أحدث المشاركات

لبنان» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» تعقيبات على كتب العروض» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» نظرات فى تفسير سورة الإخلاص» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» ( و كشـفت عن ساقيها )» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: محمد نعمان الحكيمي »»»»» الأصواتيون وعِلم العَروض العربي.. عجيبٌ وأعـجب..!» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» الخِصال السّبع» بقلم مصطفى امين سلامه » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رباعيات للشاعر صلاح چاهين» بقلم سالى عبدالعزيز » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» المعاني النحوية - رأي في آيات زوال الكيان الصهيوني» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» من هو السامري - رأيي» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» دفق قلم القرآن والإنصات» بقلم نورة العتيبي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 17 من 17

الموضوع: بنت البولفار

  1. #11
    الصورة الرمزية بشرى رسوان قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2013
    المشاركات : 181
    المواضيع : 14
    الردود : 181
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    ﺈن سري هو سر امرأة مجتونة الطبع٬
    سر مخلوقة لم يكن يجور بخلذها ٬
    ﺬرة من الولع بالسمعة الحسنةو المكانة .
    فروغ فرخزاد

  2. #12
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,762
    المواضيع : 352
    الردود : 21762
    المعدل اليومي : 4.87

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سارة قمار مشاهدة المشاركة
    بشرى رسوان

    عادت مجددا لتقول أنها ليست سعيدة، هذا لا يعني بالضبط أنها تعيسة، هذا يعني فقط أنها دخلت مرحلة الحياد.. تدرك أنه لا أحد يسأل عنها.. هي ليست حاقدة على أحد.


    تكتب بشكل متقطع.. تكتب بشكل عشوائي... ربما هي مشوشة!

    تقول أنها محظوظة.. البارحة رمى أحدهم طوب طيطوارة* الحجرة جاوزت رأسها بسنتيمترات.. اليوم أيضا كانت محظوظة، وضعت اﻹبريق على النار ونسيته تماما..

    عندما خرجت لشراء نسكافيه وبسكويت الشوكولاته قابلت ابنة صديقتها، بدا وجهها كالخريطة.. تحججت بالكرة الطائرة. تقنيا، يستحيل أن تخربشها كرة. ثمة أوقات يبدو فيها الكذب واجبا مقدسا على قول لابيش.

    طبختْ الباذنجان حتى صار أسودا، أكثر سوادا من كل أفكارها... حصلتْ أخيرا على شقة في الطابق الرابع.. هربت من مطرقة النجار وتواجه اﻵن شمكارة المقهى.

    لا شيء هنا سوى العيون المبحلقة.... ودت لو تركلهم، لو تشتمهم لكنها تراجعت عن أفكارها مخافة أن تخدش حياء الجدران!

    ليس في نيتها شيء... عادتْ ﺇلى أريكتها السوداء.. التصقت بها.. احتضنت الوسادة الصفراء، تلتهمها الوساوس تثقب صدرها.

    أمسكتْ الريموت كنترول.. أطبقت عليها مخافة أن تهرب.... يوم آخر تهدره أمام الشاشة..
    صوت المذيع... سبعة جرحى و قتيلان...
    صوت الوزير... ﺈننا نعمل جنبا ﺈلى جنب...
    الطبيب يتفصد عرقا...
    الكوليرا تنتشر...
    منظمة ﺈرهابية...

    المونولوج نفسه..كل شيء معدٌّ سلفا، معد بعناية للتشويش عليها... تشرب القهوة وتلعن العالم! ....كشمكارة راس الدرب تماما لا ينقصها سوى كأس شاي منعنع وغليون كيف لم تعد تنصت لأحد..
    لا أحد يستحق.

    ألقت نظرة سريعة على دفتر ملاحظاتها.. رقم هاتف سناء 06015..... وعبارة لنيتشه (لا تحدّق طويلا في الهاوية حتى لا تنظر ﺈليك وتنفذ فيك)**

    رسمت دائرة وسط دائرة أكبر وسط دائرة... دوائر مغلقة... خط مستقيم يلف عنقها ويكسرها وخط متعرج يأخذها ﺇلى شفير الهاوية.. وقعت باسمها على هامش الصفحة.

    على الهامش مكانها...

    تبصم بالعشرة أن هذه الدوائر لها.. تخصها وحدها.. تضغط على الريموت كونترول، تقتنص مشاهد عابرة أغنية كيتي بيري.. فيلم هندي لديبكا بادوكان.. برامج ثرثرة... برامج طبخ.. صابون وشامبو وآلات غسيل.. تضغط وتضغط... أشياء كثيرة!

    تغفو أمام الشاشة.. تصحو مفزوعة.. كادت تصرخ بل فعلت، حلمتْ مجددا بذلك المسخ الذي يطاردها، كانت تمد يدها طالبة النجدة.. تشدها الأيادي.. أياد كثيرة على رأسها، على عنقها، أسفل ظهرها، على بطنها.. ثم تتقاذفها كالكرة تُعيدها ﺈليه. يجذبها من شعرها، يمرغ وجهها في الطين، طعم التراب الجاف في حلقها، يَرتعش جسمها، تبحث عن شيء ما... تئن.. تصرخ.. لا صوت يصدر عنها، لا أحد يسمعها، تريد اﻹستيقاظ وتعجز، ينقضُّ عليها، يَركلها، تحاول الانزلاق.. الهرب.. محاولاتها مكشوفة، يسحق رأسها بحافره، يحيله سائلا لزجا، تنزف كل سوائلها.. تسيل ببطء.. تندفع فوق التراب.. تتسرب ﺈلى الشقوق الجافة..

    ...............تَجلس ثم تَقف.. تدور حول نفسها دورة كاملة تذهب وتجيء.. تحملق في السقف، ترفع ساقيها.. تمدهما ﺈلى الأعلى.. رأسها على السجاد.. جذعها إلى الجدار.. تحاول التوازن، تضع كفّيها على الأرض، تحرّك ساقيها في الفراغ... إنها اليوغا تقول لنفسها.. ربما الزومبا.. أو الأيروبيك...
    إنها لاشيء..

    تعود لسريرها وتتكور داخله، تضع يدها تحت رأسها وتشد الغطاء، تُغطي رأسها، ترقد على ظهرها.. على بطنها.. في كل الوضعيات، البعوض يستأنف رحلته الإستكشافية لجسدها يَرتشف ما تيسر له من دمها.. يُصفي حساباته القديمة معها، تتراءى لها خراطيمه الصغيرة مغروسة في عروقها، تُباغت ﺈحداها بضربة طائشة -الحظ لا اسم له-* تلصق جسدها الصغير بالجدار، يخرج السائل المائع من بطنها. السائل يُكوّن بُقعة حمراء صغيرة على الحائط.. بقعة هي مثواها الأخير.. سائل هو مجموع أعضائها المتكومة فوق بعض.

    وَدَّت لو تجمع أحشاءها من جديد، أن تلحم أنسجتها.. لو تشكّلها بعوضة جديدة ثم تُعاود ضربها كما في الكريكت أو البيسبول، ترتد وترتد وترتد ﺈلى ما لانهاية.. تشعر بنشوة النصر، نصر يعيد لها اعتبارها.. كم هي قاسية في تفكيرها.. العالم قاسٍ أيضا.

    تحك وجهها.. ساقها.. تحك رقبتها.. أسفل جبهتها.. البعوض ينخر جلدها.. يغرف من دمها٬ تدهن وجهها بزيت الغليسرين والزيت العود* تزفر بحنق.. تسبح في بركة من الزيت!

    معاركها مع البعوض اعتيادية جدا، تنتهي دوما بخسارتها، خسارات لاتعد ولا تحصى٬ كلما مضى يوم أدركت صلابة عدوها، في آخر معركة جمعت بينهما، رشَّة واحدة من مبيد الحشرات وحَملوها للمستشفى٬ اختنقت شيئًا فشيئًا، سعلت، فَتحتْ فمها عن آخره٬ لا شيء يدخل صدرها ولا تخرج ﺈلا الكحة٬ الجفاف يحرق رئتها٬ غَطستْ في نوبة سعال٬ في المستشفى ربطوها بأنابيب الأوكسجين، الأنبوب يضخ غازه ﺈلى جسمها.. عاد لها نبضها. كان الأوكسجين البارد يدخل أنفها يسري في حنجرتها تشعر به يدور في رأسها، ينشر دبيب النمل داخلها. ﺈعادة الحياة كانت تَستلزم أن يزيل الممرض تنورتها ويحقنها أعلى عضلتها... تشجر اﻹحراج داخلها.. غطت ما تبقى منها.. التنورة لا تكاد تسترها.. نسيت أن تلبس ملابسها الداخلية، ربما يسخر منها الآن الممرض هناك، أو ربما يحكي قصتها لزميلته السمراء، يخبرها عن المرأة التي نسيت ارتداء ملابسها الداخلية..

    كانَ من عاداتها في طفولتها في ليالي الصيف الحارة أن تَنام عارية٬ تنزلق بجسدها الصغير العاري تحت اﻹيزار* و تغمض عينيها تقول أنها لا تطيق الحر..

    في أحيان أخرى كانت تفرغ قارورة الماء على اللعبانة* البيضاء ثم تنام في فراش مبلول، تتسلل الرطوبة ﺈلى أضلاعها وتسري.

    كانت منهمكة بقتل البعوض، تتربص به تمارس تفاهاتها الاعتيادية عندما رن صوت الهاتف الرتيب نفسه. رسالة جديدة على الواتس− آب.. تجهل مرسلها، رسالة تحمل تحية لا أكثر. تجتاحها موجة من الأفكار حول مصدر الرسالة٬ تتوه في الافتراضات.
    البارحة في منتصف الليل رن هاتفها جاءها صوته.. صوت دافئ:

    _ حكيمة... واش حكيمة الزاكورية؟

    _ لا أخويا النمره غالط

    _ سامحي لي أختي.. صدعتك!

    _ ما كاين باس..

    يتلكأ ثم يتنهد.. تنتبه لصوت الهواء الخارج من صدر مخاطبها، قطعت الخط٬ أنهت مشواره عند هذا الحد. كانت على يقين أن ﺈحداهن أوقعت به كما تفعل مريم غالبا، ساورتها رغبة في الضحك.. في القنص يصير الرجال حمقى٬ زوار الليل من طينته كُثر، تستطيع أن تحصيهم اﻵن٬ الرجل الذي باغتها ذات ليلة بلهجة وقحة:

    أنا جنّ ﺈلي يضرب أمك... كاد يغمى عليها من الخوف..

    الرجل الذي غازلها عنوة متخيلا أنها حبيبته حليمة..
    المرأة التي سألتها عن ابنتها سمية..
    الثمل الذي أفرغ جوفه في رأسها حدثها عن كل شيء..
    كومة من القصص ومن الوجوه لا تعرفها، عن أغاني أم كلثوم أخبرها، عن تحصيله الجامعي٬ عن أنغام سيرة الحب، سرد عليها افتراءات زوجة أخيه٬ وعلى الأطلال بكى أمه٬ وضعها داخل ﺈطار مشتت ثم اختفى!

    ...........

    ﺈنها السابعة صباحا!

    أشعلتْ عود الند.. عطر يواكب مزاجها.. ليست من هواة البخور على أية حال.. لملمت حاجياتها، فوطة.. سروال.. قميص.. وأشياء أخرى٬ دلفت للدوش، صفعها الماء البارد، عدلت حرارته ثم أغمضتْ عينيها٬ قطرات الماء تنساب بخفة فوق فروة رأسها٬ ثم تَزحف عابرة خصلات شعرها فتفاصيل جسدها٬ كانت تتأملها تتدحرج فوق جلدها ثم تغرق في القاع٬ تسلك طريقها نحو المجاري ثم المواسير.

    مارست طقوسها المعتادة، داست فقاقيع الصابون بباطن قدمها٬ تمايلت، غنت، تحت الرشاش٬ حاولت الوقوف على أطراف أصابعها ثم رفعت ذراعها للأعلى، بدت سيقانها قصيرة.. أقصر مما ينبغي٬ قفزت ﺈلى ذهنها صورة نتاليه بورتمان في فيلم البجعة السوداء٬ أمطرتها ذاكرتها بسيل من مشاهد الفيلم٬ مشاهد استيقظت كلها دفعة واحدة، أشياء اعتقدت أنها منسية.. الأصابع المتورمة للبطلة.. حذاؤها الصغير.. شعرها.. صالة تدريب الباليه.. امتدادات الأجساد الرشيقة.. سيقان وأذرع.. القبل الساخنة للمدرب.. ليست تشبهها ألبتة. هي بطة سوداء.. بطة مكتنزة سوداء وكفى!

    كانت تعتقد أن الباليه فن روسي الأصل، لكن سارة أخبرتها أنه إيطالي الأصل، شغفت به إحدى الملكات... في صغرها كانت مفتونة بالتزحلق الفني تتابعه بشغف على الشاشة الصغيرة بينما تمضغ الخبز والشاي. الأجساد الناعمة.. الأجساد الفاتنة تتبختر فوق المزالج.. هي هناك تمضغ الخبز والشاي!

    تحت الدوش تتوهم أشياء كثيرة ليست ذات معنى٬ شيء ما في الدوش يحفز أفكارها الأكثر تطرفا.. فتحت عينيها٬ مدت يدها نحو الصنبور أدارته وغارت أوهامها ﺈلى الجحيم. انتهى الدوش على مشهد موت البجعة.

    مسحت قطرات الماء عن وجهها، شعرها، ثم جسدها. متجردة من كل شيء وقفت أمام المرﺂة. تعثرت بوجهها. وجه جد قديم، حدقتْ في جسدها العاري إلى كل تفاصيله وتضاريسه٬ استدارت ﺈلى اليمين ثم ﺈلى اليسار، لها أشياء بارزة أكثر من اللازم وأخرى ضامرة.. بطن مدور، شفاه ممتلئة، عيون ضيقة ونظرة بلهاء٬ لاشيء يمت لمقاييس الجمال بصلة. المرايا لا تكذبُ أبدا، إنها تفضح أسوأ ما فينا. خاب ظنها.
    ﺈنها بشعة وانتهى الأمر!

    رغبة واحدة تستحوذ عليها، باتت هاجسها الأول، عمليات التجميل! لو أتيحت لها الفرصة سوف تغير أنفها بأنف آخر أكثر دقة، وعيونها بعيون أوسع وبلون فاتح٬ تحب الأزرق السماوي، لا مانع لديها من الرمادي.

    في الأيام القلائل الماضية فكرتْ جديا في تثبيت خصلات زرقاء أو أرجوانية على شعرها للخروج عن الدارج والتمادي في الجنون٬ عندما سمعتها خالتها تتحدث عن الأوشام رمقتها بنظرة حانقة أرفقتها بعبارة:

    _ الوشوم حرام، باغا ثقبي جلدك، ﺈيوا الله يدينا في الضو، هاد الجيل عاد يطير، استغفر الله العظيم... ﺈيوا الله يسمح ليك..

    _ ﺈنها لا تصغي. ردت سارة.. رفع عنها القلم.

    _ راك غ تعودي كي الزعافة نشطبوا براسك السقف.. أشمن أرجواني!

    عَاودت التحديق في المرآة مجددا. بدا لها رأسها كالزعافة. معتوهة تماما٬ تمنت۫ لو كانت لها عينا قطة، واحدة رمادية والأخرى بُنية٬ عيون واسعة جميلة براقة ومُخيفة. فكرت في "ميمي" قطّها الأسود الذي رمت به ﺇلى الشارع.


    فكرة التغيير تعشش في مخها، تسري في كل كيانها الأهم أن تتخلص من رأسها _هذه الرأس المدربة على نهشها_ ترغب برأس فارغة وقد رفيع٬ شيء معقول ومتناسب مع الموجة العالمية، موجة الصدور المكتنزة والملامح المعدلة للشفاه المنفوخة والوجوه المشدودة.

    تتذكر أنها قرأت عن المهندس الروسي الذي يفكر باستبدال جسده العاجز بجسد آخر ٬ اجتهدت كثيرًا في محاولة يائسة لتَخيّل البلوك٬ الجسد البارد الممدد على المصطبة البيضاء... القلب بلا نبض.. والرأس المقذوفة أعلى الطاولة، جهاز التبريد... الدم في كل مكان... الوجه الأزرق... رائحة الموت.. رائحة الحياة.. العروق النافرة.. حاولت عدها.. واحد.. اثنان.. ثلاثة٬ عروق كثيرة تشجرت داخل رأسها... اللون الأخضر الذي يغطي الدكاترة واللون الأحمر الذي يغطي كل شيء.. الأحمر على الحيطان، على الشراشف، على الأرض، حاولت تخيل شيئ متقن لكن بلا جدوى٬ كان خيالها قاصرا. شعرت بالخيبة. تخيلت الجمجمة مثبتة على نخلة جدها والجسد مغروسا في الجنان، ثم اليد التي تنمو في أصيص الحبق خاصتها٬ أعادت تركيب الأطراف غير ما مرة٬ وزعتها بعدالة على أصصها٬ حديقة من الأطراف البشرية!



    حاصرتها البيض الالالا تتخيله ذبائح العيد.. أيمكن أن يقطعوا رأسه كما نفعل نحن بخراف العيد؟ تعتقد أنه لن ينجو....

    خراف العيد لا تنجو!

    موت أضاحي العيد شيء حتمي لا يمكنها شيء إزاءه لا ﺈمكانية للنجاة٬ ثلاثون عاما وهي تكرر المشهد نفسه، الخروف المعلق في السطح، الرأس المحروق فوق الكانون* الدم في كل مكان ورائحة الشياط...

    باستثناء مرة واحدة نجا خروفهم، انفجرت بطنه قبل العيد بأيام٬ قالت لها أمها حينها في مواسم الأعياد يطعمون الخرفان الخميرة، ينفخونها يا بنيتي فتنفجر بطونها..
    بدت فكرتها غريبة.

    في السنة التالية مات خروف الجيران. رمى بنفسه من السطح، كاد أن يأخذ معه عايشة النفنافة بعد أن تمسكت بطرف ساقه الخلفية٬ كان المشهد كاريكاتوريا ثم انتهى نهاية درامية٬ فكرت أنه انتحر، سلم نفسه للموت طواعية٬ كان انتحارًا مبررًا له أسبابه المقنعة جدا.. لو كانت مكانه لفعلت ما فعله بالضبط.

    سمِعٙت يوما أن اللحم الذي نأكله هو الخوف، لأن الحيوانات قبل ذبحها تفرز الكثير من الأدرنالين ونتغذى على لحمها المشبع بالأدرنالين٬ ما نأكله إذا هو الخوف. بدا التفسير منطقيا ﺈلى حد ما... عموما هي ليست مولعة باللحم، تبقى السندويتشات والبطاطس المقلية طبقها المفضل.

    عادت للمرآة، مَررت أصابعها عليها، مسحت آثار البخار٬ حدقت فيها، استقرت عيونها عند أعمق نقطة منها، كانت ترى أفعى بنفس عيونها الضيقة ولسانها السام، كانت أشبه بحنش بوسكة، حنش الصحاري الأسود، حنش يحترف الشر. عبأت رئتيها بالهواء ثم نفثته كما تفعل الأفاعي.. بصقت سمها.

    لبست بسرعة، تجاهلت رأسها المدجج بكل شيء وخرجت في عجالة، ساعة لا تكفي أبدا٬ لا تكفي امرأة لتكون في كامل فتنتها.
    ..........




    ................

    بدأت الأشياء تنفلت منها تدريجيا. أدركت متأخرة أنها اكتسبت عادة قضم أظافرها٬ عض الجلد الميت الذي يطوق أصابعها، الجلد الميت والحي. تنتابها شهوة العض. شهوة الدم. شيء ما داخلها يستجد. شيء تجهله!

    بدأت تفقد السيطرة على بعض أعضائها.. لسانها... أعصابها... وأحيانا يدها... ﺈشارات جسدها واضحة. جزء من خلاياها يتأرجح بين العافية والعطب٬ تتهاوى جزئيا٬ في الواقع لاشيء يبقى على حاله.

    لسانها بدأ يسبق حواسها الأخرى، قبل أيام قالت لأمها (لماذا تزوجته.. أبي؟ كان عليك أن تهربي قبل ثلاثين سنة)

    تطايرت كلماتها في الهواء، بدا الأمر يصلح كإعلان سخيف لشيء ما٬ كشيء بزغ من السديم، من العدم، ثم تطاير كعبوة ناسفة٬ ٬ ظلت تلوم نفسها لأيام٬ في تلك اللحظة تحديدا استشعرت رغبة في غسل يدها، فركت كفها بالصابون.

    في الأسابيع الفائتة كسرت مزهرية.. كأس.. صحن.. زجاج النافدة.. مائدة.. لوحة.. قطعة بعد قطعة كانت تخمد ضيقها، بالتكسير تطفئ شيئا ما يستعر بداخلها٬ كانت مرتبكة ومنهكة تماما.


    في المكان المعتاد ذاته ركنت سيارتها قرب حافته. المكان الوحيد الذي يستوعب فوضاها كلما ضاق صدر المدينة، فسحتها الوحيدة.. منذ سنوات واظبت على هذه الزيارات٬ لملاحقة دوامات الماء، تتابعها بلا غاية.. خرير الماء يشعرها بالسكينة.. يشعرها بلانهائية الأشياء..

    واد (ح......) يتألق وسط حقول القمح والذرى٬ صوبت كاميرتها الرقمية نحو صفحة الماء المتلألئة تحت أشعة الشمس. زوج بط أسود خلفه بطيطات صغيرة٬ سلحفاة صغيرة تحرك زعانفها تحت الماء٬ عدلت العدسة، التقطت صورة ثم أخرى وأخرى، بعدها، نسمة هواء رطب بعثرت خصلات شعرها. توقفت. جالت ببصرها.. حدقت في لون الماء الأخضر. استندت إلى مسند كرسي السيارة وثنت ساقيها. اِسترخت. انسجمت مع رائحة المكان٬ تخيلت أشياء كثيرة.. تخيلت أنها ممددة على العشب الأخضر تتوسد ذراع أحدهم _جنتل مان_ هكذا تسميه، يطعمها عنبا تقضمه وتقذف رأسه بالنوى، جنتل مان بعيون بنية واسعة، جنتمل مان أسمر، بلون الأرض وبرائحة الأرض، شخص يحب الوديان مثلها، يحب أغاني الراب والـ أر أن بي وولد الحوات...




    لا يتشاركان الكثير.. يتشاجران على الريموت كنترول ويشجعان الفريق نفسه٬ هي لا تحب كرة القدم، لا تهتم بالأشياء المستديرة، لكنها قد تشجع الفريق الخاسر شفقة لا أكثر!

    جنتل مان يعلمها كيف تصطاد الفراشات لتقدمها عشاء للعناكب٬ يعلمها كيف تربي الحمام الزاجل وكيف تلتقط الخنافس. على قمة جبال ألتا أو على حافة شلالات نيغارا....... يخبرها أنه يحبها. سوف يقول لها بالحرف "أحبك" بقدر غضبك علي وأقبل جبينك وخدك.. أمسك أنفك بيدي وأكتم أنفاسك.. كالسنوريات أقتلك.

    يأتي اعترافه كالأفلام الهوليودية أو البوليودية تماما. شخص يحب حكايا الجدات٬ في ليالي السبت الباردة يدعوها لرقص السلو على إيقاع موسيقى هادئة، بدت لائحة شروطها طويلة وغير منطقية!

    أبقي عينيك مفتوحتين... اهبطي الأرض عزيزتي... تنهرها سارة.. لا وجود للجنتل مان ﺈلا في خيالك. ترغبين برجل مفصل على مقاسك. ﺈنه ليس فستانا. تخيلي عباس وعلال وابراهيم.. على قد لحافك مد رجليك ا مولاي!

    (أنتِ حمد لله الي جاك سعيد مول الزريعة.. مول الزريعة وبزاف عليك.... نوضي أبنيتي.. أنت طالقاها تسرح.... إيوا شلا ما علمك٬ غير تقديم العشاء للعناكب.. ديها في راسك ع الله يجيب لك غير ﺈنتي العشا٬ قاليك عشاء العناكب.. ﺈيوا الله يجيبنا في الصواب)

    _ أنا حرة في خيالي. يقول درويش _ترد هي.

    _حرة! منين... أ حبيبتي منين طلات عليك الحرية... خليني ساكته أحسن.

    فكرة تفصيل رجل بدأت تختمر داخلها٬ ودت لو تبتكر شيئا يليق بمستوى جنونها٬ مزيج من رجال المجلات.. رهط من الرجال في السموكين.. رياضين.. مغنين.. مثقفين.. حتى المجرمين لا تستثنيهم. وجوه شقراء وسمراء مسطحة داكنة مدورة بغمازات أو دونها بحواجب رفيعة أو غليظة. رجال بلا شوارب بلا لحى ببدلة سوداء كالأسود اﻹفريقية، أو بشفاه مقسومة.. تشعر أن السينما خربقت* عقلها.
    صوت صفير صاخب يخرجها من خيالها المريض. كل شيء ينهار داخلها، ويتبخرالجنتل مان٬ لم تعد تراه. يعود للعدم —يصير ضبابا٬ تفيق على ضفة الواد، كل شيء لازال على حاله: أشجار التين٬ تنتصب بوجهها، تسقط أوراقها، تتخلص من هشاشتها٬ سرب حمام يندفع في عباب السماء٬ وسحابة عابرة في الأفق تحجب أشعة الشمس٬ قطيع خرفان يجتاز المنحدر المتعرج٬ حمار شارد بين الأعشاب الشوكية٬ تحت الحشائش جيوش الحشرات الزاحفة تمارس حياتها الاعتيادية٬ بتفانٍ شديد، تأكل، تشرب وتتكاثر مثلها تماما.

    على الرابية القريبة حقول الذرى لا يحدها شيء.. بيوت حجرية حمراء بأسقف قرميدية رمادية٬ أكوام القش مطلية بالطين (نوادر) بمحاذاة الطريق مقبرة مهجورة يحدها سور طويل وتتوسطها قبة خضراء٬ ضريح ولي صالح تجهل اسمه لكنها تتوقع أنه شيء يبدأ بـ (مولاي) على غرار كل القباب الخضراء. قبة خضراء ووليّ صالح لكل قبيلة كنوع من العدالة الاجتماعية .
    كل شيء يتوهج تحت الشمس حتى هي تتوهج كالبلور.





    تقذف الحصى نحو الماء٬ تحملق في الدوائر التي تخلفها مويجات خفيفة تتهادى ببطء تذكرها بدروس الفيزياء ومختبر العلوم الذي يشبه المخزن. كل شيء فيه لا يصلح لشيء... تضحك بصخب التعليم الذي يقود للدوائر.

    تجول ببصرها في جميع الاتجاهات، تحب الوديان، تحب أن تغطس قدميها في جنباتها٬ أن تترك آثار أصابعها على الطين الزلق، أن تضع صنارتها وتنتظر، ثم لا شيء يأتي بعدها٬ تصطاد سمكة، تنتزع روحها، تكون ملاك الموت للحظة واحدة٬ تلعب دور القاتل المتسلسل٬ سلة من الجثث، جثث لا تدفنها، بل تأكلها كهانيبل لكترا.. تبدأ بابتلاع فريستها من الرأس كما تفعل الأفاعي وتبقي الأجساد المتصلبة للتحلية. لأسباب غير مفهومة بدأت تشعر برغبة في أكل الأجساد، بقضمها قضمة قضمة.. رغبة بلا معنى!

    استغرقت في اللاشيء، تاهت خلف التيار الهادئ للماء وأحاديث أمها التي لا تنتهي. تلك الواقعة تذكرها بطه حسين.. لا تعرف على وجه التحديد الشبه بينهما، بين الأخ الأشقر وبين طه حسين!

    دغدغها الجوع، ساقتها قدماها ﺈلى الخيمة/المطعم بتثاقل شديد. بضع كراس مرصوصة وموائد متسخة عامرة بالذباب تهشه بين الفينة والأخرى٬ لمحت الطواجن فوق الكانون.. رائحة اللحم...

    شنو تاخدي؟

    شنو عندكم؟

    أتاي والمسمن

    بغيت نتغدى

    كاين طاجين

    ديلاهاش؟

    طاجين خضرا باللحم

    ماكينش دجاج؟

    كاين

    جيب واحد

    طاجين آخر، بطنها ستزداد تكورا٬ تختلس النظر ﺇلى الخيمة بألوانها الحمراء، مزيج من الأحمر والأخضر، الحصير من الدوم اليابس، الأرض صلبة تحتها، ديكور بسيط. ديكور كل مواسم الخيول التي وطئتها٬ كلب أسود يترنح بين الزائرين٬ فلاح يستحث بقراته على المضي قدما٬ الغبار المتكوم فوق الموائد...

    بمحاﺬاتها رجل طويل القامة بجلبابه المخطط وعمامته البيضاء، تقاسيمه تبدو مألوفة، بأنف حاد، خدود غائرة، وبجفون متدلية، نسخة مكررة عن كل الوجوه البدوية٬ نصف نائم تقريبا، رأسه مثقل بالنوم ورأسها يضج بالنحل _ظلت للحظة تلتقط صوت بكاء حار لكائن صغير_ هكذا تسميه، يحوم حولها، تحشره أمه في حضنها، تجبره على الصمت، تقرص فخده، صراخه يتمدد ويتمدد٬ يغدو عويلا، يتعب ويستسلم لصدرها الضخم.

    إلى جانبها الأيمن الشاب الذي يلف سيجارة الحشيش، كان بامكانها رؤيته بوضوح يلعق الورق ويلفه، يهز رأسه، يستطلع الأجواء كنظام كشف ردار متنقل، يعصر سيجارته داخل صدره وينفثها في الهواء، تتصاعد الدوائر بشكلها الحلزوني...

    يخرج هاتفه، يتطلع في شاشته٬ تسمع دندنة الموسيقى، يدخن، يدير رأسه، يميل ويتمايل مع اللحن أو مع الحشيش٬ لا أحد يعرف على وجه التحديد. يعلو صوته وينخفض، يبتسم أحيانا ثم يعود لمص لفافته وبخها في الهواء٬ تبدي امتعاضا من الرائحة، ترمقه بحذر ثم تشيح ببصرها، ليست حمل عربدته...
    التشرميل موضة رائجة.

    يعلن هاتفها العصيان، يومض للمرة... لا تهتم له، كل علاقاتها مع الهاتف شبه مقطوعة، هشة٬ ﺈنه لحالات الطوارئ القصوى٬ علاقتها بالهاتف تشبه كل علاقاتها، تؤول للصفر! ستنفد بطاريتها يوما ما مثل الهاتف، ستومض لآخر مرة ثم تنطفئ، لآخر مرة تغدو باردة كالصقيع، تصير خشبا أزرقا٬ لكنها قبل ذلك تريد أن تفعل الكثير من الأشياء.. يجب أن تجرب كل الأشياء، لائحتها طويلة جدا، عكفت على تحضيرها قبل أعوام٬ تبقيها تحت سريرها وأحيانا بين كتبها٬ تحملها معها دوما، لائحة تطول وتقصر حسب مزاجها، أشبه بورشة بناء ترممها بين الفينة والأخرى٬ مصممة على الخروج من الحياة بأقل الخسائر وبكثير من المغامرات.

    قررت أن تزور قبائل في أقصى صحاري إفريقيا ثم تراجعت عن الفكرة مخافة أن تنتهي أطرافها بين فكي الأسود الجامحة أو القطط البرية، ثم حولت وجهتها ﺈلى أستراليا.. هناك سوف تكون عشاءً فخما لديناصور الكومود!

    خطرت ببالها الأناكوندا، ستلتف حول جسدها وتديره، تعصره ثم تبتلعها دون مضغ٬ موت بطيء بالغ الوحشية، لن تلفظ جثتها، ستمتصها على مهل، ستكون ضيفا ثقيلا في أحشائها..

    مصرة هي على جنازة مختلفة، شيء مغاير واستثنائي، ترغب بطقس جنائزي مختلف٬ كطقوس الهنود، يحرقون جسدها وتنزلق روحها لتدخل الجنة دون حساب٬ تدرك أنها لن تنتهي للجنة٬ ليست مؤهلة لنهاية مشابهة، تجتر الفكرة وتمضغها٬ مشهد الجثة الطافية على نهر الكانغ. مشهد مغرٍ. يصلح كنهاية جميلة لفيلم ممل٬ ﺈنها إحدى نزواتها الجديدة، رغبتها في الحصول على نهاية بمشهد أسطوري.

    _ للجنون حدود. تعقب سارة. لكن أنتِ لا حدود لك..

    _ نهايتي ستكون على مزاجي..

    ستختلق من القصص الكثير لتقنع أهلها بمراسم دفن على هواها٬ موقفها واضح جدا. لقد عاشت على هوى الناس وتريد أن تموت وتدفن على هواها. شيء سمّته: حرية الموت!

    كان يجب أن تحور كل الأمور في سبيل تبرير نزعتها الغريبة٬ قد تدعم رغبتها بنظريات كثيرة كتلك القائلة أنه في العهود القديمة كان السومريون يدفنون مع الميت الجعة والخبز، وأن بعض القبائل في أمريكا اللاتينية يدفنون موتاهم داخل جذع شجرة٬ وبعد مضي سنتين يعيدون فتحها، يدفنون العظام ويحتفظون بالجمجمة، يعلقونها في مكان ما للذكرى. ماذا لوعلقوا جمجمتها هي أيضا على باب شقتها أو أمام ردهة العمارة أو في المطبخ؟؟ جمجمة منخورة.. نخر الدود أنسجتها وترك التجاويف الملساء فقط..

    لربما تقول لهم أن توباك شاكور بعد أن حرقوا جثمانه دخن أصدقاؤه رماده مع الماريجوانا.. دفن بطعم الحشيش!

    كل ما تخشاه هو أن تحظى بمأتم عادي بالطقوس المعتادة ذاتها٬ نساء يتظاهرن بحزن عابر لفقدانها ودموع مفتعلة، طقوس لا جدوى منها٬ ستقبل _على مضض_ أن يمددن جسدها على خشبة ثم يغسلنها.. يعصرن بطنها.. يربطن شعرها.. يغلقن فمها ثم يلففنها في ثوب ناصع البياض، وقد يطلقن المسك..

    ...ستسمع همسهن من خلف الباب -سكتوا راها كتسمعوكم دابا-

    مون الأمانة ده أمانتو... لهلا يوسخ لينا فراش.. الله يدينا في طرف صحتنا... العمر سالا..

    كيفاش ماتت؟

    سوف يستعرضن لحظاتها الأخيرة ببطء شديد يستعرضن خصالها٬ لأول مرة ستكون هي البطلة، يتكلمن عنها بكل ود.. الود الذي لم تحصل عليه في حياتها.
    مونولوج داخلي ـ أو خطاب غير مسموع تعبر به البطلة عن أفكارها
    لا يخضع للمنطق ، كأنها أفكار لم تتم صياغتها بعد
    هذا النوع من الحوار يقوم برسم الشخصية وتقديمها من خلال الوقوف
    على الأحاسيس والمشاعروما يدور في النفس
    وقد عمل المونولوج هنا كبنية سردية ترصد بواطن الشخصية فجعل المتلقي
    يرسم صورة يرى منها مالا يرى
    هذا المنولوج يستنطق أغوار الشخصية ويعرضها بصورة واضحة جلية.
    قرأت نصك هذا أكثر من مرة ، وقد أخذ بتلابيبي ولم يتركني ـ ولكني لم أجد
    الجرأة بالرد عليه .. أحسست بأني لست أهلا لتقييمه
    وقد اعاقت اللهجة المغاربية الدارجة الفهم في بعض المواقع ، وإن كانت في النهاية تفهم ضمنية.
    أعجبني كل شيء الأسلوب وقوة التعبير والتصوير واللغة الشاعرية
    قصة تحمل هوية التميز ـ مزيج من الذكاء والخيال الخصب وقد رسمت ملامحها فنانة بارعة
    أحببت أن أكتب لك رأي هذا قبل أن أقرأ الجزء الثاني من القصة
    ولك تحياتي وودي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #13
    الصورة الرمزية بشرى رسوان قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2013
    المشاركات : 181
    المواضيع : 14
    الردود : 181
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    مونولوج داخلي ـ أو خطاب غير مسموع تعبر به البطلة عن أفكارها
    لا يخضع للمنطق ، كأنها أفكار لم تتم صياغتها بعد
    هذا النوع من الحوار يقوم برسم الشخصية وتقديمها من خلال الوقوف
    على الأحاسيس والمشاعروما يدور في النفس
    وقد عمل المونولوج هنا كبنية سردية ترصد بواطن الشخصية فجعل المتلقي
    يرسم صورة يرى منها مالا يرى
    هذا المنولوج يستنطق أغوار الشخصية ويعرضها بصورة واضحة جلية.
    قرأت نصك هذا أكثر من مرة ، وقد أخذ بتلابيبي ولم يتركني ـ ولكني لم أجد
    الجرأة بالرد عليه .. أحسست بأني لست أهلا لتقييمه
    وقد اعاقت اللهجة المغاربية الدارجة الفهم في بعض المواقع ، وإن كانت في النهاية تفهم ضمنية.
    أعجبني كل شيء الأسلوب وقوة التعبير والتصوير واللغة الشاعرية
    قصة تحمل هوية التميز ـ مزيج من الذكاء والخيال الخصب وقد رسمت ملامحها فنانة بارعة
    أحببت أن أكتب لك رأي هذا قبل أن أقرأ الجزء الثاني من القصة
    ولك تحياتي وودي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    مساؤك سكر

    هذا كله لي ؟؟؟؟؟؟ اممممممم سعيدة جدا بمرورك بنا
    تحياتي

  4. #14
    الصورة الرمزية بشرى رسوان قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2013
    المشاركات : 181
    المواضيع : 14
    الردود : 181
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    و أخيرا و صل الطريق ﺈلى نهايته٬
    و لم تكن مدينتي سوى مقبرة لأمالي ٬
    فروغ فرخزاد

  5. #15
    الصورة الرمزية بشرى رسوان قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2013
    المشاركات : 181
    المواضيع : 14
    الردود : 181
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    في كل يوم تفتح الراديو ٬ تۡشغل نفسها تۡنصتۡ لأغاني لا تحمل أي معنى٬ تدندنها لاشعوريا بعفوية تۡغير الموجات٬ تستفزها الأخبار التي تأتي على الوتيرة نفسها لا شيء يبشر بانفراجة صغيرة٬ لاشيء يبشر بخير٬ البرامج المألوفة والمزيدات المحمومة التي لا طائل منها٬ عبر الأثير يجئ صوته يشرح طريقة تحضير الطاجين بالخرشوف واللحم و الحامض٬ يهرس فصوص الثوم ٬ يقطع البقدونس٬يضيف الثوابل و رشة زيت الزيتون٬ تسأله المنشطة عن مسيرته يجيبها بفخر -الشيف - أنه هاجر لفرنسا للاستكمال دراسته في البيولوجيا٬ نصحه صديق له بأن يغير تخصصه فبلده لا يحتاج للبيولوجيين على حد تعبيره٬ غير تخصصه ﺈلى طباخ درس و اشتغل في فرنسا ثم عاد ﺈلى هنا نجح في الطبخ ٬محض صدفة جعلته طباخا

    بلد الطباخين الكل يطبخ السياسي يطبخ .. القائد يطبخ ... الطبيب يطبخ .. القاضي يطبخ ..مطبخ كبير مستدير

    هي لا تجيد الطبخ تضع كل شيء في طنجرة الضغط و تنتظر المعجزة

    لا تۡعيره اهتماما ماضية في دندنة أغانيها بهدوء للمطابخ طقوسها٬ تتذكر الساعات الطويلة التي كانت تقضيها مع خالتها زبيدة في الكوشينة القصديرية ضج رأسها بصور ضبابية بعيدة٬ علمتها خالتها تقطيع الدجاج البلدي٬ غلي الماء و سلقه نتف ريشه٬ غسله بالحامض و الملح٬ وتتبيله بالثوم٬ عجن الخبز دلكه ٬ﺈلى الانتفاخ وخبزه في فران بوجيهة كانت تقول لها

    -دلكي أبنيتي يحرق أمك دلكي غ يجي الخبز مضقس ويلوح لينا امحمد ..دلكي غ يجي الرجالة من السوق وما يلاقوا ما يتكال

    ﺈيجيوا ولا يقعدوا أنا مالي

    كۡنسي أبنيتي المراح وجمعي التشطيبة راك دايما كتخليها في القنت ...ﺈنتِ ﺈمتى غ تعلمي راك عدتي مرى

    كم كانت مصرة على تطويعها على كسر رأسها و تزويدها بالحد الأدني الذي يجعل منها امرأة حاذقة في انتظار نصيبها الجنتل مان الذي تنتزع الريش من أجل.

    -نهار التزوجي يعيرونا العيالات بحال بنت الضاوية المعفونة

    تعلمي تقطيع القديد لشرائح طويلة و تمريغه في الملح و حشو الكرداس بالشحم و العشوب الصحرواية تجفيفه في الهواء تعلمي أبنيتي لفتيلة الشطبة

    واش شي واحد باقي كياكل فتيتة الشطبة ترد هي

    كانت تقول لخالتها مازحة ﺈنها تريد أن تطبخ الجنادب و أن تقلي صراصير الليل٬ كما يفعلون في الفلبين -علىى سبيل التغيير- ستترك طبق الفئران المحشية للتحلية

    أنتِ أ بينتي خارجة لبوك بحالو راسك قاسح

    في احدى الليالي هزتها خالتها هزة عنيفة كسرت العصا فوق ظلوعها٬ انكمشت هي في احدى زوايا الكوشينة النصف مضاءة ٬ مضربة عن الطعام شعرت بالمرارة٬ بخذلان خالتها

    فطنت لها جدتها أم الغيث تواطئت معها أحضرت لها لقيمات من بقايا الكسكس و زلافة الحريرة ..


    -نوضي أبنيتي تاكلي

    -لا ما بغيتش

    نوضي الله يهديك

    -لا.... عينها على الكسكس و معدتها تقرقر و لسانها مصر لا

  6. #16

  7. #17
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,762
    المواضيع : 352
    الردود : 21762
    المعدل اليومي : 4.87

    افتراضي

    السلام عليكم عزيزتي بشرى ..
    لا أعرف إن كانت هذه قصة مستقلة أم لا .. فإذا كانت
    فلم لا تنزليها في موضوع مستقل ..
    لحرفك سحر وجاذبية ، وسردك فيه سلاسة وطرافة
    ولكن حاولي أن تقللي من الكلمات العامية ليكون نصك أكثر فهما
    فاللهجة المغاربية لا تفهم بسهولة.
    تعجبت لأنك لم تحاولي السؤال عن القصة السابقة وقد حذفت لأنها
    تتحدث بجرأة مما يخالف سياسة الواحة ومنهجها.
    ولكني سعيدة بك وبقلمك وسأكون متابعة لك باهتمام.
    ولك تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12