـسـلـسال أغـتـرفُ؟
قــيل الــتــمــسْ قبساً ما دونهُ حُـجُبٌ
إلا احـتـجابك إذ يـُزري بـــك السّـرفُ
طــرقتُ بـاب الرّجـا.. والكفّ راعـــشـــة
إذا بأحمـــد يــزجـي ركــبَ مـنْ زلـَفــوا
ورُحــتُ أتــبــعُ خـيـط النّـور فـي لهَفٍ
إذا ببــــكّــةَ مِــشــــكــاةٌ و مُــزدلَــفُ
أكـان مـولـــدُهُ .. أم كــان مُـنعطَفاً؟
أقـامَ فــيـهِ ســبـيـلاً بــاتَ يُعتَسَفُ
مـا علمُ آمـنةٍ فـي شــأنِ مـن حملتْ
هــل كان يعلم مـا مـكـنونه الـصَّـدفُ؟!
لــكــنّـهــا رأتِ الآيـاتِ نــاطـقـةً
ســنــاً يــعـــمّ و نــاراً مـنه تـنـكسِفُ
عـلـى لـقاءٍ وكـان الـشـــوقُ مــوعــدهُ
فـــــالأرضُ شــاخصةٌ والـكـونُ ملتهفُ
مــن كــوّة الغار شــعّ الفكـرُ مـؤتلِقـاً
يــحـــرّرُ الـخلـق مِـنْ جـهـلٍ ومـا رسَفوا
وكـانت "اقـــرأْ " ... حِـراءٌ : كـان مدرسةً
أولـى .. ومـن جنيها الأفـكارُ تُـقــتــطَـف
ضــدّان مـا اجتمعا .. غيظٌ و قــافـلةٌ
أيحبس المـدّ - إذ يغشى المـدى -..جــرُفُ
ياعــمّ ! مـــا بذلــوا شمساً ولا قمــــراً
يــدٌ تعِــــفُّ .. وقلبٌ ليـــس يختلــِفُ
فــي الـشِّعبِ أمَّ .. وكـان الـصبرُ فـاتحةً
وأمّـــنــتْ خـلفه الأرزاءُ والشظـفُ
مـحـــمـــدٌ ولـــهُ بالقدس آصــرةٌ
لــولا الـبـــراق عدا .. لاقــتـادها اللهفُ
مَــنّ الإلـهُ وقـد أدناه سِـــدرتَــهُ
فـراح يــرقـى إذِ انـْجابتْ له الـسّـجـفُ
دنا الـمُــحِـبُّ إلـى المحبوب مـرتـبةً
مِـــن قـاب قــوسين إذ يــرقـى و يــزدلـفُ
إن يُـخـرجـوه فـذي روحٌ معلّــقةٌ
كما مـعـلّـقـةٌ فـي نخلها السّعَـفُ
بـطحـاء مـكــةَ لـمّــا بـان أشهـدهـا
أن العـقـيدة تـقـضـي بـذلَ مــن عـرَفـوا
تــــوضّـــأ الــرمـلُ مـــن أنــداء خطوتِهِ
الــريحُ وادِعــــةٌ والليلُ يــعـــتــكــِفُ
يــا لــيـــتــنــي غـيمـةً ظــللتُ موكـبهُ
فــإنْ ظـمئتُ ســأدنــو منه .. أرتـــشـفُ
يا أمّ مـعـبد .. هــل ركْب الـحبيب نـأى ؟
إنـّي البعيـدُ ويدنيـني لـه الشغـــفُ
قـالـت: و أبـلــجُ تسـقــي الـصّـبحَ نــضـرتُـهُ
كأنما الصبــحُ من عينيـه يغتــرفُ
وأدعـجُ العين ، يــسـري الـنـاسكـون بـهـا
أزجّ ، أقْـــرَنُ.. فــي أشـفاره وطَــفُ
إنْ رمْـتَ طـلــعــتَـــهُ فــالـبدر يــغــبـطـهُ
أو شــئــتَ مـنـطـقهُ فــالــدرّ يــأتــلِــفُ
أسائـل الـوردَ .. هــل تــهـفـو لِـوجـنـتِـه ؟
فــيُـطـرقُ الــوردُ حيناً ..ثــمّ يــعـترفُ!
لا زال يــهـــتــزّ ضــرعُ الـشّاة مُكتنزاً
مِـنْ بعد لمسته .. مـا مــسّـهـا عــجَــفُ
تــبـعْــــتُـهُ .. وعـلى أهـــداب يـثرب مــن
شــــوق اللقاء ، تــلاقى السعـيُ والـهــدفُ
مـــن الــثـــنــيّـــة بــــدرٌ طـالـعٌ وســـنـا
تكـــاد من ضوئــــه الأبصــار تـُــختطَفُ
آخـى الــقلـوب ونــقّـى مــن سـخائمها
مـا غــرْسُــه الـحـبّ ..لا يـنمو بــه الجنفُ
فــي رقّـة العــود .. إنْ هـبّتْ فــضَـوْعَتُـهُ
وعــاطِــفٌ إن تـمادتْ لـيـس يــنعـطـفُ
لا يـقــبض الـكـــفّ إلا والـحـسام بـهــا
مـا زال يبـسـطُ حــتـى مُـزنــهُ تَـــكِــفُ
أكـان قــلــبيَ حـدّ الـجــذع قـــســوتـهُ
جِــذعٌ يـحــنّ ، وقــلـبٌ غــالَه الــصـلــفُ؟
أم كـالـحصى ؟ لـجّ بـالـتـسبيح فـي يـــدهِ
هـدىً وفي كفّـهِ الإحسـانُ واللطـُـفُ
بَــــرٌّ يــعـزّ عــلـيه الــنــاس مـا عَـــنــتــوا
شــــهـــمٌ صــدوقٌ كـريمٌ لـينُهُ الأنَـــفُ
للّـــه قـــلبُــك! يــوم الفتحِ مُــطـلـقهم
أمـا بــمــكّــة خــصــمٌ مـنه تـــنــتـصفُ؟
كــلّ المطالع بــدرٌ مُــذْ ســريـتَ بــنــا
والــدربُ دونـك بــالإدلاج مُــكتنفُ
يــا مــن تـخــلّـق بـالـقرآن .. عـاش بــهِ
أحـــارُ .. مــن أيّ روضٍ مـنك أقـتطفُ
ويـا يتــيـماً بـــراه اللهُ خــيــر أبٍ
كَـمُـلْتَ مـعنىً ، ومـنـك الباء والألِـــفُ
"هــوّنْ عـلـيك"! وكــفٌّ جِــدّ حـانـيــةٍ
لمــن أتــاهُ مــن الأعـراب يــرتــجــفُ
يـتلو "فـكيف إذا جـئنا" فــيجـهــشُ أمــ .. (م)
...مـتي ! فيدعـو .. وجادتْ أعيـُــنٌ ذُرُفُ
لأُمـّــةٍ ظمئـتْ والمــاءُ فـــي يـــدهـا
تـلـهـــو وتــعــجـبُ أنّ الـدرب مُـنحرفُ
مـــددتَ حبلاً إلـى الــرحمن آخــرهُ
فـمُـعـرضٌ أوفنــاجٍ خَــفّ يــلـتـقفُ
فما يــقـــولُ نـظـيــرٌ مـــن أبــي لـهبٍ
وشــانــئٌ إذْ عـلـى الـنيران قــدْ وُقِفــوا
هــذا فــؤادك نهــج الـرسل حـيـــزَ لـهُ
إرثـاً.. فـمـا يــرتـجي مــن دونــك الـخـلَـفُ
أهــديـتنا الـرأيَ فــي رشـدٍ يزيّـنهُ
وفُـسـحـةُ الـفـكر .. أنّ الـفكر َمُـخـتلفُ
مَـنْ شـدّ مِـنْ طــرَفٍ أو مـاع فــي سـرَفٍ
جــفـا عـــن الـدربِ مُـنبتٌّ و مـنـحـرفُ
يــا مـعــجـز الخلق هـذا الـنـظم شــاغَلهُ
مـن طـيـب ذكـرك نــشْــرٌ فـوقَ مـا أصـفُ
وما أُطِـلّ عـلـى العـلـياء مــنْ صـِفَـةٍ
مـــن كُــنـه ذاتـــك إلا طـالـنـي الــشــرفُ
ومــا ذكــرْتـــكَ إلا والـلــســـانُ نَــــدٍ
جــفّ الـمـدادُ ومــا جـفّت بـــك الـصّـحفُ
لـئـنْ تـجـــرّأْتُ عـندي بــعـض مـعذرةٍ
إذا كــتــمــْتُ ..تـمادى قـلبيَ الـــكَــلِـفُ
يـا سـيدي ..! وأنـا المـلـهـوف خُـــذْ بــيـدي
يــخضرّ بـين نداك الـودّ ، والــكـنــَفُ
ربّــاه هــأنـذا ..نــفـــسٌ تـــفـيـضُ أســــىً
شــوقٌ يــعـنّ و قــلــبٌ فـي الحــشا يـجِـفُ
هـــذا الــقـصيد !. وقـــصدي وِردُ كـوثــرِهِ
هــلْ لـي بـسقيا ويُـكفى العـاشـقُ الــدّنِــفُ؟
مهــاجِـرٌ لـم تــزلْ تــزورُّ راحلتــي
أرجـــو الجــوارَ وإنْ ينــآدُ بــي كــتِـــفُ
إلــى جــوارِ رسـول الله فــي غُــرفٍ
مـبـنــيّــــةٍ رُفــعــتْ مـنْ فــوقـها غُــرفُ
عـلـيه مـِن صلوات الله مـا اتـّقدتْ
فـي الـقـلب لاعــجـةٌ ، واهـتزّ لـي طَــرَفُ